الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة
قال (خ): في قول سعد إنِّي لا أراه مؤمنًا: وقع بضم الهمزة هنا في رواية أبي ذر وغيره، وكذا في الزَّكاة وفي رواية الإِسماعيلي وغيره.
وقال القرطبي: جازمًا به، وهو بمعنى أظنه.
وقال النووي: بفتحها بمعنى أعلمه، ولا يجوز ضمها لقوله بعد ذلك ثمّ غلبني ما أعلم منه، ولأنّه راجع النّبيّ صلى الله عليه وسلم مرارًا، فلو لم يكن جازمًا بإعتقاده لما تكرر. انتهى (94).
ولا دلالة فيما ذكر على تعين الفتح لجواز إطلاق العلم على الظن في مثل هذا كقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} لكن لا يلزم من إطلاق العلم أن لا تكون مقدماته ظنية فيكون نظريًا لا يقينيًا (95).
قال (ع): بل الذي ذكره يدلُّ على تعيين الفتح لأنّه أقسم وأكد، واللام وصاغة في صور الإسمية، وراجع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ونسب العلم بنفسه فدل على أنّه كان جازمًا باعتقاده، واللزوم الذي ذكره (ح) لا يساعده لأنّ سعدًا كان وقت الأخبار عالمًا (96).
قلت: انظروا في تحامله وأي السبيلين أولى بالقبول من يوصل إلى الجمع بين الأمرين أو من اقتصر على أحدهما، لأنّ محصل الكلام أن سعدًا
(94) شرح النووي على صحيح البخاريّ (ص 172).
(95)
. فتح الباري (1/ 80).
(96)
عمدة القاري (1/ 194).
ذكر أوَّلًا بأن جزمه هو من أصل ظني لأنّه لا اطلاع له على الباطن ولكنه لما انضمت إلى ظنه القرائن قوي ظنه حتّى صار علمًا، فأطلق قوله لا أعلم منه ولولا أن غير السخط يتغطى لما نازع أحد في أن الآية الّتي استدل (ح) بها مطابقة لقصة سعد لاشتراكهما في المتعلّق وهو الإيمان على أن (ح) أجاب في مكان آخر بأنّه لو ثبت أن الرِّواية بالفتح لأمكن أن يرجع لأنّها من الرأي وهو يشمل ما تهيأ عن العلم وعن الظن لا من الرِّواية، وأمّا احتجاجه بكونه جزم فلا حجة فية لأنّ الجزم لم ينحصر فيما يفيد العلم، ويجوز الجزم بما يغلب على الظن حتّى يسوغَ أن يحلف ولا يحنث.
قال (ح): في الكلام على قول المعرور بن سُوَيْد: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، في رواية الإسماعيلي: أَتَيْتُ أبا ذر فإذا حلة عليه منها ثوب وعلى عبده منها ثوب، وهذا يوافق ما في اللُّغة أن الحلة ثوبان من جنس واحد، ويؤيده أن عنده في الأدب فرأيت عليه بردًا وعلى غلامه بردًا، فقلت: لو أخذت هذا فلبسته كانت حلة.
ولمسلم: لو جمعت بينهما.
ولأبي داود: لو أخذت هذا الذي على غلامك فجعلته مع الذي عليك لكانت حلة، وهذا أصرح، ولو كان كما في رواية الباب لكان إذا جمعهما يصير عليه حلتان، ويمكن الجمع بين الروايتين بأنّه كان عليه برد جديد تحته ثوب خلق من جنسه، وغلامه كذلك، فكأنّه قيل له لو أخذت البرد الجيد فأضفته إلى البرد الجيد الذي عليك وأعطيت الغلام البرد الخلق بدله لكانت حلة جيدة، فتليتم الروايتين ويكون معنى قوله في الرِّواية الأخرى لكانت حلة: أي كاملة الجودة والتكثير للتعظيم (97).
قال (ع): تحمل رواية الباب على أن المجاز باعتبار ما يؤول ويضم إلى
(97) فتح الباري (1/ 86).
