الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَنَة أربَع عَشرَة
فيها فُتِحت دمشق، وحمص، وبعلبك، والبصرة، والأُبُلَّة، ووقعة جسر أبي عُبَيْد بأرض نجران، ووقعة فِحْلٍ بالشام، في قول ابن الكلبي.
فأمّا دمشق فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ خَالِدٌ عَلَى النَّاسِ فَصَالَحَ أَهْلَ دِمَشْقَ، فَلَمْ يَفْرُغْ مِنَ الصُّلْحِ حَتَّى عُزِلَ وَوُلِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَمْضَى صُلْحَ خَالِدٍ وَلَمْ يُغَيِّرَ الْكِتَابَ. وَهَذَا غَلَطٌ لأَنَّ عُمَرَ عَزَلَ خَالِدًا حِينَ وُلِّيَ. قَالَهُ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ [1] . وَقَالَ: ثنا عبد الله بْن المُغِيرَة، عَنْ أبيه قَالَ: صالحهم أَبُو عبيدة على أنصاف كنائسهم ومنازلهم وعلى رءوسهم، وأن لا يمنعوا من أعيادهم [2] .
وَقَالَ ابن الكلبي: كان الصلح يوم الأحد للنّصف من رجب سنة أربع عشرة.
وَقَالَ ابن إسحاق: صالحهم أَبُو عبيدة في رجب [3] .
[1] في التاريخ- ص 126 وانظر تهذيب تاريخ دمشق 1/ 147.
[2]
في تاريخ خليفة زيادة: «ولا يهدم شيء من كنائسهم» - ص 126.
[3]
تاريخ خليفة 126، تاريخ الطبري 3/ 435، المعرفة والتاريخ 3/ 297، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 147.
وَقَالَ ابن جرير [1] : سار أَبُو عبيدة إلى دمشق، وخالد على مقدمة النَّاس، وقد اجتمعت الروم على رجل يقال له باهان [2] بدمشق، وكان عُمَر عزل خالدًا واستعمل أبا عبيدة على الجميع، والتقى المسلمون والروم فيما حول دمشق، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، ثُمَّ هزم الله الروم، ودخلوا دمشق وغلَّقوا أبوابها، ونازلها المسلمون حتى فُتِحت، وأعطُوا الجزْية، وكان قدم الكتاب على أبي عبيدة بإمارته وعزل خالدٍ، فاستحيا أَبُو عبيدة أن يقرئ خالدًا الكتاب حتى فتحت دمشق وجرى الصلح على يدي خالد، وكُتِب الكتابُ باسمه، فلمّا صالحتْ دمشقُ لحِق باهان صاحب الروم بِهرقْل [3] .
وقيل: كان حصار دمشق أربعة أشهر [4] .
وَقَالَ محمد بْن إسحاق: إن عُمَر كان واجدًا على خالد بْن الوليد لقتْله ابن نُوَيْرة، فكتب إلى أبي عبيدة أن أنزع عمامته وقاسمه ماله، فلما أخبره قَالَ: مَا أنا بالذي أعصي أمير المؤمنين، فاصنع مَا بدا لك، فقاسمه حتى أخذ نعله الواحدة [5] .
وَقَالَ ابن جرير [6] : كان أوّلّ محصورٍ بالشام أهل فِحْلٍ ثُمَّ أهل دمشق، وبعث أَبُو عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص ردءًا، وحصروا دمشق، فكان أَبُو عبيدة على ناحيةٍ، ويزيد بْن أبي سُفْيَان على ناحية، وعمرو بْن العاص على ناحية، وهرقل يومئذ على حمص [7] ،
[1] في تاريخ الرسل والملوك 3/ 434، 435.
[2]
في المنتقى لابن الملا «ماهان» وكذا في تهذيب ابن عساكر 1/ 160.
[3]
هكذا في تاريخ الطبري 3/ 435، وفي الأصل «لحق باهان بصاحب الروم هرقل» .
[4]
فتوح البلدان 1/ 154.
[5]
تاريخ الطبري 3/ 436، 437.
[6]
في التاريخ 3/ 438، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 154.
[7]
في تاريخ الطبري: (وهرقل يومئذ بحمص) .
فحاصروا أهلَ دمشق نحوًا من سبعين ليلةً حصارًا شديدًا بالمجانيق [1] ، وجاءت جنود [2] هِرَقْلَ نجدةً لدمشق، فشغلتها الجنود التي مع ذي الكلاع، فلمّا أيقن أهل دمشق أنّ الأمداد لَا تصل إليهم فشِلُوا ووَهِنُوا.
وكان صاحب دمشق قد جاءه مولودٌ فصنع طعامًا واشتغل يومئذ [3] ، وخالد بْن الوليد الَّذِي لَا ينام ولا يُنِيم قد هيّأ حبالا كهيئة السّلام، فلما أمسى هيّأ أصحابه وتقدم هو وَالْقَعْقَاعُ بنُ عمرو، ومذعور [4] بْن عدي وأمثالهم وقالوا: إذا سمعتم تكبيرنا على السُّور فارقوا إلينا وانْهَدُوا [5] الباب. قَالَ: فلمّا انتهى خالد ورُفقاؤه إلى الخندق رموا بالحبال إلى الشُّرف، وعلى ظهورهم القرب التي سبحوا بها في الخندق، وتسلق القعقاع ومذعور فلم يدعا أُحْبُولةً حتى أثبتاها في الشُّرَف، وكان ذلك المكان أحصن مكانٍ بدمشق، فاستوى على السُّور خلقٌ من أصحابه ثم كبّروا، وانحدر خالد إلى الباب فقتل البوابين، وثار أهل البلد إلى مواقفهم لَا يدرون مَا الشأن، فتشاغل أهلُ كل جهةٍ بما يليهم، وفتح خالد الباب ودخل أصحابه عَنوةً، وقد كان المسلمون دَعَوْهم إلى الصلح والمشاطرة فأبّوْا، فلمّا رأوا البلاء بذلوا الصلح، فأجابهم من يليهم، وقبلوا فقالوا: ادخلوا وامْنعونا من أهلِ ذاك الباب، فدخل أهل كل بابٍ بصلح مما يليهم، فالتقى خالد والأمراء في وسط البلد، هذا استعراضًا ونَهْبًا، وهؤلاء صُلْحًا، فأجروا ناحية خالد على الصلح بالمقاسمة. وكتب إلى عُمَر بالفتح [6] .
[1] في تاريخ الطبري: (بالزحوف والترامي والمجانيق) .
[2]
في تاريخ الطبري «خيول» .
[3]
في تاريخ الطبري زيادة: (وغفلوا عن مواقفهم) . وكذا في تهذيب تاريخ دمشق 1/ 155.
[4]
في نسخة دار الكتب وتهذيب ابن عساكر 1/ 155 مهملة من النقط، والتصحيح من الأصل وتاريخ الطبري وغيرهما.
[5]
نهد الرجل: نهض ومضى على كل حال، بخلاف النهوض فإنه يكون عن قعود.
[6]
تاريخ الطبري 3/ 438- 440 والمؤلّف ينقل عنه بتصرّف واختصار. وانظر تهذيب ابن عساكر 1/ 155، 156.