الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس هل يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين أو لا
؟
لقد اختلف العلماء في هذا على مذهبين:
المذهب الأول: أنه لا يجوز الترجيح بين دليلين قطعيين، سواء
كانا نقليين، أو عقليين.
وهو مذهب أكثر الحنفية، وأكثر الشافعية كالغزالي، والآمدي،
وبعض المالكية كابن الحاجب، وبعض الحنابلة، وهو الحق؛ لما يلي
من الأدلة:
الدليل الأول: أن الترجيح لا بد أن يكون موجبا لتقوية أحد
الدليلين المتعارضين على الآخر، والدليل المقطوع به غير قابل للزيادة
والنقصان، فلا يطلب فيه ترجيح.
الدليل الثاني: أن الترجيح غير متصور في القطعي؛ لأنه إما أن
يعارضه قطعي أو ظني.
أما الأول - وهو احتمال معارضته بالدليل القطعى - فهو محال؛
لأنه يلزم منه ما يلي:
إما العمل بهما معا وهو باطل؛ لأنه جمع بين النقيضين.
وإما عدم العمل بهما معا وهو باطل؛ لأنه ترك لدليلين قد ثبتا.
وأما العمل بأحدهما دون الآخر وهو باطل؛ لأنه تحكم؛ حيث
لا ترجيح مع التساوي.
أما الثاني - وهو احتمال معارضته بالدليل الظني - فهو محال،
لعدم تصور التعارض بين دليل قطعي ودليل ظني.
الدليك الثالث: أن الترجيح: تقوية، وهي: مستحيلة في
الدلائل القطعية، حيث إن احتمال النقيض إن كان قائما في أحد
الدليلين لم يكن يقينا، وإن لم يكن احتمال النقيض موجوداً فإنه
تمتنع التقوية والترجيح.
المذهب الثاني: أنه يجوز الترجيح بين الدليلين القطعيين.
وهو مذهب بعض الحنفية، وبعض الشافعية.
دليل هذا المذهب:
قياس الأدلة القطعية على الأدلة الظنية، بيان ذلك:
أنه كما يجوز الترجيح بين الأدلة الظنية، فكذلك يجوز الترجيح
بين الأدلة القطعية، ولا فرق، والجامع: أنها كلها أدلة من الشارع.
جوابه:
أن هذا القياس فاسد، لأنه قياس مع الفارق، والفرق بينهما من
وجوه:
الوجه الأول: عدم التفاوت في أكثر القطعيات، بخلاف
الظنيات، فإنه يوجد تفاوت في العلم بها.
الوجه الثاني: أن مدلول القطعي متحقق، لعدم جواز تخلف
المدلول عنه بخلاف مدلول الظني.
الوجه الثالث: أنه لا يحتمل النقيض في القطعي، دون الظني.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي، لا أثر له في الفروع.