الثّوب الذي كان على كلّ واحد منهما ثوب آخر وباعتبار إطلاق اسم الكل على الجزء وأطلق على البرد حلة باعتبار ما يؤول.
ورواية الإسماعيلي أيضًا مجاز لكن في موضع واحد.
وفي رواية الباب المجاز في الموضعين، هذا الذي صح لي هنا من الأنوار الإلهية.
وما ذكره بعضهم ليس بجمع فإنّه نصّ رواية الباب على حلتين، وفي رواية الإِسماعيلي على حلة واحدة، والتعارض بينهما ظاهر.
قال: وقوله: في الرِّواية الأخرى لكانت حلة أي كاملة الجودة، كلام صادر من غير تأمل لأنّه لا فرق بينه وبين رواية الإسماعيلي في المعنى، والتنكير فيه ليس للتعظيم وإنّما هو للإِفراد (98).
قلت: اشتمل كلامه على أنّه أبدًا احتمال تمكن قبوله إمّا دعواه أنّه لا يمكن غيره، فدعوى مردودة، وأمّا الاحتمال الأوّل فظاهر فيه التحامل.
قال (ح): في الكلام على حديث ابن مسعود لما نزلت {الَّذِينَ آمَنُوا} استنبط منه المازري جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ونازعه عياض فقال: ليس في هذه القصة تكليف عمل، بل تكليف اعتقاد بتصديق الخير، واعتقاد التصديق لازم لأول وروده، فما في الحاجة المؤخرة لأول البيان، لكن لما أشفقوا بين لهم المراد انتهى، ويمكن أن يقال: المعتقدات أيضًا تحتاج إلى البيان، فلما أجمل الظلم حتّى تناول إطلاقه المعاصي شق عليهم حتّى ورد البيان فما انتفت الحاجة، والحق أن في القصة بيان التأخير عن وقت الخطاب لأنّهم حيث احتاجوا إلى البيان لم يتأخر (99).
(98) عمدة القاري (1/ 207).
(99)
فتح الباري (1/ 88) ووقع في نسخة الظاهرية "الأزدي" بدل "المازري" وهو خطأ.
قال (ع): لو فهم هذا القائل كلام القاضي لما استدرك عليه لأنّ القاضي يقول اعتقاده التصديق لازم، فالذي يفهم هذا الكلام كيف يقول فما انتفت، الحاجة (100).
قلت: رمتني بدائها وانسلت.
قوله: هذا الناموس.
قال (ح): هو صاحب السر كما جزم به المؤلِّف في أحاديث الأنبياء، وزعم ابن ظفر وغيره أن الناموس صاحب سر الخير، والجاسوس صاحب سر الشر، والصّحيح الذي عليه الجمهور الأوّل، وقد سوى بينهما رؤبة بن العجاج أحد فصحاء العرب (101).
قال (ع): ليس بصحيح بل الصّحيح الفرق بينهما كما نقله النوويِ في شرحه عن أهل اللُّغة، وكذا ذكر أبو عبيد الهروي.
وقال الصغاني في العباب: ناموس الرجل صاحب سره الذي يطلعه على باطن أمره ويخصه به ويستره عن غيره، وأهل الكتاب يسمون جبريل الناموس الأكبر (102).
(100) عمدة القاري (1/ 216).
(101)
فتح الباري (1/ 26).
(102)
عمدة القاري (1/ 52) قال البوصيري في مبتكرات اللآلي والدرر (ص 20) بعد أن نقل كلام العيني: فكلام العيني يقتضي أن الذي صححه ابن حجر هو ما قاله رؤبة من التسوية بينها، مع أن صريح كلام ابن حجر أن الذي صححه هو الأوّل الذي قاله البخاريّ، وشرح عليه العيني أوَّلًا، فهما متفقان حرفًا بحرف، وبينه وبين ما قاله ابن ظفر العموم والخصوص، فالناموس أعم، لكن العيني رحمه الله ناقض، حيث جعل الفرق بينهما وهو الصّحيح، فكلام ابن حجر لا غبار عليه فاعرفه.
قلت: انظرْ وتعجب يورد كلام الصغاني في مقام الإِحتجاج به وهو حجة عليه.
