الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
69 - باب مسح الرّأس
ذكر حديث عبد الله بن زيد في مسح الرّأس كله.
قال (ح): موضع الدلالة من الحديث أن لفظ الرّأس في الآية مجمل يحتمل أن يراد مسح كله على أن الباء زائدة ومسح البعض على أنّها تبعيضية، فتبين بفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن المراد الأوّل (414).
قال. (ع): لا إجمال في الآية وإنّما الإجمال في المقدار دون المحل فإن الرّأس معلوم وفعله كان بيانًا للإِجمال الذي في المقدار، وهذا القائل لو علم معنى الإِجمال لما قال هذا (415).
قال (ح) في الكلام على المسح على العمامة: أخرج الشّافعيّ من مرسل عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه.
وأخرج أبو داود نحوه من حديث أنس موصولًا وفي سنده. أبو معقل لا يعرف حاله لكنه اعتضد بالطريق الآخر فحصل القوة من الصورة المجموعة وعضد كلّ من المرسل والموصول الآخر (416).
قال (ع): هذا من أعجب العجاب لأنّه يدعي أن المرسل ليس بحجة، ثمّ يدعي أنّه اعتضد بحديث موصول ضعيف، ثمّ ادعى القوة فكيف تحصل بشيء ليس بحجة، ومن شيء ضعيف وما ليس بحجة يكون
(414) فتح الباري (1/ 290).
(415)
عمدة القاري (3/ 68).
(416)
فتح البارى (1/ 293).
في حكم العدم فلا يبقى إِلَّا الضعيف وحدة فمن أين يتصور الصورة المجموعة (417)
قلت: حقة أن يقال له: ذلك مبلغهم من العلم من لا يتصور أن الشيء يكون ضعيقًا فانضم إليه ضعيف آخر، لو انفرد لكان ضعيفًا، وأن باجتماعهما حدث قوة لم تكن قبل كذلك هو الذي يتعجب من فهمه فإنّه إن كان أنكر ذلك لأنّه لم يجد مثالًا لذلك فقد خفي عليه أفراد الخبر المتواتر فإنّه بالنظر إلى كلّ فرد منها لا يقوم به حجة فضلًا عن أن يقطع بصدقه، فإذا اجتمعت طرقه حدث قوة لم تكن حتّى يصل إلى القطع وكما في شهادة الشّاهد الواحد لو رآها وحده لم يحكم بشهادته، فإذا انضم إليه مثله حدثت قوة لم تكن فحكم بشهادتهما، وفي جدارين تخلخل بناؤهما وهما متلاصقتان يشد كلّ منهما الآخر، فلو كان كلّ منهما لتسارع إليه السقوط وكما مثل المهلب بالسهام المنفردة إذا أريد كسر كلّ سهم منها أمكن بغير معالجة شديدة، وإذا جمعت في ربطة واحدة عسر كسرها إلى غير ذلك من الأمور المحسوسة والمعنوية فإن كان ظن أن الشارح انفرد بذلك فسارع إلى رد كلامه، فقد خفي عليه ما قرره التّرمذيّ ومن بعده من أئمة الحديث في الحديث الحسن، وما قرره الشّافعيّ ومن تبعه من أئمة الأصول في المرسل إذا اعتضد، وأعجب عن ذلك كله أنّه قريب العهد بإثبات ما نفاه حيث تكلم بنقض الوضوء من الضحك في الصّلاة أن أسانيده وإن كانت ضعيفة لكن إجتماعها إذا تعددت طرقها يفيد قوة (418)
وأمّا قوله: والمرسل عنده ليس بحجة يكون في حكم العدم يقال له: ما الذي خصه بالمرسل الذي اختلف في الاحتجاج به، ولم لا يكون
(417) عمدة القاري (3/ 71).
(418)
عمدة القاري (3/ 49).
الضعيف المتفق على ترك الإحتجاج به أولى بالعدم. وإذا كان كذلك فأقل درجات المرسل أن يكون كالضعيف، وقد سلم أن الضعيف إذا انضم إلى الضعيف حصلت القوة من المجموعة، فالذي سلب ذلك إذا اجتمع ضعيف ومرسل، ثمّ إنّه يريد [أن] يلزم (ح) بالتناقض لكونه لا يرى المرسل حجة، والواقع أن قائل ذلك يقول: المرسل بانفراده ليس بحجة فإذا أنضم إليه مرسل آخر اعتضد، فإذا كان يعتقد الاحتجاج بالعدم إذا انضم إلى العدم أو ليس احتجاجه بالعدم إذا انضم إلى الموجود أولى وأحرى.