الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(معضد بْن يزيد الشيباني)[1]
اسْتُشْهِدَ بأذربيجان، ولا صحبة له.
[بقية حوادث السنة]
ووُلِد فيها يزيد بْن معاوية [2] .
وَقَالَ محمد بْن جرير [3] : إن عُمَر أقر على (فرج الباب) عبد الرحمن بْن ربيعة الباهلي وأمره بغزو التُّرْك، فسار بالنّاس حتى قطع الباب، فَقَالَ له شهريران [4] : مَا تريد أن تصنع؟ قَالَ: أُناجزهم في ديارهم، وباللَّه إن معي لأقوامًا لو يأذن لنا أميرنا في الإمعان لَبَلَغْت بهم السّدّ.
ولما دخل عبد الرحمن على التُّرك حال الله بينهم وبين الخروج عليه وقالوا: مَا اجترأ على هذا الأمر إلا ومعهم الملائكة تمنعهم من الموت، ثُمَّ هربوا وتحصنوا، فرجع بالظفر والغنيمة، ثُمَّ إنه غزاهم مرتين في خلافة عثمان فيَسْلَم ويَغْنَم، ثُمَّ قاتلهم فاستُشْهد- أعني عبد الرحمن بْن ربيعة- فأخذ أخوه سلمان [5] بْن ربيعة الراية، وتحيز بالنّاس، قَالَ: فَهُم- يعني التُّرْك- يستسقون بجسد عبد الرحمن حتى الآن.
خبر السَّدّ
الْوَلِيدُ: ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنِي رَجُلانِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ الثَّقَفِيِّ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّي قد رأيت السّدّ، قال: كيف
[1] تاريخ خليفة 165، تاريخ الطبري 4/ 304- 306، الكامل في التاريخ 3/ 132- 134.
[2]
تاريخ الطبري 4/ 160.
[3]
في تاريخه 4/ 155.
[4]
في تاريخ ابن جرير (شهربراز) وفي المواضع التالية من النّصّ كذلك.
[5]
في نسخة دار الكتب (سليمان) وهو خطأ، على ما في الأصل وتاريخ الطبري 4/ 159، وأسد الغابة 2/ 327.
رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُهُ كَالْبُرْدِ الْمُحَبَّرِ [1] . رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا، وَزَادَ: طَرِيقَةٌ سَوْدَاءُ وَطَرِيقَةٌ حَمْرَاءُ، قَالَ: قَدْ رَأَيْتَهُ. قُلْتُ: يُرِيدُ حُمْرَةَ النُّحَاسِ وَسَوَادَ الْحَدِيدِ.
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْوِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إن يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوْا شُعَاعَ الشَّمْسِ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيُعِيدُهُ اللَّهُ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ [2] حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا أَنْ يَرَوُا الشَّمْسَ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمُ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ فَيَحْفِرُونَهُ، فَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ [3] ، وَيَتَحَصَّنُ النَّاسُ مِنْهُمْ فِي حُصُونِهِمْ، فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَرْجِعُ فِيهَا كَهَيْئَةِ الدِّمَاءِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الأَرْضِ وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَغَفًا [4] فَيَقْتُلُهُمْ بِهَا [5] . وذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عمرو بن معديكرب عَنْ مطر بْن ثلج [6] التميمي قَالَ [7] : دخلت على عبد الرحمن بْن ربيعة بالباب وشهريران [8] عنده، فأقبل رجل عليه شَحَوبة حتى دخل على عبد الرحمن
[1] ذكره الإمام البخاري تعليقا، كما في (البداية والنهاية لابن كثير 7/ 124) . وقال ابن كثير في تفسيره:(هذا حديث مرسل) ، وبسط القول في أحاديث السّدّ في سورة الكهف.
[2]
زاد في «سنن ابن ماجة» : «وأراد الله أن يبعثهم على الناس» .
[3]
زاد في «سنن ابن ماجة» : «فينسفون الماء» .
[4]
النّغف: بالتحريك: دود. (النهاية لابن الأثير) .
[5]
رواه ابن ماجة في الفتن (4080) باب طلوع الشمس من مغربها، وأحمد في المسند 2/ 510، 511، وابن عساكر في تاريخ دمشق 2/ 2.
[6]
في النسخة (ع) : «بلج» وهو تصحيف. والصواب في الأصل وتاريخ الطبري.
[7]
تاريخ الطبري 4/ 159.
[8]
في تاريخ الطبري «شهربراز» .
