الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحمود بْن لَبِيد، وغيرهم.
وعاش خمسًا وستّين سنة. تُوُفيّ فيها على الصحيح، ونزل عُمَر في قبره [1] وقيل تُوُفيّ في التي قبلها.
(ع) عُمَر بْن الخطاب رضي الله عنه
ابن نفيل بْن عبد العُزَّى بْن رياح [2] بْن قُرط بْن رزَاح بْن عديّ بْن كعْب بْن لُؤيّ [3] . أمير المؤمنين أَبُو حفص القُرَشي العدويّ، الفاروق..
اسْتُشْهِدَ في أواخر ذي الحجة. وأمّه حَنْتَمَة بنت هشام [4] المخزومية أخت أبي جهل. أسلم في السنة السادسة من النُّبُّوة وله سبعٌ وعشرون سنة.
روى عنه عليّ، وابن مسعود، وابن عبّاس، وأبو هُرَيْرَةَ، وعدّة من
[1] المعجم الكبير 19/ 3 رقم 4.
[2]
هكذا في الأصل، ونسخة (ح) ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي، وغيره. وفي بعض المصادر «رياح بن عبد الله بن قرط» . انظر: جمهرة أنساب العرب 150، ونسب قريش 347، ومشاهير علماء الأمصار 5 رقم 3، والبدء والتاريخ 5/ 88، والاستيعاب 2/ 458، وطبقات خليفة 22، والمعجم الكبير 1/ 64 رقم 49/ 1، والمستدرك 3/ 80، وأسد الغابة 4/ 52، وصفة الصفوة 1/ 268، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 3، والإصابة 2/ 518 رقم 5736.
[3]
في هذا الجدّ يلتقي بنسب النبيّ صلى الله عليه وسلم. (مرآة الجنان/ 81) وذكر المطهّر المقدسي في البدء والتاريخ 5/ 88 «.. كعب بن لؤيّ بن غالب. ينتهي إلى الشجرة التي منها النبيّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان بثمانية آباء» .
[4]
هكذا في الأصل، ونسخة دار الكتب، والمعجم الكبير للطبراني 1/ 65، ومشاهير علماء الأمصار لابن حبّان 5، وقيل «هاشم» كما في: جمهرة أنساب العرب 150، وطبقات خليفة 22، ونسب قريش 347، والبدء والتاريخ 5/ 89، وصفة الصفوة 1/ 268، والمستدرك 3/ 80، وتهذيب الأسماء واللغات ق 1 ج 2/ 3، وأسد الغابة 4/ 52، والاستيعاب 2/ 458 وفيه قال ابن عبد البرّ: «أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وقالت طائفة في أمّ عمر: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، ومن قال ذلك فقد أخطأ، ولو كانت
الصحابة، وعلقمة بْن وقّاص، وقيس بْن أبي حازم، وطارق بْن شهاب، ومولاه أسلم، وزِرّ بْن حُبَيْش، وخلقٌ سواهم.
وعن عبد الله بْن عُمَر قَالَ: كان أبي أبيض تَعْلُوه حمرةٌ، طُوَالًا، أصْلَع، أشيَب [1] .
وَقَالَ غيره: كان أمْهَق [2] طُوَالًا، آدم، أعْسَرَ يَسِر [3] .
وَقَالَ أَبُو رجاء العُطارديّ [4] : كان طويلًا جسيمًا شديد الصلع، شديد الحُمْرة [5] ، في عارضيه خفة. وسَبَلته [6] كبيرة وفي أطرافها صهبة، إذا حزبه أمر قتلها [7] .
وَقَالَ سماك بْن حرْب: كان عُمَر أرْوح كأنّه راكب والنّاس يمشون، كأنه من رجال بني سَدُوس [8] .
والأروح: الَّذِي يتدانى قدماه إذا مشى.
[ () ] كذلك لكانت أخت أبي جهل بن هشام، والحارث بن هشام بن المغيرة، وليس كذلك، وإنّما هي ابنة عمّهما، فإنّ هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة أخوان فهاشم والد حنتمة أمّ عمر وهشام والد الحارث وأبي جهل وهاشم بن المغيرة هذا جدّ عمر لأمّه كان يقال له ذو الرمحين» . وانظر:
الرياض النضرة 1/ 188.
[1]
طبقات ابن سعد 3/ 324.
[2]
أي خالص البياض.
[3]
يستعمل كلتا يديه. انظر: طبقات ابن سعد 3/ 325، والمستدرك 3/ 86.
[4]
بضمّ العين المهملة. وضبطها في (ع) بالفتح، وهذا من أوهامها في الضبط.
[5]
يعني البياض. والعرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء (تاج العروس) .
[6]
السبلة بالتحريك: طرف الشارب، والصّهبة: سواد في حمرة.
[7]
انظر: طبقات ابن سعد 3/ 326، والاستيعاب لابن عبد البر 2/ 460.
[8]
طبقات ابن سعد 3/ 326، المعجم الكبير للطبراني 1/ 67 رقم 60 الاستيعاب 2/ 462.
وَقَالَ أَنْس: كان يخْضِب بالحنّاء [1] .
وَقَالَ سماك: كان عُمَر يسرع في مِشْيَته [2] .
ويُروَى عَنْ عبد الله بْن كعب بْن مالك قَالَ: كان عُمَر يأخذ بيده اليمنى أذُنُه اليُسْرى ويثب على فرسه فكأنما خُلِقَ على ظهره [3] .
وعن ابن عُمَر وغيره- من وجوهٍ جيّدة- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر بْن الخطاب» [4] . وقد ذكرنا إسلامه في (الترجمة النبوية) .
وَقَالَ عِكْرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتّى أسلم عُمَر.
وَقَالَ سعيد بْن جبير:
وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ 66: 4 [5] نزلت في عُمَر خاصّة.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عمر [6] .
