الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد في تعْظيمِ قدْرِ أئِمّةِ النّقْد
إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شُرُور أنفسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهْده الله فلا مُضِلّ لهُ، ومن يُضْلِلْ فلا هادِى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدهُ لا شريك لهُ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].
أما بعْدُ:
فإنّ الله تعالى قد أحْكم كتابهُ، وتكفّل بحفظه، فامتلأت به الصُّدُورُ قبل أن يُدوّن في السُّطُورِ، لا يسْقطُ منه حرفٌ، ولا يُخْتلفُ فيه على شيءٍ، يُقْرأُ غضًّا طرِيًّا، فلا يخْلقْ على كثْرة الرّدِّ، ولا تنْقضِي عجائِبُهُ. قال تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وإن الله تعالى قد أوْحى إلى عبده ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم بِسُنّةٍ ماضيةٍ، وهدْيٍ يُقْتدى به، وأمرنا الله بالتمسُّكِ بِسُنّتِه واتِّباعِ هدْيِهِ، وكُلِّ ما جاء به. قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]. وقال تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. وقال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21].
وبيّن الله سبحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المُبيِّنُ عن الله سبحانه أمْرهُ، وعن كتابِهِ معانِي ما خُوطِب به النّاسُ، وما أراد الله سبحانه به، وما شرع من معاني دينهِ وأحْكامِه وفرائضِهِ، وموجباتِهِ، وآدابهِ، ومندوبهِ، وسُننِه التي سنّها، وأحْكامِهِ التي حكم بها.
فلبِث صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينةِ ثلاثًا وعشرين سنةً، يُقِيمُ للناسِ معالم الدِّينِ، يفْرِضُ الفرائض، ويسُنُّ السُّنن، ويُمْضِي الأحكام، ويُحِّرمُ الحرام، ويُحِلُّ الحلال، ويُقِيمُ النّاس على مِنْهاجِ الحقِّ بالقولِ والفِعل، صلواتُ الله عليْهِ وعلي آلهِ، أفضل صلاةٍ وأزْكاها وأكْملها.
فثبّت عليه الصلاة والسلام حُجّة الله سبحانه على خلْقِهِ، بما أدّى عنهُ وبيّن من مُحكمِ كتابهِ ومُتشابِهه، وخاصِّهِ وعامِّهِ، وناسِخِه ومنْسُوخِه، ونحو ذلك.
ولذا فقد أمر الله تعالى بطاعته فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]. وحذّر من مُخالفتِهِ فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
وطاعةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم: في اتِّباعِ سُنّتِهِ؛ إِذْ هِى النُّورُ البهِيُّ، والأمْرُ الجِليُّ، والحُجّةُ الواضِحةُ والمحجّةُ اللّائِحةُ، منْ تمسّك بها اهْتدى، ومنْ عدل عنها ضلّ وغوى.
وإِذْ أمرنا الله سُبحانه باتِّباعِ سُنّتِهِ وهدْيِه وكُلِّ ما جاء بِه، فقد كان مِنْ لازِم ذلك أن يحْفظ الله لنا تلك السُّنّة -كما حفِظ الكتاب- فتصِل إلينا من طريقٍ تُقامُ بها علينا الحجةُ، {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165].
ولذا فقد أمِنّا -ولله الحمدُ- أن تكون شريعةٌ أمر بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، أو ندب إليها، أو فعلها عليه السلام، فتضيع، ولم تبلغْ إلى أحدٍ من أُمّتِه. وأمِنّا أيضًا أن يكون الله تعالى يُفْرِدُ بِنقْلِها منْ لا تقومُ بنقلِه الحجةُ. وكذا أن تكون شريعةٌ يُخطِىءُ فيها راويها الثقةُ، ولا يأتي من الدلائل أو القرائن أو الشواهد ما يُبيِّنُ خطأهُ فيه.
