الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفر
أوله الأربعاء رابع حزيران وعاشر بونة (31) ..... ويوم الأربعاء ثاني عشرينه أول أبيب ويوم الثلاثاء ثامن عشرينه أول تموز فيه مدخل فصل الصيف، ويوم الجمعة في أواخر الساعة الثانية عشر من عاشره في أواخر الساعة الأولى بعد العصر نقلت الشمس إلى برج السرطان ثالث عشر حزيران وتاسع عشر بونة.
ويوم الخميس ثانيه قدم الحاج صحبة المحمل وما أعلم أنهم تأخروا إلى هذا التاريخ منذ دهر إلا في هذا العام وكانوا قديماً يدخلون في سابعه وثامنه وربما تأخروا إلى عاشره ودخلوا سنة ..... وثمانين يوم الاثنين أول صفر، فقال المؤرخ وهو الشيخ تاج الدين شيخ الشافعية: وذلك غاية العجلة فإن العادة المستمرة أن يصلوا في العاشر من صفر أو قريباً منه، قال: أن سبب ذلك موت الجمال وكان الأمير يعرف بالفخري يسير سيراً عاجلاً ثم في العام الثاني وصلوا أيضاً أول صفر وكانت العادة تكون غيبة الحاج أربعة أشهر ثم لم يزالوا يستعجلون ويقصرون في المدة في الخروج والدخول حتى صارت مائة يوم وأقل، وكان الأولون يقصدون الرفق في السير والنظر في مصلحة الوفد، وقاسوا شدائد لم يجتمع مثلها في ما مضى من السنين مما حصل لهم من الخوف بالمدينة ومكة مع الغلاء وقلة الظهر وموت الجمال ثم حصل لهم في الرجعة تعرض نائب الكرك واسمه ..... وطلب من التجار مائة ألف وحبسهم يومين حتى جمعوا له ما وقع الاتفاق عليه وهو ستون ألفاً وأكثر وتكلفوا تتمة المائة ألف فلما وصلوا إلى زيزا عرض لهم
ابن هيازع وقال جاءه مرسوم السلطان بحبس مال التجار حتى يقدم السلطان وجرت أمور آخرها أنه أخذ ثلث ما معهم فالله ..... على ما أصابهم.
ويوم دخول الحاج وصل من وطاق النائب الحاجب والاستاددار وكان الاستاددار توجه إلى مخدومه منذ بضعة عشر يوماً والحاجب الطنبغا قرمشي توجه بالذين سجنوا بالقلعة منها إلى قلعة المرقب سودون الجلب ومن معه ثم رجع من هناك إلى النائب فقدم مفوضاً إليه نيابة الغيبة، والأمير سودون بقجة متوجه للدوره وخلع على الاستاددار.
وكان اشتهر خروج السلطان حتى قيل أنه وصل إلى غزة ثم فتر الخبر، وقيل أن طغري برمش الذي كان استادداراً هرب إلى مصر من بعلبك وكان نائباً عن شيخ بها كما قدمنا ذكره هناك شاد الدواوين وصل إلى غزة والرملة لتحصيل الإقامات.
ويوم الأحد خامسه وصل ركب الحاج الذي جاءوا على طريق غزة وفيهم ابن الشريطي فبعد وصوله بأيام مات له ابنان كيّسان مطعونان سن أحدهما خمسة عشر والآخر اثنا عشر وكان مات له قبل وصوله جاريتان وطواشي وقد فشا الطاعون بالبلد من كل ناحية يموت من البيت الجماعة هذا مع قله عدد الموتى، بلغني أنه حوالي العشرين وهو في جميع بلاد الشام والسواحل كثير حتى قيل أن نابلس خرج منها في يوم واحد أربعون جنازة وفي بلاد الرملة وتلك النواحي والبقاع.
ويوم الأربعاء ثامنه ضربت البشائر ومن الغد لوصول مخبر بأن التركمان قصدوا حلب فخرج إليهم شاهين الدويدار فواقعهم وكسرهم.