[1] ابن سعد 3/ 327.
[2]
ابن سعد 3/ 326.
[3]
أخرج ابن سعد في الطبقات 3/ 293 من طريق عبد الله بن عمر قال: اخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطّاب يأخذ بأذن الفرس، ويأخذ بيده الأخرى أذنه ثم ينزو على متن الفرس. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير 1/ 66 رقم 55 من الطريق نفسه: ثم يثب على الفرس.
[4]
أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 270 بلفظ «أيّد دينك» ، وأخرجه من طريق أشعث بن سوّار، عن الحسن. بلفظ «أعزّ الدين» . (3/ 267) وأخرج الحاكم في المستدرك 3/ 83 من طريق المبارك بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر» . هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقد صحّ شاهده عن عائشة بنت الصّدّيق رضي الله عنهما.. أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:«اللَّهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب خاصّة» . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ومدار هذا الحديث على حديث الشعبيّ عن مسروق، عن عبد الله:«اللَّهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ الرجلين إليك» .
[5]
سورة التحريم، الآية 4، وانظر الحديث في مجمع الزوائد.
[6]
أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 270، وابن الجوزي في مناقب عمر 18، والحاكم في
وَقَالَ شهر بْن حَوْشَب، عَنْ عبد الرحمن بْن غَنم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ له أَبُو بَكْر وعمر: إنّ النّاس يزيدهم حِرْصًا على الإسلام أن يروا عليك زيًّا حَسَنًا من الدنيا. فَقَالَ: «أَفْعَلُ، وَايْمُ اللَّهِ لو أنّكما تتفقان لي على أمرٍ واحدٍ مَا عصيتُكما في مشورةٍ أبدة» [1] . وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لِي وَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ، وَوَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ [2] ، وَرَوَى نَحْوَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ الترمذي في حديث أبي سعد: حديث حسن.
قلت: وكذلك حديث ابن عباس حسن.
وعن محمد بْن ثابت البناني، عَنْ أبيه، عَنْ أَنْس نحوه.
وفي «مسند أبي يعلى» من حديث أبي ذر يرفعه: «إن لكل نبّي وزيرين، ووزيراي أَبُو بكر وعمر» . وعن أبي سلمة، عَنْ أبي أرْوَى الدَّوْسيْ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فطلع أَبُو بكر وعمر فَقَالَ: «الحمد للَّه الَّذِي أيَّدني بكما» . تفرّد به عاصم ابن عمر، وهو ضعيف [3] .
[ () ] المستدرك 3/ 84 كلهم من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود.
[1]
أخرجه أحمد في المسند 4/ 227، بالسند، وبلفظ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما: «لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما» .
[2]
أخرجه الترمذي في المناقب (3761) باب 64 مناقب أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه، من طريق: أبي الجحّاف، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدريّ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
وأبو الجحّاف اسمه: داود بن أبي عوف، ويروى عن سفيان الثوريّ قال: أخبرنا أبو الجحّاف وكان مرضيّا. وانظر أسد الغابة 4/ 63، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 9، 10.
[3]
انظر عنه مثلا: الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 5/ 1869- 1872، والمجروحين لابن حبّان 2/ 127، والضعفاء الكبير للعقيليّ 3/ 335 رقم 1357، وميزان الاعتدال 2/ 355 رقم 4060 والحديث في معجم الزوائد 9/ 51 وقال رواه البزّار والطبراني في الأوسط والكبير.
وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُقْبِلَيْنِ فَقَالَ: «هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ [1] .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ وَهُوَ آخِذٌ بِأَيْدِيهِمَا فَقَالَ:«هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [2] . إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَقَالَ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» . وَرَوَاهُ سَالِمٌ أَبُو الْعَلاءِ- وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، وَحَدِيثُ زَائِدَةَ حَسَنٌ [3] .
وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ طَلَعَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ: «هَذَانِ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ» [4] وَيُرْوَى نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي المغيرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أقرئ عمر السّلام وأخبره أنّ غضبه
[1] انظر الصفحة 65 حاشية رقم (4) .
[2]
رواه الترمذي في المناقب (3751) باب 56 مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، من طريق: سعيد بن مسلمة، عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عمر، وفيه:«أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله وهو آخذ بأيديهما..» ، وقال: هذا حديث غريب. وسعيد بن مسلمة ليس عندهم بالقويّ. وقد روي هذا الحديث أيضا من غير هذا الوجه عن نافع، عن ابن عمر.
[3]
رواه الترمذي في المناقب (3742) باب 52 مناقب أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وقال:
وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن. وروى سفيان الثوري هذا الحديث عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ، عن ربعيّ، عن حذيفة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وانظر رقم (3743) .
[4]
رواه الترمذي في المناقب (3753) باب 57 مناقب أبي بكر الصّدّيق، وقال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، هذا حديث مرسل. وعبد الله بن حنطب لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
عزّ وجلّ وَرِضَاهُ حُكْمٌ» . وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ، وَبَعْضُهُمْ يَصِلُهُ عَنِ ابن عبّاس [1] .
وقال محمد بْنِ سَعْدِ [2] بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إيهًا يا بن الخطّاب فو الّذي نفسي بيده مَا لقِيكَ الشيطان سالكًا فجًّا [3] إلَّا سلك فجًّا غير فجِّك» [4] . وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إنّ الشيطان يفرق من عمر» [5] .
[1] أخرجه ابن الجوزي في مناقب عمر 28، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 69 وقال: رواه الطبراني في الأوسط.
[2]
في نسخة دار الكتب «سعيد» وهو خطأ.
[3]
في صحيح البخاري 4/ 199 «فجّا قطّ» .
