الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر رمضان
أوله الثلاثاء ثالث آذار وسابع برمهات ثاني عشري الحوت وليلة الخميس نقلت الشمس إلى برج الحمل في الساعة العاشرة في نحو نصفها، ثم جاء بثبوت أن الشهر كان أوله يوم الاثنين عند قاضي صيدا وذلك في أواخر الشهر فوصلوه بالحنبلي وحكم به واستهل هذا الشهر الشريف والعساكر الشامية ومن قدم من المصريين على صيدا يحاصرونها (*).
ويوم السبت خامسه قدم بيرم خجا من عند النائب يطلب بقية الأمراء الذين تأخروا من أمراء الشام بدمشق وأن لا يبقى بدمشق سوى الحاجب الكبير ويرسل جنده وكذلك جند الوزير فإنه أمير طبلخاناة، ويتأخر أيضاً الأمير الكبير سودون والأمراء المصريون.
وفيه خلع النائب بصفد على القاضي برهان الدين ابن خطيب عذراء بقضاء صفد ولاه المنصب بسعي منه.
ويوم الثلاثاء منه خلع بوظيفة الحسبة بدمشق على الشريف ابن زهرة الأصغر سعى على علم الدين سليمان بواسطة الوزير فيما بلغني وكتب خطه بجملة فجاءت الولاية له فلبس يومئذ ثم انفصل بعد اثنين عشر يوماً بالعلم.
(*) جاء في حاشية الورقة (62 ب): وفي رابعه كانت وفاة تمر السمرقندي وهو ..... الذي خرب البلاد وأظهر في الأرض الفساد وقهر العباد وحرق الشام وفعل تلك الأفاعيل القبيحة وكانت وفاته ببلاده، كتب إليّ بذلك مسعود الكحجي.
ويوم الأربعاء تاسعه توفي خطيب كفر سوسية شمس الدين محمد (1) بن علي ..... من أهل القرية وله نحو سبعين سنة ويقال أكثر وكان رجلاً جيداً يحفظ القرآن ويقرأ في الكتب وينسخ ويرغب في ذلك وإليه مرجع أهل القرية في قسمة الماء بينهم لا يخالفونه فيما يقول ويثقون بفعله وكان عارفاً بذلك ثم أنه أضر قبل وفاته بسنوات ورق حاله بسبب قضية شقطية فاستمر بالقرية مثابراً على ما هو بصدده من الصلاة والخطابة والتلاوة إلى حين وفاته وخلف بنتاً كبيرة وابن بنت نزل له عن الوظيفة وكان قد باشر وظيفة الخطابة والإمامة وولى له عنهما بعد ما باشرهما سنين وأشهراً بعد وفاة خطيبها ابن عم المذكور، وكانت مدة مباشرته وتوليه الوظيفة ثلاثون سنة إلا سبعة أشهر وكان يباشر الإمامة غير مدة ولايتي.
وطلب النائب أهله فتوجهوا إليه ليلة الأحد ثالث عشره.
وليلة الأحد ثالث عشره توفي الشيخ محيي الدين أبو اليسر أحمد (2) ابن شيخنا تقي الدين عبد الله ابن قاضي القضاة نور الدين محمد بن شرف الدين محمد بن ..... محمد بن عبد القادر ابن الصايغ الأنصاري الشافعي الأنصاري بمنزله بالرباط الناصري وصلى عليه من الغد بعد صلاة الظهر بالجامع المظفري ودفن بسفح الجبل بتربة أسلافه بالقرب من البطاحيه ومولده سنة تسع وثلاثين، وقد حضر على زينب ابنة الكمال وأبي العباس الجزري واعتنى به والده فاسمعه في صغره من جماعة شيئاً كثيراً ثم طلب هو بنفسه وكتب الطباق وقرأ بنفسه وتخرج بابن سعد وجمع وأرخ وكان يذاكر مذاكرة حسنة ويستحضر فوائد تاريخية ويحفظ جملاً من الأشعار وشهد على القضاة قديماً وحديثاً وكان إليه نظر الرباط الناصري والدماغية وحدّث يسيراً وانقطع بموته أشياء كان تفرد بسماعها.
(1) * * * *
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 426، إنباء الغمر 5/ 226، الضوء اللامع 1/ 368، شذرات الذهب 9/ 95، ذيل تذكرة الحفاظ 5/ 241.
