الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المعلمي: "كان ابن عيينة بمكة والقطان بالبصرة، ولم يحج القطان سنة سبع فلعله حج سنة ست، فرأى ابن عيينة قد ضعف حفظه قليلًا، فربما أخطأ في بعض مظان الخطأ من الأسانيد، وحينئذٍ سأله فأجابه كما أخبر بذلك عبد الرحمن ابن بشر، ثم كأنه بلغ القطان في أثناء سنة سبع أو أوائل سنة ثمان أن ابن عيينة أخطأ في حديثين فعد ذلك تغيرًا، وأطلق كلمة "اختلط" على عادته في التشديد.
وقد كان ابن عيينة أشهر من نار على علم، فلو اختلط الاختلاط الاصطلاحي لسارت بذلك الركبان، وتناقله كثير من أهل العلم وشاع وذاع، وهذا "جزء محمد بن عاصم" سمعه من ابن عيينة في سنة سبع، ولا نعلمهم انتقدوا منه حرفًا واحدًا (1)، فالحق أن ابن عيينة لم يختلط، ولكن كبر سنه فلم يبق حفظه على ما كان عليه، فصار ربما يخطىء في الأسانيد التي لم يكن قد بالغ في إتقانها كحديثه عن أيوب، والذي يظهر أن ذلك خطأ هين، ولهذا لم يعبأ به أكثر الأئمة ووثقوا ابن عيينة مطلقًا". اهـ.
[309] سفيان بن وكيع بن الجرّاح الرؤاسي أبو محمد الكوفي:
في ترجمته من "التنكيل"(100) قال الشيخ المعلمي:
"في "تاريخ بغداد" (13/ 379) عنه قال: جاء عمر بن حماد بن أبي حنيفة فجلس إلينا فقال: سمعت أبي حمادًا يقول: بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة فسأله عن القرآن
(1) جزء محمد بن عاصم -وهو الأصبهاني- مطبوع عن نسختين خطيتين، وهو عبارة عن أحاديث لمحمد عن شيوخٍ له، آخرهم سفيان بن عيينة، قال محمد (ص 145): "وسمعت ابن عيينة سنة سبع وتسعين ومائة وأنا مَحْرَمٌ لبعض النساء، ومن حَجَّ بعدي لم يره، مات سنة ثمان وتسعين ومائة، قال: وسمعت سفيان بن عيينة يقول: عاصم عن زِرّ يقول: أتيت صفوان بن عسَّال المرادي، فقال لي: ما جاء بكَ؟ قلت: جئت ابتغاء العلم .. الحديث.
وخرَّج محقق الجزء المذكور هذا الحديث، وذكر متابعة سبعة لمحمد بن عاصم عن سفيان، وكذا متابعة عشرة لابن عيينة عن عاصم -وهو ابن أبي النجود- ولم يذكر محمد بن عاصم عن ابن عيينة سوى هذا الحديث، ولا ذكر عنه اختلاطًا ولا تغيرًا. وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة ابن عيينة من "السير"(8/ 469 - 470).
فقال: مخلوق .. قال الأستاذ "يعني الكوثري"(ص 57)"من التأنيب": "كان وراقه كذابًا يُدخل في كتبه ما شاء من الأكاذيب فيرويها هو، فنبهوه على ذلك وأشاروا عليه أن يغير وراقه فلم يفعل، فسقط عن مرتبة الاحتجاج عند النقاد".
أقول: حسّن الترمذيُّ بعض أحاديثه (1)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (2) وقال:"كان شيخًا فاضلًا صدوقًا إلا أنه ابتلي بورّاق سوء .. (3) وهو من الضرب الذين لأن يخر أحدهم من السماء أحب إليهم من أن يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم"(4) وذكر له ابن عدي خمسة أحاديث معروفة إلا أن في أسانيدها خللًا ثم قال: "إنما بلاؤه أنه كان يتلقن، يقال: كان له وراق يلقنه من حديث موقوف فيرفعه، أو مرسل يوصله، أو يبدل رجلًا برجل"(5).
والحكاية التي ساقها الخطيب ليست من مظنة التلقين، ولا من مظنة الإدخال في الكتب، فإذا صح أن هذا الرجل صدوق في نفسه لم يكن في الطعن فيه بقصة الورّاق
(1) في تقويته بتحسين الترمذي لحديثه نظرٌ، مع ما فيه من الكلام، كما سيأتي.
(2)
ليس في "الثقات"، وإنما هو في "المجروحين"(1/ 359).
(3)
بقية كلامه: "كان يُدخل عليه الحديث، وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع، فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك، وكان ابن خزيمة يروي عنه، وسمعته يقول: ثنا بعض مَنْ أمسكنا عن ذكره".
وقد اختصر الحافظ ابن حجر هذا في "تهذيبه" فلم يذكره، وقد قال: قال ابن حبان. فظنه المعلمي في "الثقات" وليس كذلك، كما مضى التنبيه عليه.
(4)
بقيته: ولكنهم أفسدوه، وما كان ابن خزيمة يحدث عنه إلا بالحرف بعد الحرف.
(5)
ليس هذا فحسب، بل قال البرذعي (ص 404) "سؤالته": "قلت لأبي زرعة: سفيان بن وكيع كان يتهم بالكذب؟ قال: الكذب بس! ثم قال لي أبو زرعة: كتبتَ عنه شيئًا؟ قلت: لا. قال: استرحتَ.
قال أبو زرعة: كان وراقه نقمة، كان يعمد إلى أحاديث من أحاديث الواقدي فيجيء بها إليه فيقول: قد أصبت أحاديث عن أسامة بن زيد وفلان وفلان، فاكتبها بخطك حتى تدخلها في الفوائد، فتحملها على الشيوخ الثقات، حتى قال يومًا: قد بلغت الفوائد ألفي حديث. قلت: حديث أسامة بن زيد في "الهريسة" من ذاك؟ قال: نعم. اهـ.
وقد قال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وأبو زرعة، وتركا الرواية عنه. "الجرح"(4/ 231).