الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه الخطيب (1) من طريق أحمد بن إبراهيم القطيعي، ثنا عباد بن العوام، ثنا سفيان بن حسين عن يسار عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود مرفوعًا.
قال المعلمي: ظاهر ترجمة القطيعي في "تاريخ بغداد" أنه مجهول لا يُذكر إلا في هذ الخبر، ويسار لم أقف له على أثر (2)، وفي "اللآلىء"(3) أن أبا نعيم أخرجه من وجه آخر عن عباد بن العوام بسنده فجعله من قول ابن مسعود لم يرفعه. اهـ.
[35] أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط:
قال في "الفوائد"(ص 397): "جاء الكذب منه، لفق نسخة رواها عن أبيه عن جده عن نبيط، وقد ذكرها السيوطي في أواخر الذيل".
[36] أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك أبو بكر القطيعي:
قال في "التنكيل" ترجمة رقم (12) -جوابًا على قول الكوثري: مختلط فاحش الاختلاط- أقول:
قضية الاختلاط ذكرها الخطيب في "التاريخ"(4/ 73) قال: "حُدِّثْتُ عن أبي الحسن بن الفرات .. " وذكرها الذهبي في "الميزان" عن ابن الصلاح قال: "اختل في آخر عمره حتى كان لا يعرف شيئًا مما يُقرأ عليه، ذكر هذا أبو الحسن ابن الفرات".
والظاهر أن ابن الصلاح إنما أخذ ذلك مما ذكره الخطيب، ولا ندري منْ حدّث الخطيب، ومع الجهالة به لا تثبت القصة، لكن ابن حجر شدّها بأن الخطيب حكى
(1)"تاريخه"(4/ 7 - 8).
(2)
لعله محرف من "سيّار" ففي ترجمة أبي وائل شقيق بن سلمة من "تهذيب الكمال"(12/ 550) رواية سيّار أبي الحكم -وهو العنزي الواسطي ويقال البصري- عنه، وكذا هو في ترجمة سيار (12/ 314) وإن لم يذكر المزي رواية سفيان بن حسين عن سيّار هذا.
(3)
(2/ 313) قال السيوطي: "وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي سهل، حدثنا عبد الله بن محمد العبسي، حدثنا عباد بن العوام به فذكره موقوفًا". اهـ.
في ترجمة أحمد بن أحمد السيبي أنه قال: "قدمت بغداد وأبو بكر بن مالك حيٌّ .. فقال لنا ابن الفرضي: لا تذهبوا إلى ابن مالك فإنّه قد ضعف واختلّ ومنعت ابني السماع منه".
وهذه الحكاية في التاريخ (4/ 4) لكن ليس فيها ما في تلك المنقطعة مما يقتضي فحش الاختلاط، وقد قال الذهبي في "الميزان" بعد ذكر الحكاية الأولى:"فهذا القول غلو وإسراف".
أقول: ويدل على أنه غلو وإسراف أن المشاهير من أئمة النقد في ذلك العصر، كالدارقطني والحاكم والبرقاني، لم يذكروا اختلاطًا ولا تغيرًا.
وقد غمزه بعضهم بشيء آخر، قال الخطيب:
"كان بعض كتبه غرق، فاستحدث نسخها من كتابٍ لم يكن فيه سماعه، فغمزه الناس، إلا أنّا لم نر أحدًا امتنع من الرواية عنه ولا ترك الاحتجاج به، وقد روى عنه من المتقدمين: الدارقطني وابن شاهين .. سمعت أبا بكر البرقاني سئل عن ابن مالك، فقال: كان شيخًا صالحًا .. ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك، فنسخها من كتابٍ ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك وإلا فهو ثقة".
قال الخطيب: "وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك، حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يُشك في سماعه، وإنما كان فيه بُلْه، فلما غرقت القطيعة بالماء الأسود، غرق شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتابٍ لم يكن فيه سماعه".
أجاب ابن الجوزي في "المنتظم"(7/ 93) عن هذا بقوله: "مثل هذا لا يطعن به عليه؛ لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب قد قُرئت عليه وعورض بها أصله، وقد روى عنه الأئمة، كالدارقطني وابن شاهين والبرقاني وأبي نعيم والحاكم".
قال العلامة المعلمي تعليقًا على ما سبق:
وقال الحاكم: "ثقة مأمون"، ونسْخُهُ ما غرق من كتبه من كتابٍ ليس عليه سماعه يحتمل ما قال ابن الجوزي، ويحتمل أن يكون ذاك الكتاب كان أصل ثقة آخر كان رفيقه في السماع، فعرف مطابقته لأصله، والمدار على الثقة بصحة النسخة، وقد ثبت أن الرجل في نفسه ثقة مأمون، وتلك الحكاية تحتمل ما لا ينافي ذلك فكان هو الظاهر .. [وبحث المعلمي هنا في سنة غرق القطيعة] ثم قال:
والذين ذكروا الاستنساخ لم يذكروا أنه روى مما استنسخه، ولو علموا ذلك لذكروه لأنه أبْين في التليين وأبلغ في التحذير، وليس من لازم الاستنساخ أن يرويه عما استنسخه، ولا أن يعزم على ذلك، وكأنهم إنما ذكروا ذلك في حياته؛ لاحتمال أن يروي بعد ذلك عما استنسخه.
وقد قال الخطيب في "الكفاية"(ص 109): "ومذاهب النقاد للرجال غامضة دقيقة، وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز، فتوقف عن الاحتجاج بخبره، وإن لم يكن الذي سمعه موجبًا لردّ الحديث ولا مسقطًا للعدالة، ويرى السامع أن ما فعله هو الأولى رجاء إن كان الراوي حيًّا أن يحمله على التحفظ وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميِّتًا أن يُنزله من نقل عنه منزلته، فلا يلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز.
ومنهم من يرى أن من الاحتياط للدين إشاعة ما سمع من الأمر المكروه الذي لا يوجب إسقاط العدالة بانفراده حتى ينظر هل من أخوات ونظائر .. ". اهـ.
فلما ذكروا في حياة القطيعي أنه تغير، وأنه استنسخ من كتابٍ ليس عليه سماعه، كان هذا على وجه الاحتياط، ثم لم يذكروا في حياته ولا بعد موته أنه حدث بعد تغير شديد، أو حدث مما استنسخه من كتابٍ ليس عليه سماعه، ولا استنكروا له رواية واحدة، وأجمعوا على الاحتجاج به كما تقدم- تبّين بيانًا واضحًا أنه لم يكن منه ما يخدش في الاحتجاج به.