وكان اشتهر خروج السلطان ووصول الأمراء إلى غزة فلما وصل الحاج أخبروا بخلات ذلك ففتر الأمر ثم أشيع ثانياً.
وآخر نهار الجمعة عاشره جرت كائنة عجيبة وهي أن بقايا المسجونين في القلعة من المماليك وفيهم أمير يقال له كمشبغا اقتضى رأيهم كسر قيودهم وفتح السجن والخروج منه ففعلوا ذلك وكان نائب القلعة غائباً فأغلقوا باب القلعة وركبوا الأسوار وضربوا الطبلخاناة ونادوا بالدعاء للسلطان
فركب سودون بقجة والحاجب واحتاطوا بهم وحاصروهم ودخلوا القلعة وأخذوهم فأعادوهم إلى حبسهم وقالوا: أن الحامل لهم على ذلك الجوع ولطفوا العبارة فيما بلغني وما انفصل أمرهم إلى أثناء الليل.
ويوم الأحد حادي عشره توفي (1) الفقيه شمس الدين الشوبكي كان ورد من الشوبك وطلب الفقه وحضر عند الشيوخ وولي من خطابة ..... ثم تركها للحليمي ويعوض ..... المسجد ظاهر باب الجابية ثم خطب ..... وكان غاب بعد فتنة شقطية مدة ..... لعله جاوز الخمسين.
وفي ليلة الاثنين خامسه توفي تنكر بغا (2) الحافظي الظاهري ببعض قرى صفد دفن هناك وهو في عشر الستين باشر نيابة بعلبك مدة فأخاف المفسدين وقطاع الطريق ونصب لهم مشانق وكانت الطرق في أيامه سالكة وكان له فهم وبنى خانقاه بالشحيمية بين بعلبك والكرك وكانت له وجعل فيها منبراً وأقام بها الجمعة فهو موضع حسن وقصد أن يبنى بها حماماً فلم يتفق، ثم كان أيام الفتن مع نوروز فكان شيخ يؤذيه وفي هذه الأيام كان بنواحي البقاع والساحل ويقال جاءته الولاية ببعلبك.
ويوم الاثنين ثالث عشره توفي (3) ابن حمام قاري الصحيحين منذ سنوات بالجامع في رمضان تحت النسر بعد الفتنة، قال ابن الشرائحي أنه قرأ عليه الكتابين قراءة جيدة وكان له ثروة قبل الفتنة ورثها من أبيه ثم افتقر مات مطعوناً.
ويوم الثلاثاء رابع عشره توفي (4) شهاب الدين ابن الزملكاني، وبكرة الأربعاء نصفه ضربت البشائر، وفي نصفه فشا الموت بالطاعون في كل ناحية من البلد وقيل أن العدة جاوزت الثلاثين.
(1) إنباء الغمر 6/ 263، شذرات الذهب 9/ 155، السحب الوابلة 451. وهو محمد بن محمد الشوبكي الحنبلي.
(2)
* * * *
(3)
إنباء الغمر 6/ 265، الضوء اللامع 11/ 244.
(4)
إنباء الغمر 6/ 265، الضوء اللامع 11/ 161 (509).
ويوم الخميس سادس عشره توفي أحمد الهلالي وأحمد الباقوري، وبين المغرب والعشاء من ليلة الأحد تاسع عشره قطع الطريق على برهان الدين محمد ابن الرصافي بطريق المنيبع وكان متوجهاً على حمار إلى بيته غربي مقابر الصوفية فضربه في أسفل بطنه بسكين فقطع خاصرته وخرجت مصارينه وأخذ ما معه والحمار فأُدرك وخيط جرحه وحمل إلى منزله فمات ضحوة نهار الاثنين بعد ما وجد الحمار بخان وقبض على من كان معه وتطلب. بقية رفاقه الذين قتلوه وكان ابن الرصافي قد تزوج لدون شهر وليس له وارث سوى زوجة وبيت المال فهو متهم بمال جزيل وأنه بلغ الخمسين، رأيت سماعه معنا وهو صغير بالطواويس على ابن خلكان والشهاب الحسباني.
