الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
172 - باب إذا رأى الإمام رجلًا جاء وهو يخطب أمره أن يصلّي ركعتين
قال (ح): قولهم كان خاصًا يجاب بأن الأصل عدم الخصوصية (820)
قال (ع): نعم لكن إذا كان لم يكن هناك قرينة، والقرينة هنا أنّه كان في هيئة فأراد بقوله:"قُمْ فصَلِّ" أن يراه النَّاس فيصدقوا عليه، وقيل: أنّه كان عريانًا (821).
وقال (ح): وأمّا إطلاق من أطلق أن التحية تفوت بالجلوس فقد حكى النووي عن المحققين أن ذلك في حق العامل العالم بخلاف الجهال والناسي (822).
قال (ع): هذا حكم بالإحتمال، وإذا كان الإحتمال لم ينشأ عن دليل كان لغوًا (823).
قال (ح): وادعوا أنّه صلى الله عليه وسلم لما خاطب سليكًا سكت عن خطبته حتّى فرغ سليك من صلاته، الخبر الوارد في ذلك ضعيف (824).
قال (ع): هو مرسل والمرسل عندهم حجة (825).
(820) فتح الباري (2/ 408).
(821)
عمدة القاري (6/ 232 - 233).
(822)
فتح الباري (2/ 408).
(823)
عمدة القاري (6/ 233).
(824)
فتح الباري (2/ 409).
(825)
عمدة القاري (6/ 232).
قال (ح): ودعوى ابن العربي أنّه صلى الله عليه وسلم لما تشاغل بمخاطبة سليك سقط عن سليك فرض الإِستماع إِذ لم تكن حينئذ خطبة، هذا من أضعف الأجوبة لأنّ المخاطبة لما انقضت رجع صلى الله عليه وسلم إلى خطبته وتشاغل سليك بامتثال ما أمره به، فصح أنّه صلّى في حال الخطبة (826).
قال (ع): يرده ما ورد في الحديث أنّه أمسك عن خطبته حتّى فرغ من صلاته (827).
وقال (ح): أجاب بعضهم بأن هذه القصة كانت قبل الشروع في الخطبة بدليل رواية مسلم والشعبي صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، وجوابه أن القعود لا يختص بالإِبتداء بل يحتمل أن يكون وقع بين الخطبتين (828).
قال (ح) الأصل ابتداء قعوده، وأمّا زمن الخطبتين لا يسع جميع القصة (829).
وقال (ح) أيضًا: على تقدير أن يكون في القعود الأوّل فيستوي زمن القعودين ويصح أن المخاطبة وقع بعضها في حال الخطبة، ويحتمل أن يكون الراوي تجوز في قوله قاعدًا (830).
قال (ع): الأصل عدم التجوز (831).
وقال (ح) أيضًا: قالوا كذلك قبل تحريم الكلام في الصّلاة، ورد بأن إِسلام سليك متأخر عن ذلك الزّمان (832).
(826) فتح الباري (2/ 409).
(827)
عمدة القاري (6/ 233).
(828)
فتح الباري (2/ 409).
(829)
عمدة القاري (6/ 233).
(830)
فتح الباري (2/ 409).
(831)
عمدة القاري (6/ 233).
(832)
فتح الباري (2/ 410).
قال (ع): لم يدعوا أن القصة متأخرة، كذا قال (833).
وقال (ح) أيضًا: اتفقوا على أن منع الصّلاة في الأوقات المكروهة يستوي فيه من كان داخل المسجد وخارجه، واتفقوا على أن من كان داخل المسجد يمتنع عليه التَّنَفّل حال الخطبة فليكن الداخل كذلك، كذا قال وهو قياس في مقابلة النص (834).
قال (ع): لم يبن الطحاوي كلامه على القياس حتّى يكون ما قاله قياسًا في مقابلة النص (835).
قال (ح): اتفقوا على أن الداخل والإمام في الصّلاة تسقط عنه التحية، والخطبة صلاة فتسقط، وتعقب بأن الخطبة ليست صلاة من كلّ وجه، والداخل مأمور بشغل البقعة بالصلاة قبل جلوسه بخلاف الداخل في حال الصّلاة لأنّه مأمور بالصلاة (836).
قال (ع): لم يدعوا أن الخطبة صلاة من كلّ وجه، قالوا: صلاة لأنّ الصّلاة قصرت لمكانها، فمن هذه الجهة يستوي الداخل والآتي (837).
وقال (ح) أيضًا: قال: اتفقوا على أن التحية تسقط عن الإمام مع كونه يجلس على المنبر، وكذا تقدّم الكلام في الخطبة دون المأموم، فيكون ترك المأموم التحية بطريق الأولى، وتعقب بأنّه قياس في مقابلة النص (838).
(833) عمدة القاري (6/ 233).
(834)
فتح الباري (2/ 410).
(835)
عمدة القاري (6/ 233) وفي النسخ الثلاث "إنّما بنى الطحاوي" وهو خطأ صححناه من عمدة القاري.
(836)
فتح الباري (2/ 410).
(837)
عمدة القاري (6/ 234).
(838)
فتح البارى (2/ 410).