[4]
أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم 4/ 199 باب مناقب عمر بن الخطّاب، وفي الأدب 7/ 93 باب التبسّم والضّحك، وفي بدء الخلق 4/ 96 باب صفة إبليس وجنوده، ومسلم في فضائل الصحابة (2396) باب من فضائل عمر رضي الله عنه، وأحمد في المسند 1/ 171 و 182 و 187.
والحديث أطول ممّا هنا وهو عن محمد بن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه، قال: استأذن عمر بن الخطّاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلّمنه ويستكثرنه عالية أصواتهنّ على صوته، فلمّا استأذن عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنّك يا رسول الله، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم:
«عجبت من هؤلاء اللّائي كنّ عندي، فلمّا سمعن صوتك ابتدرن الحجاب» فقال عمر: فأنت أحقّ أن يهبن يا رسول الله، ثم قال عمر: يا عدوّات أنفسهنّ أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقلن: نعم أنت أفظّ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيها يا ابن الخطّاب والّذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا قطّ إلّا سلك فجّا غير فجّك» .
[5]
أخرجه أحمد في المسند 5/ 353 من طريق: عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أنّ أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه فقالت: إنّي كنت نذرت إن ردّك الله صالحا أن أضرب عندك بالدّف، قال: إن كنت فعلت فافعلي، وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي، فضربت، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر، قال: فجعلت دفّها خلفها وهي مقنعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان ليفرق منك يا عمر، أنا جالس ها هنا ودخل هؤلاء فلمّا أن دخلت فعلت ما فعلت» .
رَوَاهُ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَعَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي زَفَنِ الْحَبَشَةِ لَمَّا أَتَى عُمَرُ:«إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرُّوا مِنْ عُمَرَ» . صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ [1] .
وَقَالَ حُسَيْنُ بْنِ وَاقِدٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَمَةً سَوْدَاءَ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَجَعَ مِنْ غَزَاةٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ صَالِحًا أَنْ أَضْرِبَ عِنْدَكَ بِالدُّفِّ، قَالَ:«إِنْ كُنْتِ نَذَرْتِ فَافْعَلِي فَضَرَبَتْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَضْرِبُ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَجَعَلَتْ دُفَّهَا خَلْفَهَا وَهِيَ مُقَنَّعَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرُقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ» [2] . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَبْطَأَ خَبَرُ عُمَرَ عَلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَأَتَى امْرَأَةً فِي بَطْنِهَا شَيْطَانٌ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ: حَتَّى يَجِيءَ شَيْطَانِي، فَجَاءَ فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ:
تَرَكْتُهُ مُؤْتَزِرًا وَذَاكَ رَجُلٌ لَا يَرَاهُ شَيْطَانٌ إِلَّا خَرَّ لِمَنْخِرَيْهِ، الْمَلَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَرُوحُ الْقُدُسِ يَنْطِقُ بلسانه [3] .
[1] رواه الترمذيّ عن الحسن بن الصباح البزار، أخبرنا زيد بن الحباب، عن خارجة بن عبد الله ابن سليمان بن زيد بن ثابت قال: أخبرنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالسا فسمعنا لغطا وصوت صبيان. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشية تزفن وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي» ، فجئت، فوضعت لحييّ على منكب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فجعلت انظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي:«ما شبعت أما شبعت» ؟
قالت: فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا. لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ إِذْ طلع عمر. قالت: فارفضّ الناس عنها، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنّي لأنظر إلى شياطين الجنّ أو الإنس قد فرّوا من عمر» قالت:
فرجعت. قال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. (مناقب عمر، باب رقم 71- 3774) .
[2]
أخرجه أحمد في المسند 5/ 353، والترمذي في مناقب عمر، باب 71 رقم (3773) .
[3]
مناقب أمير المؤمنين عمر لابن الجوزي 49.
وَقَالَ زِرّ: كان ابن مسعود يخطب ويقول: إنّي لأحسب الشيطان يَفْرقُ من عُمَر أنْ يُحدث حَدَثًا فيردّه، وإنّي لأحسِب عمرَ بين عينيه مَلَكٌ يسدِّده ويقوِّمه.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قد كَانَ فِي الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ [1] فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ [2] . وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِهِ» . رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ [3] .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لسان عمر [4] .
[1] محدّثون: قال ابن وهب: ملهمون. وقيل: مصيبون، إذا ظنّوا فكأنّهم حدّثوا بشيء فظنّوه.
وقيل: تكلّمهم الملائكة، وقال البخاري: يجري الصواب على ألسنتهم.
[2]
في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر رضي الله عنه (2398) ، ورواه ابن الجوزي في مناقب عمر ص 23، والترمذي في مناقب عمر، باب 73 رقم (3776) ، وأخرجه البخاري من طريق إبراهيم بن سعد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هريرة رضي الله عنه، وزاد زكريا بن أبي زائدة عن سعد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمّتي منهم أحد فعمر» . قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما من نبيّ ولا محدّث. (كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر 4/ 200) ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 117، والحاكم في المستدرك 3/ 86، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 7 وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 64.
[3]
أخرجه الترمذي في المناقب، باب 65 رقم (3765) وقال: وفي الباب عن الفضل بن عبّاس، وأبي ذرّ، وأبي هريرة. هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 66 باب إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه، وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 117، والحاكم في المستدرك 3/ 87 وتابعه الذهبي في تلخيصه، وابن ماجة في المقدّمة باب 11 رقم (108) .
[4]
أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 67 وقال: رواه الطبراني في الأواسط، وأخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 118 وقال: أخرجه ابن منيع في مسندة عن عليّ.
وَقَالَ أَنْس: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي قوله عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ 66: 5 [1] .
وَقَالَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرُ» [2] . وَجَاءَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّهَ تَعَالَى بَاهَى بِأَهْلِ عَرَفَةَ عَامَّةً وَبَاهَى بِعُمَرَ خَاصَّةً» [3] . وَيُرْوَى مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. وَقَالَ مَعْنٌ الْقَزَّازُ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اللَّيْثِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ [4] ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَخِيهِ الْفَضْلِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَقُّ بَعْدِي مَعَ عُمَرَ حَيْثُ كَانَ» [5] . وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرَّيَّ يَجْرِي فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ» قَالُوا: فما أوّلت ذلك؟ قال: «العلم» [6] .
[1] سورة التحريم- الآية 5.
والحديث أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2399) من طريق نافع، عن ابن عمر، قال: قَالَ عُمَر: وافقتُ ربيّ في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر، وابن عبد البرّ في الاستيعاب 2/ 462، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 122، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 8.
[2]
أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 85 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 68 عن عصمة، وقال: رواه الطبراني، والترمذي رقم 3769.
[3]
أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/ 70 وقال: رواه الطبراني، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 119 وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 65، 66.
[4]
في نسخة دار الكتب «قسط» وهو خطأ، والتصويب من الأصل وغيره..
[5]
أخرجه السيوطي في تاريخ الخلفاء 119 وقال: أخرجه الطبراني، والديلميّ.
[6]
أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه 4/ 198 من طريق ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن حمزة، عن أبيه، ومسلم في
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَمَرَّ عَلَيَّ عُمَرُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ، قَالُوا: مَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «الدِّينَ» [1] . وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْحَمُ أُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهَا فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرَ» [2] . وَقَالَ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْرًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ: «لِمَنْ هَذَا» ؟ قِيلَ: لِشَابٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، فَظَنَنْتُ أَنِّي أَنَا هُوَ، فَقِيلَ:
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [3] . وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ [4] .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الَجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ
[ () ] فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2391) والترمذي في المناقب، باب 69 رقم (3770) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب، والدارميّ في الرؤيا 13، وأخرج الهيثمي نحوه في مجمع الزوائد 9/ 69 وقال: هو في الصحيح بغير سياقه، رواه الطبراني، وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان لفؤاد عبد الباقي- 3/ 126، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 60، وعبد الرزاق في المصنّف 11/ 224، وابن طهمان في مشيخته 192، 193 رقم 147، ونوادر الأصول 119 من طريق أبي سلمة.
[1]
رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عمر 4/ 201، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2390) ، وابن عبد البرّ في الإستيعاب 2/ 463، والنووي في تهذيب الأسماء 6/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 62، وعبد الرزاق في المصنّف 11/ 224، وابن الطهماني في مشيخته 194 رقم (149) ، والذهبي في تذكرة الحفّاظ 1/ 336.
[2]
أخرجه أحمد في المسند 3/ 184 وله تكملة، و 3/ 281، وانظر ابن سعد 3/ 291.
[3]
أخرجه أحمد في المسند 3/ 179، والترمذي في المناقب (3771) وقال: حديث حسن صحيح، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 64.
[4]
رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عمر 4/ 198، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2394) ، وانظر الترمذي في المناقب 5/ 283.
غَيْرَةَ عُمَرَ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا» . قَالَ فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ؟ [1] .
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: بَيْنَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ طَلَعَ أَبُو بكر وعمر فقال: «هذان سيدا كهول أهل الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ إِلَّا النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ» [2] . هَذَا الْحَدِيثُ سَمِعَهُ الشَّعْبِيُّ مِنَ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَلَهُ طُرُقٌ حَسَنَةٌ عَنْ عَلِيٍّ مِنْهَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ.
وَأَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ. قَالَ الْحَافِظُ ابن عَسَاكِرَ: وَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
قُلْتُ: وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَجَابِرٍ.
وَقَالَ مُجَالِدٌ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عَطِيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا لَيَرَوْنَ مَنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ منهم وأنعما» [3] .
[1] رواه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، باب مناقب عمر 4/ 198، ومسلم في فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر، رقم (2395) ، وابن ماجة في المقدّمة، باب فضل عمر 1/ 40 رقم (107) وأحمد في المسند 2/ 339، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 7، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 62، وابن ماجة في المقدّمة 11، وعبد الرزاق 11/ 224، وابن الطهماني 192.
[2]
أخرجه الترمذي في المناقب، باب 53 مناقب أبي بكر، رقم (3747) ، وابن ماجة في المقدّمة باب فضل أبي بكر، رقم (100) من طريق مالك بن مغول، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وأحمد في المسند 1/ 80 من طريق الحسن بن زيد بن الحسن، عن أبيه، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 10، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 63.
[3]
أخرجه أحمد في المسند 3/ 50 ولفظه: «إن أهل علّيين ليراهم من هو أسفل منهم كما يرى الكوكب فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لمنهم وأنعما» . وأخرجه الترمذي في المناقب (3738) وابن ماجة في المقدّمة (96) ، والنووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 10، وابن الأثير في أسد الغابة 4/ 63.
وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَنْ يَمِينِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْ يَسَارِهِ عُمَرُ فَقَالَ:«هَكَذَا نُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [1] » . تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأُمَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ.
وَقَالَ عليّ رضي الله عنه بالكوفة على منبرها في ملأٍ من النّاس أيّام خلافته: خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْر، وخيرُها بعد أبي بكر عُمَر، ولو شئتُ أنْ أسمّي الثالث لَسَمَّيْتُهُ [2] . وهذا متواترٌ عَنْ عليّ رضي الله عنه، فقبّح الله الرافضة.
وقال الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْقَاسِمِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ قَيْسٍ الْخَارِفِيِّ [3] سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، وَثَلَّثَ عُمَرُ، ثُمَّ خَبَطَتْنَا فِتْنَةٌ فكان ما شاء الله [4] . ورواه شَرِيكٌ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَلِيٍّ مِثْلَهُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» [5] .
وَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ [6] الْوَاسِطِيُّ عَنْ عَبْدِ الملك، وكان سفيان
[1] الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 3/ 1215.
