الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الّذي هدى بِطاعتِهِ وألْهم، وعلّم الإنسان ما لم يكنْ يعْلمُ، أسْألُهُ شُكْر ما منّ به وأنْعم، وعُقْبى خيرٍ يُكْمِلُ بها نُعْماهُ ويخْتِمُ، وصلّى الله على محمّد نبِّيه وآله وسلّم.
وبعدُ، فإن الله سبحانه قد اقتضتْ حكمتُه أن يُنْشِأ لكل زمانٍ رجالًا، ينْصِبُون للناس حُججهُ وأعلامه، يُضِىءُ بِهِمْ سُبُلِ السالكين، ويُقِرُّ بهم أعْيُن الحائرين، ويشْحذُ بهم هِمم الطّالبين، ويدْفعُ بهم شُبه البطّالين.
فإذا سرى في الطّلبةِ العجْزُ والكسل، وتقاعس أربابُ الصّدارة عن البحْث والنّظرِ، فماتتِ الفكرةُ، وغابتِ الرحلةُ حينئذٍ يُخرج اللهُ تعالى من أصحابِ العقول الواعية، والأفهامِ النّيِّرة، والملكاتِ الفذّةِ منْ يهبُهُمُ اللهُ تعالى وافِر التحقيق، وبديع التدقيق، فتبعثُ به القضايا المهملة، وتُفتحُ بها الأبوابُ المغلقة، ويُنْفضُ به الترابُ عن مسائل واراها القعودُ والتقليدُ، وأماتها إيثارُ البلادةِ والجمودُ.
وهذا العلم -وهو علم الحديث- لا يحبُّه إِلَّا ذكورُ الرجال، ولا يبغضُه إِلَّا مخُنثوهم -كما قاله الثّوريّ وغيره- فهو من أنْفسِ أنواعِ العلوم وأغْلاها، وأعزِّها منالًا وأعْلاها، لا يتأتّى إِلَّا بطولِ النّفسِ في الطّلبِ، ومداومةِ النّظرِ والفِكْر فيه، والبحث في مسائله، واستقراءِ مناهجِ أهْله الذين هُمْ أعْلمُ به.
ولهذا وغيره لم يبرعْ فيه إِلَّا نفرٌ أفذاذ، هيّأهُمُ الله تعالى له، يبذُلون أنفسهم لخدمته، ويُسخِّرُون جُهْدهُم لحِفْظِه وتنْقِييهِ.
ونحنُ في هذا الكتابِ أمام بقيةٍ من بقايا هذا العلم، وريْحانةٍ من رياحين ذاك المنهج، ونادرةٍ من نوادر النقد والتحقيق.
نحن مع مثالٍ فذٍّ، قد جمع اللهُ تعالى له من أسباب التوفيق، وآلات العلم -مع توفُّر ملكاتِ الإبداع من عقْلٍ مُتّزِنٍ، وفكرٍ ناضجٍ، ونفسٍ زكيةٍ، مع صدقٍ في الطلب، وديمومةٍ في البحث والنظر- وأهّلهُ لأن يحتلّ الصدارة بين أهل عصره.
ذلكم
…
هو الشيخُ العلّامةُ ذهبِيُّ العصْرِ: عبد الرّحمن بْن يحيى المعلمي اليماني.
لقد همّنِي غيابُ أثرِ شيخنا -مِنْ زمنٍ بعيدٍ- منذ عرفتُ قدْر هذا العلم ومكانتهُ، وقد طالعت كتابهُ "التنكيل"، فوجدتُّه بحرًا لا تُكدِّرهُ الدِّلاءُ ومثله كتاب "الأنوار الكاشفة"، فعرفتُ منهما أن الله سبحانه قد ادّخرهُ لِكبْتِ أصْحاب الأهواءِ وأتْباعِهم، سواءٌ كانوا من العلماء المبرزين -كالكوثري- أو كانوا من المتعالمين المغرضين -كأبي رية.
