الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع الحالات التي يرد عليها النقض وحكم كل حالة
الحالة الأولى: أن يورد المعترض النقض بما يسلِّم به المستدل.
وإيراد النقض بناء على ذلك صحيح؛ لأن على المستدل أن يفي
بمقتضى علته، وهو: وجودها في جميع المحال، والمعترض يخبره
بعدم وجودها في بعض المحال، وإذا بين له ذلك كانت العِلَّة منتقضة
باعتراف المستدل، فلزمه النقض.
مثاله: قول المستدل: الخل مائع مزيل للعين والأثر، فجاز أن
يكون مطهراً للمحل النجس؛ قياساً على الماء.
فيقول المعترض: هذا منتقض بالدهن، فهو مائع مزيل للعين
والأثر، ومع ذلك فإنه لا يطهر المحل النجس عندكم.
الحالة الثانية: أن يورد المعترض النقض بناء على أصله هو الذي
يسلم به، لا على ما يراه المستدل.
وإيراد النقض بناء على ذلك قد اختلف فيه على مذهبين:
أصحهما: عدم جواز إيراد المعترض النقض بناء على أصله؛ لأن
العلة التي أوردها المعلل حُجَّة على المعترض، والنقض الذي يورده
المعترض دعوى، ولا تنقض الحُجَّة بالدعوى.
مثال ذلك: قول المستدل: لا يقتل المسلم بالذمي؛ لأنه كافر،
فلا يقتل به المسلم؛ قياساً على الحربي.
فيقول المعترض الحنفي: هذا منتقض على أصلي بالمعاهد، فهو
كافر ويقتل به المسلم عندي.
مثال آخر: قول المستدل: المتوفى عنها زوجها لا يجب لها
السكنى؛ لأنه لا نفقة لها؛ قياسا على الموطوءة بشبهة.
فيقول المعترض الشافعي: هذا منتقض على أصلي بالمطلقة الحائل؛
فإنه لا نفقة لها، ويجب لها السكنى.
فلا يقبل هذا؛ لأن عِلَّة المستدل لا ترد بمجرد الدعوى.
الحالة الثالثة: أن يورد المعترض النقض بناء على أصله هو، وبناء
على أصل المستدل، أي: أنهما يُسَلِّمان بذلك معا.
وإيراد النقض بناء على هذه الحالة صحيح؛ لأنه يلزم على أصل
المعترض والمستدل، فكل منهما يُسلم بهما.
مثاله: قول المستدل: الأرز مكيل يحرم فيه التفاضل؛ قياسا على
البر.
فيقول المعترض: هذا منتقض ببيع الجنسين فهما مكيلان، ويجوز
التفاضل بينهما.
فيسلم كل من المعترض والمستدل، حيث يريان التعليل بالكيل
والجنس.