الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41 - باب من خص بالعلم قومًا دون قوم
في شرح حديث معاذ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبهِ إِلَّا حَرَّمَهُ الَّلهُ عَلى النَّارِ" بعد ذكر الإشكال وهو ثبوت دخول جماعة من عصاة الموحدين النّار ثمّ يخرجون بالشفاعة، ونقل عنه أجوبة:
منها: أن ذلك كان قبل نزول الفرائض والأمر والنهي، قال: وفيه نظر يعني هذا الجواب الأخير، لأنّ مثل هذا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وصحبته متأخرة عن نزول أكثر الفرائض.
وقد أورد من حديث أبي موسى عند أحمد بسند حسن، وكان قدومه في السنة الّتي قدم فيها أبو هريرة (291).
قال (ع): في هذا النظر نظر، لأنّه يحتمل أن يكون ما رواه أبو هريرة وأبو موسى عن أنس كلاهما روياه عنه قبل نزول أكثر الفرائض، ووقعت روايتهما بعد نزول أكثر الفرائض. انتهى (292).
كذا رأيت بخط من قرأ على هذا المعترض وصحح له نسخته وهو تركيب قلق، وكأنّه أراد احتمال أن يكون أبو هريرة وأبو موسى تحملا ذلك ممّن تحمله قبل نزول أكثر الفرائض، فإن كان هذا مراده فهو مردود لأن سياق
(291) فتح الباري (1/ 226).
(292)
عمدة القاري (2/ 208).
مسلم صريح في أن أبا هريرة تحمله من النّبيّ صلى الله عليه وسلم بغير واسطة فطاح الاحتمال، وبقي النظر على حالة وهو يقتضي وهي ذلك الجواب وقوة غيره، وهذا هو المدعى.
قال (ح) في الكلام على قوله في آخر هذا الحديث: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا، قال الكرماني: الضمير في موته يرجع إلى معاذ، ويحتمل أن يرجع إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال بعضهم: وأغرب الكرماني حيث جوز عود الضمير إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويرده ما رواه أحمد في مسنده بسند صحيح إلى جابر قال: أخبرني من شهد معاذًا حين حضرته الوفاة يقول: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لم يمنعني أن أحَدِّثكموه إِلَّا مخافة أن تتكلوا
…
فذكر الحديث (293).
قال (ع) هذا لا يردّ ما قال الكرماني لأنّه يحتمل أن يكون معاذًا أخبر به
عند موت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأخبر به أيضًا عند موت نفسه فلا منافاة بينهما (294).
قلت: الرِّواية الّتي بعدها صريحة في النّهي (295).
قال (ع): لا نسلم أن النّهي صريح فيه، وإنّما فهم النّهي من كلّ من الحديثين بدلالة النص (296).
قلت: لا صراحة في الأوّل، وأمّا الثّاني فلفظه قال: ألا أبشر النَّاس؟ قال: "لاِ إِنِّي أخَافُ أن يَتِّكِلُوا" فقوله: "لا"، في جواب المعرض نفي، وقد قال هذا المعترض في آخر كلامه على هذا الحديث: قوله: قال-: "لَا أَخَافُ
(293) فتح الباري (1/ 226).
(294)
عمدة القاري (2/ 208).
(295)
فتح الباري (1/ 227).
(296)
عمدة القاري (2/ 208)
أن يَتَّكِلوُا" كلمة (لا) للنهي وليست داخلة على أخاف، بل استانف قوله أخاف .... الخ (297).
قال (ح) في الكلام على:
(297) عمدة القاري (2/ 209 - 210).