ورأيتُ أن الله سبحانه قد دفع به في نحْر من أراد السُّنّة وأهلها وأئمتها وعقيدتهم بسوء، فأزال به الغُصُّة الّتي لم تكن لتزال في حُلُوقِ الغيورين عليها، والمتمسكين بهديها، والمعظمن لشأن أئمتها.
وكما يقالُ: "ورُبّ ضارّةٍ نافِعةٌ" فرأيتُ أن الشّيخ لم يكتفِ بالتنبيه المُجْملِ على ما في تلك الكُتُب من الانحرافِ عن منْهج الصّواب، إنّما كشف عما فيها بِأُطْرُوحاتٍ علميةٍ متزنة، بناها على الاستقراء لما فيها، والتصنيف لما تحويه من الزّلاتِ، وأجاب عن أكثرِ القضايا بنقدٍ تأصِيليٍّ مُتميِّزٍ، رفيعِ الأدبِ، عفيفِ اللسان، أرْسى فيه القواعد، ثمّ أقام الصّرْح والبُنْيان.
ثمّ طالعتُ مِنْ سائر كُتُبه: تعليقهُ على كتاب "الفوائد المجموعة" للإمام الشوكاني، فاستقبلتني مقدمةٌ قليلةُ المبْنى، جلِيلةُ المعنى، شممتُ منها عبُوق مناهج
أئمةِ النّقْدِ، وإذا فيها إلقاءُ الضّوْءِ على سبيل القوم في التعامل مع الأخبار وتعليلها، والدّعْوةُ إلى طول الممارسة لهذا الفن، باستقراء كتب الحديث والرجال والعلل، واستقصاء النظر في ذلك، مع حُسْن الفهم وصلاح النية، وذلك دون الركون إلى ما يُذكر في كتب "مصطلح الحديث" ممّا فيه خلافٌ؛ من القواعد التي لا يُحقّقُ الحقُّ فيها تحقيقًا واضحًا، وإنّما يختلفُ الترجيحُ فيها باختلافِ العوارضِ التي تختلفُ في الجزئياتِ كثيرًا.
وعملُ الشّيخ في هذا الكتاب أقلُّ شهرةً من سابقيه، ولا يكاد يعرفه إِلَّا أفراد، إِلَّا أنني باطلاعي على كتب الشّيخ -تأليفًا وتعليقًا- ألْفيْته مِنْ أنْفسِ آثاره، ومن أحْكم أعماله، فقد علّق فيه على الأحاديث تعليق عارفٍ حصيفٍ، بكلام مُتقنٍ رصين.
ولقد كشف اللهُ تعالى به في هذا الكتاب ما تفشّى من داءِ التساهلِ الّذي أصاب أنظار كثير من المتأخرين في الحكم على الرواة والأخبار، وإن الناظر في كتب المتأخرين ليجِدُ هُوّةً -ولا تزال تزداد- بين أنظارهم وأنظار أئمة النقد في ذلك، فلكثرة ما تعرضوا له من التصنيف، ولاحتياجهم إلى تقويم الرواة وأحاديثهم، فنراهم قد توسّعُوا في الاعتماد على ظواهر الأسانيد، دون التفتيش عن عللها ومظنات الخلل فيها، بل ونلحظ قصورًا في الرجوع إلى كتب المتقدمين المعنيّة ببيان ما أصاب الأخبار من تفردات الرواة وأوهامهم، فكم من حديث صححه المتأخرون أو حسّنُوه، وهو معلّلٌ، ترى إعلاله في كتب العلل، أو التواريخ، أو السؤالات، ونحوها؛ وكم من حديث قد أعلّه غير واحدٍ من النقاد، ثمّ إنك تجده فيما صُنِّف من "الأحاديث الصحيحة" أو هو مصحح في كتب التخريجات ونحوها.