ويوم الثلاثاء نصفه ضربت البشائر بوصول خبر يتعلق بصفد وهو أن الاتفاق وقع بين نائب صفد وبينهم على أن يكون يتبعهم وحلف لهم وحلفوا له ويترحلوا عنه ويعطيهم مالاً على ما قيل وزينت البلد لذلك، ثم جاء النائب ويشبك وبقية الأمراء المصريين خلا من هرب من العسكر إلى مصر مع نوروز ووصلوا يوم السبت تاسع عشره.
وكان نوروز قد أعطاه النائب دورة حوران والرملة وتلك النواحي فتوجه من هناك إلى الديار المصرية ولحقه جماعة من الأمراء الشاميين.
فلما كان من الغد يوم الأحد توجه النائب وجميع العساكر من الأمراء الشاميين والمصريين وأجناد الحلقة إلى ناحية الزبداني لتلقي جكم.
وخلع يومئذ على العلم سليمان ابن الجابي قباء بطراز بإعادته إلى الحسبة.
فلما كان يوم الثلاثاء ثالث عشريه دخلت العساكر وصحبتهم جكم فنزلوا بالميدان الأخضر هو ومن معه واحتفل الناس للتفرج عليه وأظهروا محبته لما بلغهم من حسن سيرته قديماً وحديثاً حين كان دواداراً وحين أخذ طرابلس وحلب، ولكن قيل أن السلطان لا يحبه لأنه كان يغلظ له في الكلام، وكان قد هيئ له بيت الحاجب جركس داخل باب الجابية فأبى النزول إلا في الميدان من أجل من معه، ولما استقر نزوله لاذ به الناس يدعون له ويظهرون محبته.
ومن الغد نودي على الفلوس أن كل رطل بتسعة دراهم وكانت كثرت وصغرت وصارت تصرف منها العشرة بخمسة وعشرين وأكثر وبلغت الثلاثين، والدينار الفرنجي بلغ السبعين ثم تناقص وربما بلغ الثمانين، وغلت الأسعار بسبب ذلك فبلغ رطل اللحم إلى ستة عشر أياماً من رمضان تناقص إلى ثلاثة عشر وهو بالفضة بخمسة ونصف في كل الأحوال، وهكذا سائر الأشياء، وأُبيع القطر كل رطل بخمسة وأربعين بالفلوس وبالفضة بالعشرين ودونها فلما كان يوم الأربعاء ثالث عشريه نودي على الفلوس كما ذكرنا فأبيع اللحم كل رطل بستة بها، ونزلت الأسعار ولكن الدينار الفرنجي سعر
بخمسة وثلاثين، ولم نر رمضان أبيع فيه كل شيء غال مثل رمضان هذا ولا أرفع سعراً في كل شيء حتى أن رمضان الذي كان عقيب خروج شقطية والبلد خراب والناس ليس لهم شيء كانت فيه الأسعار أخفض من هذا بكثير، وسببه الفلوس فإنها في كل وقت تضرب جدداً ويصغر حجمها ووزنها وينادى على التي قبلها بالرخص فيشترونها ويأخذونها إلى دار الضرب فبعد أيام تضرب وتعاد العتق قبلها إلى الميزان فحصل للناس من الضرر أمر كبير.
ويوم الخميس رابع عشريه قبض على الحاجب الكبير جركس وأودع القلعة وأُحتيط على حواصله اتهموه بمكاتبة المصريين وأحضروا كتاباً بخط ديوانه فانكسر الحاجب وكان قد حلف لهم فأُحضر الديوان فاعترف أنه خطه فأُطلق وقبض على الحاجب فأُعطي داره والسوق الذي عمره لقرايوسف التركماني فذهب فنزل بالدار وتفرق جماعته البيوت التي فوق الحوانيت وأنزلوا من كان بها وآذوهم.
ويوم الخميس عشريه أول برمودة وأرسلوا يومئذ إلى القاضي بدار الخطابة قبيل الصلاة أن لا يدعو للسلطان فامتثل القاضي ذلك وكانت نوبته يومئذ ثم تابعه سائر الخطباء في شوال على ذلك في يوم العيد وبعضهم في الجمعة التي بعدها إلى أن تبين لهم أني دعوت للسلطان فيهما فتابعوني واستمر الأمر على ذلك.