فجلس إلى شهريران، وكان على مطر قباء برد يمنّي أرضه حمراء ووشْيُه أسود. فتساءلا، ثم إنّ شهريران قَالَ: أيها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثُته نحو السّدّ منذ سنتين [1] ينظر مَا حاله ومن دونه، وزوَّدْتُه مالًا عظيمًا، وكتبت له إلى مَن يليني وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه، وزوَّدْتُه لكل مَلِك هدية، ففعل ذلك بكل ملكٍ بينه وبينه، حتى انتهى إلى الملك الَّذِي السّدّ في ظهره [2] ، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه، فبعث معه بازياره ومعه عُقابه وأعطاه حريرة، قَالَ: فلمّا انتهينا إذا جبلان، بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين، وإن دون السُّدّ خندقًا أشدّ سوادًا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه، ثُمَّ ذهبت لأنصرف، فَقَالَ لي البازيار [3] على رِسلك أُكافِئك [4] إنه لَا يلي ملِك بعد ملِكٍ إلا تقرب إلى الله بأفضل مَا عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب، قَالَ: فشرّح بضعة لحمٍ معه وألقاها في ذلك الهواء، وانقضّت عليها العقاب، وقال: إنْ أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، فخرج عليه العُقاب باللحم في مخاليبه، فإذا قد لصق فيه ياقوتَةٌ فأعطانيها وها هي ذِه، فتناولها شهريران فرآها حمراء، فتناولها عبد الرحمن ثُمَّ ردّها، فَقَالَ شهريران. إنّ هذه لخيرٌ من هذا- يعني الباب- وأيْمُ اللَّهِ لأنتم أحبّ إلي ملكةً من آل كِسْرى، ولو كنت في سلطانهم ثُمَّ بلغهم خبرها لانتزعوها منيّ، وَايْمُ اللَّهِ لَا يقوم لكم شيءٌ مَا وفيتم أو وَفى مَلِكُكُم الأكبر.
[1] في تاريخ الطبري «سنين» .
[2]
هكذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري «حتى انتهى إليه، فانتهى إلى الملك الّذي السّدّ في ظهر أرضه» .
[3]
البازيار: حافظ الباز وصاحبه. تاج (العروس) . والباز أشرف الطيور. وبه سمي (علم البزدرة) كما في تذكرة داود الأنطاكي.
[4]
في تاريخ الطبري (أكافك) وكلاهما صحيح. ومثله في النسخة (ح) .
فأقبل عبد الرحمن على الرسول وَقَالَ: مَا حال السّدّ [1] وما شبهه؟
فَقَالَ: مثل هذا الثوب الَّذِي على مطر، فَقَالَ مطر: صَدَقَ واللِه الرجلُ لقد بَعَّد [2] ورأى ووصف صفة الحديد والصُّفْر.
فَقَالَ عبد الرحمن لشهريران: كم كانت قيمة هاتيك [3] ؟ قَالَ: مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان.
وحدّث سلام الترجمان قَالَ: لمّا رأى الواثق باللَّه كأنّ السّدّ الّذي بناه ذو القَرْنَيْن قد فُتِح وجَّهني وَقَالَ لي: عاينْه وجئني بخبره، وضمّ إليَّ خمسين رجلًا، وزوّدنا، وأعطانا مائتي بغلٍ تحمل الزاد، فشخصنا من سامرّاء بكتابه إلى إسحاق [4] وهو بتفْلِيس [5] ، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك الّلان، وكتب لنا ملك اللّان إلى فيلان شاه [6] ، وكتب لنا إلى ملك الخَزَر، فوجَّه معنا خمسة أدلَّاء، فسرنا من عنده ستةً وعشرين يومًا، ثُمَّ صرنا إلى أرض سوداء منتنة، فكنّا نشتمّ الخل [7] ، فسرنا فيها عشرة أيام، ثُمَّ صرنا إلى مدائن خرابٍ ليس فيها أحد، فسرنا فيها سبعةً وعشرين يومًا، فسألْنا الأدِلّاء عَنْ تلك المدن فقالوا: هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثُمَّ صرنا إلى حصونٍ عند السّدّ
[1] في تاريخ الطبري 4/ 160 «الردم» .
[2]
في تاريخ الطبري (نفذ) بدل (بعد) .
[3]
هكذا في ح والأصل ومنتقى أحمد الثالث. وفي نسخة دار الكتب وتاريخ الطبري (هديتك) .
[4]
في «المسالك والممالك» لابن خرداذبه- ص 163 «إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية» .
[5]
تفليس: بفتح أوّله ويكسر: بلد بأرمينية الأولى، وبعض يقول بأرّان، وهي قصبة ناحية جرزان قرب باب الأبواب. (معجم البلدان 2/ 35) .
[6]
في نسخة دار الكتب: «قبلان شاه» ، والتصحيح من الأصل، والمسالك والممالك، ونهاية الأرب للنويري.
[7]
في «المسالك والممالك» : «وكنّا قد تزوّدنا قبل دخولها خلّا نشمّه من الرائحة المنكرة» . وانظر نهاية الأرب 1/ 375.
