الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[330] سنيد بن داود المصيصي أبو علي المحتسب، واسمه الحسن، وسنيد لقب غلب عليه:
سبق كلام الشيخ المعلمي عليه في ترجمة حجاج بن محمد الأعور.
وقال الشيخ في ترجمة سنيد من "التنكيل"(107): "بقي قول النسائي: "غير ثقة" وقول أبي داود: "لم يكن بذلك". وقول أبي حاتم: "ضعيف" كذا في كتاب ابنه (1)، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (2) وروى عنه أبو زرعة، ومن عادته أن لا يروي إلا عن ثقة كما في "اللسان" (ج 2 ص 416) وقال الخطيب: "لا أعلم أي شيء غمصوا على سنيد، وقد رأيت الأكابر من أهل العلم رووا عنه واحتجوا جمع ولم أسمع عنهم فيه إلا الخير، وقد كان سنيد له معرفة بالحديث وضبط فالله أعلم. وقد ذكره أبو حاتم في جملة شيوخه الذين روى عنهم، فقال: بغدادي صدوق" (3).
قال المعلمي: "ما أراهم غمصوا عليه إلا ما تقدم في ترجمة حجاج، ولعل من شدد لم يتدبر القصة، وقد تقدم الجواب الواضح عنها، وكفى يقول حاكيها نفسه وهو الإمام أحمد: "كان سنيد لزم حجاجًا قديمًا، وقد رأيت حجاجًا يملي عليه، وأرجو أن لا يكون حدث إلا بالصدق". اهـ.
أما جواب المعلمي عما غُمص على سنيد، فقال في ترجمة حجاج بن محمد الأعور من "التنكيل" رقم (71):
"روى الأثرم -وهو ثقة- عن الإمام أحمد أنه قال: "سنيد لزم حجاجًا قديمًا .. ".
(1) هكذا نقل المعلمي من "تهذيب التهذيب"(4/ 244) تبعًا "التهذيب الكمال"(12/ 164) والذي في "الجرح والتعديل"(4 / ت 142): صدوق. وهكذا نقل الخطيب في "تاريخ بغداد"(8/ 43 - 44) وسيذكره المعلمي قريبًا، وهكذا نقله الذهبي في "الميزان"(2/ 236) وغيره فأخشى أن يكون في نقل المزي وهمٌ، تابعه عليه ابن حجر، والله تعالى أعلم.
(2)
(8/ 304) وقال: كان قد صنف التفسير. ربما خالف.
(3)
نقلته تامًّا من "تاريخ بغداد"(8/ 43)، وفي نقل المعلمي عن "تهذيب التهذيب" تقديم وتأخير ونقص.
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه (1): "رأيت سنيدًا عند حجاج بن محمد وهو يسمع منه كتاب "الجامع" لابن جريج، وفيه: اخبرت عن الزهري، وأخبرت عن صفوان ابن سليم (2)، قال: فجعل سنيد يقول لحجاج: يا أبا محمد قل: ابن جريج عن الزهري، وابن جريج عن صفوان بن سليم. قال: فكان يقول له هكذا".
قال عبد الله: "ولم يحمده أبي فيما رآه يصنع بحجاج، وذمّه على ذلك، قال أبي: وبعض تلك الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة، كان ابن جريج لا يبالي ممن أخذها".
حكى هذا في "تهذيب التهذيب"، ثم قال:"وحكى الخلال عن الأثرم نحو ذلك، ثم قال الخلال: [ونُرى] (3) أن حجاجًا كان هذا منه في وقت تغيره، [ونُرى] أن أحاديث الناس عن حجاج صحاح إلا ما روى سنيد".
أقول: هذا حدسٌ، يردُّه نص الإمام أحمد كما تقدم، ومبنى هذا الحدس على توهم أن في القصة ما يخدش في تثبيت حجاج، وإنما يكون الأمر كذلك لو كان إذا قيل:"ابن جريج عن فلان" يحمل على سماع ابن جريج من فلان، وليس الأمر كذلك، لأن ابن جريج مشهور بالتدليس، فإذا قيل:"ابن جريج عن الزهري" ولم يجيء بيان السماع من وجه آخر، فإنه لا يحكم بالاتصال، بل يحمل على أوْهن الاحتمالين، وهو أن بين ابن جريج وبين الزهري واسطة، وذلك لاشتهار ابن جريج بالتدليس.
(1)"العلل ومعرفة الرجال"(2/ 551).
(2)
في "العلل" بزيادة في أوله: أُخبرتُ عن يحيى بن سعيد.
(3)
نقلها المعلمي عن "تهذيب التهذيب": "يروى" فاستشكلها وصوبها بين قوسين كما هي مثبتة هنا، وتصويبه رحمه الله موافق لما في "تهذيب الكمال"(12/ 163)، فجزاه الله خيرًا.
وعلى هذا فسيان قيل: "ابن جريج: أُخبرتُ عن الزهري" أو"ابن جريج عن الزهري"(1).
ولهذا قال الإمام أحمد: "أرجو أن لا يكون حدث إلا بالصدق". وإنما ذكر في رواية عبد الله كراهيته لذلك؛ لأنه رآه خلف الكمال في الأمانة.
وفي "الكفاية"(ص 187) من طريق "عبد الله بن أحمد قال: كان إذا مرّ بأبي لحنٌ فاحشٌ غيّره، وإذا كان لحنًا سهلا تركه، وقال: كذا قال الشيخ".
فأنت ترى أحمد يمتنع من تغيير اللحن، فما ظنك بما تقدم؟
فإن قيل: فما الحامل لسنيد على التماس ذلك من حجاج؟ قلت: طلب الاختصار والتزيين الصوري. اهـ.
ثم بحث الشيخ المعلمي في معنى التلقين القادح، مما تراه تحت هذا العنوان في القسم الخاص بالقواعد من هذا الكتاب.
ثم قال: "وما وقع من سنيد ليس بتلقين الكذب، وإنما غايته أن يكون تلقينًا لتدليس التسوية، وتدليس التسوية أن يترك الراوي واسطة بعد شيخه، كما يُحْكى عن الوليد بن مسلم أنه كان عنده أحاديث سمعها من الأوزاعي عن رجل عن الزهري، وأحاديث سمعها من الأوزاعي عن رجل عن نافع، فكان يقول فيها: حدثنا الأوزاعي عن الزهري، وحدثنا الأوزاعي عن نافع! وهذا تدليس قبيح، لكنه في قصة سنيد وحجاج لا محذور فيه لاشتهار ابن جريج بالتدليس كما مرّ.
وبذلك يتبين أن حجاجًا لم يتلقن غفلة ولا خيانة، وإنما أجاب سنيدًا إلى ما التمسه لعلمه أنه لا محذور فيه، وكره أحمد ذلك لما تقدم. اهـ.
(1) هذا مع التنّبه إلى أن الصيغة الأعلى لا تُعَدُّ من صيغ التدليس؛ لأنها صريحة في وجود الواسطة، وشرط اعتبار الصيغة للتدليس هو أن تكون موهمة للسماع كـ "عن" ونحوها.