الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
51 - باب النّهي عن الإِستنجاء باليمين
عبر بالنهي إشارة إلى أنّه لم يظهر له هل هو للتحريم أو للتنزيه؟ أو لأن القرينة الصارفة له عن التّحريم لم تظهر له (334).
قال (ع): هذا كلام فيه خبط لأنّ في الحديث: "وإِذَا أتَى الْخَلَاءَ فلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بيَمِينِهِ" فلابد من التعبير بالنهي وإما أنّه للتحريم أو التنزيه فأمر آخر (335).
قلت: أراد الشارح الأمر الآخر فنبه على أن السبب في العدول عن الجزم بالحكم بأن يقول: باب تحريم الإستنجاء باليمين أو كراهة الإِستنجاء باليمين احتمال أنّه لم يظهر له الحكم فاقتصر على لفظ النّهي الصالح لكل منهما، وقذ ذكر الشارح اختلاف العلماء في الحكم المذكور وأن الجمهور على أنّه للتنزيه، وأن الظاهرية وبعض الشّافعيّة والحنابلة قالوا: إنّه للتحريم
قال (ح) في الكلام على حديث الباب، وقد أبدى الخطابي هنا بحثًا وبالغ التبجح به، وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنّه ناظر رجلًا من فقهاء خراسان فيه فعجز، ومحله أن المستجمر متى استجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه، ومتى أمسكه بيساره استلزم اسجماره بيمينه وكلاهما منهي عنه.
وأجاب الخطابي بأنّه يقصد الجدار ونحوه فيأمن من المحذور، فإن لم
(334) فتح الباري (1/ 253).
(335)
عمدة القاري (2/ 294).
يتيسر فيلصق مقدمته بالأرض ويمسك ما يستجمر به بين عقبيه ويستجمر بيساره. انتهى.
وهذه هيئة منكرة بل يتعذر فعلها غالبًا، وقد تعقبه الطيبي بأن النّهي عن الإستنجاء باليمين مختص بالدبر، والنهي عن المس مختص بالذكر، قال: فبطل الإِيراد من أصله كذا قال: وفيه نظر لأنّه سلم الإِيراد وادعى التخصيص والأصل عدمه، والمس إن كان يختص بالذكر الذي يلحق به الدبر قياسًا، والتنصيص على الذكر لا مفهوم له بل فرج المرأة ذلك، وإنّما خص الذكر بالذكر لكون المخصوص غالبًا هم الرجال، والصواب في الصورة الّتي أوردها الخطابي ما قاله إمام الحرمين ومن تبعه كالغزالي في الوسيط والبغوي في التهذيب أنّه يمر العضو بيساره على شيءٍ يمسكه بيمينه.، ويمينه قارة غير متحركة فلا يعد مستجمرًا باليمين. ولا ماسًّا ذكره بها بل هو كمن صب بيمينه الماء على يساره حال الإِستنجاء (336).
قال (ع): قوله في الحديث: ولا يستنجي بيمينه يردّ على الطيبي دعواه الإختصاص، وقال بعضهم: الذي ذكره الخطابي هيئة منكرة، والصواب ما قاله إمام الحرمين، دعوى فاسدة، فإن الاستجمار بالجدار لا شناعة فيه، وتصويب ما قاله هؤلاء إنّما يمشي في استجمار الذكر وأمّا في الدبر فلا (337).
قلت: لم ينكر الشارح الاستجمار بالجدار إنّما أنكر الهيئة المذكورة بعده واعتراضه على الهيئة الّتي ذكرها الغزالي وغيره بأنّها لا تتمشى في استجمار الدبر لا يردّ. عليهم لأنّهم إنّما فرضوها في الذكر كما فرضها الخطابي، والهيئة الّتي ذكروها لا إيراد عليها، وأمّا الدبر فلا يتأتي معه الملازمة المذكورة إذ لا تحتاج عند الاستجمار إلى إمساك بيمين ولا يسار بل يستجمر بيده اليسرى
(336) فتح الباري (1/ 253 - 254).
(337)
عمدة القاري (2/ 296).
فقط، ويصب الماء بيمينه من آلة كالإبريق أو غيرها فينبغي للناظر في كلام الشارح والمعترض إذا كان ينصف بصفة المنصف أن يفصح بالحق ويذكر المصيب من هذين وأي الفريقين أهدى سبيلا؟!
قال (ح) في الكلام عليه، وقع لي رواية الإسماعيلي لا يمس فاعترض على ترجمة البخاريّ بأن المس أعم من الإمساك فكيف يستدل بالأعم على الأخص؟! (338).
قال (ع): هذا الإِعتراض هذا كلام وَاهٍ، وليس في كلام البخاريّ ذكر المس فكيف يعترض عليه وهذا كلام فيه خباط؟! (339).
قلت: حذف من كلام الشارح بعد قوله على الأخص، ولا إيراد على البخاريّ لما بيناه وكان سبق له بيان ما تحصل منه الجواب وهو قوله.
قال (ح). في الكلام. على:
(338) فتح الباري (1/ 255).
(339)
عمدة القاري (2/ 297) وفي تعليق الحافظ ابن حجر على عنوان الباب كلام رده العيني (2/ 296 - 297) فتعرض لذلك البوصيري في مبتكرات اللآلي والدرر (ص 43) فراجعه.