[2]
أخرجه ابن ماجة في المقدّمة 1/ 39 رقم (106) باب فضل عمر.
[3]
الخارفي: بفتح الخاء المعجمة والراء بعد الألف في آخرها فاء. نسبة إلى خارف، بطن من همدان نزل الكوفة. الأنساب 5/ 14.
[4]
رواه أحمد في المسند 1/ 124، 125 و 132 وأخرجه من طريق خلف بن حوشب، عن أبي إسحاق، عن عبد خير، عن عليّ، 1/ 125 و 147.
[5]
رواه الترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه، رقم (3742) وقال: وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن، وأخرجه ابن ماجة في المقدّمة 1/ 37 رقم (97) باب فضل أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، وأحمد في المسند 5/ 382 و 385 و 399 و 402، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 9.
[6]
في نسخة دار الكتب «حصين» وهو تصحيف السمع، أو هو وهم.
رُبَّمَا دَلَّسَهُ وَأَسْقَطَ مِنْهُ زَائِدَةَ، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ هِلَالٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ [1] . وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ رَجُلٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عُمَرَ [2] .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ نَاسٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ فَقَالُوا: يسعك أن تُوَلِّي علينا عُمَر وأنت ذاهبٌ إلى ربك فماذا تقول له؟ قَالَ: أقول: وَلَّيْتُ عليهم خيرَهم [3] .
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: أوّل من حيّا عُمَر بأمير المؤمنين المُغيْرة بْن شُعْبة [4] .
وَقَالَ القاسم بْن محمد: قَالَ عُمَر: ليعلم من وُلّي هذا الأمر من بعدي أنْ سيُر يده عنه القريبُ والبعيدُ، إنّي لأقاتِل النّاسَ عَنْ نفسي قتالًا، ولو علمت أنّ أحدًا أقوى عليه منّي لكنت أنْ أقْدَمَ فتُضْربَ عُنُقي أحب إليّ مِنْ أنْ ألِيَه [5] .
وعن ابن عباس قَالَ: لمّا ولي عُمَر قيل له: لقد كاد بعضُ النَّاس أن يجيد هذا الأمر عنك، قَالَ: وما ذاك؟ قَالَ: يزعمون أنّك فَظٌّ غليظ، قَالَ: الحمد للَّه الَّذِي ملأ قلبي لهم رُحْمًا [6] وملأ قلوبهم لي رعبا [7] .
[1] انظر سنن الترمذي 5/ 271 رقم (3742) .
[2]
رواه السيوطي في تاريخ الخلفاء 120 وقال: أخرجه ابن عساكر.
[3]
أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 274 من طريق صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عائشة، بنحوه، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 120.
[4]
الإستيعاب لابن عبد البرّ 2/ 465.
[5]
طبقات ابن سعد 3/ 275، مناقب عمر لابن الجوزي 58.
[6]
الرّحم: بالضم، الرحمة. (النهاية لابن الأثير) .
[7]
انظر نحوه مختصرا في مناقب عمر لابن الجوزي 134 و 135.
وَقَالَ الأحنف بْن قيس: سمعت عُمَر يَقُولُ: لَا يحلّ لعمر من مال الله إلَّا حُلَّتَيْنِ: حُلّة للشتاء وحُلّة للصيف، وما حجّ به واعتمر، وقوت أهلي كرجلٍ من قريش ليس بأغناهم، ثُمَّ أنا رجل من المُسْلِمين [1] .
وَقَالَ عُرْوة: حجّ عُمَر بالنّاس إمارته كلّها [2] .
وقال ابن عمر: ما رأيت أحدا قط بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حين قُبض أجدّ [3] ولا أجود من عُمَر [4] .
وَقَالَ الزُّهْرِيّ: فتح الله الشام كلَّه على عُمَر، والجزيرة ومصر والعراق كلّه، ودوَّن الدواوين قبل أن يموت بعام، وقسّم على النّاس فيْئهم.
وَقَالَ: عَاصِمُ بْنُ [5] أَبِي النَّجُودِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ خُزَيْمَةَ ابن ثَابِتٍ: إِنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ عَامِلًا كَتَبَ لَهُ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ بِرْذَوْنًا، وَلا يَأْكُلَ نِقْيًا، وَلا يَلْبَسَ رَقِيقًا، وَلا يُغْلِقَ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ [6] .
وَقَالَ طارق بْن شهاب: إنْ كان الرجل ليحدّث عُمَر بالحديث فيكذبه الكِذْبة فيقول: احبسْ هذه، ثُمَّ يحدّثه بالحديث فيقول: احبسْ هذه، فيقول له: كلّ مَا حدّثتُك حقٌ إلَّا مَا أمرتني أن أحبسه [7] .
[1] أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 276 وزاد في آخره «يصيبني ما أصابهم» ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 128.
[2]
انظر طبقات ابن سعد 3/ 283.
[3]
في الأصل «أحد، والتصويب من نسخة دار الكتب، وصحيح البخاري، وابن سعد.
[4]
أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبيّ، باب مناقب عمر 4/ 200، وابن سعد في الطبقات 3/ 292، والسيوطي في تاريخ الخلفاء 120، والنووي في تهذيب الأسماء 2/ 9.
[5]
في النسخة (ح)«عن» بدل «بن» وهو وهم.
[6]
تاريخ الخلفاء للسيوطي 128.
[7]
تاريخ الخلفاء 127 وقال: أخرجه ابن عساكر.
وَقَالَ ابن مسعود: إذا ذُكر الصالحون فَحَيْهلًا بعمر، إنّ عُمَر كان أَعْلَمَنَا بكتاب الله وأفْقَهَنا في دين الله [1] .