قوله: فقالت له خديجة: يا ابن عم، كذا وقع هنا وهو الصّحيح لأنّه ابن عمها، ووقع في رواية لمسلم يا عم.
قال (ح): هذا وهم لأنّه وإن كان صحيحًا لإِرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد، ومخرجها متحد، فلا يحمل على أنّها قالت له في ذلك المجلس: يا عم يا ابن عم فتعين العمل على الحقيقة (103).
قال (ع): ليس بوهم بل هو صحيح لأنّها سمته عمها مجازًا للإِحترام، وهذه عادة العرب في مخاطبة الكبير، ولا يحصل هذا الغرض بقوله: يا ابن عم، فعلى هذا فتكون تكلمت باللفظين، وكون القصة متحدة لا ينافي اللفظين (104).
قوله: الناموس الذي أنزل على موسى.
قال (ح): كذا وقع وتقدم أن ورقة كان قد تنصر فكيف لم يقل على عيسى؟
وأجيب: بأن كتاب موسى يشتمل على الأحكام بخلاف كتاب عيسى فإن أكثره مواعظ وإنّما فيه من الأحكام ما نسخ كما قال تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} وكذلك كتاب محمَّد صلى الله عليه وسلم يشتمل على جميع الأحكام.
وأجيب أيضًا: بأن موسى بعث بمهلكة فرعون ومن معه بخلاف عيسى، وكذلك النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعث بهلاك فرعون هذه الأُمَّة وهو أبو جهل كما
(103) فتح الباري (1/ 25).
(104)
عمدة القاري (1/ 54).
وصفه بذلك في غير هذا الحديث فحصلت المناسبة من وجهين (105).
قال (ع): هذا بعيد لأنّ ورقة ما كان يعلم في ذلك الوقت بوقوع هلاك أبي جهل كما كان يعلم بوقوع هلاك فرعون حتّى يذكر موسى ويترك عيسى انتهى (106)، وما نفاه هو البعيد لأنّه مانع من أن يعلم الشيء قبل وقوعه ممّا اطلع عليه من الكتب السالفة، فقد قال الله تعالى في حق عيسى {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} فإذا بشر عيسى بوجوده أيمتنع أن يذكر من صفته ما يستدل به ورقة على ما ذكر من المناسبة كما علم من ما سيأتي من تمالي قومه عليه حتّى قال: لئن أدركني يومك لأنصرنك.
قوله: قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة إنّما أتى بحرف العطف في قوله: وأخبرني ليعلم أنّه معطوف على الإسناد السابق إلى ابن شهاب، فكأنّه قال: أخبرني عروة عن عائشة، وكذا وأخبرني أبو سلمة عن جابر بكذا، وعلى هذا فقد أخطأ من زعم أنّه معلق (107).
قال (ع): عرض بهذا الكرماني ولا معنى للإنكار، لأنّ الحديث صورته في الظّاهر صورة المعلق ولو كان عنده مُسْنَدًا من وجه آخر فلا وجه للتخطية يعرف من التعليل الذي ذكر؟
ثمّ قال (ع): فإن قلت: لم قال؟ قال ابن شهاب، ولم يقل روى أو وعن ونحو ذلك.
قلت: لأنّ الحديث إذا كان ضعيفًا لا يقال فيه قال بالجزم، بل يقال حكى، أو قيل بصيغة التّمريض انتهى (108).
(105) فتح الباري (1/ 26).
(106)
عمدة القاري (1/ 55).
(107)
فتح الباري (1/ 28).
(108)
عمدة القاري (1/ 65).
ولم تنحصر صيغة الجزم في قال، بل مثلها حكى وروى وذكر ونحو ذلك كلّ ذلك إذا بني للفاعل واما عن فلا يختص بالجزم ولا بالتّمريض بل تستعمل لكل منهما.
