الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَنَة سبْعٍ وَعِشرْين
فيها غزا معاوية قُبْرُسَ فركب البحر بالجيوش، وكان معه عُبادة بْن الصامت، وزوجه عبادة أم حَرَام بنت مِلْحانِ الأنصاريّة خالة أنَس، فصُرعت عَنْ بَغْلتها فماتت شهيدةً [1] ، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَغْشاها [2] ويقيل عندها وبَشَّرَها بالشَّهادة [3] ، فقبْرُها بقُبْرس يقولون هذا قبر المرأة الصالحة.
[1] ينفرد «صالح بن يحيى» في «تاريخ بيروت وأمراء بني بحتر» - ص 14 بالقول إنّها ماتت في بيروت بعد عودتها من قبرس. بينما تكاد المصادر الأقدم تجمع على أنّها توفيت في الجزيرة.
(انظر: تاريخ خليفة بن خيّاط 160، ربيع الأبرار للزمخشري 1/ 240، الطبقات الكبرى لابن سعد 8/ 434، تاريخ دمشق (تراجم النساء) تحقيق سكينة الشهابي- ص 486- 496، نهاية الأرب للنويري 19/ 416) .
[2]
في النسخة (ح) : «يغشى بيتها» .
[3]
قال ابن سعد في الطبقات 8/ 435: أخبرنا عفان بن مسلم، حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبّان، عن أنس بن مالك، عن أمّ حرام بنت ملحان قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فاستيقظ وهو يضحك. قالت: قلت: يا نبيّ الله بأبي أنت وأمّي، ممّ تضحك؟ قال: ناس من أمّتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرّة قالت:
قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم. قالت: ثم قال فاستيقظ وهو يضحك، قلت: يا رسول الله ممّ تضحك؟ قال: ناس من أمّتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرّة. قالت: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت من الأوّلين. قال:
فغزت مع زوجها عبادة بن الصّامت فوقصتها راحلتها فماتت. قال عفّان: أحسبه قال: يركبون ظهر هذا البحر.
روت عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
رَوَى عنها أَنْس بْن مالك، وعُمَيْر بْن الأسود العنسيّ، ويعلى بن شدّاد ابن أوْس، وغيرهم.
وَقَالَ داود بْن أبي هند: صالح عثمان بْن أبي العاص وأبو موسى سنة سبعٍ وعشرين أهلَ أرَّجَان على ألْفَيّ ألف ومائتي ألف، وصالح أهل دارابْجِرْد [1] على ألف ألف وثمانين ألفًا [2] .
وَقَالَ خليفة [3] : فيها عزل عثمانُ عَنْ مصر عَمْرًا وولّى عليها عبدَ الله بْن سعد [4] ، فغزا إفريقية ومعه عبد الله بْن عُمَر بْن الخطاب، وَعَبْدِ اللَّهِ بْن عَمْرِو بْن الْعَاصِ، وَعَبْدِ الله بْن الزُّبَيْر [5] ، فالتقى هو وجُرْجير بسُبَيْطِلة [6] على يومين من القيروان، وكان جُرْجير في مائتي ألف مقاتل، وقيل في مائةٍ وعشرين ألفًا، وكان المسلمون في عشرين ألفًا.
قَالَ مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ثنا أَبِي، وَالزُّبَيْرُ بْنُ خُبَيْبٍ [7] قَالا: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: هَجَمَ عَلَيْنَا جُرْجير فِي مُعَسْكَرِنَا فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ ألف، فأحاطوا بنا
[1] قال ياقوت: بعد الألف الثانية باء موحّدة ثم جيم ثم راء ودال مهملة. ولاية بفارس. (معجم البلدان 2/ 419) .
[2]
تاريخ خليفة 159 وفيه: «وصالح أهل درابجرد على ألفي ألف ومائتي ألف» .
[3]
في تاريخه 159.
[4]
«بن أبي سرح» كما في تاريخ خليفة، والمنتقى لابن الملّا.
[5]
لذلك سمّي هذا الجيش «جيش العبادلة» . (نهاية الأرب للنويري 24/ 7، 8) .
[6]
في نسخة دار الكتب «بسنبطلة» ، وهو تصحيف، والتصحيح من الأصل ومعجم البلدان 3/ 187 قال ياقوت:«مدينة من مدن إفريقية، وهي كما يزعمون مدينة جرجير الملك الرومي وبينها وبين القيروان سبعون ميلا» .