ولذلك فإنّه يمتنعُ أن يريد الله تعالى تشريع حُكْمٍ، ثم يقطع على الأُمّةِ الطريق الموصِّلة إليه. وهذا القطعُ إما أن يكون بعدم وُصُوله إليهم وكِتْمانِه عنهم أصْلًا، وإما بِإيصالِه إليهم من طريق لا تقومُ عليهم به حجةٌ. فالأوّلُ ممنوعٌ شرعًا وعقلًا، والثاني مردودٌ لعدم فائدته.
"ولمّا كان ثابتُ السُّننِ والآثارِ، وصِحاحُ الأحاديثِ المنقولةِ والأخبارِ، ملْجأ المسلمين في الأحوالِ، ومرْكز المؤمنين في الأعمالِ؛ إِذْ لا قِوام للإسلامِ إلا بِاسْتِعْمالِها، ولا ثبات للإيمانِ إلا بِانْتِحالهِا، وجب الاجتهادُ فِي عِلْمِ أُصُولها، ولزِم الحْثُّ على ما عاد بِعِمارةِ سبِيلِها". (1).
فإِذْ قدْ أقام الله تعالى الحُجّة بِحِفْظِ فينهِ، وكان الكتابُ لا يُخْتلفُ في سبيلِ وُصُوله، وضمِن الله تعالى لنا حِفْظ سُنةِ نبيِّهِ، فقد وجب علينا معرفةُ السبيلِ الذي ارْتضاهُ الله سبحانه ليكون حُجّةً علينا في معْرفِة معانِي كتابه، ومعالِم دِينه، وأحْكاِم شرِيعتِه.
وهذا السّبيلُ هو: "النقْلُ والرِّوايةُ".
فقد اختار الله سبحانه لِصُحْبةِ نبيِّهِ قومًا، شرّفهُم، وأعْلى قدْرهم، ورفع منزلتهُمْ، ورضِى عنهم، فحفظُوا على الأُمّةِ أحكام الرسولِ، وأخبروا عن أنْباءِ التنزيل، ونقلوا أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وضبطُوا على اختلافِ الأموِر أحوالهُ، في: يقظتِهِ ومنامهِ، وقُعُودهِ وقيامهِ، وملْبسهِ ومرْكبِه، ومأْكلِه ومشْربِهِ، وهم الذين شهدوا
(1) مقتبس من مقدمة كتاب "الكفاية" للخطيب (ص 3).
الوحْى والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، ففقهوا في الدين، وعلِمُوا أمر الله ونهيه ومراده، بمعاينةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتِهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفِهم منه واستنباطِهم عنه، فشرفهم الله سبحانه بما منّ عليهم وأكرمهم به من وضْعِهِ إياهم موْضع القُدْوة، فنفى عنهم الشك والكذب والرِّيبة، وسماهم عُدُول الأمة، فكانوا أئمة الهُدى، وحُجج الدينِ، ونقلة الكتابِ والسُّنّةِ.
فهذا هو أصل المحجّةِ التي ارْتضاها الله سبحانه لهذه الأُمّةِ في معرفةِ دينهِ، ألا وهو نقْلُ الصحابةِ الكرامِ عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمُشاهدِة والمُعاينة للوحْي والتنزيلِ.
ثُمّ إِنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قدْ حضّ صحابتهُ على التبليغ عنْهُ في أخبار كثيرة، فقال:"بلِّغُوا عنِّي ولوْ آيةً". وقال في خطبته: "فلْيُبلِّغ الشّاهِدُ منكم الغائب". ودعا لِمنْ بلّغ عنه فقال: "نضّر الله امْرءًا سمِع مقالتي فحفظها ووعاها حتّى يُبلِّغها غيرهُ".
"ثمّ تفرّقتِ الصحابةُ رضي الله عنهم في النّواحي والأمْصار والثُّغُورِ، وفي فتوحِ البُلْدانِ والمغازي والإِمارة والقضاء، فبثّ كُلُّ واحدٍ منهم في ناحيته وبالبلد الذي هو به: ما وعاهُ وحفِظهُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكمُوا بِحُكْمِ الله سبحانه، وأمْضوُا الأمور على ما سنّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأفْتوْا فيما سُئلوا عنه مما حضرهم مِنْ جوابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم -عن نظائرها من المسائل، وجرّدُوا أنفسهم لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله سبحانه، رضوانُ الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين.
