الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُسَامَةُ فِي جَيْشِكَ لِلْوَجْهِ الَّذِي أُمِرْتَ بِهِ، ثُمَّ اغْزُ حَيْثُ أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَاحِيَةِ فِلِسْطِينَ، وَعَلَى أَهْلِ مُؤْتَة، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِي مَا تَرَكْتَ، وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَأْذَنَ لِعُمَرَ فَأَسْتَشِيرُهُ وَأَسْتَعِينَ بِهِ فَافْعَلْ، فَفَعَلَ أُسَامَةُ. وَرَجَعَ عَامَّةُ الْعَرَبِ عَنْ دِينِهِمْ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَغَطَفَانُ وأسد وعامّة أشجع، وتمسّكت طيِّئ بِالْإِسْلَامِ.
شَأْنُ أَبِي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ رضي الله عنهما
قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنْ فَاطِمَةَ سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» فَغَضِبَتْ وَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ حَتَى تُوُفِّيَتْ [1] . وَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا رَدَدْتُهُنَّ فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلَا تَتَّقِينَ اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ في هذا المال» [2] .
[1] أخرجه البخاري في الفرائض 8/ 3 باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة، وفي الوصايا 3/ 197 باب نفقة القيّم للوقف، وفي فضائل الصحابة 4/ 209، 210، باب مناقب قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومنقبة فاطمة عليها السلام، وفي المغازي 5/ 23 باب حديث بني النضير، ومسلم في الجهاد والسير (1758) باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، ورقم (1759) و (1761) ، وأبو داود في الخراج والإمارة (2975) باب في صفايا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الأموال، والترمذي في السير 3/ 81 (1658) باب ما جاء في تركة النبيّ صلى الله عليه وسلم، والنسائي في الفيء 7/ 132 في كتاب قسم الفيء، ومالك في الموطأ 702 رقم 1723، باب ما جاء في تركة النبيّ، وأحمد في المسند 1/ 4 و 6 و 9 و 10 و 25 و 47 و 48 و 49 و 60 و 164 و 179 و 191 و 6/ 145 و 262، وابن سعد في الطبقات 2/ 315، وابن جميع الصيداوي (بتحقيقنا) ص 374 رقم 365.
[2]
انظر تخريج الحديث قبله.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمَئُونَةِ عَامِلِي [1] فَهُوَ صَدَقَةٌ [2] » . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ- وَهُوَ مَتْرُوكٌ-[3] عن أبي صالح مولى أمّ
[1] في الأصل (عمالي) ، وفي الحاشية (عيالي، خ) رمزا لنسخة فيها ذلك وهو الموافق لما في (ع) وبعض المراجع، وفي (ح)(عاملي) ، وفي الحاشية (عيالي) . وما أثبتناه هو الموافق لما في الصّحاح.
[2]
أخرجه البخاري في الوصايا 3/ 197 باب نفقة القيّم للوقف، ومسلم في الجهاد والسير (1759) باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، وأبو داود في الخراج والإمارة (2974) باب في صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، ومالك في الموطّأ 702 رقم 1723، باب ما جاء في تركة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأحمد في المسند 2/ 242 و 376 و 464.
[3]
هو أبو النضر محمد بن السائب بن بشر الكلبي، العلّامة الأخباريّ المفسّر. كان رأسا في الأنساب إلّا أنه شيعيّ. توفي سنة 146 هـ-. قال معتمر بن سليمان عن أبيه: كان بالكوفة كذّابان أحدهما الكلبي، وقال الدوري عن يحيى بن معين. ليس بشيء، وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه هو ذاهب الحديث لا يشتغل به، وقال النسائيّ: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال ابن عديّ: له غير ما ذكرت أحاديث صالحة وخاصّة عن أبي صالح، وهو معروف بالتفسير وليس لأحد أطول من تفسيره، وحدّث عنه ثقات من الناس ورضوه في التفسير، وأما في الحديث ففيه مناكير، ولشهرته فيما بين الضعفاء يكتب حديثه، وقال عليّ بن الجنيد، والحاكم أبو أحمد، والدار الدّارقطنيّ: متروك، وقال الجوزجاني: ساقط، وقال ابن حبّان:
وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه، وقال الساجي: متروك الحديث، وكان ضعيفا جدا لفرطه في التشيّع، وقد اتّفق ثقات أهل النقل على ذمّة وترك الرواية عنه في الأحكام والفروع.
