الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في تعريف الاجتهاد
أولاً: الاجتهاد لغة هو: افتعال من الجهد - بالضم والفتح -
وهو: الطاقة والوسع.
وقال ابن الأثير: هو: بفتح الجيم: المشقة، وقيل: المبالغة
والغاية، وبالضم: الوسع والطاقة.
ويقال: " اجتهد في الأمر " أي: بذل ما في وسعه وطاقته في
طلبه ليبلغ مجهوده، ويصل إلى نهايته.
فالاجتهاد لغة: استفراغ الوسع، أي: غاية ما يقدر على
استفراغه لتحصيل أمر شاق.
ثانيا: الاجتهاد في الاصطلاح:
1 -
تعريف الاجتهاد الراجع إلى النظر إلى الاجتهاد باعتبار المعنى
المصدري الذي هو فعل المجتهد هو: " بذل الفقيه ما في وسعه
لتحصيل ظن بحكم شرعي عملي من دليل تفصيلي ".
بيان التعريف ومحترزاته:
قولنا: " بذل " جنس في التعريف، يشمل كل بذل مطلقا،
أي: سواء كان من فقيه، أو غيره، وسواء كان في الأحكام، أو
في غيرها، وسواء كانت شرعية، أو لغوية، أو نحوية، أو منطقية
أو حسابية، أو هِندسية، أو نحو ذلك.
فلما أضفنا لفظ " بذل " إلى لفظ " الفقيه " أخرج غير الفقيه مما
سبق ذكره.
والمراد بالفقيه: المتهيئِ للفقه، ومن عنده ملكة استنباط، وقدرة
على استخراج أحكام شرعية لحوادث متجددة.
قولنا: " ما في وسعه " الوسع - كما قلت سابقا - هو: الجهد
والطاقة، ويعرف ذلك بالإحساس بالعجز عن زيادة البحث والنظر.
قولنا: " لتحصيل ظن " قد أورد في التعريف؛ لبيان أن الاجتهاد
لا يفيد إلا حكما ظنياً.
وأتي بعبارة: " بحكم شرعي " لإخراج الحكم اللغوي، أو
العقلي، أو الحسي، أو العرفي، أو التجريبي.
وقلنا: " عملي " لبيان أن الاجتهاد يجري في الفروع - فقط -
ولا يجري في الأصول - وهي العقائد -.
وقولنا: " من دليل تفصيلي " لبيان أن الفقيه يبذل جهده لاستنباط
حكم شرعي فرعي من آية أو حديث، أو قياس، أو أيّ دليل من
الأدلة المختلف فيها.
والخلاصة: أن المجتهد هو الفقيه، وقد بينت بالتفصيل الفقيه
والفقه في الفصل الأول من الباب الأول.
3 -
تعريف الاجتهاد الراجع إلى النظر إلى المعنى الإسمي
للاجتهاد - الذي هو وصف قائم بالمجتهد: " إنه ملكة تحصيل
الحجج على الأحكام الشرعية ".
فأورد لفظ " ملكة " لبيان أن صاحب الملكة يصدق عليه أنه مجتهد،
سواء باشر عملية الاستنباط فعلاً أو لم يباشر.
و" تحصيل الحجج على الأحكام الشرعية " أي: تحصيل الدليل،
أو الأمارة على الحكم، وهذا قريب من قولنا في التعريف السابق:
" لتحصيل ظن بحكم شرعي ".