الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني حجيته
وهو حُجَّة، أي: أن للمعترض منع كون الوصف عِلَّة، وهو
قول بعض الحنفية كالدبوسي، والسرخسي، وابن الهمام، وبعض
المالكية كابن الحاجب، والباجي، وبعض الشافعية كأبي إسحاق
الشيرازي، وإمام الحرمين، والغزالي، والآمدي، وتاج الدين ابن
السبكي، وبعض الحنابلة كأبي يعلى، وتلميذيه: أبي الخطاب وابن
عقيل، وهو الحق عندي؛ لأن إثبات الحكم في الفرع لا يمكن
الاستناد في إثباته إلى مجرد وجود الحكم في الأصل؛ حيث إنه لا
بد من عِلَّة جامعة بينهما، وهذه العِلَّة تكون مشتملة على معنى
مقصود للشارع من شرع الحكم، حيثَ إننا قلنا: إن الأحكام مبنية
على المصالح، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد أن يُطالب المستدل بان
يُبين تأثير هذا الوصف في الحكم الذي ذكره، ولا بد أن يشعر
المستدل بأنه سيطالب بذلك؛ لأن عدم شعوره بذلك سيؤدي إلى أن
بعضهم سيتمسك بالأوصاف الطردية التي لا تشتمل على معنى
مقصود للشارع - كما سبق بيانه - وهذا يفضي إلى التلاعب
بالأحكام، فيضيع القياس، لأنه لم يفد الظن الذي من أجله صح
الاعتماد عليه.
وبعضهم قال: ليس للمعترض منع كون الوصف علَّة، وعللوا
ذلك بأن قبول منع كون الوصف عِلَّة يؤدى إلى التسلسل، وانتشار
الكلام.
وهذا غير صحيح؛ لأن المستدل إذا أورد دليلاً يفيد الظن بكون
هذا الوصف يصلح أن يكون عِلَّة، فلا مجال للتسلسل وانتشار
الكلام، ويكون منع المعترض لهذَا الدليل بعد ذلك من العناد؛ لأنه
مطالبة بعلية ما غلب على الظن كونه عِلَّة.