الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس عشر إذا نص المجتهد على حكم في مسألة معينة، ولم يذكر
عِلَّة ذلك الحكم، ووجدنا مسألة أخرى تشبهها شبها
يجوز أن يخفى على بعض المجتهدين فإنه لا يجوز
أن نجعل ذلك الحكم مذهبه في المسألة الأخرى
أي: لا يجوز أن يحكم بحكم تلك المسألة المنصوص عليه،
ويجعل في المسألة الأخرى المشابهة.
دل على ذلك دليلان:
الدليل الأول: أن تلك المسألة المشابهة الأخرى لم يتناولها لفظ
المجتهد في المسألة الأولى، ولا أشار إليها لا من قريب، ولا من
بعيد، ولم تخطر على بال ذلك المجتهد، ويمكن لو خطرت على
باله، أو عرضت عليه لصار فيها إلى حكم آخر غير حكم المسألة
التي نص على حكمها.
الدليل الثاني: أن الحكم الذي أثبته المجتهد في المسألة الأولى لو
أثبتناه في مسألة أخرى تشبهها: للزم من ذلك: إثبات مذهب
المجتهد بالقياس بسبب علَّة مستنبطة، وهذا لا يجوز في كلام
المكلَّفين، بخلاف كلام الشَارع، فإنه يجوز كما سبق.
الاعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضاً -: إن الشارع يجوز القياس على كلامه وإن
كانت العِلَّة مستنبطة، فكذلك المجتهد يجوز القياس على كلامه،
ولا فرق.
جوابه:
إن هذا قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، ووجه الفرق: أن
صاحب الشرع إذا حكم في مسألة، واستنبطنا عِلَّة ذلك الحكم،
فإنه قد تعبدنا أن نجري حكمها في أي صورة وجدت فيها تلك العِلَّة.
أما المجتهد فإنه لم يدلنا على ذلك، ويجوز أن يوجد فرق فيقع
الخطأ، وصاحب الشرع لا يجوز عليه ذلك، فافترقا.