انظر عنه:
طبقات ابن سعد 6/ 249، تاريخ خليفة 423، طبقات خليفة 167، المعارف لابن قتيبة 533، التاريخ الكبير للبخاريّ 1/ 101 رقم 283، التاريخ الصغير له 2/ 51، أحوال الرجال للجوزجانيّ 54 رقم 37، الضعفاء الصغير للبخاريّ 322، الضعفاء والمتروكين للنسائي 414، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 7/ 270، 271 رقم 1478، الضعفاء الكبير للعقيليّ 4/ 76 رقم 1632، كتاب المجروحين لابن حبّان 2/ 253، الضعفاء والمتروكين للدار للدّارقطنيّ 151 رقم 468، الفهرست لابن النديم 95، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 6/ 2127- 2132، اللباب لابن الأثير 3/ 105، وفيات الأعيان لابن خلكان 4/ 309- 311، تهذيب الكمال للمزّي 3/ 1199، ميزان الاعتدال للذهبي 3/ 556- 559 رقم
هَانِئٍ إِنَّ فَاطِمَةَ دَخَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَرَأَيْتَ لَوْ مُتَّ الْيَومَ مَنْ كَانَ يَرِثُكَ؟ قَالَ: أَهْلِي وَوَلَدِي، فَقَالَتْ: مَالَكَ تَرِثُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دُونِ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ! فَقَالَ: مَا فَعَلْتُ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ. قَالَتْ: بَلَى قَدْ عَمَدْتَ إِلَى فَدَكَ [1] وَكَانَتْ صَافِيةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذْتَهَا، وَعَمَدْتَ إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتَهُ مِنَّا، فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطْعِمَ النَّبِيَّ الطَّعْمَةَ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا قَبَضَهُ رَفَعَهَا، فَقَالَتْ: أَنْتَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمُ، مَا أَنَا بِسَائِلَتِكَ بَعْدَ مَجْلِسِي هَذَا [2] .
ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنْتَ وَرِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ أَهْلُهُ؟
فَقَالَ: لَا بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ: فَأَيْنَ سَهْمُهُ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طَعْمَةً [3] ثُمَّ قَبَضَهُ جَعَلَهَا لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ» ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى المُسْلِمينَ، قَالَتْ: أَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ» [4] ، وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَأَنْكَرُ مَا فِيهِ قَوْلُهُ:«لَا، بل أهله» .
[7574،) ] الكاشف 3/ 40، 41 رقم 4941، المغني في الضعفاء 2/ 584 رقم 5542، سير أعلام النبلاء 6/ 248- 249 رقم 111، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 83 رقم 1001، الكشف الحثيث لبرهان الدين الحلبي 373 رقم 667، الموضوعات لابن الجوزي 1/ 47، تهذيب التهذيب لابن حجر 9/ 178- 181 رقم 266، تقريب التهذيب له 2/ 163 رقم 240، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 337، طبقات المفسّرين 2/ 144، شذرات الذهب 1/ 217.
[1]
فدك، قرية على مسافة يومين من المدينة المنوّرة، وسمّيت بفدك بن حام لأنّه أوّل من نزلها.
(وفاء ألوفا للسمهودي 2/ 355) .
[2]
الحديث ضعيف لضعف محمد بن السائب، ولكن يقوّيه الحديث الآتي بعده.
[3]
يريد بالطعمة، ما كان له من الفيء وغيره. (النهاية لابن الأثير) .
[4]
ج 1/ 4، وأخرجه أبو داود في الخراج والإمارة والفيء (2973) باب في صفايا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الأموال.
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مسْلمٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ: ثَنَا صَدَقَةُ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ الصِّدِيقِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَتْ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي خَلَّفْنَا عَنْهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ أَهْلَ الْبَيْتِ. ثُمّ قَرَأَتْ عَلَيْهِ وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ 8: 41 [1] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهَا: بِأَبي وَأُمِّي أَنْتِ وَوَالِدُكِ وَوَلَدُكِ، وَعَلَيَّ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ كِتَابُ اللَّهِ وَحقُّ رَسُولِهِ وَحَقُّ قَرَابَتِهِ، وَأَنَا أَقْرَأُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ الَّذِي تَقْرَئِينَ، وَلَا يَبْلُغُ عِلْمِي فِيهِ أَنْ أَرَى لِقَرَابَةِ [2] رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا السَّهْمَ كُلَّهُ مِنَ الْخُمُسِ يَجْرِي بِجَمَاعَتِهِ عَلَيْهِمِ، قَالَتْ:
أَفَلَكَ هُوَ وَلِقَرابَتِكَ؟ قَالَ: لَا، وَأَنْتِ عِنْدِي أَمِينَةٌ مُصَدَّقةٌ، فَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْكِ فِي ذَلِكَ عَهْدًا وَوَعَدَكِ مَوْعِدًا أوْجَبَهُ لَكِ حَقًّا وَسَلَّمْتُهُ إِلَيْكِ، قَالَتْ: لَا، أَلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَالَ: أَبْشِرُوا آلَ مُحَمَّدٍ فَقَدْ جَاءَكُمُ الْغِنَى. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتِ فَلَكِ الْغِنَى، وَلَمْ يَبْلُغْ عِلْمِي فِيهِ وَلَا بِهَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يُسَلَّمَ هَذَا السَّهْمُ كُلُّهُ كَامِلًا، وَلَكِنْ لَكُمُ الْغِنَى الَّذِي يُغْنِيكُمْ، وَيَفْضُلُ عَنْكُمْ، فَانْظُرِي هَلْ يُوَافِقُكِ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، فَانْصَرَفَتْ إِلَى عُمَرَ فَذَكَرَتْ لَهُ كَمَا ذَكَرَتْ لِأَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهَا مِثْلُ الَّذِي رَاجَعَهَا بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَعَجِبَتْ وَظَنَّتْ أَنَّهُمَا قَدْ تَذَاكَرَا ذَلِكَ وَاجْتَمَعَا عَلَيْهِ.
وَبِالْإِسْنَادِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ- مِنْ دُونِ ذِكْرِ الْوَلِيدِ بْنِ مسْلمٍ- قَالَ:
حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا أَنْ يُعْطِينَا مِنَ الْفَيْءِ بِحَقِّ مَا يَرَى أَنَّهُ لَنَا مِنَ الْحَقِّ، فَرَغِبْنَا عن ذلك
وَقُلْنَا: لَنَا مَا سَمَّى اللَّهُ مِنْ حَقِّ ذِي الْقُرْبَى، وَهُوَ خُمْسُ [1] الْخُمُسِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ لَكُمْ مَا تَدَّعُونَ أَنَّهُ لَكُمْ حَقٌّ، إِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ الْخُمُسَ لِأَصْنَافٍ سَمَّاهُم، فَأَسْعَدُهُمْ فِيهِ حَظًّا أَشَدُّهُمْ فَاقَةً وَأَكْثَرُهُمْ عِيَالًا، قَالَ: فَكَانَ عُمَرُ يُعْطِي مَنْ قَبِلَ مِنَّا مِنَ الْخُمْسِ وَالْفَيْءِ نَحْوَ مَا يَرَى أَنَّهُ لَنَا، فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنَّا نَاسٌ وَتَرَكَهُ نَاسٌ.
وَذَكَرَ الزُّهْرِيُّ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ [2] قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، قُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي، قَالَ: اقْبِضْهُ أيُّهَا الْمَرْءُ، قَالَ: وَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ [3] فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ لَبِثَ يَرْفَأُ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا دَخَلَا سَلَّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الظَّالِمِ الْفَاجِرِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ، فَاسْتَبَّا، فَقَالَ عُثْمَانُ وَغيَرُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأرِحْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْآخِرِ، فَقَالَ: أنْشُدُكُمَا باللَّه هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال «: لا نورث ما تركنا صدقة» ؟ قَالَا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ: فَإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ: إِنَّ اللَّهَ كَانَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ، فَقَالَ تَعَالَى: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى من يَشاءُ 59: 6 [4] ، فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا [5] دُونَكُمْ ولا استأثر
[1](خمس) ساقطة من أكثر النسخ.
[2]
في (ح) والمنتقى لابن الملّا (النضري) وهو تصحيف.
[3]
«يرفا» غير مهموز، هكذا ذكره الجمهور، ومنهم من همزة، يرفأ، وهو حاجب عمر بن الخطّاب.
[4]
سورة الحشر، الآية 6.
[5]
في طبعة القدسي 3/ 19 «اختارها» وهو تصحيف، والتصويب من صحيح البخاري.
بِهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدِ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، أَنْشُدُكُمْ باللَّه هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، قَالُوا: نَعَمْ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَبَضَهَا وَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ به رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأنتما تزعمان أنّ أبا بكر فيها كَاذِبٌ فَاجِرٌ غَادِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّه فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَقُلْتُ [1] : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، أَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِهِ، وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَشْهَدُونَ [2] ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ [3] يَزْعُمُونَ أَنِّي فِيهَا فَاجِرٌ كَاذِبٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بارّ راشد تابع للحق، ثم جئتماني وكلمتكما وَاحدَةٌ وَأَمْرُكُمَا جَمِيعٌ، فَجِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَجَاءَنِي هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ نَصِيبِ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقةٌ» ، فَلَمَّا بَدَا لِيَ أَنْ أَدْفَعَهَا إِلَيْكُمَا قُلْتُ:
إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلَانِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَإِلَّا فَلَا تُكَلِّمَانِي، فَقُلْتُمَا:
ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا [4] أَنْشُدُكُمْ باللَّه هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟
قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا باللَّه هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالَا: نَعَمْ، قَالَ أفتلتمسان منّي قضاء غير ذلك! فو الّذي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ لَا أَقْضِي فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عنها فادفعاها إليّ أكفيكماها [5] .
[1] في صحيح الإمام البخاري (فكنت) بدل (فقلت) التي في الأصل وغيره.
[2]
«تشهدون» ساقطة من (ح) والمنتقى نسخة أحمد الثالث، وليست في صحيح البخاري.
[3]
لعلّ في الأصل وغيره هنا كلمات مقحمة لا تفسد المعنى. فانظر صحيح الإمام البخاري حيث يختلف النصّ عمّا هنا.
[4]
في (صحيح الامام البخاري) : ادفعها إلينا. فبذلك دفعتها إليكما.
[5]
رواه البخاري في الخمس 4/ 43، 44 باب فرض الخمس، ومسلم في الجهاد والسير