قال (ع): إنّما يكون القياس في مقابلة النص فاسدًا إذا كان النص سالمًا عن المعارض وليس كذلك حديث سليك، كذا قال (839).
وقال (ح) أيضًا: قالوا: لا نسلم أن المراد بالركعتين اللتين أمر بهما سليك التحية بك يحتمل أن يكون صلاة فائتة كالصبح، وقد تولى رد ذلك ابن حبّان فقال في صحيحه: لو كان كذلك لم يتكرر أمره له بذلك مرّة بعد أخرى (840).
قال (ع): أخذ هذا من ابن المنير المالكي فإنّه قال: لعلّه صلى الله عليه وسلم كان كشف له عن سليك أن عليه صلاة فائتة فاستفهمه ملاطفة له، ولو كان أراد التحية لما استفهمه لأنّه رآه لما دخل (841).
قال (ع): وهذه تقوية جيدة بانصاف، وما نقله عن ابن حبّان ليس بشيء، لكن تكراره يدلُّ على أنّه أمره به من الصّلاة الفائتة لأنّ التكرار لا يحسن في غير الواجب (842).
وقال (ح) أيضًا ناقلًا عن شارح التّرمذي: كلّ من نقل عنه منع الصّلاة والإِمام يخطب محمول على من كان داخل المسجد لأنّه لم يقع عن أحد التصريح بمنع التحية (843).
قال (ع): قد ذكرنا ما أخرج عن عقبة بن عامر أن الصّلاة والإِمام على المنبر معصية، فكيف يقول: لم يثبت عن أحد ما يخالف ذلك وأي مخالفة تكون أقوى من هذا، وأي تصريح أتقن من هذا، ولو كان عقبة قال هو
(839) عمدة القاري (6/ 234).
(840)
فتح الباري (2/ 410).
(841)
عمدة القاري (6/ 235).
(842)
عمدة القاري (6/ 236).
(843)
فتح الباري (2/ 411).
مكروه لكان صريحًا فضلًا عن قوله معصية (844).
قلت: إنّما نفى التصريح وليس هذا صريحًا لأنّه يجوز أن يحمل على من كان داخلًا لو ثبت ويحتمل أن يحمل على من صلّى والإِمام يخطب ممّن كان في المسجد قبل أن يخرج الإمام، ومن جاء بعد وصلّى التحية ثمّ جلس، ثمّ قام يصلّي في أثناء الخطبة كما يصنعه كثير من النَّاس في أثناء الخطبة الثّانية، والغرض أنّه غير ثابت لأنّه من رواية ابن لهيعة.
قال (ع): ما لابن لهيعة؟ قد قال أحمد: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه؟ انتهى (845).
ومن يصل في التعصب إلى نقل ما قيل في الراوي من التوثيق، ويسكت عما قيل فيه من التجريح يسقط الكلام معه لارتكابه الصعب مع قولهم إنَّ الجرح مقدم على التعديل، بل إذا كان مفسرًا، والواقع أن في ابن لهيعة من القدح المفسر ما يمتنع معه الاحتجاج به إذا انفرد.
قال (ح): أيضًا: نقل الطحاوي عن عبد الله بن صفوان أنّه دخل المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن، ثمّ سلم عليه، ثمّ جلس، قال: وهما صحابيان فلم ينكر ابن الزبير على صفوان ولا من حضر، دل على ما قلناه، كذا قال، وتعقب أن تركهم النكير لا يدلُّ على تحريمها بل يدل على عدم وجوبها (846).
قال (ع): هذا التعقب مردود لأنّه من ادعى تحريمها حتّى يرد ما استدل به الطحاوي ولم يقل هو ولا غيره بالحرمة، وإنّما قالوا: إنّما الداخل
(844) عمدة القاري (6/ 235).
(845)
عمدة القاري (6/ 235).
(846)
فتح الباري (2/ 411).
ينبغي أن يجلس ولا يصلّي إذا كان الإمام يخطب، وقال أيضًا: المراد بحديث عقبة أنّه معصية مبالغة (847).
وقال (ح) أيضًا: يندفع جيمع ما احتجوا به بعموم حديث أبي قتادة في الصحيحين: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ اْلمَسْجدَ فَلَا يَجْلِسَ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ".
قال النووي: هذا نصّ لا يتطرق إليه التّأويل (848).
قال (ع): قد أجبنا عن هذا بأنّه عام مخصوص، وفرق بين التّأويل والتخصيص، فإن أحدًا من المانعين لم يقل إنّه مؤول، وإنّما قالوا: مخصوص (849).
وقال (ح) أيضًا: في حديث الباب جواز صلاة التحية في الأوقات المكروهة لأنّها إذا لم تسقط في الخطبة مع الأمر بالإِنصات فغيرها أولى.
قال (ع): حديث عقبة بن عامر: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلّي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشّمس بازغة .... "
الحديث رواه مسلم والأربعة، وعمومه يمنع سائر الصلوات، فهذه الأوقات من الفرائض والنوافل، وصلاة التحية من النوافل، كذا قال (850) من.
(847) عمدة القاري (6/ 235).
(848)
فتح الباري (2/ 411).
(849)
عمدة القاري (6/ 235).
(850)
عمدة القاري (6/ 235).