وكذا قوله: وفي الباب عن فلان، فلو سأل سائل: لم قال ابن شهاب ولم يقل: ذكر ابن شهاب؟ لكان له وجه من جهة أخرى ليس هذا موضع بيانها، بل قد فرغ من بسطها في كتب علم الحديث، ومما أخذه مصالقة أن (ح) ذكر في باب متى يصح سماع الصغير؟ اعترض ابن أبي صفرة على البخاريّ لكونه أورد قصة محمود بن الربيع وهو ابن خمس، وأغفل قصة عبد الله بن الزبير في يوم بني قريظة، وفيها أنّه رأى أباه يختلف إلى بني قريظة وقص قصته تدل على أنّه ضبطها، وسنه يومئذ ثلاث سنين أو أربع، فكان هو أولى بالذكر.
ونقلت ما أجبت به عن اعتراضه بأن قصة محمود يستفاد منها سنة مقصودة نقلها عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويستفاد منها ثبوت صحبته، وقصة ابن الزبير موقوفة.
ثمّ قلت: وغفل الزركشي فقال: يحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة على شرط البخاريّ. انتهي.
والبخاري قد أخرج قصة ابن الزبير المذكورة في مناقب الزبير في الصّحيح، فالإيراد موجه (109).
والعجب ممّن يتكلم على كتاب يغفل عما وقع فيه في المواضع الواضحة ثمّ يعترض.
قال (ع): في هذا الموضع ناقلًا نصَّ ما لخصه (ح) هنا ناسبًا له لنفسه، ولفظه:
(109) فتح الباري (1/ 173) وعمدة القاري (2/ 72).
فائدة تعقب ابن أبي صفرة على البخاريّ ذكره حديث محمود ابن الربيع في اعتبار خمس سنين، وأغفل له حديث عبد الله بن الزبير أنّه رأى أباه يختلف إلى بني قريظة في يوم الخندق ويراجعهم فيه، ففيه السمع منه وكان سنه إذ ذاك ثلاث سنين أو أربع فهو أصغر من محمود، وليس في قصة محمود ضبطه لسماع شيء، وكان ذكره حديث ابن الزبير أولى.
وأجيب: بأن البخاريّ إنّما أراد نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية، ومحمود نقل سنة مقصودة في كون النّبيّ صلى الله عليه وسلم مج مجة في وجهه لإفادته البركة بل في مجرد رؤيته فائدة شرعية ثبت بها كونه صحابيًا.
وأمّا قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سنة من السنن النبوية تدخل في هذا الباب.
وقال الزركشي في تنقيحه: ويحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة على شرط البخاريّ.
قلت: هذا غفلة منه فإن قصة ابن الزبير أخرجها البخاريّ في مناقب ابن الزبير في الصّحيح، فالجواب على ما ذكرناه. انتهى (110).
فانظر كيف أخذ ما نقله غيره فلم ينسبه إليه بل أوهم أنّه نقله من موضعه ثمّ زاد بأن ادعى الاعتراض على الزركشي ونسبه إلى الغفلة بصريح قوله قلت
…
الخ.
ولو لم يكن فيما انتهبه هذا الرَّجل من هذا الشرح إِلَّا هذا الموضع لكانت فيه كفاية لمن تدبر، فإنّه مع استلابه كلام غيره لا يؤدِّيه على جهته بل يتصرف فيه طلبًا لإخفائه حالة، وينشأ من تصرفه غلط لا يهتدي لصوابه، ولفظ الزركشي الذي نقله (ح). هو الموجود في تنقيحه وهو قوله: يحتاج المهلب إلى
(110) عمدة القاري (2/ 72 - 73).
ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة على شرط البخاريّ، فزاد هذا الرَّجل هذا النقل زيادة ليست في كلام هذا القائل ولا في كلام من نقل عنه والله المستعان.
ومن ذلك قوله في باب مسح الرّأس كله، وسئل مالك أيجزيء أن يمسح بعض رأسه فاحتج بحديث عبد الله بن زيد.
قال (ح): السائل عن ذلك هو إسحاق بن عيسى بن الطباع بينه ابن خزيمة في صحيحه من طريقه ولفظه سألت مالكًا عن الرَّجل يمسح مقدم رأسه في وضوئه أيجزئه ذلك، فقال: حدثني عمرو بن يحيي عن أبيه عن عبد الله بن زبير قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وضوئه من ناصيته إلى قفاه، ثمّ رد يده إلى ناصيته يمسح رأسه كله (111).
