الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
282 - باب طواف القارن
ذكر حديث عائشة: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
…
الحديث، وفي آخره: وأمّا الذين جمعوا بين الحجِّ والعمرة فإنّما طافوا طوافًا واحدًا.
قال (ح): أجاب الطحاوي عن الحنفية أن هؤلاء الذين ذكرت عائشة هم الذين تمتعوا بالعمرة إلى الحجِّ، وكانت حجتهم مكية، والحجة المكية لا يطاف لها إِلَّا بعد عرفة، قال: فالمراد بقولها: جمعوا بين الحجِّ والعمرة جمع تمتع لا جمع قران - انتهى (1217).
وإني لكثير التعجب منه كيف ساغ له هذا التّأويل، وحديث عائشة مفصل للحالتين فإنها صرحت بفعل من تمتع ثمّ بمن قرن حيث قالت: فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثمّ حلوا ثمّ طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى فهؤلاء أهل التمتع، ثمّ قالت: وأمّا الذين جمعوا الحجّ والعمرة فإنّما طافوا لهما طوافًا واحدًا فهؤلاء أهل القرآن، وهذا أبين من أن يحتاج إلى ايضاح والله المستعان.
قال (ع): هذا الذي ذكره متعجبًا أخذه من كلام البيهقي فإنّه شنع على الطحاوي في كتابه المعرفة بغير معرفة حيث قال: وزعم من يدعي في هذا تصحيح الأخبار على مذهبه أنّها إنّما أرادت بهذا الجمع جمع متعة لا جمع
(1217) فتح الباري (3/ 495).
قران قالت:- فإنّما طافوا طوافًا واحدًا لحجتهم لأنّ حجتهم كانت مكية [والحجة المكية لا يطاف لها قبل عرفة].
قال البيهقي: كيف استجاز لدينه أن يقول مثل هذا وفي حديثها أنّها أفردت من أجمع، بينهما جمع متعة أوَّلًا، ثمّ ذكرت من قرن، فذكرت أنما طافوا طوافًا واحدًا، ولو أرادت ذلك لم يتم، لأنّ الذين جمعوا جمع التمتع لا يكفيهم طواف [واحد] بالإجماع (1218).
ثمّ قال (ح): وقد روى مسلم من طريق [أبي الزبير عن جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إِلَّا طوافًا واحدًا وفي طريق] طاووس عن عائشة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لها: "طَوَافُكِ يَسَعُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ".
وأخرج عبد الرزّاق بسند صحيح عن طاووس أنّه حلف ما طاف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجة وعمرة إِلَّا طوافًا واحدًا، وفي هذا بيان ضعف ما جاء عن علي وابن مسعود بخلاف ذلك، وقد روى آل بيت علي عن علي ما يوافق قول الجمهور، فذكر جعفر بن محمَّد بن الحسين عن أبيه أنّه كان يحفظ عن علي بن أبي طالب للقارن طوافًا واحدًا خلاف ما يقوله أهل العراق (1219).
قال (ع): ليت شعري ما وجه هذا البيان وعجبي كيف يلهج هذا القائل بهذا القول الذي لا يجديه شيئًا، وهذا الكلام الذي نقله البيهقي عن طاووس كاد أن يكون محالًا لعدم القدرة على الإحاطة بعلم أطوافه للصحابة أجمعين (1220).
(1218) عمدة القاري (9/ 280 - 281) وما بين المعكوفين من العمدة، وساقط من النسخ الثلاث.
(1219)
فتح الباري (3/ 459) وما بين المعكوفين ساقط من النسخ الثلاث زدناه من الفتح، وكان مكانه "طاووس عن جابر" وهو خطأ كما ترى.
(1220)
عمدة القاري (9/ 281).
ثمّ قال (ح): وطعن الطحاوي فيما رواه الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رفعه: "مَنْ أَحرَمَ بِاْلَحَجِّ وَاْلعُمْرَةِ كَفَاهُ لَهُمَا طَواَفٌ واحدٌ وَسَعْيٌ واحدٌ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يِحِلَّ مِنْهُمَا جَميِعًا".
قال الطحاوي: هذا خطأ الدراوردي في رفعه، والحفاظ وقفوه على عبيد الله بن عمر
قال (ح): هذا التعليل مردود فإن الدراوردي صدوق وليس ما رواه مخالفًا لما رواه غيره، والرافع مقدم عند أهل الأصول على الوقف (1221).
قال (ع): المردود هو ما قاله، وذهب إليه من غير تحقيق النظر فيه فهل يحل رد ما لا يردّ لأجل ما قصر فيه فهمه وكثر تعنته ومصادمته للحق الأبلج، أفما وقف على التّرمذيّ. ورواه غيره ولم يرفعه وهو أصح؟ (1222).
قلت: لم يخف عنه قول التّرمذيّ، فإنّه حكى ترجيح الرفع عن أهل الأصول، وهب أن الدراوردي أخطأ في رفعه ماذا يصنع في رواية غيره وهو في هذا الباب عند البخاريّ من رواية غيره، أفما كتبه هذا المعترض بخطه من رواية أيوب عن نافع حديث عائشة الذي سبق القول فيه؟!.
(1221) فتح الباري (3/ 494 - 495).
(1222)
عمدة القاري (9/ 280).