وإن فطِن بعضهم لتعليل أحدٍ من أئمة النقد، فربما ردّه بأنه "لا يدري وجه هذا التعليل"، أو أنه "ليس هكذا يكون التعليل" ونحو ذلك من المضحكات المبكيات، فإنّه إن كان لا يدري وجه تعليل الإمام، فهل عدم فهمه لذلك ينفي عن الحديث
العلّة، أم يوجب عليه التوقف حتّى "يفهم؟ "، وإن تصوّر أن نظره أدق من نظرهم، وأنهم يعلُّون بما لا يوجبُ، فليضعْ قلمه، ولْيُرِحِ النَّاس من سوء فهمه، فإنّه لن يزداد على طول الأيَّام إِلَّا بُعْدًا عن الصواب، والرجوعُ إلى الحق بعد ذلك ليس بالسهل المستطاب.
ولقد ادّخر الله سبحانه الشّيخ المعلمي -من خلال هذا الكتاب- لتنقية السنة من كثير ممّا التصق بها من جرّاء ذلك التساهل المذكور، كان ممّا سجّلهُ الشّيخ في "مقدمة الفوائد" (ص 4) قوله:"إنني عندما أقرن نظري بنظر المتأخرين، أجدني أرى كثيرًا منهم متساهلين، وقد يدلُّ ذلك على أن عندي تشددًا، قد لا أُوافقُ عليه، غير أني مع هذا كله رأيتُ أن أبدى ما ظهر لي، ناصحًا لمن وقف عليه من أهل العلم، أن يحقق النظر".
لكن لم يزل ما أبداه الشّيخ في هذا الكتاب وغيره غائبًا عن أكثر أوساط البحث في هذا العلم الشريف، ولا يزال كثيرٌ ممّا يُستحدث من الأطروحات العلمية يغيب عنها المنهج الّذي أصّلهُ شيخنا الفاضل تأسيًّا بمناهج الأئمة.
ثمّ طالعت الكتب التي حققها الشّيخ، وكانت له اليد الطولى في ضبط نصها والتعليق على المواضع المشكلة فيها، وأهمُّها: كتابُ "التاريخ الكبير" للبخاري، و"الجرح والتعديل"، و"بيان خطأ البخاريّ في التاريخ" لابن أبي حاتم، و"موضح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب، و"الإكمال" لابن ماكولا، و"الأنساب" للسمعاني، فألفيتُه ذا نفسٍ طويل وصبرٍ على التحقيق، وطُولِ باعٍ في البحث والتفتيش، وعلمتُ أن الله سبحانه قد يسّر له باستقرائه تلك الكتب، وباطِّلاعه على كلام الأئمة على الأخبار وجرح الرواة وتعديلهم، ما هيّأ لهُ من أسباب البراعة في فهم طرائقهم، وتطبيق مناهجهم، ما سبق به الأقران، فظهر ذلك جليًّا في تأليفاته وأبحاثه رحمه الله.
ولا أستوعب هنا الحديث عن مؤلفاته وتحقيقاته، فستأتي الإشارة إلى ذلك في ترجمته، ويُعلم ممّا هناك تكامل ملكات الشّيخ.
فقد كان رحمه الله: "قارئًا مجودًا" و"حديثيًا نقّادًا" و"فقيهًا حاذقًا" و"أديبًا لغويًا شاعرًا" و"مجيدًا لطرف من اللغات الحيّة"، وغير ذلك من أنواع المعارف والعلّوم.
وأحبُّ أن أُسطِّر هنا أن النظر في ثبْتِ مؤلفات الشّيخ، كما ستأتي، والكتب التي قام بالعناية بها، وتصحيحها، دامعان النظر فيها، على تباين فنونها وتنوع علومها، ليُفسِّرُ لنا أبْعاد تلك الملكاتِ "المتكاملة" التي كان الشّيخ يتمتع بها، فأحسن استعمال "ملكاتهِ" المتنوعة في خدمة العلم في شتى فروعه، فازدادت تلك الملكاتُ عُمْقًا وإثراءً.
ولم يكن الشّيخُ مصححًا تقليديًا، بل كان من البارعين المتقنين، صاحب منهج مُميّزٍ في ضبط المخطوطات وتصحيحها، معتمدًا في ذلك على مناهج أهل النقد والاحتياط والتحقيق، قد حصّل خلال تلك الفترة الطويلة من التصحيح -وهي ما يقرب من خمسة وأربعين عامًا- على خبرةٍ عالية، وحاسّةٍ تلقائية، ولقد احتفظ له العاملون في دائرة المعارف بإمعان النظر فيما يرومون طبعه، بعد النسخ والمقابلة وإثبات فروق النسخ، فتكون له الكلمة الأخيرة في ذلك ويرمز لقوله بالحرف "ح".