ثم خلف بعدهم التابعون الذي اختارهم الله سبحانه لإقامة دينه، وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره، فحفظوا عن صحابته ما نشروه وبثوه من العلم، فأتقنوه وعلموه وفقهوا فيه، فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله سبحانه ونهيه بحيث وضعهم الله سبحانه، ونصبهم له، إذ يقول الله سبحانه:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة: 100].
فصاروا -برضوانِ الله سبحانه لهم وجميلِ ما أثنى عليهم- بالمنزلةِ التي نزههم الله بها عن أن يلحقهُم مغمزٌ أو تُدْرِكهُم وصمةٌ؛ لِتيقُّظِهِم وتحرّزِهم وتثبُّتِهم -رحمةُ الله
ومغفرتُه عليهم أجمعين- إلا ما كان مِمّنْ ألحْق نفسه بهم، ودلّسها بينهم مِمّنْ ليْس يلحقُهم، ولا هو في مِثْلِ حالهم، لا في فقهٍ ولا علمٍ ولا حفطٍ ولا إتقانٍ، مِمّنْ بيّن أهلُ النّقْدِ حالهُم، وميّزُوهم عنْ غيرهم مِنْ أقْرانِهم لِيُعْرفوا.
ثم خلفهُم تابعو التابعين، وهم خلفُ الأخْيارِ، وأعلامُ الأمصارِ في دين الله سبحانه، ونقْلِ سُننِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحِفْظِه وإتقانِه، والعلماءُ بالحلالِ والحرامِ، والفقهاءُ في أحكامِ الله سبحانه وفُروضِه وأمره ونهيه" (1).
وهُمْ على مراتب في الورعِ والضبطِ والإتقانِ، وقد جعل الله سبحانه لكل شيء قدرًا. ومنهم أيضًا -وهم في هذه الطبقة أكثر من التي قبلها- منْ ألْصق نفْسهُ بهم، ودلّسها بينهم، مِمّنْ ليس مِنْ أهْلِ الصِّدقِ والأمانةِ، ومنْ قد ظهر للنُّقّادِ العلماءِ بالرجالِ منهم الكذبُ، فبيّنُوا أمْرهُم.
هكذا حمل المتأخُر عن المتقدمِ، واللاحقُ عن السابقِ، وتناقلتِ الرواةُ الأخبار والسُّنن، وزادتِ الوسائطُ المُبلِّغةُ لدين الله عز وجل، وسُمِّيتْ هذه الوسائطُ بـ:"الإسناد".
ولما كان الله سبحانه قد ارْتضى أن يكون "النّقْلُ" هو السبيل إلى تعرُّفِ هذه الأُمّةِ على دِينه وشرْعِه، وقد ضمن الله لنا حِفْظ الدِّين، فقد دلّ ذلك أن السبيل إلى هذا التعرف -ألا وهو النقل الذي تقوم به الحُجّةُ- محفوظٌ أيضًا.
فكيف إذا حفِظ الله سبحانه هذا "النّقْل"؟
والجواب: أن الله تعالى كما اخْتار لصُحْبِة نبِيِّهِ أعلامًا أكْفاء، إئتمنهم على تبليغ دينه، فقدِ اخْتار أيضًا رِجالًا صنعهُم على عيْنِهِ، وخصّهُمْ بهذه الفضِيلة، ورزقهُم
(1) مقتبس من "مقدمة الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ص 8 - 10) بتصرف.
هذه المعرفة، وهيّأ لهم من الأحوالِ، ما جعلهم علمًا للإسلامِ، وقدوةً في الدين، ونُقّادًا لناقلة الأخبار، فاجتهدوا في حفظ هذا الدين، ونفْي تحريف الغالين، وانتحالِ المبطلين، وبيانِ خطأ المخطئين، ولو كانوا من الثقاتِ المتقنين.
وميّز هؤلاء بْين عُدول النّقلةِ والرواةِ وثقاتهم وأهلِ الحفظِ والثبت والإتقانِ منهم، وبْين أهلِ الغفلةِ والوهم وسوءِ الحفظِ والكذبِ واختراعِ الأحاديث الكاذبة.
