الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال المعلمي في "الفوائد"(ص 105): "بل هو موثق (1) .. يرسل عمن أدركهم من الصحابة ولم يصرح بالسماع من عبادة".
[253] خليفة بن خياط بن خليفة بن خياط أبو بكر البصري، المعروف: شباب العصفري، صاحب "التاريخ" و"الطبقات
":
ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(3/ 378) رقم: (1728) وقال: "سألت أبي عنه، فقال: لا أحدث عنه، هو غير قوي، كتبت من مسنده أحاديث ثلاثة عن أبي الوليد، فأتيت أبا الوليد وسألته عنها فأنكرها وقال: ما هذه من حديثي، فقلت: كتبتها من كتاب شباب العصفري، فعرفه وسكن غضبه".
وقال ابن أبي حاتم: "انتهى أبو زرعة إلى أحاديث كان أخرجها في فوائد عن شباب العصفري، فلم يقرأ علينا، فضربْنا عليه وترك (2) الرواية عنه". اهـ.
فعلّق الشيخ المعلمي في الحاشية بقوله: "سكون غضب أبي الوليد يُشعر بأنه لم يُكذِّبْ خليفة، ويحتمل أن يكون شباب قد كان استكثر من حديث أبي الوليد أخْذًا من أصوله، وكانت تلك الثلاثة مما لا يحفظه أبو الوليد، فأنكرها، ثم لما عرف أن شبابًا هو رواها عنه حملها على أنها عنده في أصوله ولكنه لا يحفظها، وكأنه لهذا الاحتمال اقتصر أبو حاتم على قوله: غير قوي"(3). اهـ.
(1) قال أحمد وأبو داود: ثقة ثقة، ووثقه ابن معين، وتُكُلِّم في سماعه من علي وأبي هريرة وحذيفة، وقال يحيى القطان: هو كتاب عن علي، وقد سمع من عمّار، وعائشة، وابن عباس. وقال البخاري: سمع عمارًا وعائشة .. روى عن أبي هريرة وعن علي صحيفة، وعن أبي رافع.
وقال أبو حاتم: يقال وقعت عنده صُحُف عن عليٍّ، وليس بقوي. وقال الحاكم عن الدارقطني: قالوا: هو صُحُفي، فما كان من حديثه عن أبي رافع، عن أبي هريرة احتمل، فأما عن علي وعثمان فلا. وانظر:"تاريخ البخاري الكبير"(3/ 227)، و"الجرح"(3/ 402)، و"سؤالات الحاكم"(314)، و"تهذيب الكمال"(8/ 364)، و"الميزان"(1/ 658) وغيرها.
(2)
في "التهذيب" عن "الجرح": "وتركنا".
(3)
أقول: في هذا التوجيه نظر من عدة وجوه: =
. . . . . . . . . . . . . . .
= أولًا: قَدَّمَ أبو حاتم الحكاية بما يدلُّ على مُؤَدَّاها ومَدْلُولها، فقال:"لا أُحدِّث عنه، هو غير قوي" فدلَّ على أن الحكاية تقتضي الجرح، ويبقى النظر في قدر هذا الجرح، ولا شك أن أبا حاتم لديه من المَلَكَة والفَهْمِ ما يمنع أن يدلَّ صنيع أبي الوليد على غير الجرح، ثم هو يحمله عليه. وينظر "تاريخ بغداد"(9/ 82) ففيه سكوت وتبسم على سبيل الاستنكار لا الرضى.
ثانيًا: في تقدمة "الجرح والتعديل"(ص 334) قال أبو حاتم: "كنت أتولى الانتخاب على أبي الوليد، وكنت لا أنتخب ما سمعت من أبي الوليد قديمًا .. ".
فقد كانت لأبي حاتم عناية بأصول أبي الوليد، يحفظها، وينتخب ما لم يسمعه منها من قبل، فلما نظر في مسند خليفة وجد فيه أحاديث عن أبي الوليد لا يعرفها أبو حاتم عن أبي الوليد، فانتخبها وكتبها، على عادة النقاد في انتخاب الغرائب والمناكير من الأصول -انظر رسالتي في "تعظيم قدر أئمة النقد"(ص 141) من هذا القسم- ثم أتى بها أبا الوليد يعرضها عليه لينظر إن كان حدَّث بها أبو الوليد من حفظه أو نحو ذلك، أما الأصول فكانت تحت بصر أبي حاتم يتولى الانتخاب منها مرة بعد أخرى، فانكرها أبو الوليد أن تكون من حديثه، كما حَدَسَ أبو حاتم، ومن أجل ذلك انتقاها من بين المسند.
وسواءٌ كانت تلك الأحاديث مناكير من حيث إنها لم تكن من حديث أبي الوليد فقط، أم أُضيف إليها نكارة متنها، فالغرابة لازمةٌ لها.
ويؤيد الثاني ما يدل عليه قول أبي حاتم "وسكن غضبه" فإن فيه أن أبا الوليد لما سأله أبو حاتم عن تلك الأحاديث، غضب، وهذا يُشعر بأن فيها نكارة، واستعظم أبو الوليد أن يكون حدث بها، والظاهر أنه لو كانت تلك الأحاديث معروفة ومحفوظة لاكتفى أبو الوليد بنفي أن تكون من حديثه، بحيث لو كانت في نفس الأمر من حديثه فليس ذلك بضائره، لكن غضبَهُ مُشعرٌ بما قدَّمنا، والله تعالى أعلم.
ثالثًا: وهو مبني على ما سبق، أن أبا الوليد لما استنكر أن تكون تلك الغرائب من حديثه، وغضب لذلك، خَشِيَ أن يكون من حدَّث بها عنه ثقة ضابط، فربما عاد الأمر بالتردد بين أن يكون أبو الوليد قد حدَّث بها ثم نسي، أو يكون ذاك الثقة وهم عليه، فلما أُخبر أبو الوليد أن الذي حدَّث بها عنه هو خليفة ابن خياط، زال هذا التردد واطمأن قلبه إلى أن التَبِعَةَ فيها لازمةٌ لخليفة، لمعرفته به، فسكن غضبه.
وهذه المعرفة لا يلزم منها التكذيب، وقول أبي حاتم "لا أحدث عنه، هو غير قوي" يدل على ذلك، وإلا لو دَلَّ صنيعُ أبي الوليد على ذلك لما أَجْمَلَ أبو حاتم فيه القول.
وإنما هذه المعرفة تعني أن خليفة ليس من أصحاب الحديث المعنيين به، وليس هذا ميدانه، وإنما هو عالم بالنسب والسِّير وأيام الناس، فليست روايته عن أبي الوليد تلك المناكير بخادشةٍ في إنكار أبي الوليد لها. =