وَقَالَ ابن مسعود: لو أنّ عِلْم عُمَر وُضِعَ في كفة ميزان ووُضِعَ عِلْم أحياء الأرض في كفَّةٍ لَرَجَح عِلْمُ عُمَر بعِلْمِهم [2] .
وَقَالَ شمر عن حُذَيْفة قَالَ: كَانَ علم النَّاس مدسوسا في جحر مَعَ عُمَر [3] .
وَقَالَ ابن عُمَر: تعلّم عمرُ البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلمّا تعلّمها نحر جَزُورًا.
وَقَالَ الَعوّام بْن حَوْشَب: قَالَ معاوية: أمّا أَبُو بكر فلم يرد الدنيا ولم تُرِده، وأمّا عُمَر فأرادته الدنيا ولم يُرِدّها، وأمّا نحن فتمرّغْنا فيها ظَهْرًا لبطنٍ [4] .
وَقَالَ عِكْرمة بْن خالد وغيره: إنّ حفصة، وعبد الله، وغيرهما كلّموا عمرَ فقالوا: لو أكلت طعامًا طيّبًا كان أقوى لك على الحقّ، قَالَ: أكُلُّكُم على هذا الرأي؟ قالوا: نعم، قَالَ: قد علمتُ نُصْحَكُم ولكنّي تركت صاحبي على جادّةٍ فإنْ تركتُ جادَّتهُما لم أُدْرِكْهُما في المنزل [5] .
قَالَ: وأصاب النّاسَ سنةٌ [6] فما أكل عامئذٍ سَمْنًا ولا سمينًا [7] .
[1] تاريخ الخلفاء 120 و 121.
[2]
تاريخ الخلفاء 120.
[3]
تاريخ الخلفاء 120 وفيه «حجر» بدل «جحر» .
[4]
تاريخ الخلفاء 120 وقال: أخرجه الزبير بن بكار في الموفقيات. وأقول لم أجده في «الأخبار الموفقيات» المطبوع.
[5]
تاريخ الخلفاء 128.
[6]
السنة: المجاعة.
[7]
تاريخ الخلفاء 128.
وقال ابن أبي مُلَيْكَة: كلّم عُتْبة بْن فرقد عُمَر في طعامه، فَقَالَ:
وَيْحَكَ آكل طيّباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها [1] !.
وقال مبارك، عَنِ الحسن: دخل عُمَر على ابنه عاصم وهو يأكل لحمًا فَقَالَ: مَا هذا؟ قَالَ: قَرِمنا [2] إليه، قَالَ: أوَ كلّما قَرِمْت إلى شيءٍ أكلتَه! كفى بالمرء سَرَفًا أنْ يأكل كلَّ مَا اشتهى [3] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ عُمَرُ:
لَقَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي شَهْوَةُ السَّمَكِ الطَّرِيِّ، قَالَ وَرَحَّلَ «يَرْفَأُ» [4] رَاحِلَتَهُ وَسَارَ أَرْبَعًا مُقْبِلًا وَمُدْبِرًا، وَاشْتَرَى مِكْتَلًا فَجَاءَ بِهِ، وَعَمَدَ إِلَى الرَّاحِلَةِ فَغَسَلَهَا، فَأَتَى عُمَرَ فَقَالَ: انْطَلِقْ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرَّاحِلَةِ، فَنَظَرَ وَقَالَ: نَسِيتَ أَنْ تَغْسِلَ هَذَا الْعَرَقَ الَّذِي تَحْتَ أُذُنِهَا، عَذَّبْتَ بَهِيمَةً فِي شَهْوَةِ عُمَرَ، لَا واللَّهِ لَا يَذُوقُ عُمَرُ مِكْتَلَكَ [5] .
وَقَالَ قتادة: كان عُمَر يلبس، وهو خليفة، جُبَّةً من صوف مرقوعًا بعضُها بأدم، ويطوف في الأسواق على عاتقه الدِّرَّة يؤدّب النّاس بها، ويمرّ بالنِّكث [6] وَالنَّوَى فيلقطه ويلقيه في منازل النّاس لينتفعوا به [7] .
قَالَ أَنْس: رأيت بين كتِفَيْ عمر أربع رقاع في قميصه [8] .
[1] تاريخ الخلفاء 128.
[2]
القرم: بالتحريك شدّة الشهوة إلى اللحم.
[3]
تاريخ الخلفاء 128، 129.
[4]
اسم غلام كان لعمر.
[5]
تاريخ الخلفاء 129.
[6]
النّكث: بالكسر: الغزل المنقوض.
[7]
تاريخ الخلفاء 129 وأخرج بعضه ابن سعد في الطبقات 3/ 330 من طريق عبيد الله بن الوليد، عن العوّام بن جويرية، عن أنس بن مالك.
[8]
طبقات ابن سعد 3/ 328، تاريخ الخلفاء 129، أسد الغابة لابن الأثير 4/ 62.
وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْديّ: رأيت على عُمَر إزارًا مرقوعًا بأدم [1] .
وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: حججت مع عُمَر، فما ضرب فسطاطا [2] ولا خِباء، كان يلقي الكساء والنّطْع على الشجرة ويستظل تحته [3] .
وَقَالَ عَبْدِ اللَّهِ بْن مُسْلِمِ بْن هُرمز، عَنْ أبي الغادية الشامي قَالَ: قدِم عمرُ الجابية [4] على جملٍ أوْرَقَ تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس [5] ، ليس عليه قَلَنْسُوَة ولا عمامة، قد طبّق رجليه بين شُعبَتَيِ الرحل بلا رِكاب، ووطاؤه كِساء أنبجانيّ [6] من صوف وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته محشوة ليفا [7] ، وَهِيَ إِذَا نزل وساده، وَعَلَيْهِ قميص من كرابيس [8] قد دَسِم وتخرّق جيبُه، فَقَالَ:
ادعوا لي رأس القرية، فدعوه له فَقَالَ: اغسلوا قميصي وخيّطوه وأعيروني قميصًا، فأُتي بقميص كتَّان فَقَالَ: مَا هذا؟ قيل: كِتَّان، قَالَ: وما الكَتّان؟
فأخبروه فنزع قميصه فغسلوه ورقّعوه ولبسه، فَقَالَ له رأس القرية: أنت مَلِك العرب وهذه بلاد لَا تصلُح فيها الإبل. فأُتي ببِرْذَوْن فطرح عليه قطيفة بلا سَرْجٍ ولا رَحْلَ، فلمّا سار هُنَيْهَةً قَالَ: احبسوا، مَا كنت أظنّ النّاسَ يركبون الشيطان، هاتوا جملي [9] .
