الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
216 - باب إذا سلم في ركعتين
ذكر حديث أبي هريرة: صلى بنا النّبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر فسلم في ركعتين، فقال له واليدين .... الحديث.
قال (ح): صلّى بنا ظاهر في أنّه حضر القصة، وادعى الطحاوي أنّه مجاز، وأنّه أراد صلّى بالمسلمين، واستند إلى قول الزهريّ إن ذا اليدين استشهد ببدر، فمقتضاه أن القصة وقعت قبل بدر وهي قبل إسلام أبي هريرة بخمس سنين، وفيه نظر من وجهين:-
أحدهما: أنّه في بعض طرقه عند مسلم عن أبي هريرة: بينما أنا أصلّي، فهذا يدفع المجاز.
والثّاني: أن ابن عبد البرّ وغيره نقل عن أئمة الحديث أن الزهريّ وهم في ذلك، وسببه أنّه جعل القصة لذي الشمالين، وذو الشمالين هو الذي استشهد ببدر، لكنه غير ذي اليدين وهو خزاعي وذو اليدين سُلَمِيٌّ، واسم ذي الشمالين عمير بن عبد عمرو بن نضلة، واسم ذي اليدين الخرباق، وعاش بعد النّبيّ صلى الله عليه وسلم مدة.
وقد وقع عند مسلم في بعض طرقه: فقام رجل من بني سليم، لكن لما وقع عند الزهريّ فقام ذو الشمالين وهو يعرف أن ذا الشمالين استشهد ببدر ظنه هو فقال: استشهد ببدر، فلزم منه أن القصة كانت قبل وقعة بدر (992).
قال (ع): قد وقع عند النسائي بسند صحيح إلى الزهريّ عن أبي
(992) فتح الباري (3/ 96 - 97).
سلمة بن عبد الرّحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة كلاهما عن أبي هريرة قال: صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم في ركعتين وانصرف، قال له ذو الشمالين ابن عمرو أنقصت الصّلاة أم نسيت؟ .... الحديث، وفيه ما يقول ذو اليدين.
وأخرج النسائي أيضًا من طريق عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى يومًا فسلم من ركعتين ثمّ انصرف، فقال له ذو الشمالين: يا رسول الله
…
فذكره، وفيه:"أصَدَقَ ذُو الَيدَيْن؟ ".
قال: فثبت أن ذا الشمالين وذا اليدين واحد، والعجب من هذا القائل مع اطلاعه على ما أخرجه النسائي كيف يعتمد على قول من ينسب الزهريّ إلى الوهم، ولكن أريحية العصبية تحمل على أكثر من هذا (993).
قلت: ما أخرجه النسائي يؤيد ما ذهب إليه من قال أن ذا اليدين كان يقال له ذا الشمالين أيضًا، فينحصر وهم الزهريّ في قوله ابن عمرو فقط، وذلك لظنه أنَّه المقتول ببدر، فإنّه ابن عبد عمرو فاقتصر على بعض اسم أبيه، ونعوذ بالله من التعصب بالباطل وللباطل.
قوله: الظهر أو العصر.
قال (ح): الظّاهر أن الإختلاف فيه من الرواة، وأبعد من قال: يحمل على تعدد القصة لأنّه خلاف الأصل (994).
قال (ع): الحمل على التعدد أولى من نسبة الرواة إلى الشك (995).
قلت لم يذكر مستند هذه الأولوية، بل الذي يجري على قواعد أهل الحديث أنّه إن أمكن الجمع فهو أولى، وإن تعذر نظر في المختلفين، فإن
(993) عمدة القاري (7/ 308).
(994)
فتح الباري (3/ 97).
(995)
عمدة القاري (7/ 308).
كانوا في مرتبة واحدة لم يقض فيما اختلفوا فيه بشيء، وكان ذلك اضطرابًا يوجب التوقف عن الإِحتجاج بشيء من الطرق، وإن اختلفت مراتبهم تعين الترجيح فيمكن بالأكثرية (996) أو الأحفظية وهو أول من دعوى التعدد، فإن الأصل عدمه، ومثل هذه القصة من السّهو إِنما تشرع لبيان الجواز، والمرة الواحدة في ذلك كافية.
(996) في النسخ الثلاث "ممكن بأكثرية" فصححناه هكذا.