ويوم السبت خامس عشرينه توفي الشيخ خليل (1) ابن الجندي الصوفي بخانقاه خاتون وصلى عليه بجامع تنكز ضحى النهار ودفن بمقبرة الصوفية بقبلتها وكان جمع القرآن على شرف الدين خادم المشهد وأقرأها وكان يُحيى في عشر رمضان بجامع تنكز وهو منجمع عن الناس حسن الطريقة.
ويومئذ شرع في قراءة البردة عليّ الجامع المذكور بإجازتي من ابن جماعة عز الدين بإجازته من المؤلف وبسماعى من لفظ صاحبنا شهاب الدين ابن المهندس بقراءته على ابن جماعة وسمع الإمام أبو الفضل التلمساني الوارد إلى الشام في آخر العام الماضي ولأجله قرئت وسمع أيضاً أخي والقاضي المالكي شرف الدين عيسى والقاضي شهاب الدين ابن نشوان وجماعة كثيرة جداً.
وصبيحة يوم الأربعاء تاسع عشرينه توفي (2) الشيخ الإمام القاضي
(1) إنباء الغمر 6/ 245.
(2)
بهجة الناظرين 137، إنباء الغمر 6/ 244، الضوء اللامع 2/ 81 (239)، شذرات الذهب 9/ 149.
شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن رضوان السلاوي ابن الحريري بالزاوية السلاوية بمنزله وصلي عليه في الساعة الرابعة ودفن بمقبرة الصوفية وكان مولده سنة ثمان وثلاثين أظنه تقريباً فكمل أربعاً وسبعين وكان رفيقنا في الاشتغال عند والدي ولم يبق في الجماعة الشافعية بل ولا في غيرهم أسن منه، كان والده حدثنا فتزوج أمه وهي من ذرية السلاوي وربي يتيماً واشتغل في الفقه على والدي والشيخ تقي الدين الفارقي وفي الأصول والفقه وطلب الحديث وأفتى وقرأ بنفسه الصحيح غير مرة على العامة بصوت جيد وأفتى ودرس ببعلبك وولي قضاءها سنة ثمانين ثم تنقل في الولايات فولي قضاء المدينة الشريفة وطرابلس وغيره وصفد وغزة والقدس وغيرها، ولما احترقت دمشق كان قاضي صفد ثم قدم دمشق فأقام بها ونزلت له عن إمامة مشهد ..... ومشيخة التنكزية والحلقة الكندية وكان فقيراً ذا عيال يكدح في طلب الرزق إلى أن مات رحمه الله، قرأ عليّ الجامعين ابن كثير وابن رافع وسمع من جماعة وحدث وكان يقول أنه سمع من قريبهم الشيخ محمد بن عمر السلاوي صاحب ابن عبد الدائم وحج وجاور (*).
(*) جاء في حاشية الورقة (230 أ): السلاوي نزل له محب الدين بن رافع عن مشيخة العزية في رجب سنة ثمانين وباشر .... فحصل وسعي في قضاء طرابلس عن ابن وهيبة في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وكان قد ولي قضاء بعلبك في أيام القاضي ولي الدين ثم عزله وكشف عليه .... عن الشيخين ابن كثير وابن رافع، وولي قضاء المدرسة عن الحافظ زين الدين العراقي وكان فقيراً ذا عيال وكدح في طلب الرزق. قال ابن حجر: سمعت الصحيح بقراءته سنة خمس وثمانين بمكة ثم قدم علينا القاهرة سنة ست وثمانين وكان بيننا مودة لكن كان شيخنا نور الدين الهيثمي ينسبه إلى المجازفة في التعليم وكان يدعي أنه سمع من محمد بن عمر السلاوى صاحب ..... ولم يظهر لي صحبته.