الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[722] مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج أبو المسور المدني عن أبيه:
"التنكيل"(2/ 134) قال أبو داود: "لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا وهو حديث الوتر".
قال الشيخ المعلمي: "فقد سمع من أبيه في الجملة (1)، فإن كان أبوه أذن له أن
(1) قد أطلق غير واحد من الأئمة عدم سماع مخرمة من أبيه وأنه إنما يروي من كتاب أبيه منهم: أحمد، وابن معين، وابن المديني، وابن حبان.
وهو ظاهر صنيع البخاري؛ فقد ذكر في ترجمته من "التاريخ الكبير"(8/ 16) قولَ أحمد: "سمعت حماد بن خالد الخياط قال: أخرج مخرمةُ بن بكير كتبًا، فقال: هذه كتب أبي لم أسمع منها شيئًا"
ولم يخرج البخاري لمخرمة في الصحيح شيئًا.
وتَرَدَّد أبو حاتم فلم يجزم فيه بشيء فقال، (8/ 364):"إن كان سمعها من أبيه فكل حديثه عن أبيه إلا حديثًا يحدث به عن عامر بن عبد الله بن الزبير".
وقد جاء عن مخرمة التصريح بأنه لم يسمع من أبيه شيئًا:
فقد روى غير واحد عن سعيد بن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة قال: أتيت مخرمة ابن بكير بكتاب أعرضه عليه فقال لي: ما سمعت من أبي شيئًا، وهذه كتبه.
وفي رواية: ما أدركت أبي إلا وأنا غلام (الجرح والكامل وغيرهما).
وأما ما جاء مما يدل على سماعه والجواب عنه:
أولًا: فقد روى الدولابي عن أحمد بن يعقوب: حدثنا علي بن المديني، قال: سمعت معن ابن عيسى يقول: مخرمة سمع من أبيه، وعرض عليه ربيعة أشياء من رأى سليمان بن يسار.
قال علي بن المديني: ولا أظن مخرمة سمع من أبيه كتاب سليمان، لعلَّه سمع الشيء اليسير، ولم أجد أحدًا بالمدينة يخبرني عن مخرمة بن بكير أنه كان يقول في شيء من حديثه: سمعت أبي.
ثانيًا: ما حكاه ابن أبي أويس -وهو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، ابن أخت مالك بن أنس الإمام- وقد اختلفت ألفاظ الناقلين عنه:
أ- ففي "الجرح"(8/ 364): قال أبو حاتم: قال ابن أبي أويس: وجدت في ظهر كتاب مالك: سألت مخرمة عما يحدث به عن أبيه سمعها من أبيه؟ فحلف لي وقال: ورب هذه البنية -يعني المسجد- سمعت [وفي نسخة: سمعته] من أبي.
ب- وفي "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1/ 663): قال إبراهيم بن المنذر: حدثني ابن أبي أويس قال: قرأت في كتاب مالك بن أنس بخط مالك قال: وصلت الصفوف حتى قمت إلى جنب مخرمة =
. . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن بكير في الروضة فقلت له: إن الناس يقولون إنك لم تسمع هذه الأحاديث التي تروي عن أبيك من أبيك؟ فقال: ورب هذا المنبر والقبر لقد سمعتها من أبي. ثلاثًا.
ج- وقال أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه"(1/ 442): حدثني أحمد بن صالح: قال: حدثني ابن أبي أويس قال: رأيت في كتاب مالك بخطه: قلت لمخرمة في حديث: سمعته من أبيك؟ فحلف لَسَمِعَهُ من أبيه.
ثالثا: قال أبو داود: لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث الوتر (ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (27/ 326).
أقول: أما الأمر الأول فقد أجاب عنه ابن المديني، واستبعد هذا السماع، واستظهر بأنه لم يبلغه تصريح مخرمة بالسماع من أبيه في شيء من حديثه.
وأما الأمر الثاني فالظاهر أن الأئمة لم يُعوِّلوا على حكاية ابن أبي أويس؛ لحاله في نفسه مما فيه من الضعف، ووصفه بالغفلة، ولأن له عن مالك غرائب، ولمخالفة حكايته لما جاء عن مخرمة من طرق صحيحة أنه لم يسمع من أبيه شيئًا، ولأن حكايته إنما هي وجادة، وقد اختلف النقل عنه، ففي النص (أ): وجدت في ظهر كتاب مالك. ولم يقل بخطه.
وفي (ب): قرأت في كتاب مالك بخطه.
وفيهما ما ظاهره أن السؤال كان عن أحاديثه كلها عن أبيه.
وفي (ج): السؤال عن حديث بعيَنْه.
وهذا الاختلاف مما يُضْعف الاعتماد على مثل هذه الحكاية؛ لأن لظهر الكتاب شأنًا سوى الكتاب نفسه، وهل السؤال عن سماع حديث واحد، أم عن سماع مخرمة من أبيه جملة؟ فالفرق كبير.
وقد ساق أبو حاتم تلك الحكاية، ثم قال: إن كان سمعها من أبيه .. " فلم يرها حجة في إثبات السماع، والله تعالى أعلم.
وقد علَّق الشيخ المعلمي على هذه الحكاية في "حاشية الجرح"(8/ 364) بقوله: "وِجَادَة فإذا احتيج إليها لم تُغْنِ، وإن أغنت لم يُحْتَجْ إليها".
وأما الأمر الثالث فهو يدل على سماع حديث واحد، والثابت عن مخرمة أنه أدرك أباه وهو غلام، لم يسمع منه شيئًا، وعلى ذلك جمهور النقاد من المحدثين، فاستثناء شيء من هذا الإطلاق يحتاج إلى برهان وحجة، فربما كان مستند أبي داود مجيء هذا الحديث الواحد مصرحًا فيه بسماع مخرمة من أبيص فيُنظر: هل هذا التصريح بالسماع محفوظًا أم لا؟ فكم من صيغٍ للاتصال في الأسانيد لم يَعْبَأ بها النقاد؛ لاستقرار العلم بالانقطاع، وقد اعتنى ابن المديني بهذا الأمر، فلم يجد أحدًا ينقل سماع مخرمة من أبيه - كما مَرَّ نقلُه. =