الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
197 - باب التهجد من اللّيل
قال (ح) في الكلام على حديث ابن عبّاس في قيام اللّيل من رواية سفيان بن عيينة عن سليمان بن مسلم عن طاووس عن ابن عبّاس، في آخره قال سفيان: وزاد عبد الكريم أبو أمية: هذا موصول بالإِسناد الأوّل ووهم من زعم أنّه معلق.
وقد بين ذلك الحميدي في مسنده قال: حدّثنا سفيان حدّثنا سليمان الأحول خال ابن أبي نجيح قال: سمعت طاووسًا
…
فذكر الحديث إلى أن قال: قال سفيان، وزاد فيه عبد الكريم ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله ولم يقلها سليمان. انتهى.
وكذلك أخرجه أبو نعيم في مستخرجه من طريق إِسماعيل القاضي عن علي شيخ البخاريّ فيه فقال في آخره: قال سفيان: وكنت إِذا قلت لعبد الكريم آخر حديث سليمان ولا إِله غيرك، قال: ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله، قال سفيان: وليس هو في حديث سليمان. انتهى (936).
ومقتضى ذلك أن عبد الكريم لم يذكر إسناده في هذه الزيادة لكنه على الإحتمال، وأمّا قول سفيان فلم يقلها سليمان فحمل على أنّه لم يسمعها منه ولا يلزم من عدم سماعه أن لا يكون حدث بها في نفس الأمر، وقد وهم بعض أصحاب سفيان فأدرجها في حديث سليمان أخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمَّد بن عبد الله بن عمر عن سفيان، فذكر لا حول
(936) فتح الباري (3/ 5).
ولا قوة إِلَّا بالله في آخر الحديث بغير تفصيل، وليس لعبد الكريم أبي أمية وهو ابن أبي المخارق في صحيح البخاريّ إِلَّا هذا الموضع، ولم يقصد البخاريّ التخريج له فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله، وإنّما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها، كما تقدّم مثله للمسعودي في الإِستسقاء، وكما سيأتي نحوه للحسن بن عمارة في البيوع، وعلم المزي على هؤلاء علامة التعليق، وليس بجيد، لأنّ الرِّواية عنهم موصولة إِلَّا أن البخاريّ لم يقصد التخريج عنهم (937).
قال (ع): بين قوله: ولم يقصد البخاريّ التخريج له
…
الخ وبين قوله هذا موصول بالإِسناد الأوّل تناقض لا يخفى (938).
قلت: لولا أنّه خفي عليه لبينه ولا تناقض هنا، لأنّه لا ملازمة بين موصول ومقصود، فإثبات كونه موصولًا لا ينفي كونه وقع عن غير قصد إليه، واحتج (ع) بقول المقدسي في رجال الصحيحين أن البخاريّ أخرج لعبد الكريم بن أبي المخارق في الحجِّ من روايته عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن علي في جِلَال البُدْنِ وكذا أخرج له مسلم.
قال (ع): فهذا المقدسي يصرح بأن عبد الكريم من رجال البخاريّ وفيه رد لقول (ح) أنّه ليس له في البخاريّ إِلَّا هذا الموضع.
قلت: الذي قاله المقدسي مردود، فإن رواية عبد الكريم هذه وقعت في الحجِّ من صحيح البخاريّ في بابين:-
أحدهما: باب يتصدق بجلود الهدي، فأخرج من طريق ابن جريج، أَخْبَرَنِي الحسن بن مسلم وعبد الكريم الجزري أن مجاهدًا أخبرهما
…
فذكر الحديث.
ثانيهما: في باب لا يعطي الجزار من الهدي شيئًا، من طريق سفيان
(937) فتح الباري (3/ 5).
(938)
عمدة القاري (7/ 168).
الثّوريّ عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بسنده إلى آخر الحديث.
قال سفيان: وحدثني عبد الكريم عن مجاهد بسنده، وذكر الحديث بمعناه ولم ينسب عبد الكريم، وقد أخرجه الإِسماعيلي من طريق ابن علية عن سفيان الثّوريّ فقال: عن عبد الكريم الجزري وظهر وهم المقدسي حيث ظن أن عبد الكريم هنا هو ابن أبي المخارق، وإنّما هو في الموضعين الجزري الثقة.
وأمّا مسلم فإنّه أخرج الحديث من طريق ابن أبي نجيح عن عبد الكريم.
ومن طريق سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد.
ومن طريق ابن حقوة عن عبد الكريم عن مجاهد ولم ينسبه، وفي سياقه ما يؤخذ منه أنّه الجزري، فهذا بيان واضح في أن عبد الكريم إنّما هو الجزري لا عبد الكريم بن أبي المخارق والله أعلم.