"وقد جعلهمُ الله تعالى أركان الشّرِيعةِ، وهدم بهم كُلّ بِدْعةٍ شنِيعةٍ، فهمْ أُمناءُ الله من خليقتِهِ، والواسطةُ بْين النَّبي صلى الله عليه وسلم وأُمّتِهِ، والمجتهدون في حِفْظِ مِلّتِهِ.
أنْوارُهم زاهرةٌ، وفضائلهم سائرةٌ، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحُججُهُم قاهرةٌ.
وكُلُّ فِئةٍ تتحيّزُ إلى هوًى ترجعُ إليه، أو تستحسنُ رأيًا تعكُفُ عليه -سِواهم؛ فإن الكتاب عُدّتُهُم، والسُّنّة حُجّتُهم، والرسول فِئتُهم، وإليه نسبتُهم، لا يُعرِّجُون على الأهْواء، ولا يلتفتون إلى الآراء.
يُقْبلُ منهم ما رووْا عن الرسولِ، وهم المأمونون عليه والعدولُ، حفظةُ الدين وخزنتُهُ، وأوْعِيةُ العِلْم وحملتُهُ.
إذا اخْتُلِف في حديثٍ، كان إليهم الرجوعُ، فما حكموا به فهو المقبولُ المسموعُ.
وهم الجمهورُ العظيم، وسبيلُهم السبيلُ المستقيم، منْ كادهُمْ قصمهُ الله، ومنْ عاندهمْ خذلهُ الله، لا يضرهم منْ خذلهم، ولا يُفْلِحُ من اعتزلهم.
المُحْتاطُ لدينه إلى إرشادهم فقيرٌ، وبصرُ النّاظِرِ بالسوءِ إليهم حسِيرٌ، وإِنّ الله على نصْرِهِم لقدِيرٌ.
قد جعلهم الله سبحانه حُرّاس الدين، وصرف عنهم كيْد المعاندين، لِتمسُّكِهم بالشرعِ المتينِ، واقتفائِهم آثار الصحابة والتابعين.
فشأنُهم حفظُ الآثارِ، وقطعُ المفاوزِ والقفارِ، وركوبُ البراري والبحارِ، اقتفاءً لحديث النَّبي المختارِ.
قبِلُوا شريعتهُ قولًا وفعلًا، وحرسُوا سُنّتهُ حفظًا ونقلًا، حتى ثبّتُوا بذلك أصْلها، وكانوا أحقّ بها وأهلها.
وكمْ مِنْ مُلْحِدٍ يرُومُ أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذبُّ بهم عنها، فهم الحفاظُ لأركانها، والقوّامُون بأمرها وشأنها، {أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] (1).
ولولا هؤلاء الأئمة الجهابذة النُّقّاد الذين اصطفاهم الله سبحانه لحفظِ دينه، لاندرس الإسلامُ، ولغابتْ شمسُ الشريعة عن الأنام، ولأصبح الناس في ظُلْمةٍ دهْماء، وحْيرةٍ عمْياء، لا يميزون بين الحق والباطل، ولا الصحيح من السقيم، ولارتفع صوت الإلحاد، ولضاع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كيدِ كائدٍ، وحقدِ حاقدٍ.
فاللهم انفعْنا بمحبتهم، واحْشُرْنا في زُمْرتهم، ولا تفْتِنّا بعدهم، ولا تحْرِمْنا أجرهم، واجعلْنا من أتباعِهم، وحملةِ لوائهم، وبلّغْنا شرف منزلتهم، وحُسْن سيرتهم، وأمِتْنا على مِلّتِهم، إنك بنا خبيرٌ بصيرٌ.
فهؤلاء النّقاد -لما انتشرتْ روايةُ الأحاديثِ الضعيفة بِحُسْنِ نِيّةٍ من الرواة الصالحين الموصوفين بكثرة الغلط وغلبة الوهم، وبِسُوء نِيّةٍ من أصحاب الأهواء وغيرهم- شمّروا عن ساعِدِ الجِدِّ، وتأهّبُوا للقيام بالمُهِمّةِ التي أنِيطتْ بهم، وعزمُوا على تنْقِيةِ السُّنّةِ الشريفةِ مِنْ كُلِّ ما خالطها مِن الأباطيل والأكاذيب.