ويوم الجمعة خامس عشريه أول برمودة.
ويوم السبت سادس عشريه قبض على الوزير بن شاكر وسلم إلى علم الدين سليمان ابن المحتسب ليستخلص منه عشرين ألف دينار ثم استقر الحال على سبعة آلاف وعزل الاستاددار واستراح المسلمون منه ثم أُعيد.
وليلة الأحد سابع عشريه سافر الأمير جكم إلى طرابلس بعد ما أقام بالميدان خمسة أيام.
وفي العشر الأوسط منه جرت كائنة فظيعة بالقدس وذلك أن نائبها حسن طلب منهم مالاً يفرضه عليهم بسبب ما تكلفه للأمير نوروز لما ورد
هناك فامتنعوا فتركهم حتى اجتمعوا بحريم المسجد وغلق عليهم وألزمهم بالوزن فاستغاثوا عليه وصاحوا: لا يحل، فذهب فلبس السلاح رجاء إليهم فاقتتلوا فقتل بضعة عشر نفساً منهم أربعة من جماعة النائب وجرح جماعة آخرون فهرب النائب من القدس لا يدرون أين توجه، وجاء الخبر بذلك في هذه الأيام فوليّ النائب نيابة القدس لدواداره الصغير يلبغا وخلع عليه وعلى الأمير أسن باي بحجوبية الحجاب.
يوم الاثنين ثامن عشريه ثم اثبتوه تاسع عشريه اتصل بهم أشهاد قاضي صيدا فوصله الحنبلي وحكم به أن أول رمضان الاثنين والحساب يأباه.
وليلة السبت وهو السابع والعشرون منه على حساب أهل صفد توفي بها الفقيه شمس الدين محمد (1) ابن الشيخ عبد الرحمن الصبيبي المدني، وكان قدم من المدينة في أثناء السنة من مصر ثم خرج في أواخر شعبان منها قاصداً دمشق فعرض له اسهال ببلبيس وتزايد به إلى أن أدركه أجله بصفد ودفن من الغد وما بلغ الخمسين وكان معه ولده أبو الحزم فقدم دمشق وأخبر بذلك.
وفي أوله أو آخر شعبان توفي القاضي الفاضل نور الدين علي (2) ابن القاضي العالم سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن ودفن يومئذ ..... وكانت وفاته ببلبيس وهي معاملته فنقل إلى القاهرة في أول الشهر، وكان نائب الحكم ومدرس بمدارس والده وكان شاباً عاقلاً ما أحسبه بلغ الأربعين ولعله بلغها، واشتغل في العلم على والده وعنده سكون واجتمع بي بالقاهرة في حياة والده وتكلم معي بحضور القاضي ابن المناوي وهو منسوب إلى ديانة وكانت له ثروة وهو معدود في من يسعى في القضاء، عاش بعد والده ثلاث سنين وخمسة أشهر وأربعة أيام وجعلت
(1) وفيات ابن قنفذ 381 (807) الضوء اللامع 8/ 48 (51) توشيح الديباج 207 (202)، نيل الابتهاج 480 (586)، كفاية المحتاج 376 (501).
(2)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 449، إنباء الغمر 5/ 252، الضوء اللامع 5/ 267 (894)، شذرات الذهب 9/ 104.
وظائفه لولد له صغير، كانت وفاته في آخر شعبان ببلبيس ونقل إلى مقابر القاهرة فدفن في مستهل رمضان.
وليلة التاسع والعشرين توفي الشيخ نور (1) الدين الهيثمي علي بن أبي بكر بن سليمان، وكان رفيق الشيخ زين الدين العراقي وصاحبه، سمع من المسلاتي وبدمشق من ابن الخباز وطائفة من أصحاب ابن البخاري وغيرهم.
وفي آخر رمضان استخلف القاضي في الحكم لقاضي صفد برهان الدين ابن خطيب عذراء (2) ولم يمكنه من الإثبات بل في سماع الدعوى وما يتعلق بها وذلك برسالة أسن باي فباشر في شوال.
(1) بهجة الناظرين/226 تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 448 إنباء الغمر 5/ 256، الضوء اللامع 5/ 200 (676)، شذرات الذهب 5/ 109.
(2)
عذراء - قال ياقوت -قرية بغوطة دمشق- معجم البلدان 4/ 103 (8251).