[7]
في نسخة دار الكتب «ثنا أبي الزبير بن حبيب» وهو تحريف وتصحيف، والتصحيح من الأصل، والنسختين (ع) و (ح) والمنتقى نسخة أحمد الثالث، وجمهرة نسب قريش 99.
وَنَحْنُ فِي عِشْرِينَ أَلْفًا. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، فَدَخَلَ فُسْطَاطًا لَهُ فَخَلا فِيهِ، وَرَأَيْتُ أَنَا غرَّةً مِنْ جرجير بصرت به خلف عساكره على برذون أَشْهَبَ مَعَهُ جَارِيَتَانِ تُظَلِّلانِ عَلَيْهِ بِرِيشِ الطَّوَاوِيسِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ جُنْدِهِ أَرْضٌ بَيْضَاءَ لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي سَرْحٍ فَنَدَبَ لِي النَّاسَ، فَاخْتَرْتُ مِنْهُمْ ثَلاثِينَ فَارِسًا وَقُلْتُ لِسَائِرِهِمْ: الْبثوا عَلَى مَصَافِّكُمْ، وَحملت فِي الْوَجْهِ الّذي رأيت فيه جرجير وقلت لأصحابي: احملوا لي ظهري، فو الله مَا نشبتُ أنْ خَرَقْتُ الصَّفَ إِلَيْهِ فَخَرَجْتُ صَامِدًا [1] لَهُ، وَمَا يَحْسِبُ هُوَ وَلا أَصْحَابُهُ إلا أني رسول إليه، حتى دنوت منه فَعَرَفَ الشَّرَّ، فَوَثَبَ عَلَى بِرْذَوْنِهِ وَوَلَّى مُدْبِرًا [2] ، فَأَدْرَكْتُهُ ثُمَّ طَعَنْتُهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ دَفَفْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَنَصَبْتُ رَأْسَهُ عَلَى رُمْحٍ وَكَبَّرْتُ، وَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ، فَارْفَضَّ أَصْحَابُه مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَرَكِبْنَا أَكْتَافَهُمْ [3] .
وَقَالَ خَلِيفَةُ [4] : ثنا مَنْ سَمِعَ ابْنَ لَهِيعَةَ يَقُولُ: ثنا أَبُو الأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي أَبُو إدريس أنّه غزا مع عبد الله بن سعد إِفْرِيقِيَةَ فَافْتَتَحَهَا، فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ أَلْفَ دِينَارٍ.
وَقَالَ غيره: سَبَوْا وغنِمُوا فبلغ سهمُ الفارس ثلاثةَ آلاف دينار [5] ، وفتح الله إفريقية سَهْلَها وجَبَلَها، ثمّ اجتمعوا على الإسلام وحسُنَتْ طاعتُهُم.
وقسّم ابن أبي سَرْح مَا أفاء الله عليهم وأخذ خمس الخمس بأمر
[1] في المنتقى لابن الملّا (ساعدا) وهو تحريف.
[2]
في الأصل ومنتقى أحمد الثالث والمنتقى لابن الملّا، ع، ح (مبادرا) .
[3]
البداية والنهاية 7/ 152 وانظر نهاية الأرب 24/ 13- 17، والكامل في التاريخ 3/ 89- 93، والتذكرة الحمدونية 2/ 416، 417 رقم 1074، والبيان المغرب 1/ 10- 12، والعقد الثمين 5/ 154- 155.
[4]
في تاريخه- ص 160.
[5]
فتوح مصر لابن عبد الحكم 184، نهاية الأرب للنويري 24/ 16.
عثمان، وبعث إليه بأربعة أخماسه، وضرب فُسْطاطًا في موضِع القَيْرَوان ووفَّدوا وفدًا [1]، فشكوا عبد الله فيما أخذ فقال: أنا نقلته، وذلك إليكم الآن، فإنْ رضِيتُم فقد جاز، وإنْ سَخِطْتم فهو رَدّ، قالوا: إنّا نَسْخَطُه، قَالَ: فهو رَدّ، وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك واستصلاحهم.
قالوا: فاعْزلْه عنّا. فكتب إليه أن استخِلفْ على إفريقية رجُلًا ترْضَاه واقسم مَا نَفَّلْتُكَ فإنَّهم قد سخِطُوا، فرجع عبد الله بْن أبي سرْح إلى مصر، وقد فتح الله إفريقية، فما زال أهلُها أسْمَعَ النّاس وأطْوَعَهم إلى زمان هشام بْن عبد الملك [2] .
