الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس مجهول الحال هل يجوز تقليده
؟
إذا لم يعرف العامي عن شخص أفيَ شيء، أي: لا يعرف عنه
أنه عالم، ولا أنه جاهل فهل يجوز له تقليده، والأخذ عنه؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
ْالمذهب الأول: أن مجهول الحال لا يجوز تقليده، ولا العمل
بفتواه.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: القياس على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الشاهد، وحال الراوي، بيان ذلك:
كما أن الرسول لا يمكن أن تقبل الأُمَّة المبعوث إليهم قوله إلا بعد
أن تعرف وتطلع على المعجزات التي يذكرها؛ إذ لو قبلت الأُمَّة كل
من ادَّعى النبوة بدون أدلة على ذلك لضاعت الحقيقة، ولكثر الذين
يدَّعون النبوة كذباً وزوراً، وكما أن القاضي يجب أن يعرف حال
الشاهد من الصدق والعدالة، وكما أن الراوي للخبر يجب عليه أن
يعرف حال رواته بالتفصيل.
فكذلك يجب على العامي أن يعرف حال المجتهد والمفتي الذي
يريد أن يقبل قوله، ويعمل به، والجامع: أن كلًّا من الرسول،
والشاهد، والراوي، والمجتهد: مُتبع فيما يقول، ويترتب عليه
آثار.
الدليل الثاني: أنا لا نأمن أن يكون حال المسؤول كحال السائل
في العامية المانعة من قبول القول، بل قد يكون أجهل من السائل.
واحتمال كونه أجهل من السائل قوي، لأن الأصل عدم العلم
والجهل؛ حيث إن الغالب إنما هم العوام.
فلذلك لا بد أن يسأل عنه، فإن كان عالما قلَّده، وإلا فلا.
المذهب الثاني: أن مجهول الحال يجوز تقليده، واستفتاؤه،
وليس على العامي البحث عنه.
وهو لبعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن من عادة العوام إذا دخلوا بلدة يريدون الاستفسار والسؤال عن
حكم حادثة حدثت لهم، فإنهم لا يبحثون عن عدالة من يسألونه،
ومن يستفتونه، ولا يسألون عن علمه، وهل هو قد بلغ درجة
الاجتهاد أو لا؟ وهذا شائع وذائع لا يحتاج إلى برهان.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ أن عادة العوام تعتبر دليلاً من أدلة الشرع حتى تكون
مثبتة لقاعدة من القواعد الأصولية، ولو جعلنا عادة العوام طريقا
لإثبات القواعد لانهدمت أكثر الشريعة.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي، وهو واضح.