بها قوم يتكلمون بالعربية [والفارسية، مسلمون [1] يقرءون القرآن، لهم مساجد وكتاتيب، فسألونا، فَقَالَ] : نحن رُسُل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! فنقول: نعم، فقالوا: شيخٌ هو أم شاب؟ قلنا: شاب، فقالوا: أين يكون؟ فقلنا: بالعراق بمدينة يقال لها سُرَّ مَن رأى، فقالوا: مَا سمعنا بهذا قط [2] .
ثُمَّ صرنا إلى جبلٍ أملس ليس عليه خضراء، وإذا جبل مقطوع بوادٍ عرضه مائة [3] ذراع، فرأينا عضادَتَيْن مبنيَّتَيْن ممّا يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعًا، الظاهر من تحتها عشرة أذرُع خارج الباب، وكلّه بناء بلبن من حديث مُغَيَّب في نُحاس [4] في سَمْك خمسين ذراعًا، قد ركب على العضادتين على كل واحدة بمقدار عشرة أذرُع في عرض خمسة، وفوق الدروَنْد بناء بذلك اللَّبن الحديد إلى رأس الجبل، وارتفاعه مدُّ البصر، وفوق ذلك شُرَف حديدٍ لها قرنان يَلِجُ كلُّ واحدٍ منهما إلى صاحبه، وإذا باب حديدٍ له مِصْراعان مغلقان عرضهما مائة ذراع في طول مائة ذراع في ثخانة خمسة أذرع. وعليه قُفْلٌ طوله سبعة أذْرُع في غِلَظ باع، وفوقه بنحو قامتين غلْقٌ طوله أكثر من طول القُفْلِ، وقفيزاه كلّ واحدٍ منهما ذراعان، وعلى الغلْق مفتاح معلَّق طوله ذراع ونصف، في سلسلةٍ طولها ثمانية أذرُع، وهي في حلقة كحلقة المنجنيق.
[1] في نهاية الأرب «وأهلها مسلمون» .
[2]
[3]
في نهاية الأرب «عرضه مائة وخمسون ذراعا» .
[4]
في «المسالك والممالك ص 165» زيادة: «تكون اللّبنة ذراعا ونصفا في ذراع ونصف في سمك أربع أصابع، ودروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعا» .
ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس، مع كلّ فارس مِرْزبَّةٌ من حديد فيضربون الْقُفْلَ بتلك المرَازِب ثلاث ضربات، يسمع من وراء الباب الضرب فيعلمون أنّ هناك حفظة، ويعلم هؤلاء أنّ أولئك لم يُحْدِثُوا في الباب حدثا، وإذا ضربوا القفل وضعوا آذانهم يتسمّعون، فيسمعون دويّا كالرّعد.
وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير، ومع الباب حصنان يكون مقدار كل واحدٍ منهما مائتي ذراع، في مائتي ذراع، وعلى باب كلّ حصن شجرة، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحد الحصنين آله بناء السّدّ من قُدُور ومَغارف وفضْلة الّلبن قد التصق بعضُه ببعضٍ من الصَّدأ، وطول الَّلبنة ذراع ونصف في مثله في سمْك شِبْر. فسألنا أهل الموضع هل رأوا أحدًا من يأجوج ومأجوج، فذكروا أنّهم رأوا مرَّةً أعدادًا منهم فوق الشُرَف، فهبّت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبهم، وكان مقدار الرجل منهم شبْرًا ونصفًا [1] ، فلمّا انصرفنا أخذ بنا الأدِلَّاء، إلى ناحية خُراسان، فسِرنا إليها حتى خرجنا خلف سَمَرْقَنْد بتسعة فراسخ، وكان أصحاب الحصون زوَّدونا مَا كفانا.
ثُمَّ صرنا إلى عبد الله بْن طاهر. قَالَ سلام التِّرْجُمان: فأخبرتُهُ خَبَرَنا، فوصلني بمائة ألف درهم، ووصل كلّ رجل معي بخمسمائة درهم، ووصلنا إلى سُرَّ من رأى بعد خروجنا منها بثمانية وعشرين شهرًا. قَالَ مصنّف كتاب «المسالك والممالك» [2] : هكذا أملى عليَّ سلام التّرجمان [3] .
[1] في نهاية الأرب 1/ 378 (شبرين ونصفا) .
[2]
هو أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله المعروف بابن خرداذبه، المتوفّى في حدود سنة 300 هـ.
انظر كتابه (ص 162- 170) طبعة بريل 1889، وانظر نهاية الأرب للنويري 1/ 374- 378، ومعجم البلدان 3/ 197- 200.
[3]
قال ياقوت في معجم البلدان 3/ 200: «قد كتبت من خبر السدّ ما وجدته في الكتب ولست أقطع بصحّة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه. والله أعلم بصحته، وعلى كل حال فليس في صحة أمر السدّ ريب، وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز» .