الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب التاسع هل يشترط في الأصل أن يكون قد انعقد الإجماع
على أن حكمه معلل، أو أن تثبت علته بالنص
؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يشترط في الأصل: أن يكون قد اتفق
العلماء على أن حكمه معلل، ولا يشترط - أيضا - أن تثبت علَّته
بالنص، بل لو ثبت ذلك بالطرق الاجتهادية الظنية جاز القياس عليه.
وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ للدليلين اللذين
ذكرتهما في " أنه لا يشترط في الأصل أن يقوم دليل على جواز
القياس عليه "، وهو المطلب السابق.
المذهب الثاني: أن ذلك يشترط فلا يقاس على أصل حتى يدل
نص على عين علَّة ذلك الحكم، أو انعقد الإجماع على كون حكمه
معللاً.
وهو مذهب بشر المريسي المعتزلي.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن هذا المذهب لا دليل عليه، وما لا دليل عليه
لا يعتمد عليه.
الجواب الثاني: أن هذا معارض بالواقع من الصحابة والواقع من
فقهاء الإسلام، حيث إنه ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم
أنهم كانوا يقيسون الفرع على الأصل بواسطة عِلَّة اجتهادية مثل فعلهم
في مسألة: " أنت عليّ حرام "، فقاسه بعضهم على الطلاق بعلَّة
تختلف عمن قاسه على اليمين.
ومثل فعلهم في " مسألة الجد والإخوة " وغيرها.
وكذلك فقهاء الإسلام كثيراً ما نراهم يختلفون في عِلَّة الأصل،
فمثلاً: حرم التفاضل في بيع البر بالبر، وهذا ثابت بحديث الأشياء
الستة، ولكن الفقهاء اختلفوا في العلَّة التي من أجلها حرم هذا
التفاضل على أقوال:
فقيل: إن العِلَّة هي الطعم، وعليه يحرم التفاضل في كل مطعوم.
وقيل: إن العِلَّة هي الاقتيات والادخار، وعليه فإنه يحرم التفاضل
فيما يقتات وما يدخر كالأرز والذرة.
وقيل: إن العلَّة هي الكيل أو الوزن، وعلى هذا: يحرم
التفاضل فيما يكال وَما يوزن ومع ذلك فقد جاز القياس.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي، حيث إنه بناء على المذهب الثاني تكون دائرة
القياس ضيقة جداً، لأن أكثر العلَل اجتهادية عقلية، فلو لم نعلل
بتلك العلل لما بقي لنا قياس إلا في القليل النادر.