الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ستّ عشرة
قيل: كانت وقعة القادسية في أوّلها. وَاسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ مائتان، وقيل:
عشرون ومائة رجل.
قَالَ خليفة [1] : فيها فُتِحت الأهواز ثُمَّ كفروا [2] ، فحدّثني الوليد بْن هشام، عَنْ أبيه، عَنْ جدّه قَالَ: سار المُغِيرَة بْن شُعْبَة إلى الأهواز فصالحه الفّيْرُزان [3] على ألفي ألف درهم وثمانمائة ألف دِرهم، ثُمَّ غزاهم الأشعري بعده.
وَقَالَ الطبريُّ [4] : فيها دخل المسلمون مدينة بَهُرَسِير [5] وافتتحوا المدائن [6] ، فهرب منها يزدجرد بن شهريار.
[1] تاريخ خليفة 134.
[2]
أي نقضوا العهد.
[3]
في تاريخ خليفة «البيرزان» ، وقد سبق الإشارة إلى هذا اللفظ في بعض المصادر وأنّ الفاء تقلب باء بالفارسيّة، فيقال: أصفهان، وأصبهان، مثلا.
[4]
في التاريخ 4/ 5.
[5]
في (ع) والأصل (بهرشير) وفي (ح) : (نهر شير) . والتصحيح من معجم البلدان 1/ 515 حيث ضبطها بالفتح ثم الضم، وفتح الراء وكسر السين المهملة. وهي من نواحي سواد بغداد قرب المدائن.
[6]
قال ياقوت: الّذي عندي فيه أنّ هذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانيّة وغيرهم
فلما نزل سعد بْن أبي وقاص بُهرَسِير- وهي المدينة التي فيها منزل كِسْرَى- طلب السُّفُنَ ليعبر بالنّاس إلى المدينة الْقُصْوَى، فلم يقدر على شيءٍ منها، وجدهم قد ضمُّوا السفن، فبقي أيّامًا حتى أتاه أعلاجٌ فدُّلوه على مخاضة [1] ، فأبى، ثُمَّ إنه عزم له أن يقتحم دِجلة، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزَّبَد [2] ، ففجِئ [3] أهل فارس أمرٌ لم يكن لهم في حساب، فقاتلوا ساعةً ثمّ انهزموا وتركوا جُمهور أموالهم، واستولى المسلمون على ذلك كلّه، ثُمَّ أتوا إلى القصر الأبيض، وبه قوم قد تحصّنوا ثُمَّ صالحوا.
وقيل إنّ الفرس لمّا رأوا اقتحام المُسْلِمين الماء تحيَّروا وقالوا: واللِه مَا نقاتل الإنس ولا نقاتل إلّا الجن، فانهزموا [4] .
ونزل سعد القصر الأبيض، واتّخذ الإيوان مُصَلَّى، وإنّ فيه لتماثيل جَصٍّ فما حرَّكها [5] .
ولما انتهى إلى مكان كِسْرى أخذ يقرأ كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ 44: 25- 26 [6] الآية.
[ () ] فكان كل واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسمّاها باسم، فأوّلها المدينة العتيقة التي لزاب، ثم مدينة الإسكندر، ثم طيسفون من مدائنها، ثم اسفانير، ثم مدينة يقال لها رومية، فسمّيت المدائن بذلك.. قال حمزة: اسم المدائن بالفارسيّة توسفون وعرّبوه على الطيسفون والطيسفونج وإنّما سمّتها العرب المدائن لأنّها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة. (معجم البلدان 5/ 74، 75) .
[1]
في النسخة (ح)«مخاصمة» وهو تحريف.
[2]
العبارة في تاريخ الطبري 4/ 10 «وتلاحق عظم الجند، فركبوا اللّجّة، وإنّ دجلة لترمي بالزّبد، وإنّها لمسودّة، وإنّ الناس ليتحدّثون في عومهم وقد اقتربوا ما يكترثون» .
[3]
في تاريخ الطبري «ففجئوا» .
[4]
تاريخ الطبري 4/ 14.
[5]
تاريخ الطبري 4/ 14، 15.
[6]
سورة الدخان، الآية 25.
قالوا: وأتمّ سعد الصلاة يومَ دخلها، وذلك أنَّه أراد المقام بها، وكانت أول جُمعة جُمِعت بالعراق، وذلك في صفر سنة ست عشرة [1] .
قَالَ الطبري: قسَّم سعدٌ الفيء بعد مَا خمسه، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفًا، وكلّ الجيش كانوا فرسانًا [2] .
وقسّم سعدٌ دور المدائن بين النَّاس وأُوطِنوها، وجمع سعدٌ الْخُمْسَ وأدخل فيه كل شيءٍ من ثياب كِسْرى وحُلِيِّه وسيفه. وَقَالَ للمُسْلِمين: هل لكم أن تطيب أنفُسُكم عَنْ أربعة أخماس هذا القِطْف فنبعثَ به إلى عُمَر، فيضعه حيث يرى ويقع من أهل المدينة موقعًا؟ قالوا: نعم، فبعثه على هيئته. وكان ستين ذراعًا في ستين ذراعا بساطًا واحدًا مقدار جَرِيب [3] . فيه طُرُق كالصُّورَ. وفصوص كالأنهار، وخلال ذلك كالدّرّ [4] ، وفي حافاته كالأرض المزروعة، والأرضُ كالمُبْقِلَة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات [5] الذهب. ونوّاره بالذهب والفضة ونحوه. فقطّعه عُمَر وقسّمه بين النَّاس. فأصاب عليًّا قطعةٌ منه فباعها بعشرين ألفًا [6] .
واستولى المسلمون في ثلاثة أعوامٍ على كرسيّ مملكة كِسْرى، وعلى كرسي مملكة قيصر، وعلي أُمَّيْ بلادهما. وغنم المسلمون غنائم لم يُسمع بمثلها قطّ من الذهب والجوهر والحرير والرقيق والمدائن والقصور. فسبحان الله العظيم الفتّاح.
[1] تاريخ الطبري 4/ 16.
[2]
تاريخ الطبري 4/ 20.
[3]
الجريب: ثلاثة آلاف وستمائة ذراع. (تاج العروس) .
[4]
في تاريخ الطبري 4/ 21 «كالدير» .
[5]
في تاريخ الطبري 4/ 21 «قضبان» .
[6]
تاريخ الطبري 4/ 21، 22.