وَقَالَ المُطَّلب بْن زياد، عَنْ عبد الله بْن عيسى: كان في وجه عمر بن
[1] طبقات ابن سعد 3/ 328، تاريخ الخلفاء 129.
[2]
خيمة.
[3]
طبقات ابن سعد 3/ 279، تاريخ الخلفاء 129، مناقب عمر لابن الجوزي 140.
[4]
الجابية: قرية حوران.
[5]
كذا في نسخة دار الكتب. وفي الأصل وغيره (بالشمس) .
[6]
نسبة إلى منبج.
[7]
هذا ما في نسخة دار الكتب. وفي الأصل وفي ح (ليف) . وكلاهما صواب.
[8]
أي قطن.
[9]
مناقب عمر لابن الجوزي 150.
الخطاب خطّان أسودان من البكاء [1] .
وعن الحسن قَالَ: كان عُمَر يمّر بالآية من وِرْده فيسقط حتّى يُعاد منها أيامًا [2] .
وَقَالَ أَنْس: خرجت مع عُمَر فدخل حائطًا فسمعته يَقُولُ وبيني وبينه جدار: عُمَر بْن الخطاب أمير المؤمنين والله لَتَتَّقِيَنَّ الله بني [3] الخطّاب أو لَيُعَذِّبَنَّكَ [4] .
وَقَالَ عبد الله بْن عامر بْن ربيعة: رأيت عُمَر أخذ تبنة من الأرض فَقَالَ: يا ليتني هذه التبنة، ليتني لم أَكُ شيئًا، ليت أمّي لم تلِدْني [5] .
وَقَالَ عُبَيْد الله بْن عُمَر بْن حفص: إنّ عُمَر بْن الخطاب حمل قِرْبَةً على عُنُقِه، فقيل له في ذلك فَقَالَ: إن نفْسي أعجبتني فأردت أن أذلَّها [6] .
وَقَالَ الصَّلْتُ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: شَهِدْتُ جَلُولاءَ فَابْتَعْتُ مِنَ الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ فَقِيلَ لَكَ: افْتَدِهِ، أَكُنْتَ مُفْتدِيَّ بِهِ؟
قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا مِنْ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ إِلَّا كُنْتُ مُفْتَدِيكَ مِنْهُ، قَالَ: كَأَنِّي شَاهِدُ النَّاسِ حِينَ تَبَايَعُوا فَقَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْهِ، وَأَنْتَ كَذَلِكَ فَكَانَ أَنْ يُرَخِّصُوا عَلَيْكَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَغْلُوا عَلَيْكَ، وَإِنِّي قَاسِمٌ مَسْئُولٌ وَأَنَا مُعْطِيكَ أكثر ما ربح تاجر من
[1] مناقب عمر لابن الجوزي 168 وفيه: وفي رواية خطّان مثل الشراك من البكاء.
[2]
ابن الجوزي 168.
[3]
هكذا في الأصل. وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي 129 «يا ابن الخطّاب» .
[4]
تاريخ الخلفاء 129.
[5]
تاريخ الخلفاء 129.
[6]
تاريخ الخلفاء 129.
قُرَيْشٍ، لَكَ رِبْحُ الدِّرْهَمِ دِرْهَمٌ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابْتَاعُوهُ مِنْهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَدَفَعَ إِلَيَّ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَبَعَثَ بِالْبَاقِي إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لِيَقْسِمَهُ.
وَقَالَ الحسن: رأى عُمَر جاريةً تطيش هُزالًا فَقَالَ: من هذه؟ فَقَالَ عبد الله: هذه إحدى بناتك. قَالَ: وأيُّ بناتي هذه؟ قَالَ: بنتي، قَالَ: مَا بلغ بها مَا أرى؟ قَالَ عملُكَ! لَا تُنفق عليها، قَالَ: إني والله مَا أعول وَلَدَك فاسْعَ عليهم أيُّها الرجل [1] .
وَقَالَ محمد بْن سيرين: قدِمَ صهْرٌ لعمر عليه فطلب أن يُعطيه عُمَر من بيت المال فانتهره عُمَر وَقَالَ: أردت أن ألقى الله مَلِكًا خائنًا! فلما كان بعد ذلك أعطاه من صُلْب ماله عشرة آلاف دِرْهم [2] .
قَالَ حُذيفة: واللَّهِ مَا أعرف رجلًا لَا تأخذه في الله لَوْمَةُ لائمٍ إلَّا عُمَر [3] .
وَقَالَ حُذَيْفَة: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الفتنة؟ قلت: أنا. قَالَ: إنك لَجَريء، قلت: فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفِّرها الصلاة والصيام [4] وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ: ليس عنها أسألك ولكن الفتنة التي تموج مَوْجَ البحر، قلت: ليس عليك منها بأس إنّ بينك وبينها بابًا مُغْلقًا، قَالَ: أيُكْسَر أم يُفْتَحُ؟ قلت: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قلنا لِحُذَيْفَةَ: أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟
قَالَ: نعم كما يعلم أنّ دون غدٍ الليلة، إنّي حدّثته حديثًا ليس بالأغاليط،
[1] مناقب عمر لابن الجوزي 105 طبقات ابن سعد 3/ 277.
