الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر رمضان
أوله الخميس ثالث عشر أذار وسابع عشر برمهات وثاني برج الحمل، وفي أوله وقع مطر وكذلك ليلة السبت وفي يومه وليلة الأحد كثيرًا جدًا في الليلتين جرت الميازيب وتوحلت الطرق وأنعش الزرع وكان الناس مضرورين إليه بعد وقوع مطر من أزيد من شهر.
ويوم الأربعاء سابعه وصل الأمير خواجا مسعود الكُجُجي رسول تمرلنك إلى دمشق بعد غيبته عنها في الرسالة إلى السلطان تسعة أشهر ويومين ووصل معه رسول من السلطان إلى تمر مصاحبًا لمسعود ومعه هدايا وتحف.
وفي أوله فتح الجامع الذي بناه الأمير سودون فزاده بسويقة العزّي ظاهر القاهرة وخطب به القاضي شمس الدين الطرابلسي الحنفي يوم الجمعة ثانيه بتولية الواقف، ورأيت هذا الجامع من ظاهره.
وفيه وقعت وقعة بين نعير وابن سالم الدكري انكسر فيها التركمان وظفر نعير بابن سالم فقطع رأسه وأرسله إلى السلطان في العشر الأخير منه، وقيل أنه أرسل إلى نائب حلب دمرداش يهدده وأرسل إلى السلطان بأن كلًا من دمرداش ودقماق لا يصلح وأنه لا ينصر واحدًا منهمًا إذا استنصر بهما لأنه قد صار لكل منهما عصبية وأهوية وأن المصلحة أن تولوا ثالثًا حتى أكون معه.
وفيه وردت الأخبار بأن وقت صبح الخميس عاشر شعبان كذا قال
عاشر جاءت زلزلة عظيمة في بلاد حلب وطرابلس وأنه خرب من اللاذقية وجبلة (1) وبلاطنس (2) أماكن عديدة وقلعة بلاطنس ومات تحت الردم بها خمسة عشر نفسًا وكذلك مات بجبلة خمسة عشر نفسًا وأن ثغر بكاس (3) خربت جميعها والقلعتين بها ومات أهلها أجمعون إلا نحو خمسين نفسًا وأن الأرض انشقت وانقلبت قدر بريد من القصير إلى سلفوهم وأن بلد سلفوهم كانت فوق رأس جبل نزلت عنهم وانتقلت قدر ميل بأهلها وأشجارها ومواشيها وأعينها وذلك ليلًا لم يشعروا إلا وقد صاروا إلى الموضع الذي انقلبت إليه البلد ولم يتأذى أحد منهم وأن من الوقت المذكور كانت الزلزلة أيضًا بقبرص وتخرّب منها أماكن كثيرة وكذلك بالسواحل والجبال، أخبر بذلك الفرنج عند وصولهم عشية السبت ثاني عشر شعبان، وأن عدلين أخبرا أنهما رأيا الجبل الأقرع كان على رأسه ثلج وأنه نزل إلى البحر وطلع وبينه وبين البحر عشر فراسخ، وأن البحرية أخبروا أن المراكب في البحر الملح جلست على الأرض بما فيها في قرار البحر وصارت الأرض يابسة ثم رجع البحر إلى ما كان ولم يتضرر أحد.
ويومئذ أعني يوم الأربعاء سابعه طلبت إلى داريا وهناك الخواجا مسعود والحاجب الكبير جركس والأمير الكبير سودون الظريف ومن أتى من الأمراء والقضاة الأربعة قد خرجوا لتلقي الخواجا رسول تمر وقد وصل صحبته توقيعي بخطابة الجامع ومشيخة الشيوخ وبغلة بزناري وخلعة فألبسني الحاجب هناك الخلعة وجئنا جميعًا إلى البلد.
ويوم الجمعة خطبت بالجامع وحضر خلق كثير بحيث امتلأ الجامع وبكر الناس للحضور وازدحموا وحضر بعد الصلاة عندي ببيت الخطابة
(1) جبله - قال ياقوت -قلعة مشهورة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية- معجم البلدان 2/ 122 (2936).
(2)
بلاطنس -حصن منيع بسواحل الشام مقابل اللاذقية من أعمال حلب- معجم البلدان 1/ 566 (2082).
(3)
بكاس -قلعة من نواحي حلب على شاطئ نهر العاصى- معجم البلدان 1/ 561 (2059).
الخواجا المذكور والحاجب والأمير الكبير وخلق من أصحابنا الفقهاء والقضاة وكان يومًا مشهودًا ولله الحمد وتاريخ التوقيع سابع عشر ربيع الأول.
ويوم الأحد حادي عشره توفي جمال الدين عبد الله بن المارديني المعروف (1) يتَمَتَّع بمسجد بالقرب من باب النصر ودفن بمقبرة الباب الصغير وكان ورث من والده مالًا كثيرًا فضيَّعه ثم أخذ يعاشر بعض الأكابر ثم صار يستكدي من الأعيان وربما مدح بالبيتين ونحوهما في ورقة بخط حسن يكتب له وربما كان الشعر من نظم غيره، وكان يلازم الربوة ويعاشر أبناءها وكان عنده ما يقال وأحسبه من أبناء الخمسين وكان أحد المنزلين بخانقاه القاري فقررت مكانه رجلًا.
وبعد مضي نصف الشهر وصل الخبر بتولية القاضي زين الدين عبد الرحمن الكفري قضاء الحنفية عوضًا عن ابن القطب بعد ما باشره ثلاثة أشهر فأقام شهرين ثم أُعيد ابن القطب.
ويوم الثلاثاء العشرين منه توجه الخواجا مسعود رسول تمرلنك ومنكلي بغا الحاجب رسول السلطان إلى جهة قصدهم على بعلبك، وبلغني أنهم خرجوا من بعلبك يوم السبت وأنهم عيدوا بين حماه وحلب وتوجهوا من حلب في حادي عشر شوال بعد ما كانوا دخلوها يوم الثلاثاء الماضي.
ويوم الخميس نصفه صُلي على جنازة الشيخ أبي بكر (2) بن داود المقيم بالصالحية وكان معدودًا في الصالحين وله زاوية هناك وهو على طريقة السنة وله إلمام بالعلم.
ويوم الجمعة سادس عشره توفي مبارك (3) المصري الذي ولي الحسبة في العام الماضي غير مرة وأساء في المباشرة وكان من جهة النائب، ثم لما
(1) إنباء الغمر 5/ 169 الضوء اللامع 5/ 69 (249). وهو عبد الله بن محمد المارديني.
(2)
* * * *
(3)
تاريخ ابن قاضي شهبة 4/ 385.
كثر الكلام فيه عزله وعوضه بنظر الأسرى فدام بيده إلى أن مات بعد مرض طويل سامحه الله تعالى.
وفيه أيضًا عزل الشريف النسابة من مشيخة خانقاه بيبرس وولي إمام السلطان وكان قبل ذلك أخذ النظر بسؤاله وصار مضافًا إلى الأمير الكبير بيبرس.
وفي الساعة الحادية عشر من يوم الجمعة الثلاثين منه نقلت الشمس إلى برج الثور.
ويومئذ ثار ريح شديد تخوف الناس بها بحيث إن المنبر كنت أخطب عليه بالجامع فخشينا من سقوطه ودامت بقية النهار وخرطت أوراق الأشجار بما فيها من الفواكه وتلف كثير من ذلك.