وتقديرًا لمكانته وخبرته، ظلت الدائرة متمسكة به بعد انتقاله إلى مكة، فترسل إليه الكتب ويقوم بتصحيحها والتعليق عليها. كما سيأتي بشأن كتاب:"الموضح" و"بيان خطأ البخاريّ" و"الإكمال" و"الأنساب".
ولقد ترجم الشيخ تلك الخبرة الطويلة والبحث الدؤوب، إلى رسالتين بيّن فيهما ما يجب فعله على القائمين على طبع الكتب القديمة سواء كانوا من الناشرين، أو من الناسخين، أو المقابلين، أو المصححين، شارحًا الأعمال التي قبل التصحيح العلّمي،
من اختيار الكتاب، ثم اختيار النسخ العلّمية، وانتخاب الناسخ، وما ينبغي أن يكون عليه، والأمور التي ينبغي أن يلتزم بها حال النسخ، ثم ما يتعلّق بالمقابلة وشروطها، وصفات المقابلين ثم ما يتعلّق بالتصحيح.
ولقد أطال الشيخ في تلك الرسالتين؛ نصيحةً للعلم وأهله، فلا نرى أحدًا يعمل في هذا المجال إِلَّا وهو مفتقر إلى النظر فيهما بعين الاعتبار.
ومما يُقرّبُ لنا المنهج الّذي كان يقوم عليه تصحيحُ الشيخ للكتب، ما رسمه هو للصورة التي ينبغي أن يكون عليها المصححُ، فقد قال الشيخ في تلكما الرسالتين ضمن "المجموع" الّذي اعتنى به ماجد الزيادي (ص 80):
1 -
ينبغي أن يكون المصححُ متمكنًا من العربيّة والأدب وعلم رسْم الخط، متمكنًا من فنِّ الكتاب، مشاركًا في سائر الفُنُون، واسع الاطِّلاع على كُتُب الفنِّ، عارفًا بمظانِّ ما يتعلّق به من الكتب الأخرى، كأن يعرف أن من مظان ضبط الأسماء والأنساب "الغريبة":"لسان العرب"، و"القاموس"، وشرحه. وأن من مظانِّ تراجم التابعين:"الإصابة"، فإنها تقسم كلّ باب إلى أربعة أقسام، الأوّل: الصّحابة الثابتة صحبتهم، والثلاثة الأخرى غالبها في التابعين.
2 -
تكون اختلافات النسخ ماثلة أمام المصحح، ثم لا يُغنيه ذلك عن حضور الأصول أمامه ليراجعها عند الحاجة.
3 -
ينبغي أن يحضر عنده ما أمكن إحضاره من كتب الفنِّ، وما يقْرُبُ منها، فإذا كان الكتاب في فنِّ الرجال احتيج إلى حضور كتب الحديث، والتفسير المسند كـ "تفسير ابن جرير" و"السير"، و"التواريخ"، ولا سيما المرتبة على التراجم، و"الأغاني"، و"لسان العرب"، و"شرح القاموس"، ومعاجم الشعراء، والأدباء، والنحاة، والقضاة والأمراء، والأشراف، والبخلاء وغيرهم، ومن كتب الأدب ككتب الجاحظ، وكامل المبرد، ومعارف ابن قتيبة، وعيون الأخبار، وأمالي القالي.
وبالجملة ينبغي أن تكون بحضرته مكتبة واسعة في جميع الفنون، ويكون عارفًا بمواضع الكتب منها، ويرتبها في القرب منه على حسب ما يعرف من مقدار الحاجة إليها، فيكون أقربها إليه ما تكثر الحاجة إليه، ثم ما يلي ذلك على درجاته. اهـ
أنها كيفيةُ التعامل مع المخطوط فللشيخ فيه منهج قد أشار هو إلى شيء منه في تلكما الرسالتين، وتصحيحاتُه للكتب تُنْبِىءُ عن ذاك المنهج، وسأفرد هذا بالذكر إن شاء الله تعالى في قسم "القواعد" عند ذكر "قواعد التعامل مع المخطوطات" والله تعالى ولي التوفيق.