فأخذه هو فقال (ع): السائل عن مالك في مسح الرّأس هو إسحاق، واستمر إلى قوله فمسح رأسه كله انتهى (112).
وهذه الفائدة لم يذكرها شيخنا ابن الملقن ولا شيخه مغلطاي ولا شيخه القطب ولا ذكرها ابن بطّال ولا ابن التين وهما أجدر بأمور مالك لكونهما على مذهبه، ولا الكرماني ولا الزركشي وهؤلاء هم الذين يستمد من كلامهم من يتكلم على صحيح البخاريّ لوجود شروحهم بين أيديهم بخلاف كثير من الشارحين ممّن بعد العهد بالوقوف على كتبهم وما ظفر (ح) بها إِلَّا بعد التعب الشديد والبحث الطويل، ولولا أنّه كان أولع بالتعب على تعاليق البخاريّ، ومن وصلها ما تهيأ له أن يعرفها لما شرع في الشرح فجاء هذا المستريح اختطفها بغير شكر ذلك الأثر.
وفي باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "أنا أعلمكم بالله" إلى أن قال (ح): هذا
(111) صحيح ابن خزيمة (1/ 81) وفتح الباري (1/ 290).
(112)
عمدة القاري (3/ 68).
الحديث من أفراد البخاريّ عن مسلم وهومن غرائب الصّحيح لا أعرفه إِلَّا من هذا الوجه فهو مشهور عن هشام فرد مطلق من حديثه عن أبيه عن عائشة (113).
هذا ما كنت كتبته أوَّلًا فاستلبه (ع) فقال: هذا الحديث من أفراد البخاريّ عن مسلم وهو من غرائب الصّحيح لا يعرف إِلَّا من هذا الوجه فهو مشهور عن هشام فرد مطلق من حديثه عن أبيه عن عائشة (114).
قلت: غير من الكلام لا أعرفه فجعلها لا يعرف بضم أوله على البناء للمجهول فوقع مع الإِستيلاب في دعوى لا عذر له فيها كعذر الذي قبله لأنّ المأخوذ منه نفي معرفة نفسه، وهذا نفي معرفة غيره.
وقد رجع (ح) عن ذلك واطلع على وجدان متابعته لهشام، ولو كانت غير تامة وقد ألحق هنا ذلك وأشار إلى بيان مكانها من صحيح البخاريّ (115).
وقد أشار (ع) على ما ذكره (ح) من الكلام على قوله كان إذا أمرهم أمرهم، ومن رواها بالتكرير ومن أفردها، وتقدير كلّ من ذلك، ومن راجع هذا الموضع من شرحه رأى العجب من إقدامه على أخذ كلام غيره كما هو من غير أن ينسبه إلى قائله بل يوهم أنّه من تصرفه والله المستعان (116).
قوله: وفي باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
…
الخ}.
نبه (ح) في السند على وهم الكرماني في نسب أبي روح حرمي بن عمارة بن أبي حفصة وفي اسمه (117).
(113) فتح الباري (1/ 72).
(114)
عمدة القاري (1/ 166).
(115)
فتح الباري (10/ 513 - 514).
(116)
فتح الباري (1/ 71) وعمدة القاري (1/ 166 - 167).
(117)
فتح الباري (1/ 75).
فقال (ع). وهم الكرماني في موضعين، فذكر ما ذكره (ح) من غير أن ينسبه إليه بل ختم كلامه بأن قال. والصواب ما ذكرنا (118).
ثمّ أغار (ع) على ما ذكره (ح) في البحث مع النووي في الاستدلال بحديث الباب على قتل تارك الصّلاة، ومع الكرماني على قتل تارك الصّلاة، فأخذ كلام (ح) في ذلك مصالقة وأسقط منه شيئًا فقوي بحثه والله المستعان (119).
وفي قوله:
(118) عمدة القاري (1/ 179).
(119)
فتح الباري (1/ 76) وعمدة القاري (1/ 181).