وأرْسى هؤلاءِ القواعد لحفظِ الأسانيدِ والمتون من الوضْعِ والتحريف والتصحيف والأوهام؛ كما اشترطوا شُروطًا وضوابط لقبُول الحدِيثِ أو ردِّهِ، غايةً في الإتقانِ.
(1) مقتبس من كتاب "شرف أصحاب الحديث" للخطيب (ص 8 - 10) بتصرف.
فقد بلغ هؤلاءِ من البراعةِ في الدّقّةِ، والتّثبُّتِ، والاحْتياطِ ما يُحِّيرُ العُقُول، حتى لقدْ حدا ببعضِ منْ لم يعْرِفْ لهم قدْرهُم، ولم يطّلِعْ على إمكاناتهم، ولم يضْبِطْ قواعد فنِّهِم، أنْ رأى أحكامهُم على الأخْبارِ تصْحِيحًا وتضْعِيفًا، بكلامٍ مجملٍ، فظنّ أنّهم يدّعُون الغيْب، أو أنّهم يتكهّنُون!
قال أبو حاتم الرازي (1): "جاء رجلٌ من جلّة أصحابِ الرأي، مِنْ أهلِ الفهْم مِنْهم، ومعهُ دفْترٌ، فعرضهُ عليّ، فقلتُ في بعْضِها: هذا حديث خطأٌ، دخل لصاحبه حديثٌ في حديثٍ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ باطلٌ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ منكرٌ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ كذبٌ، وسائر ذلك أحاديثُ صِحاح.
فقال لي: مِنْ أيْن علِمْت أنّ هذا خطأٌ، وأنّ هذا باطلٌ، وأنّ هذا كذِبٌ؟ أخْبرك راوِي هذا الكتابِ بِأنِّي غلطتُ وأنِّى كذبتُ فِي حديثِ كذا؟.
فقلتُ لا، وما أدري هذا الجزء مِنْ رواية منْ هو؟ غير أني أعلمُ أنّ هذا خطأ، وأنّ هذا الحديث باطلٌ، وأن هذا الحديث كذبٌ.
فقال: تدّعِي الغيْب؟
قلتُ: ما هذا ادِّعاءُ الغيْبِ.
قال: فما الدليلُ على ما تقولُ؟
قلتُ: سلْ عما قلتُ منْ يُحسِنُ مثل ما أُحْسِنُ، فإِنِ اتّفقْنا، علمت أنا لم نُجازفْ، ولم نقُلْهُ إلا بِفهْمٍ.
قال: منْ هُو الذي يُحْسِنُ مثل ما تحسنُ؟
قلتُ: أبو زرعة.
(1) رواه عنه ابنه في "مقدمة الجرح والتعديل"(ص 349 - 351).
قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟
قلتُ: نعم.
قال: هذا عجبٌ. فأخذ، فكتب في كاغدٍ ألفاظي في تلك الأحاديث، ثم رجع إليّ، وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث.
فما قلتُ إنه باطلٌ، قال أبو زرعة: هو كذبٌ. قلتُ: الكذبُ والباطلُ واحدٌ. وما قلتُ إنه كذبٌ قال أبو زرعة: هو باطلٌ. وما قلتُ إنه منكر، قال: هو منكرٌ، كما قلتُ. وما قلتُ إنه صحاحٌ، قال أبو زرعة: هو صحاحٌ.
فقال: ما أعْجب هذا! تتفقانِ مِنْ غير مُواطأةٍ فيما بينكما؟ فقلتُ: فقد (1) ذلك أنا لم نُجازفْ، وإنما قُلْناهُ بعلمٍ ومعرفةٍ قد أُوتينا، والدليلُ على صحةِ ما نقولُه بأنّ دينارًا نبهرجًا (2) يُحْملُ إلى الناقد (3)، فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيِّدٌ، فإن قيل له: مِنْ أيْن قلت أن هذا نبهرج؟ هل كنت حاضرًا حين بُهْرج هذا الدينار؟ قال: لا. فإن قيل له: فأخبرك الرجلُ الذي بهْرجهُ أني بهرجتُ هذا الدينار؟ قال: لا، قيل: فمِنْ أيْن قلت إن هذا نبهرج؟ قال: علمًا رزقتُ.
