الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال الشيخ المعلمي: "أما عبد الملك فلم يزهدوا فيه لاستجازته الغناء فقد سبقه إليه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المجمع على توثيقه، وإنما زهدوا في عبد الملك لمنكرات في روايته ولاتهامه برأي جهم كما ترى ذلك في ترجمته من "التهذيب". اهـ.
[472] عبد الملك بن قُريب الباهلي الأصمعي أبو سعيد البصري صاحب اللغة والنحو والأخبار والنوادر والمُلح:
"طليعة التنكيل"(ص 53) قال الكوثري: "كذبه أبو زيد الأنصاري".
فقال الشيخ المعلمي: "حاكي ذلك عن أبي زيد هو أحمد بن عبيد بن ناصح وهو مطعون فيه. وفي "الميزان" في ترجمة الأصمعي: "أحمد بن عبيد ليس بعمدة". ونقل الكوثري نفسه هذا -ص (42) - حين أحتاج إلى رد رواية لأحمد بن عبيد قال الكوثري: فلم يكن بعمدة كما ذكره الذهبي في ترجمة عبد الملك الأصمعي من "الميزان".
يجزم الأستاذ هنا بأنه ليس بعمدة، ثم يعتده فيقول في الأصمعي: كذبه أبو زيد الأنصاري، هكذا تكون الأمانة عند الكوثري. اهـ.
وقال العلامة المعلمي في ترجمة الأصمعي رقم (146) إتمامًا لما تقدم: "ولو صح لما أوجب جرحًا لأنه لم يفسّر ويحتمل أن يراد به النسبة إلى الخطأ والغلط. . ويؤيده أنه كان بين أبي زيد والأصمعي منافسة دنيوية واختلاف في الاعتقاد، مع أن بعض أئمة الحديث تكلم في أبي زيد كما تراه في ترجمته من "التهذيب". اهـ.
ثم ذكر الشيخ المعلمي ما حكاه الكوثري من كلام عبد الرحمن بن أخي الأصمعي وأبي رياش في الأصمعي، وكذا قول علي بن حمزة فيه: كان مُجبرًا شديد البغض لعلي كرم الله وجهه.
فقال الشيخ رحمه الله:
"مَنْ عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي يا أستاذ؟! وهل عرفه الناس إلا بكلمات يرويها عن الأصمعي؟! ومن جعله بحيث تُعارض بما حُكى عنه نصوص أئمة الإسلام في توثيق الأصمعي؟. وأما أبو رياش فمَنْ أبو رياش؟ أذكروه بأكثر من أنه كان حفظةً للأشعار؟ أو أنه كان يتشيع، أو أنه كان وسخًا دنسًا إلى الغاية، وهل يحتج بكلامه في الأصمعي عاقل؟ ولمعرفتنا بحاله لا نطالبك بتصحيح النقل عنه وكان بعد الأصمعي بزمان طويل.
أما علي بن حمزة فمعدود من علماء اللغة، بينه وبين الأصمعي زمان طويل، حدّه أن يقبل منه تخطئة من قبله إذا أقام الحجة.
وقوله: "إن الأصمعي كان مجُبرًا" دليل على أنه هو كان قدريًا، والقدرية تسمي أهل السنة "مجبرة".
وقوله: "شديد البغض لعلي كرم الله وجه" قولٌ لا حجة عليه ولا نعلم عن الأصمعي شيئًا يثبت عنه يسوغ أن ينسب لأجله إلى النصب.
ودونك ثناء الأئمة على الأصمعي:
قال الإمام الشافعي بعد أن فارق بغداد: "ما رأيت بذلك العسكر أصدق لهجة من الأصمعي". فتدبر هذه الكلمة، وانظر منْ كان ببغداد من الأكابر الذين رآهم الشافعي بها.
وقال أبو أمية الطرطوسي: "سمعت أحمد ويحيى يثنيان على الأصمعي في السُّنّة: قال: "وسمعت علي بن المديني يثني عليه".
وقال عباس الدوري: "قلت لاين معين: أريد الخروج إلى البصرة فعمّن أكتب؟ قال: عن الأصمعي فهو صدوق".
وقال أبو داود: "صدوق".
وقال نصر بن علي: "كان الأصمعي يقول لعفان: اتق الله ولا تغير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولي".
قال نصر بن عليّ: "كان الأصمعي يتقي أن يفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتقي أن يفسر القرآن".
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ليس فيما يروي عن الثقات تخليط إذا كان دونه ثقة".
وتجد في كتب اللغة ومعاني الشعر مواضع كثيرة يتوقف عنها الأصمعي، وذلك يدل على توقيه وتثبته ..
وأما ما يُحكى عن الأصمعي من النوادر فقد نحله الناس حكايات كثيرة جدًّا، وكل من أراد أن يضع حكاية نسبها إلى الأصمعي، فلا يُلتفت من ذلك إلا إلى ما صح سنده، ولن يوجد في ذلك إلا ما هو حق وصدق، أو يكون الحمل فيه على من فوق الأصمعي.
ومحاولة الأستاذ التفرقة بين الحديث والحكايات محاولة فاشلة، والصدق الذي يُثنى به على الراوي شيء واحد، إما أن يثبت للأصمعي كله، وهو الواقع كما صرحت به كلمة الشافعي السابقة، واقتضته كلمات غيره، وإما أن يسقط كله.
وأما قول الأستاذ: "ومن جملة نوادره أن الأصمعي لما توفي. ." فهذا من العجائب كيف تكون من نوادره وقد مات؟!
وقد كان الأصمعي أوائل أمره يخالط الخلفاء والأمراء ثم انقطع عن ذلك ولزم بيته ومسجده حتى إن المأمون الخليفة حرص جهده على أن يصير الأصمعي إليه فأبى، فكان المأمون يجمع المسائل ثم يبعث بها إلى الأصمعي بالبصرة ليجيب عنها.
وليس للأصمعي ذنب إلا أنه من أهل السنة، والله المستعان. اهـ.