الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
52 - باب لا يستنجي بروث
في شرح حديث ابن مسعود: فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدتُ حجرين والتمست الثّالث فلم أجده فأخذتُ روثة، فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال:"هَذَا رِكْسٌ".
استدل الطحاوي به على عدم اشتراط الثّلاثة، قال: لأنّه لو كان شرطًا لطلب ثالثًا، وغفل عما أخرجه أحمد في مسنده من طريق معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن ابن مسعود في هذا الحديث فإن فيه: فألقى الروثة وقال: "هَذَا ركْسٌ ائْتِني بحَجَرٍ" ورجاله ثقات أثبات وقد تابع معمرًا عليه أبو شيبة الواسطي أخرجه الدارقطني وتابعهما عمار بن زريق أحد الأثبات عن أبي إسحاق (340).
قال (ع): لم يغفل الطحاوي عن ذلك، وإنّما الذي نسبه إلى الغفلة هو الغافل، وكيف يغفل ذلك وقد ثبت عنده عدم سماع أبي إسحاق من علقمة فهو عنده منقطع لا يرى العمل به وأبو شيبة الواسطي ضعيف فلا يعتبر بمتابعته فالذي يدعي صنعة الحديث كيف يرضى بهذا الكلام؟! (341).
قلت: هذا الكلام .... أما استبعاده غفلة الطحاوي مع قوله أنّه ثبت عنده عدم سماع أبي إسحاق من علقمة فلا ملازمة بينهما إذ قد يعرف
(340) فتح الباري (1/ 257)،
(341)
عمدة القاري (2/ 305) وانظر (الباب 60 الآتي)
أن أبا إسحاق لم يسمع من علقمة ولا يعرف أنّه روى عنه هذا الحديث بعينه بل لو عرفه لأورده بالإِنقطاع لو كان كما زعم هذا المعترض مع أن هذا الانقطاع لا يقدح عند الطحاوي في صحة الحديث لما. . . . . . . . . . . . (342)
وأمّا دعواه أن متابعة أبي شيبة لا يعتبر بها لضعفه فماذا يصنع في متابعة عمار الثقة مع أن المتابعات قد يقصد بها الإِعتضاد وبالأصالة وقد يقصد بها تكثر الطرق ليرجح بها عند الحاجة، مع أن معمرًا مستغن عن المتابع فذكر التتابع زيادة قوة، وصاحب الحديث لا يضره الرضى بهذا الكلام بل الذي يرد هذا الكلام هو الذي لا معرفة له بصناعة الحديث.
ثمّ نقل هذا المعترض عن ابن القصّار المالكي أنّه قال: روي أنّه أتاه بثالث ولا يصح، ولو صح فالإِستدلال به لمن لا يشترط الثّلاثة قائم لأنّه اقتصر في الموضعين على ثلاثة فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة (343).
قلت: ارتضى هذا المعترض كلام ابن القصّار ونفيه الصِّحَّة لا يستلزم نفي ما دونها وهو الحسن، ووجوده كان في الاحتجاج وما ادعاه من قيام الإِستدلال بالذي ذكره
…
الخ ممنوع.
قال (ح) أيضًا: وفي استدلال الطحاوي نظر أيضًا فإن لم تثبت الرِّواية بطلب الثّالث فلعلّ الصحابي اكتفى بطرف أحدهما عن الثّالث لأنّ المقصود بالثلاث أن يمسح ثلاث مسحات وهي تحصل بطرف واحد ثمّ جاء شخص آخر فمسح بطرفه الآخر أجزأهما بلا خلاف (344).
قال (ع): نظره مردود عليه لأنّ الطحاوي استدل بصريح النص لما ذهب إليه فلا يدفع بالإحتمال البعيد والإِكتفاء المذكور ينافيه اشتراطهم
(342) هكذا هو بياض في النسخ الثلاث.
(343)
عمدة القاري (2/ 305).
(344)
فتح الباري (1/ 257).
العدد في الأحجار لأنّهم يستدلون للإِشتراط بحديث ولا يجزئ بأقل من ثلاثة أحجار، فقوله: وذلك حاصل ولو بواحد مخالف لصريح الحديث، وهل الإِستدلال بما استدل به إِلَّا مكابرة وتعنت، ومن أمعن النظر عرف أن الحديث حجة عليهم (345).
قلت: نقول بموجب ما قال من إمعان النظر فنقول: وجدنا الأمر باشتراط الثلاث لأنّه مقتضى الحديث الذي فيه ولا يجزئ بأقل من ثلاث، واستنبطنا من هذا النص معنى يعممه وهو أن المقصود ثلاث مسحات بمسمى ثلاثة أحجار، والمسحات تحصل بما ذكرنا ووجدنا من أجزأ بأقل من ثلاث تمسك بالسكوت عن طلب الثّالث، وزعم أنّه يدلُّ على أنّه اجتزأ بالإِثنين ولا يلزم من السكوت الإِجزاء، وعلى تقدير التسليم فيتعارض العقل وصريح الأمر أو يفرض أن لا دلالة في السكوت، فما الجواب عن دلالة النّهي بعدم الإِجزاء بدون الثلاث.
قال (ح) في والكلام على:
(345) عمدة القاري (2/ 305).