الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول تعريف التقليد
أولاً: التقليد لغة هو: جعل الشيء في عنق الدابة وغيرها حال
كونه محيطا بهذا العنق، وهذا الشيء يسمى قلادة.
فلفظ " قلد " - كما قال ابن فارس -: يدل على تعليق شيء
على شيء.
ولا بد من كونه محيطا بالعنق؛ لأن الشيء إذا لم يكن محيطا
بالعنق لا يسمى قلادة في عرف اللغة.
ثم بعد ذلك استعمل - استعارة - في تفويض الأمر إلى الشخص
واتباعه في كل ما يقول.
ثانيا: التقليد اصطلاحا هو: قبول مذهب الغير من غير حُجَّة.
شرح التعريف وبيان محترزاته:
لفظ " قبول " جنس يشمل قبوله مع العمل به، وعدم العمل به،
فالمراد به: اعتقاد ذلك، ولو لم يعمل به لفسق.
ولفظ " مذهب " عام ما كان قولاً للمجتهد أو فعلاً له.
ونسب المذهب إلى الغير حتى يخرج به ما كان معلوما بالضرورة،
ولا يختص به ذلك الغير إذا كان من أقواله وأفعاله التي ليس له فيها
اجتهاد، فإنها لا تسمى مذهبه.
وأتي بلفظ " من غير حُجَّة " لبيان أنه يشترط في المقلد:
أن لا يعرف الدليل الذي اعتمد عليه ذلك الغير - وهو المجتهد - في
حكمه، فخرج بهذا: المجتهد الذي وافق اجتهاده اجتهاد مجتهد آخر
وعرف دليل ذلك المجتهد الآخر على حكمه، فإنه لا يسمى تقليداً
كما يقال: أخذ أحمد بمذهب أبي حنيفة في هذه المسألة، أو أخذ
الشافعي بمذهب مالك.
وسبب قولنا هذا: أن المجتهد وإن كان آخذاً بقول الغير، لكنه
بسبب معرفته لدليل المجتهد الآخر حق المعرفة، وأخذه - حقيقة -
بالدليل، لا يسمى مقلداً، فيكون إطلاق الأخذ بمذهبه فيه تجوز.
وبناء على هذا: فإن الرجوع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم، والرجوع إلى الإجماعِ لا يسمى تقليداً؛ لأن كلًّا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم والإجماع يعتبر حُجّة في نفسه.
بخلاف فتوى المجتهد فإن قوله ليس بحُجَّة في نفسه، ولا يعتبر
دليلاً على الحكم؛ لأنه فتواه تحتاج إلى دليل يعتمد عليه.