الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر هل كل مجتهد مصيب في أصول الدين
أو المصيب واحد
؟
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المصيب واحد في أصول الدين.
وهو مذهب جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو الحق؛
لأن كل قولين لا يجوز ورود الشرع بصحة كل واحد منهما: لم
يجز أن يكونا صوابين كقول المسلمين بالتوحيد، وقول غيرهم بالتثنية
وقول النصارى بالتثليث.
المذهب الثاني: أن كل مجتهد مصيب.
وهو ما روي عن عبيد الله بن الحسن العنبري؛ حيث حكي عنه
قوله: " إن المجتهدين في الأصول من أهل القبْلة جميعهم مصيبون
مع اختلافهم "، وحكي أيضا عن الجاحظ.
دليل هذا المذهب:
قياس الأصول على الفروع، فإذا جاز أن يكون كل مجتهد مصيبا
في الفروع جاز مثله في الأصول، ولا فرق.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أن الأصل المقاس عليه لا نسلمه؛ حيث إنه
ليس كل مجتهد مصيبا في الفروع، بل المصيب واحد كما قلنا ذلك.
الجواب الثاني: على فرض تسليم الأصل المقاس عليه، فإن هذا
القياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، ووجه الفرق: أن الفرع ليس
عليها أدلة قطعية، ويجوز أن يرد الشرع بحكمين متضادين فيها في
حق شخصين كالصلاة تحرم على الحائض، وتجب على الطاهر،
فلذلك جاز القول فيها: إن كل مجتهد مصيب، بخلاف الأصول،
حيث إن عليها أدلة قاطعة، ولا يجوز أن يرد الشرع بحكمين
متضادين فيها، ولذلك لم يجز الحكم فيها ويقال: إن كل مجتهد
مصيب.
تنبيه: هذه المسألة تخص العقيدة، ولا صلة لها بأصول الفقه،
وإنما ذكرتها هنا لأنها لها صلة بالمسألة السابقة.