الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
239 - باب من انتظر حتّى تدفن
أورد الحديث بلفظ: "وَمَنْ شَهدَ حَتَّى تُدْفنَ" فسأل الزين بن المنير لم عدل عن لفظ الشهود إلى الإِنظار، وَأجاب بأنّه أشار إلى أن المقصود إنّما هو معاضدة أهل الميِّت والتصدي لمعونتهم، وذلك من الأمور المعتبرة.
قال (ح): والذي يظهر لي أنّه اختار لفظ الإنتظار لكونه أعم من المشاهدة فهو أكثر فائدة، وأشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الإِنتظار ليفسر اللّفظ الوارد بالمشاهدة به.
ولفظ: الإِنتظار وقع في رواية معمر عند مسلم.
وقد ذكر البخاريّ سندها ولم يسق اللّفظ هنا (1087).
قال (ع): في الجوابين نظر لأنّه لو عاضد أهل الميِّت وتصدى لمعونتهم ولم يصل لا يستحق القيراط الموعود به، ولا نسلم أن الإنتظار أعم في المشاهدة لأنّه ليس بين مفهوميهما عموم وخصوص (1088).
والجواب الثّالث فإن (ح) قد ذكره كما ترى، وتراه ظن أن كتاب (ح) يفقد من الوجود فلا يطلع أحد على ما يصنعه من أخذ كلامه وادعائه لنفسه ثمّ يبرزه في قالب الإِعتراض ما هذه الأعجوبة، وأعجب منها أنّه لا يزال ينكر على من يقول في التوفيق بين الحديث والترجمة إشارة إِلى ما ورد في بعض طرقه وقد أثبت ما نفاه، ولا يقال لعلّه رجع، فإنّه لم يزل على رأيه في الإِنكار
(1087) فتح الباري (3/ 196).
(1088)
عمدة القاري (8/ 129) وانظر مبتكرات اللآلي والدرر (ص 120).
إلى أواخر الكتاب، وفي أثناء ذلك يثبت ما ينكره وهو لا يشعر.
قوله: "مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلي فَلَهُ قِيرَاطٌ".
قل (ح): مقتضى كما وقع من الروايات الّتي وقع فيها التقييد بابتداء الحضور من أهلها أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إِلى انقضاء الصّلاة، وبذلك صرح المحب الطّبريّ وغيره.
والذي يظهر لي أن القيراط يحصل لمن صلّى فقط دون قيراط من شيع مثلًا وصلّى، وهذا دون من حضر التكفين مثلًا واستمر إلى أن صلّى وهو دون من حضر من أول الأمر إِلى آخبر الصّلاة.
وقد وقع في صحيح مسلم ما يدلُّ في أن القراريط تتفاوت، ولا شك في تفاوت الأجر بتفاوت العمل كما في المجيء يوم الجمعة في السّاعة الأولى وما بعدها (1089).
قال (ع): في قوله: لأنّ كلّ ما قبل الصّلاة وسائل فيه نظر لأنّ كلّ ما قبل الصلاة ليس لأجل الصّلاة وإنّما لها، ولمعاضدة أهل الميِّت ومعونتهم وإظهار الخدمة لهم تطييبًا لقلوبهم، والشارع قد نصّ على أن الذي يصلّي فقط يحصل له القيراط (1090).
قال (ع): والقول المذكور في تفاوت القيراط تحكم وهذا بخلاف الجمعة، فإن الإِختلاف فيه ليس في شيء بعينه (1091).
قلت: المراد بالوسائل أنّها وسائل لتحصيل القيراط، فإنّه لو فعل جميع ذلك ثمّ عند الصّلاة لم يصل لم يحصل إِلَّا بالمجموع حمل المطلق على المقيد
(1089) فتح الباري. (3/ 197).
(1090)
عمدة القاري (8/ 130).
(1091)
عمدة القاري (8/ 130).
وهو محتمل، لكن الذي قلته أيضًا محتمل لأنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا وهو من أعمال صالحة مرغبة فيها.
ثمّ نقول لهذا المعترض: إن قلت: المطلق محمول على المقيد لزمك أن من صلّى فقط لا يحصل له القيراط، وقد صرحت أنت بأنّه يحصل له، فنقول: إن من صلّى فقط هو مضاف إِلَّا ما قبل الصّلاة ما ذكر من الأعمال هل هما سواء في الأجر؟
فإن قلت: نعم كانت مكابرة.
وإن قلت: لا رجع إلى أن الخلاف كان لفظيًا، لأنك تقول يحصل بالصلاة قيراط وبما تقدّم شيء آخر، ونحن نقول: يحصل بالصلاة ما يطلق عليه اسم قيراط وبانضمام ما تقدّم قيراط أكمل من ذلك، فأي الغالبين [كذا في النسخ الثلاث وأظنه القائلين] أقرب إلى موافقة إطلاق الخبر الوارد في ذلك، فإنّه لم يعبر في جميع الطرق إِلَّا بلفظ القيراط، وبمثل هذا بعينه.
قوله: في الدفن إن مشى إلى المصلّى واستمر إلى أن فرغ الدفن فله قيراط كامل، وإن شهد الدفن فقط فله قيراط دونه ومن شهد الدفن ومعه شيء آخر ممّا قبل ذلك فهو وسط بينهما، وأمّا تسمية ما ذكر من تفاوت الأجر بتفاوت العمل والتمثيل بالسابق إلى الجمعة فالسابق، فمن اطلع على مراده فإن الإِختلاف ليس في شيء بعينه فليتصد لجوابه فإن الفروع في الجواب مفرع على صحة تجويز القول، وقوله هذا ليس محررًا.