وروى سيف بْن عُمَر، عَنْ أشياخه، أنّ عثمان أرسل عبد الله بْن نافع ابن الحُصَين، وعبد الله بْن نافع الفِهْرِيّ من فَوْرِهما ذلك إلى الأندلس، فأتياها من قِبَل البحر، وكتب عثمان إلى من انتدب إلى الأندلس [3] : أمّا بعد فإنّ القُسْطَنْطِينية إنّما تُفْتَح من قِبَل الأندلس، وإنّكم إن افتتحتموها كنتم شُرَكاء في فتحها في الأجر، والسلام [4] . فعن كعب قَالَ: يعبر البحر إلى الأندلس أقوامٌ يفتحونها يُعْرَفون بنورهم يوم القيامة [5] .
قَالَ: فخرجوا إليها فأتَوها من بَرِّها وبحرها، ففتحها الله على المُسْلِمين، وزاد في سلطان المُسْلِمين مثل إفريقية. ولم يزل أمرُ [6] الأندلس كأمر إفريقية، حتّى أمر هشام فمنع البربر أرضهم.
[1] هكذا في الأصل ونسخة دار الكتب، ح، وفي بعض النسخ (ووفد وفد على عثمان) .
[2]
تاريخ الطبري 4/ 254.
[3]
غند ابن جرير (من أهل الأندلس) .
[4]
في نسخة دار الكتب «والسلامة» . والمثبت من الأصل وغيره من النسخ، وتاريخ الطبري، والوثائق السياسية للدكتور محمد حميد الله 396.
[5]
تاريخ الطبري 4/ 255.
[6]
في نسخة دار الكتب «أمراء» في الموضعين، وهو خطأ على ما في الأصل وغيره.
ولما نزع عثمان عَمْرًا عَنْ مصر غضب وحقد على عثمان، فوجّه عبد الله بْن سعد فأمره أن يمضي إلى إفريقية، وندب عثمانُ النَّاس معه إلى إفريقية، فخرج إليها في عشرة آلاف، وصالح ابن سعد أهل إفريقية على ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار [1] . وبعث ملك الروم من قسطنطينية أن يؤخذ من أهل إفريقية ثلاثمائة قِنْطار ذَهَبًا، كما أخذ منهم عبد الله بْن سعد، فقالوا: مَا عندنا مالٌ نعطيه، وما كان بأيدينا فقد افتدينا به [2] ، فأمّا الملك فإنه سيّدنا فليأخُذْ مَا كان له عندنا من جائزة كما كنا نعطيه كلَّ عام، فلمّا رأى ذلك منهم الرسول أمر بحبسهم، فبعثوا إلى قومٍ من أصحابهم فقدِموا عليهم فكسروا السجن وخرجوا [3] .
وعن يزيد بْن أبي حبيب قَالَ: كتب عبد الله بْن سعد إلى عثمان يَقُولُ: إنّ عمرو بْن العاص كسر الخراج، وكتب عَمْرو: إن عَبْد الله بن سَعْد أفسد [4] علي مكيدة الحرب. فكتب عُثْمَان إلى عَمْرو: انصرف وولي عَبْد الله الخراج والجُنْد، فقدِم عمرو مُغْضبًا، فدخل على عثمان وعليه جُبَّةٌ له يَمانيَّة مَحْشُوَّة قُطْنًا، فَقَالَ له عثمان: مَا حَشْوُ جُبَّتك؟ قَالَ: عمرو، قَالَ [5] : قد علمتُ أنّ حَشْوَها عمرو، ولم أر هذا، إنّما سألتك أقُطْنٌ هو أم غيره [6] ؟
وبعث عبد الله بْن سعد إلى عثمان مالا من مصر وحشد فيه، فدخل
[1] زاد الطبري 4/ 256 «وعشرين ألف دينار» .
[2]
هكذا في الأصل، ومنتقى أحمد الثالث، والنسختين:(ع) و (ح) ، وفي تاريخ الطبري (افتدينا به أنفسنا» .
[3]
تاريخ الطبري 4/ 256.
[4]
هكذا في الأصل ومنتقى ابن الملا، ع، ح. وفي تاريخ الطبري (كسر) عوض (أفسد) وكذلك في نهاية الأرب (19/ 412) وسقطت هذه الكلمة من نسخة دار الكتب.
[5]
أي عثمان. كما في تاريخ الطبري.
[6]
تاريخ الطبري 4/ 256.
عمرو، فَقَالَ عثمان: هل تعلم أنّ تلك اللّقاح درّت بعدك؟ قَالَ عمرو: إن فصالها هلكت [1] .
وفيها حجّ عثمان بالنّاس [2] .
[1] تاريخ الطبري 4/ 257.
[2]
الطبري 4/ 257.