الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:
ونميز هنا بين حالتين:
1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:
إذا تُوفِّي الإمام ووقعت البيعة لأكثر من شخص في أماكن مختلفة، بفارق زمني بينهما، فجمهور أهل السنة على أنَّ البيعة الأولى هي المعتبرة دون غيرها (1)، وهو رأي الحنفية (2) والمالكية (3) والشافعية (4) والحنابلة (5) والظاهرية (6)، والزيدية (7) والمعتزلة (8) وجعل ابن محبوب من الإباضية اختيارَ الأسبق بيعة كخيار أخير حيث قال:«إذا عقد كل فريق من المسلمين لإمام في موضع، فمن هو في موضع الأئمة فهو الإمام، وإن كانا في بلاد الإمامة فالذي قدمه أهل الدين أولى بالإمامة، فإن استويا فأفضل الإمامين ديناً وفقهاً وأقواهم في عز الدعوة أحق بالإمامة، وإن استويا فالمعقود له أولاً» (9).
(1) شرح المواقف للجرجاني: 8/ 353. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 46 - 47. غاية المرام للآمدي: ص 382. أصول الدين للبغدادي: ص 281. والتمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 180. غياث الأمم للجويني: ص 94. مقالات الإسلاميين للأشعري: 1/ 462 - 463. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 250. تطور الفكر السياسي لِيوجَه سوي: ص 159. الموسوعة الفقهية: 6/ 226. معالم الخلافة للخالدي: ص 287.
(2)
البحر الرائق لابن نجيم: 6/ 299.
(3)
تفسير القرطبي: 1/ 272. البيان والتحصيل لابن رشد الجد: 18/ 534. أحكام القرآن لابن العربي: 4/ 139.
(4)
مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 132 كتاب البغاة. روضة الطالبين للنووي: 10/ 47 كتاب الإمامة وقتال البغاة. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 10. شرح النووي على مسلم: 12/ 231 - 232. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 46. غياث الأمم للجويني: ص 94. أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 110. وانظر معالم الخلافة للدكتور الخالدي: ص 287.
(5)
مطالب أولي النهى للرحيباني: 6/ 265. كشاف القناع للبهوتي: 6/ 160. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 6/ 276. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 25. الإنصاف للمرداوي: 10/ 310 كتاب الديات، باب قتال أهل البغي. وانظر: معالم الخلافة للخالدي: ص 287.
(6)
الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 126، 131. المحلى لابن حزم: 9/ 360 مسألة (1771).
(7)
الروضة الندية للقنوجي: ص 783. البحر الزَّخَّار لابن المرتضى: 5/ 384 - 385.
(8)
الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 210. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 757.
(9)
شرح كتاب النيل لأطفيش: مج 14/ج 1 ص 335 - 336، 369، 370، 372.
ورأي الجمهور هو الحق المؤيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «فُوا ببيعة الأول فالأول» (1)، وقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» (2).
ودفعاً لادِّعاءِ مدَّعٍ عقدَ الإمامة له سراً، متقدماً على عقد من كان العقد له جهراً عياناً، قال الآمدي وغيره:«قال بعض الأصحاب: يجب أن يكون اختيار الإمام بمحضر من الشهود وبينة عادلة، كفَّاً للخصام ووقوعِ الخلاف بين الأنام وادعاء مدع عقد الإمامة له سراً متقدماً على عقد من كان له جهراً عياناً، وهو لا محالة واقع في محل الاجتهاد» (3).
وجاء بمقابل رأي الجمهور آراء أخرى منها:
أ) هناك من رأى أن الإمام هو الذي عُقد له في بلد الإمام دون غيره، سواء عُقد له أولاً أم لا (4)، بينما جعل القاضي عبد الجبار نصبَ الإمام واجباً على أهل المدينة التي مات فيها الإمام، وهم بوجوب ذلك أولى ممن بعُد (5)، وهذا يعني أنه إذا بايع الإمامَ غيرُهم صحت البيعة، وهو كقول أهل السنَّة.
ب) ورأى بعض الحنابلة ضرورة القرعة (6).
(1) صحيح البخاري: 3/ 1273 كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل رقم (3268) عن أبي هريرة. صحيح مسلم: 3/ 1471 كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول رقم (1842) عن أبي هريرة. ومسند أحمد: 13/ 340 رقم (7960) عن أبي هريرة قال محقق الكتاب: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(2)
سبق تخريجه في: ص (210) حاشية (2).
(3)
غاية المرام للآمدي: ص 382. الإمامة للآمدي: ص 173. المواقف للإيجي: 3/ 591. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 353. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 254. مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 131. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 45. التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني: ص 179. الإرشاد للجويني: ص 419. نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 496. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 346. حاشية ابن عابدين: 1/ 549. تفسير القرطبي: 1/ 269. روضة الطالبين للنووي: 10/ 43 كتاب الإمامة وقتال البغاة. أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 109. وهو رأي الإمامية، انظر: فرق الشيعة للنوبختي: ص 111.
(4)
ذكر هذا القولَ الأشعريُ والماوردي ولم ينسباه لأحد، انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 463. والأحكام السلطانية للماوردي: ص 9. ورفض هذا القولَ الفرَّاءُ في الأحكام السلطانية: ص 19. والنووي في شرحه على مسلم: 12/ 232.
(5)
الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 203، 326. وذكر الماوردي أيضاً هذا القول عن طائفة من العلماء، ولعله يقصد القاضي عبد الجبار، انظر: الأحكام السلطانية للماوردي: ص 9.
(6)
القول بالقرعة هنا يكون بعد مبايعة اثنين يصلحان للخلافة، وهو يختلف عن القول بالقرعة قبل المبايعة الذي ورد في: ص (169) من هذه الأطروحة. وانظر: شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 6/ 276. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 462 - 463. ولم ينسب الأشعري هذه الأقوال لأحد. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 10 ولم ينسبها لأحد أيضاً. ورفض النووي هذا القول في شرحه على مسلم: 12/ 232.