وعلى الرغم من تلك المنزلة الرفيعة، والمكانة البارزة التي كان يتمتع بها الشيخ بين أقرانه ومعاصريه، ومع اعزاف الجميع بفضله وعلمه -كما سيأتي- إِلَّا أن منهجه لا يزال خافيًا على كثير من المشتغلين بهذا العلم، ولقد همّني هذا الأمر من زمنٍ بعيدٍ -كما سبق- ورأيتُ -كغيري من المعتنين بهذا الميدان- ضرورة إحياءِ جهودِ هذا الشيخ، ولفتِ أنظارِ الأمة إلى شيخها وعالمها الرباني؛ فإن من أعظم المصائب التي تبتلى بها الأمم: عدم اعتنائها بأئمتها والبارزين من علمائها، حتّى إذا غفل النَّاس عن هؤلاء، اتخذوا رؤوسًا جهالًا، فضلُّوا وأضلُّوا.
وليس ضرورة الاعتناء بالشيخ من أجل التعريف به كشخص -فحسب- ولكن من أجل أن في التعريف بمنهجه إبرازًا لمنهج الأئمة المتقدمين من جهابذة هذا العلم ونُقّادِهِ، وهم الذين إليهم المرجع في هذا الشأن، فقد توفرت لديهم دواعي البراعة فيه؛ لوجود مادته، ألَّا وهي "الرواية" بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أحوال الراوي والمرويّ.
فإليهم المرجع في الحكم على الرواة: إجمالًا وتفصيلًا؛ عدالةً وضبطًا، وسماعًا وانقطاعًا، وتحملًا وأداءً وغير ذلك من أحوالهم.
وكذا في الحكم على الأخبار: قبولًا وردًّا، وتصحيحًا وتضعيفًا، وتعليلًا، وإليهم التسليم في ذلك وغيره ممّا اختصهم الله تعالى به؛ فإن لِكُلِّ عليم "أهل ذِكْرٍ" تقرُّ بهم العيون، ويهتدي بهم الحائرون.
والشيخ المعلمي -مع براعته وأستاذيته- شديدُ التقدير لمكانة الأئمة النقاد، بالغُ التوقير لحقهم علينا في الاتباع، والاعتناء بالنظر في مسالكهم في النقد، والاستقراء لمناهجهم في الحكم على الرواة والأخبار، وسيظهر ذلك جليًّا في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ولقد وصف الشيخ غيرُ واحدٍ من أفاضل العصر بأنه: "ذهبي العصر" تشبيهًا لمكانته بين أقرانه وفي زمانه بالإمام الذهبي في عصره، والذهبي من أهل الاستقراء التام للرجال، كما قاله الحافظ ابن حجر.
وكذا وُصف الشّيخُ بأنه -إلى الآن- آخر من تدور عليهم التحقيقات والتقييدات، وذلك بعد الإمام السخاوي رحمه الله.
ولا شك أن تلك -وغيرها- شهاداتٌ غاليةٌ، تُنبىءُ عما يتمتع به الشيخ لدى عارفيه من القدر الرفيع، والثناء الحسن.
وحُقّ لمن هذا شأنُه أن تتوجه إليه أنظارُ الراغبين في سلوك "قصد السبيل" فإن منها جائر، والله وليُّ التوفيق، ومنه يُستمد العون، وهو حسبي ونعم الوكيل.
وما كنْتُ أهْلًا لِلّذِي قدْ كتبْتُهُ
…
وإِنِّي لفِي خوْفٍ مِن اللهِ نادمُ
ولكِنِّي أرْجُو مِن اللهِ عفْوهُ
…
وإِنِّي لِأهْلِ الْعِلمِ لا شكّ خادمُ
* * *