الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[160] الحارث بن عمير أبو عمير البصري نزيل مكة:
له ترجمة مطوّلة في "التنكيل" رقم (68)، فيها بعض القواعد المتعلقة بنقد الرواف ومثال للجمع بين روايات الجرح والتعديل في الراوي، وقد أوردتها في قسم القواعد من هذا الكتاب.
وقد ختم المعلمي ترجمته هناك بقوله: فالحارث بن عمير ثقة حتمًا والحمد لله رب العالمين. اهـ.
وفي "الفوائد المجموعة" تعليق له يبرز نتيجة تلك الترجمة المطولة، فهذا هو الأنسب هنا، ومن أراد الطول فعليه بالتنكيل. فأقول:
في (ص 297) من "الفوائد" حديث: إن فاتحة الكتاب وآية الكرسيّ، والآيتن من آل عمران {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} و {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآيتين معلقات بالعرش، وما بينهن وبين الله حجاب .. إلخ.
قال الشوكاني: رواه الديلمي عن علي رضي الله عنه مرفوعًا. وفي إسناده الحارث بن عمير.
قال ابن حبان: تفرد به وكان يروي الموضوعات عن الأثبات. وتعقبه العراقي: بأنه قد وثقه حماد بن زيد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وابن معين، والنسائي. واستشهد به البخاري في "صحيحه"، واحتج به أهل السنن.
وفي إسناده أيضًا: محمد بن زنبور، وهو مختلف فيه، وفي سند الحديث انقطاع كما أشار إليه ابن حجر، وفي المتن نكارة شديدة.
وقد صرح بأنه موضوع: ابن حبان وابن الجوزي، وليس ذلك ببعيد عندي، وإن خالفهما الحافظان العراقي وابن حجر. انتهى كلام الشوكاني.
فقال الشيخ الممعلمي: فيما يرويه ابن زنبور، عن الحارث مناكير، منها هذا، فمن الحفاظ من حمل على ابن زنبورة لأن الحارث وثقه الأكابر، وحديثه الذي يرويه غير ابن زنبور مستقيم، سوى حديث واحد خولف في رفعه، ومثل هذا لا يضره.
ومن المتأخرين من حمل على الحارث؛ لأنهم وجدوا حديث ابن زنبور عن غيره مستقيمًا.
ووثق النسائي الرجلين، والتحقيق معه؛ فهما ثقتان، لكن ما رواه ابن زنبور عن الحارث فضعيف، وفيه المنكرات، ولهذا نظائر عندهم في تضعيف رواية رجل عن شيخ خاص، مع توثيق كل منهما في نفسه.
وكأن ابن زنبور لم يضبط ما سمعه من الحارث؛ لأنه كان صغيرًا أو نحو ذلك، فاختلطت عليه أحاديثه بأحاديث غيره (1).
فالحق مع النسائي، ثم العراقي، وابن حجر في توثيق الرجلين، والحق مع الحاكم وابن حبان وابن الجوزي في استنكار هذا الحديث والله أعلم. اهـ.
(1) قال المعلمي في ترجمة الحارث من "التنكيل": لو كان لا بد من جرح أحد الرجلين لكان ابن رنبور أحق بالجرح؛ لأن عدالة الحارث أثبت جدًّا وأقدم، لكن التحقيق ما اقتضاه صنيع النسائي من توثيق الرجلين، ويحمل الإنكار في بعض حديث ابن زنبور عن الحارث على خطأ ابن زنبور، وقد قال فيه ابن حبان نفسه في "الثقات":"ربما أخطأ".
والظاهر أنه كان صغيرًا عند سماعه من الحارث كما يعلم من تأمل ترجمتيهما، وقد تقدم في ترجمة جرير بن عبد الحميد أنه اختلط عليه حديث أشعث بحديث عاصم الأحول، فكأنه اختلط على ابن زنبور بما سمعه من الحارث أحاديث سمعها من بعض الضعفاء ولم ينتبه لذلك كما تنبه جرير.
فكأن ابن زنبور في أوائل طلبه كتب أحاديث عن الحارث ثم سمع من رجل آخر أحاديث كتبها في تلك الورقة، ولم بسم الشيخ، ثقةً أنه لن يلتبس [من طبعة دار المعارف بالرياض (1/ 323) وفي طبعة دار الكتب السلفية بالقاهرة (1/ 232):"يتلبس"]، عليه، ثم غفل عن ذاك الكتاب مدّة، ثم نظر فيه فظن أن تلك الأحاديث كلها مما سمعه من الحارث.
وقد وثق الأئمة جماعة من الرواة، ومع ذلك ضعفوهم فيما يروونه عن شيوخ معينين،
…
فهكذا ينبغي مع توثيق ابن زنبور تضعيفه فيما يرويه عن الحارث بن عمير. اهـ.