وكذلك نحنُ، رُزِقْنا عِلْما لا يتهيّأُ لنا أن نُخْبِرك كيْف علِمْنا بأن هذا الحديث كذبٌ، وهذا حديثٌ منكرٌ إلا بما نعْرِفُهُ". اهـ. قلت: معْنى كلامِ أبي حاتم رحمه الله تعالى أنه قد صارتْ لهُ ولأبي زرعة وغيرهما من النُّقادِ -وهم قليلٌ كما سيأتي- "ملكةٌ" قويةٌ و"سجِيّةٌ" و"غرِيزةٌ"، يكشفون بها زيف الزائفِ، ووهم الواهِم وغيْر ذلك.
(1) هكذا في "تقدمة الجرح والتعديل"(ص 350)، والظاهر أن هنا سقطًا، لعله:"عَرَّفَكَ" أو نحو ذلك.
(2)
يعني: مُزَيَّفًا.
(3)
يعني به: الصيرفي الذي يُمَيِّزُ بين الجّيِّد والرَّدِيء من الدنانير والدراهم.
أسبابُ تحصيلِ تلك "الملكة":
وهذه "الملكةُ" لم يُؤْتوْها من فراغٍ، وإنما هِى حصادُ رِحْلةٍ طويلةٍ من الطلبِ، والسماعِ، والكتابة، وإحصاءِ أحاديثِ الشُّيُوخ، وحفظِ أسماء الرجال، وكُناهُم، وألقابِهم، وأنسابِهم، وبُلدانِهم، وتواريخِ ولادةِ الرواةِ ووفياتِهم، وابتدائهم في الطلب والسماعِ، وارتحالِهم من بلدٍ إلى آخر، وسماعِهم من الشيوخ في البلدان، منْ سمع في كل بلدٍ؟ ومتى سمِع؟ وكيْف سمِع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابُه، ثم معرفةِ أحوالِ الشُّيوخ الذين يحدث الراوي عنهم، وبلدانِهم، ووفياتهم، وأوقاتِ تحديثهم، وعادتهِم في التّحْديثِ، ومعرفةِ مروياتِ الناس عن هؤلا الشيوخ، وعرْضِ مرويات هذا الراوي عليها، واعتبارِها بها، إلى غير ذلك مما يطولُ شرْحُه.
هذا مع سعة الاطِّلاع على الأخبارِ المرويّةِ، ومعْرفِة سائرِ أحوالِ الرُّواةِ التفصِيِليّةِ، والخِبْرة بِعوائِدِ الرواة ومقاصدِهم وأغراضِهم، وبالأسبابِ الدّاعِية إلى التّساهُلِ والكذب، وبِمظِنّاتِ الخطأ والغلطِ، ومداخِلِ الخللِ.
هذا مع اليقظة التامّة، والفهْمِ الثّاقِبِ، ودقيقِ الفِطْنةِ، وامتلاكِ النّفْسِ عند الغضب، وعدمِ الميْلِ مع الهوى، والإنصافِ مع الموافقِ والمخالفِ، وغير ذلك.
وهذه المرتبةُ بعيدةُ المرامِ، عزيزةُ المنالِ، لم يبْلُغْها إلا الأفْذادُ، وقد كانوا من القِلّةِ بحيث صاروا رُؤُوس أصحابِ الحديثِ فضْلًا عن غيرهم، وأضْحتِ الكلمةُ إليهم دُون منْ سواهم.
نُدْرةُ أهْلِ النَّقْدِ ودِقّةُ منْهجِهم:
وليس ذاك الرجلُ الذي حكى أبو حاتم مجِيئهُ إليه، وعرْضهُ دفْترهُ عليه -وقد كان من أهل الفهْم من أصحابِ الرّأْيِ- بأحسن حالًا من كثيرٍ من أهل بلده وعصره فضلًا عمن بعدهم.
