الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهر ربيع الأول
أوله الخميس سابع عشري آب وفي التقويم أنه يرى ليلة الأربعاء ويوم السبت ثالثه تاسع عشري آب وهو أول توت ويوم النيروز.
ويوم الخميس أوله تولى قضاء المالكية بالديار المصرية ولد القاضي ناصر الدين ابن التنسي ولقبه جمال الدين وهو شاب سيء السيرة عندهم متجاهر بالمنافي فأنكر الناس ذلك وقام القاضي جلال الدين وهو معزول وغيره واجتمعوا بالدولة وقبحوا هذا الفعل فعزل وأعيد ابن البساطي يوم السبت بعد ما باشر ذاك يوماً.
ولما ولي هذا طمع آخر يقال له ابن الجباس وضيع كان سعى فيما قيل لي أن يكون سمساراً فقام عليه السماسرة ومنعوه وآل أمره إلى أن ولي الحسبة وقتاً ثم سعى من قريب حتى جعل نائباً للقاضي فجرأه ذلك على أن تكلم في السعي في القضاء لما رأى الفساد مستحكماً والسعي سهلاً، فلما بطل أمر ابن التنسي سكن.
فلما كان يوم الاثنين خامسه أعيد قاضي القضاة جلال الدين ابن الشيخ إلى القضاء على عادته وانفصل القاضي شمس الدين بعد ما باشر عشرين يوماً.
ويومئذ وصل الخبر إلى القاهرة بدخول الأمير نوروز إلى دمشق.
يوم الثلاثاء سادسه قام الأجلاب وعادوا إلى سيرتهم الأولى من الوقوف تحت القلعة وعند بابها وركبوا خلف أمير مقدم يقال له أرغون وقد
نزل من القلعة وهموا به فنزل عن فرسه وهرب منهم فأخذوا الفرس وفتاه وزادوا في الأمر وهمّ السلطان بالهرب فأشير عليه بطلب الأمراء المختفين وإطلاق المسجونين فلما كان من الغد يوم الأربعاء سابعه بعد العصر أرسل السلطان إلى الأمير يشبك والأمير تمراز والأمير جركس المصارع والأمير قردم ومن كان مختفياً فحضروا بين يديه فرضي عنهم وأمرهم بالنزول إلى بيوتهم فهرع الناس إليهم للسلام عليهم حتى جاء الأجلاب إلى يشبك يسلمون عليه ويقبلون ركبته بعد ما كانوا يظهرون أنهم إذا رأوه قتلوه وأرسل السلطان بإطلاق المسجونين قديماً بالإسكندرية ويطلب أينال باي من دمياط وسكن الأجلاب مدة.
ويوم الخميس ثامنه ولي الأمير سودون المحمدي أمير آخور ونزل بباب السلطنة وكان قد أعطى تقدمة من حين أفرج عنه.
ويوم الخميس نصفه وصل الأمراء المسجونون بالإسكندرية وهم سودون الحمزاوي وقطلوبغا الكركي ووصل أينال باي من دمياط فاجتمعوا كلهم يومئذ بالسلطان فرضي عنهم ونزلوا إلى دورهم وبعد يوم أو يومين أرسل خلف الذين سجنوا بالإسكندرية يشبك بن أزدمر ومن معه فأطلقوا.
ويوم الثلاثاء العشرين منه قبض على كاتب السر بالديار المصرية فتح الدين فتح الله وسلم إلى مشد الدواوين ليأخذ منه مالاً كثيراً وخلع على القاضي سعد الدين بن غراب بكتابة السر، وعوقب يوم الجمعة ثم ركب إلى ابن غراب في أواخر الشهر كما سيأتي فأطلق وقرر عليه مبالغ.
ويوم الخميس ثاني عشريه خلع على الأمير دمرداش بنيابة غزة وأعطاه السلطان شيئاً كثيراً من خيل ومال وتوجه يوم السبت، وعلى يشبك بن أزدمر بنيابة ملطية وأُلزم بالخروج من فوره فخرج إلى الخانقاه فلما كان الليل توجه إليه جماعة من المماليك يقال بإذن الأمير الكبير فرجعوه إلى البلد وأصبحوا راكبين حول القلعة ينكرون ذلك واستمروا كذلك إلى يوم الأحد، واجتمع الأمراء يومئذ ببيت بيبرس حلفوا وأُخرج يومئذ الأمير طغري بردي إلى القدس فتوجه إليها فلما كان ظهر يومئذ وهو الأحد خامس عشريه هرب
السلطان من القلعة وعرف الناس بذلك قبل العصر فماج الأمراء بعضهم في بعض، وقيل أنه خرج لابس طاقيه مشدود الوسط عليه ملوطه بيضاء من ناحية الباب الذي من جهة القرافة ورآه الأسياد فصاحوا به فقال: أنا تركت لكم الملك وتوجه فاختفى، وقيل أنه اتفق مع دمرداش على أن يتوجه معه إلى الشام ولهذا أعطاه خيلاً كثيرة وذهباً كثيراً ..... وأن هذا كله حيلة باتفاق معه ومع طغري بردي وكثرت الأقاويل في الجهة التي توجه إليها فلما كان بعد العصر اجتمع الأمراء بدار الأمير الكبير بيبرس وأرسل خلف الخليفة المتوكل على الله والقضاة فحضروا كلهم هناك، فجلس الخليفة وعن يمينه القضاة وعن يساره الأمير بيبرس ويليه الأمير يشبك ويليه أينال باي وحضر من الأمراء المشهورين على ما ذكر لي ممن كان حاضراً الأمير سودون المارداني الدوادار والأمير سودون الحمزاوي وسودون الطيار وقطلوبغا الكركي وابنيه وقاني بيه وارغون وبيبرس المحمدي الصغير الفقيه ويلبغا الناصري وجركس المصارع والطنبغا العثماني وتمربغا المشطوب وأزبك خاص جرجي وكان عين لنيابة سيس أو طربوس ويشبك بن أزدمر المقدم ذكره وغيرهم وكاتب السر سعد الدين بن غراب وأخوه الوزير فخر الدين واتفقوا على سلطنة أخي السلطان الناصر واسمه عبد العزيز فأرسلوا إلى باب السلسلة ليفتح ويبايع في الإصطبل كما بويع اخاه وقبلهما أبوهما فامتنع وروجع في ذلك مراراً فيمتنع ويعتذر فركب إليه أخوه بيبرس الفقيه وحصل الاتفاق على فتح الباب فركبوا اجمعون فلما وصلوا الباب توقف ثم استقر الحال على أن لا يدخل لا الخليفة والقضاة والدوادار والأمير الكبير والأمير يشبك وأينال باي وبيبرس الصغير وكاتب السر فأدخلهم واحداً واحداً بعد ما أشرف عليهم وأشهد عليهم بالرضا بذلك وعلى المماليك الأجلاب، نادى رؤوس النواب أهم راضون؟ فقالوا: نعم، ثم أغلق الباب عليهم وذلك بعد الغروب وأحضروا السلطان وسلطنوه وألبسه ابن الغراب السواد وعممّه ولم يفرغوا من أمرهم إلى بعد العشاء، وأصبح الناس وكثير منهم لا يدرون ما وقع ولم يضربوا الطبلخانات والبشائر ولا زينوا البلد، وسكن الناس واستمر السلطان بجميع أرباب الولايات ولم يغير أحداً وعلّم وكتب ومضى الأمر