الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
56 - باب الإِستجمار وترًا
في شرح حديث أبي هريرة: "إِذا توَضَّأ أَحدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ في أَنْفِهِ
…
" الحديث إلى قوله: "
…
فَليُوتِرْ، وإذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُم مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا في وَضُوءِهِ" الحديث ظاهر سياقه أنّه حديث واحد وليس كذلك هو في الموطأ.
وقد أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الله بن يوسف شيخ البخاريّ وفيه كما في الموطأ، وكذا فرقة الإِسماعيلي من رواية مالك.
وكذا أخرج مسلم الأوّل من طريق ابن عيينة عن أبي الزِّناد، والثّاني من طريق المغيرة (356).
قال (ع): لا يلزم من ذلك كله أن لا يكون الحديث واحدًا، ويجوز أن يروي حديث واحد متقطعًا من طرق مختلفة فيتعدد بحسب الظّاهر وهو في نفس الأمر حديث واحد. انتهى (357).
وما نفى الشارح إِلَّا أنّه ليس كذلك في الموطأ ومن الذي يستطيع رد ذلك.
(356) فتح الباري (1/ 263) وفي النسخ الثلاث زيادة كلمة "ثلاثة" في الحديث بعد قوله "فليوتر" ولا أصل له في الحديث المذكور ولا ذكره الحافظ ابن حجر، فلذلك حذفناها.
(357)
عمدة القاري (3/ 18).
57 -
باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة
قال (ح): لم يخرج البخاريّ حديث الفرك بل اكتفى بالإِشارة إليه في التّرجمة على عادته، لأنّه ورد من حديث عائشة أيضًا، فالتقدير باب بيان ما ورد في غسل المني وفركه، وهو حديث واحد اختلف ألفاظ رواته عن عائشة، والطريق المصرحة بالغسل أصح من الطريق المصرحة بالفرك، ويؤيد ذلك الحديث الوارد في غسل ما يصيب المرأة، أي يصيب الثّوب أو الجسد، وسيأتي بعد ذلك في أثناء حديث الماء من الماء (358).
قال (ع): هذا اعتذار بارد لأنّ الطريقة أنّه إذا ترجم الباب بشيء ينبغي أن يذكره.
وقوله: بل اكتفى بالإشارة إليه كلام واه لأنّ المقصود من التّرجمة معرفة حديثها وإلا فمجرد الترجمة لا يفيد شيئًا، واستمر في هذه الدعوى ويكفي في الدفع في كلامه سياقه من غير تكلف التعقب عليه، فإنّه ما زاد على الرد بالصدر ممّن وجا بالإِشارة والله حسيبه.
ثمّ شرع في الانتصار لمذهبه في أن المني نجس، ومن جملة إساءته أن قال: إن الشارح أخذ كلامه من الخطابي وهو كلام لا يذكره من له أدنى بصيرة وروية، فقال: وليس بين الحديث في غسل المني والحديث في فركه
(358) فتح الباري (1/ 332/ 333).
تعارض، لأنّ الجمع بينهما واضح على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب، وهذه طريقة الشّافعيّ وأحمد وأصحاب الحديث، والجمع على القول بنجاسته واضح أيضًا بأن يحمل الغسل على ما كان رطبًا، والفرك على ما كان يابسًا، وهذه طريقة الكوفيين والطريقة الأولى أرجح لأنّ فيها العمل بالخبر والقياس معًا، لأنّه لو كان نجسًا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره، وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك.
قال (ع): قوله: يحمل الغسل على الاستحباب كلام واهٍ وهو كلام من لا يدري مراتب الأمر الوارد من الشارع.
ثمّ أخذ من الإكثار من جنس هذه الإِساءة والدفع بالصدر (358/ 2).
قال (ح): قال الطحاوي: ويجمع بأن الثّوب الذي فركته ثوب النوم، والذي غسلته ثوب الصّلاة، وفيه نظر لأنّ لفظ عائشة عند مسلم في رواية: لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله فركًا فيصلّي فيه، وأصرح منه رواية ابن خزيمة: إنّما كانت تحكه من ثوبه وهو يصلّي (359).
قال (ع): ليس كما قال، فإن قوله: وهو يصلّي جملة اسمية وقعت حالًا منتظرة، لأنّ عائشة ما كانت تحك المني من ثوب النّبيّ صلى الله عليه وسلم حال كونه في الصّلاة. انتهى (360).
فتأملوا في هذه الدعوى!
(358/ 2) عمدة القاري (3/ 144).
(359)
فتح الباري (1/ 333).
(360)
عمدة القاري (3/ 146).