قال أبو حاتم (1): "جرى بيْنِي وبْين أبي زُرْعة يومًا تمييزُ الحديثِ ومعرفتُه، فجعل يذْكُرُ أحاديث ويذكرُ عِللها، وكذلك كنتُ أذكرُ أحاديث خطأ وعِللها، وخطأ الشُّيُوخ، فقال لي: يا أبا حاتم، قلّ منْ يفْهمُ هذا، ما أعزّ هذا، إذا رفعت هذا من واحدٍ واثنين فما أقلّ منْ تجد منْ يُحْسِنُ هذا. ورُبّما أشُكُّ في شيءٍ أو يتخالجُنِي شيءٌ في حديثٍ، فإِلى أن ألْتِقى معك لا أجد منْ يشْفِيني منه. قال أبو حاتم: وكذاك كان أمْرِي.
فقال ابنُ أبي حاتم: قلتُ لأبي. محمد بن مسلم [يعني: ابن وارة]؟ قال: يحفظُ أشياء عن مُحدِّثِين يُؤدِّيها، ليس معرفتُه للحديث غرِيزةً". اهـ.
وابنُ وارة حافظٌ ثبتٌ، قال ابن أبي حاتم: ثقةٌ صدوقٌ، وجدتُّ أبا زرعة يُجِلُّه ويُكْرِمُهُ. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أحفظُ من رأيتُ: ابنُ الفراتِ، وابنُ وارة، وأبو زُرْعة. وقال النسائي: ثقةٌ صاحبُ حديثٍ. وقال الطحاوي: ثلاثةٌ بالرّيّ لم يكن في الأرض مثلُهم في وقتهم: أبو حاتم وأبو زرعة وابن وارة.
ومع ذلك يقول عنه أبو حاتم: ليس معرفتهُ للحديث غريِزةً.
فأنت ترى عِزّة هؤلاءِ النّفرِ ونُدْرتهُم بيْن أهلِ زمانهم، ووُعُورة طريقتهم على أكثر الخلْقِ -وفيهم جملةٌ من المُشْتغِلين بالحديث وروايتِه- مع اطِّلاع الكثيرِ على أحْوالهم، وسعةِ حفظهم، وتوفرِ المقتضى الداعِي لفهم منهجهم، مِن القُرْبِ منهم، وإمكانيةِ الرجُوعِ إليهم، مع مشاهدة ميْدانِ الروايةِ، ومجالسِ التحديث، وأحوالِ الرواة تحمّلًا وأداءً، ودرجاتِهم في التّثبُّتِ والاحْتِياط، وغير ذلك من المجالات التي تدُورُ عليها تعْليلاتُ هؤُلاء النُّقّادِ.
فإذا كان الأمُر على نحو ما ذكرتُ، فليس مِنْ عجبٍ أن تزداد تلك الوُعُورةُ على من بعدهم، وتزداد الهُوّةُ بينهم، إلى سائر الأزمان المتأخرة، وهلُمّ جرّا إلى زماننا هذا.
(1)"تقدمة الجرح والتعديل"(ص 356).
رأْسُ مالِ النّاقِدِ:
فمِمّا ينْبِغي أن يستحضرهُ النّاظرُ في كلام النّاقد: هذا الاطِّلاع الواسع الذي سبق التنبيهُ عليه إجمالًا، ولكني هاهنا أخصُّ بالذِّكر "رأس مالِ النّاقدِ" في هذا الشأن، ألا وهو:
"الإِحْصاءُ والحِفْظ"
فأقول: كان النّاقدُ يسْتوْعِبُ أولًا ما عند شيوخ بلده من الحديثِ فيسمعُه، ويكتبُه على الوجْه، مُحْصِيًا أحاديث كُلّ شيخِ عن شيوخه، حافِطًا لتلك الأسانيِد برُواتها ومُتُونها، ورُبّما كان بعضُهم يُصنِّفُ أحاديث الشيوخ على: الأبْوابِ، كالإيمان والطهارة والصلاة ونحوها، أوْ على المسانيد، كحديث أبي هريرة، وابن عمر، وابن عباس وهكذا. فيصير الحديثُ الواحدُ عنده مخُرجًا في أكثر من باب. ولا شكّ أن في شيوخِ هذا الناقدِ من أهل بلده منْ رحلُوا، ورووْا عن شُيوخهم مِنْ هُنا وهُناك، فأصبح عند النّاقِدِ أحاديثُ بعضِ شُيوخ البلدان والأمصار.