[2]
طبقات ابن سعد 3/ 303، 304، تاريخ الخلفاء للسيوطي 130.
[3]
تاريخ الخلفاء 120.
[4]
«الصيام» ساقطة من نسخة دار الكتب وغيرها. والاستدراك من صحيح البخاري.
فسأله مسروق: مَن الباب؟ قَالَ: الباب عُمَر. أخرجه البُخاري [1] .
وَقَالَ إبراهيم بْن عبد الرحمن بْن عوف: أُتي عمرُ بكنوز كِسْرى، فَقَالَ عبد الله بْن الأرقم: أتجعلُها في بيت المال حتى تقسمها؟ فَقَالَ عُمَر: لَا واللهِ لَا آويها إلى سقفٍ حتى أُمْضيها، فوضعها في وسط المسجد وباتوا يحرسونها، فلمّا أصبح كشف عنها فرأى من الحمراء والبيضاء مَا يكاد يتلألأ، فبكى فَقَالَ له أبي: مَا يبكيك يا أمير المؤمنين فو الله إنّ هذا لَيوم شُكْر ويوم سرور! فَقَالَ: وَيْحَكَ إن هذا لم يُعْطَه قوم إلَّا أُلْقِيَتْ بينهم العداوة والبغْضاء.
وَقَالَ أسلم مولى عُمَر: استعمل عُمَر مولى له على الحمى فَقَالَ: يا هُنَيُّ اضمُمْ جناحَك عَنِ المُسْلِمين وَاتَّقِ دعوةَ المظلوم فإنّها مُستجابة، وأدْخِل ربَّ الصُّرَيْمَة والغُنيْمة، وإيّاي وَنَعَم ابن عَوْف ونَعَم ابن عفّان فإنّهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى زرعٍ ونخلٍ، وإنّ رب الصُّريمة والغُنيْمة إنْ تهْلِك ماشِيتُهُما يأتِني ببَنِيه فيقول: يا أمير المؤمنين! أفتاركهم أنا لا أبا لك! فالماء والكَلأ أيسر عليَّ من الذهب والفضة، وَايْمُ اللَّهِ إنُهم ليرون أنّي قد ظلمتُهُم، إنّها لَبِلادُهُم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المالُ الَّذِي أحمِلُ عليه في سبيل الله مَا حَمَيْتُ عليهم من بلادهم شِبْرًا. أخرجه البخاري [2] .
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: دَوَّن عمرُ الدّيوان، وفرض للمهاجرين الأوّلين خمسة
[1] في المواقيت 1/ 133 باب الصلاة كفّارة، وفي الزكاة 2/ 119 باب الصدقة تكفّر الخطيئة، وفي الصوم 2/ 226 باب الصوم كفّارة، وفي المناقب 4/ 174 باب علامات النبوّة، وفي الفتن 8/ 96 باب الفتنة التي تموج كموج البحر، وأخرجه مسلم في الإيمان (231) باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، وفي الفتن وأشراط الساعة (26) باب في الفتنة التي تموج موج البحر، والترمذي في الفتن باب 61 رقم (2359) ، وابن ماجة في الفتن، رقم (3955) ، وأحمد في المسند 5/ 386 و 401 و 405.
[2]
في الجهاد والسير 4/ 33 باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم، ومالك في الموطّأ 707، 708 رقم (1842) باب ما يتّقى من دعوة المظلوم.
آلاف خمسة آلاف، وللأنصار أربعةَ آلافٍ أربعة آلاف، ولأُمَّهات المؤمنين اثني عشر ألفًا اثني عشر ألفًا [1] .
وَقَالَ إبراهيم النَّخْعيّ: كان عُمَر يتجر وهو خليفة [2] .
وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا. فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَنَامِ وَقَالَ:
ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ وَأَخْبِرْه أَنَّهُمْ مُسْقَوْنَ وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسَ الْكَيْسَ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عُمَرَ فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ مَا آلُو مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَنْس: تقرقر بطْنُ عُمَر من أكل الزَّيت عام الرَّمَادة، كان قد حرم نفسه السَّمْن، قَالَ: فنقر بطنه بإصبعه وَقَالَ: إنه ليس [لك][3] عندنا غيره حتى يحيا النّاس [4] .
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
لَمَّا كَانَ عَامُ الرَّمَادَةِ جَاءَتِ الْعَرَبُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَكَانَ عُمَرُ قَدْ أَمَرَ رِجَالًا يَقُومُونَ بِمَصَالِحِهِمْ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لَيْلَةً:«أَحْصُوا مَنْ يَتَعَشَّى عِنْدَنَا» فَأَحْصَوْهُمْ مِنَ الْقَابِلَةِ فَوَجَدُوهُمْ سَبْعَةَ آلافِ رَجُلٍ، وَأَحْصَوُا الرِّجَالَ الْمَرْضَى وَالْعِيَالاتِ فَكَانُوا أَرْبَعِينَ أَلْفًا. ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ بَلَغَ الرِّجَالُ وَالْعِيَالُ سِتِّينَ أَلْفًا، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى أَرْسَلَ اللَّهُ السَّمَاءَ، فَلَمَّا مَطَرَتْ رَأَيْتُ عُمَرَ قَدْ وَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يُخْرِجُونَهُمْ إِلَى الْبَادِيَةِ وَيُعْطُونَهُمْ قُوتًا [5] وَحُمْلانًا إلى باديتهم، وكان قد
[1] طبقات ابن سعد 3/ 300 تاريخ الخلفاء 130.
[2]
تاريخ الخلفاء 130.
[3]
ما بين الحاصرتين إضافة على الأصل من طبقات ابن سعد.
[4]
طبقات ابن سعد 313.
[5]
في الأصل «قوّة» وهو تحريف، والتصويب من نسخة دار الكتب، وطبقات ابن سعد.