الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[419] عبد الله بن محمد بن حميد أبو بكر بن أبي الأسود البصري الحافظ:
"التنكيل" رقم (128) قال ابن أبي خيثمة: "كان ابن معين سيء الرأي في أبي بكر بن أبي الأسود".
قال الشيخ المعلمي: "هذا مجمل، وقد جاء عن ابن معين أنه قال: "ما أرى به بأسًا" (1). وجاء عنه أيضا (2) أنه قال: "لا بأس به ولكنه سمع من أبي عوانة وهو صغير وقد كان يطلب الحديث". فهذا يفسر رواية ابن أبي خيثمة (3).
وقال ابن المديني: "بيني وبين ابن أبي الأسود ستة أشهر ومات أبو عوانة وأنا في الكُتّاب"(4). ومولد ابن المديني سنة (161) وذكر هو أن وفاة أبي عوانة سنة (175) وقال غيره سنة (176) فعلى ذلك يكون سن ابن أبي الأسود حين وفاة
(1) رواية عبد الخالق بن منصور عنه.
(2)
رواية ابن محرز عنه. وكلاهما في "تاريخ بغداد"(10/ 63)، والثانية في "سؤالاته"(ت 343).
(3)
أقول: لم يذكر ابن أبي خيثمة كلام ابن معين في ابن أبي الأسود، فإن كان مثل الذي نقل غيره عنه بشأن سماع ابن أبي الأسود وهو صغير من أبي عوانة، فالتعبير عنه بـ "كان سيء الرأي فيه" فيه نظرة لأنه يقتضى الطعن فيه بذلك، ولم يُرْوَ عن ابن معين ولا غيره غمز ابن أبي الأسود بهذا ولا بغيره، بل روى عنه الأئمة الثقات الإثبات -كما سيأتي- وفي رواية عبد الخالق بن منصور وابن محرز عن ابن معين ما يرفع الإشكال؛ إذ نقلا عنه قوله:"لا بأس به" وزاد ابن محرز عنه: "ولكنه سمع من أبي عوانة وهو صغير".
فهو كغيره من الثقات بل وفيهم أئمة حفاظ يُسْتَضغَرُون في بعض شيوخ لهم، أو يضعفوا فيهم لأسباب تقدح فيما رووا عنهم، لا فيهم أنفسهم، وهذا مستفيض، وقد قال الذهبي في "الميزان" (2 / ت 4559):"ثقة، استصغر في أبي عوانة".
وإن كان الذي سمعه ابن أبي خيثمة من ابن معين كلامًا آخر، فلم يُبَيِّنْهُ، وهو جرح غير مفسَّر.
والمقصود هنا أن كلام ابن معين وابن المديني لا يوهم في هذا الموضع طعنًا في ابن أبي الأسود، وسيأتي تقرير الشيخ المعلمي لهذا قريبًا.
(4)
قاله عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه، وقال عبد الله: وذهب -يعني أباه- إلى أن سماعه من أبي عوانة ضعيف؛ لأنه كان صغيرًا. "تاريخ بغداد"(10/ 63).
أبي عوانة خمس عشرة سنة أو أكثر، وكان ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي فقد يكون ساعده هو أو غيره في الضبط (1).
وقد صحيح الجمهور السماع في مثل تلك السن وفيما دونها.
نعم، يؤخذ من كلام بعضهم أن أبا عوانة توفى سنة (170)(2)، ووقع في "تاريخ جرجان" لحمزة السهمي حكاية ذلك عن بعض الحفاظ كما يأتي في ترجمة أبي عوانة، فعلى هذا يكون سن ابن أبي الأسود نحو تسع سنين، لكن ذاك القول شاذ، ومع ذلك فابن تسع سنين قد يصح سماعه عندهم.
والذي يرفع النزاع من أصله أنه ليس في سماع الرجل وهو صغير ما يوجب الطعن فيه، وإنما يتوجه الطعن إذا كان السماع غير صحيح، ومع ذلك كان الرجل يبني عليه ويروي بدون أن يبيِّن، وهذا منتفٍ هنا.
أما أولًا: فلأن احتمال صحة سماعه من أبي عوانة ظاهر ولا سيما على المعروف من أن وفاة أبي عوانة كانت سنة خمس أو ست وسبعين ومائة.
وأما ثانيًا: فلأن البخاري وأبا داود والترمذي أخرجوا لابن أبي الأسود، ولم يذكروا شيئًا من روايته عن أبي عوانة، وذلك يدل على أحد أمرين:
- إما أن يكون ابن أبي الأسود لم يرو عن أبي عوانة شيئًا.
- وإما أن يكون ربما روى عنه مع بيان الواقع، وعلى هذا فيكون كلام ابن معين وابن المديني إنما هو على سبيل الاحتياط، علِما أنه سمع من أبي عوانة وهو صغير، فخشيا أن يعتمد على ذلك فيروي من غير بيان.
فأما حاله في نفسه وفي روايته عن غير أبي عوانة فلا مطعن فيه، وقد روى عنه البخاري في "صحيحه" وروى عنه أبو داود وهو لا يروي إلا عن ثقة عنده كما في
(1) قال الذهبي في ترجمته من "تاريخ الإسلام" الطبقة (23): "وسمع وهو صغير باعتناء خاله".
(2)
في المطبوع من "التنكيل"(270)، وهو خطأ ظاهر.