ثم يبدأُ الناقدُ الرحلة في سماع الحديثِ والأثرِ، ويصنعُ بأحاديثِ كُلِّ شيخٍ مِمّنْ سمعهم في الرحلة مثلما صنع في أحاديث شُيوخ بلده، ولا شك أن في سماعه الجديد أشياء يسْمعُها من شيوخ شيوخ بلده، فيقارنها بما سمعه من شيوخ بلده عنهم، فمِن النُّقّادِ من يكتُبها مرّة أُخْرى، ومنهم من ينتخبُ ما يجد فيها خلافًا عما سمِعهُ من شيوخ بلده أو غيرهم، سواءٌ كان هذا الاختلافُ في الإسناد أو في المتن، وكان من أمثلة النوع الأول من هؤلاء النقاد: أبو زرعة، ومن النوع الثاني: أبو حاتم رحمهما الله تعالى.
قال ابنُ أبي حاتم (1): سمعتُ أبي رحمه الله يقول: "كنا إذا اجتمعنا عند محدثٍ أنا وأبو زرعة، كنتُ أتولّى الانْتِخاب، وكنتُ إذا كتبتُ حديثًا عن ثقةٍ لم أُعِدْهُ، وكنتُ أكتبُ ما ليس عندي. وكان أبو زرعة إذا انتخب يُكثر الكتابة، كان إذا رأى حديثًا جيدًا قد كتبهُ عن غيره أعادهُ". اهـ.
وكان الناقدُ ربما سمع من الشيخ الواحِدِ عِدّة مراتٍ بينها فتراتٌ؛ الْتِماسًا لسماعِ ما لم يسمعْه منه مِنْ قبْلُ، وكان ينتخبُ أيضًا ما فاته سماعُه فقط، فيكتبه، أما المُعادُ، فإنَّهُ يعْرِضُهُ على ما كتبه عنه أولًا؛ لاخْتِبار حالِ الشيخ في الضّبْط.
قال ابن أبي حاتم (2): سمعت أبي يقول: "كنتُ أتولّى الانْتِخاب على أبي الوليد (3)، وكنتُ لا أنتخبُ ما سمعتُ من أبي الوليد قديمًا .. فلما تيسّر لي الخروج من البصرة، قلتُ لأبي زرعة: تخرجُ؟ فقال: لا، إنك تركت أحاديث من حديثِ أبي الوليد مما كتبت عنه سمعت منه قديمًا، فكرهتُ أن أسأل في شيءٍ يكونُ عليك مُعادًا، فأنا أُقيمُ بعدك حتى أسْمع". اهـ.
وقال أبو الوليد الطَّيالسيُّ (4): قال حماد بن زيد: ما أُبالي من خالفني إذا وافقني شعبةُ؛ لأنّ شعبة كان لا يرْضى أن يسمع الحديث مرة يُعاوِدُ صاحبه مرارًا، ونحن كنا إذا سمعناه مرّةً اجتزينا به". اهـ.
وقال أبو داود الطيالسي (5): سمعتُ شعبة يقول: سمعتُ من طلحة بن مُصرِّفٍ حديثًا واحدًا، وكنتُ كما مررتُ به سألتُه عنه، فقيل له: لِم يا أبا بِسْطام؟ قال: أردتُ أن انظر إلى حِفظه، فإن غيّر فيه شيئًا تركتُه". اهـ.
(1)"تقدمة الجرح والتعديل"(ص 361).
(2)
نفسه (ص 334).
(3)
هو أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك البصري، ثقة ثبت حافظ.
(4)
"تقدمة الجرح والتعديل"(ص 168، 161)
(5)
"الكفاية" للخطيب (ص 113).