المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الصلح على الحسن رضي الله عنه وبعث إليه عبد الرحمن - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: الصلح على الحسن رضي الله عنه وبعث إليه عبد الرحمن

الصلح على الحسن رضي الله عنه وبعث إليه عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز للمفاوضة معه، فقبل الحسن رضي الله عنه الصلح واشترط شروطاً تعهد له بها هذان الرجلان، ووافق معاوية عليها فيما بعد.

وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما ميالاً للصلح بين الناس فبعد رفض معاوية بيعةَ أبيه علي رضي الله عنه حتى يقتص من قتلة عثمان رضي الله عنه، دخل الحسن بن علي رضي الله عنهما على أبيه ودعاه إلى القعود وترك قتال معاوية رضي الله عنه (1).

وقد كان معاوية رضي الله عنه يعلم أن الحسن رضي الله عنه أكرهُ الناسِ للفتنة فلما توفي علي رضي الله عنه بعث إلى الحسن رضي الله عنه فأصلح ما بينه وبينه سراً وأعطاه معاوية رضي الله عنه عهداً إن حدث به حَدَثٌ والحسن حي ليسمينَّه وليجعلنَّ الأمر إليه فلما توثق منه سلَّم له وبايعه (2).

ولعل ما ذكره الطبري من أن الحسن رضي الله عنه راسل معاوية رضي الله عنه بالصلح بعد الحادثة التي حصلت في جيشه عند سريان الشائعات بمقتل قيس بن سعد رضي الله عنه قائد مقدمة جيشه، وقيام الغوغاء بمهاجمته ونهب سرادقه، أقول لعل مراسلته لمعاوية رضي الله عنه كانت بعد عرض معاوية رضي الله عنه الصلح عليه أولاً، والله أعلم (3).

‌شروط الصلح:

اشترط الحسن رضي الله عنه على معاوية رضي الله عنه عدداً من الشروط وهي:

1) أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبسيرة الخلفاء الصالحين (4).

(1) تاريخ الطبري: 3/ 4.

(2)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 264.

(3)

انظر تاريخ الطبري: 3/ 165.

(4)

فتح الباري لابن حجر: 13/ 63. المدائني فيما رواه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج: 4/ 8. وانظر البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 18 - 19 حاشية (3) لمحقق الكتاب.

ص: 109

2) أن يكون الأمر للحسن رضي الله عنه من بعده، وليس لمعاوية رضي الله عنه أن يعهد به إلى أحد (1).

3) أن يترك سب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه والقنوت عليه بالصلاة وأن لا يذكره إلا بخير (2).

4) يسلم ما في بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف للحسن، وله خراج فسا ودرابجرد (3)، وأن يقضي معاوية رضي الله عنه ديون الحسن رضي الله عنه (4).

5) أن لا يأخذ أحداً من أهل العراق بإحنة، وأن يؤمن الأسود والأحمر ويحتمل ما يكون من هفواتهم، وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم (5).

فأجابه معاوية رضي الله عنه وأعطاه ما سأل، وكان ببيت المال سبعة آلاف ألف درهم فاحتملها الحسن رضي الله عنه وتجهز هو وأهل بيته إلى المدينة وكفَّ معاوية رضي الله عنه عن سبِّ علي رضي الله عنه والحسنُ يسمع، وأجرى معاوية رضي الله عنه على الحسن رضي الله عنه كل سنة ألف ألف درهم وعاش الحسن رضي الله عنه بعد ذلك عشر سنين، (6) وقال السيوطي: كان عطاء الحسن رضي الله عنه من

(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 191 - 192. البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 18 - 19 حاشية (3) لمحقق الكتاب، = = 8/ 87. الإصابة لابن حجر: 2/ 68. سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 277، 278. الأخبار الطوال للدينوري: ص 218.

(2)

البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 17، 8/ 18 - 19 حاشية (3) لمحقق الكتاب. وقال ابن الأثير: طلب الحسن من معاوية أن لا يشتم علياً فلم يجبه، فطلب أن لا يشتم وهو يسمع، فأجابه إلى ذلك ثم لم يفِ له به أيضاً. الكامل لابن الأثير: 2/ 272. سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 264. البدء والتاريخ للمقدسي: 6/ 5.

(3)

البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 17، 8/ 18 - 19 حاشية (3) لمحقق الكتاب. تاريخ الطبري: 3/ 165. وفي الأخبار الطوال للدينوري: ص 218 أن يحمل لأخيه الحسين في كل عام ألفي ألف، ويفضل بني هاشم في العطاء والصلاة على بني عبد شمس. سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 264. درابجرد: كورة بفارس نفيسة عمَّرها دراب بن فارس، أصلها: دراب كرد، فعرِّب بنقل الكاف إلى الجيم، دراب: اسم رجل، وكرد معناه عمل. قال الإصطخري: فسا من مدن كورة درابجرد وهي أكبر من درابجرد. انظر معجم البلدان: 2/ 446 باب الدال والراء وما يليهما. والكورة: القرية أو البلدة.

(4)

تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 191 - 192.

(5)

الأخبار الطوال للدينوري: ص 218. تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 191 - 192. وقد شكك الشيباني بهذا الشرط في رسالته مواقف المعارضة: ص 637. وهو موجود إضافة لما سبق في فتوح ابن الأعثم: 4/ 160.

(6)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 264. تاريخ الطبري: 3/ 165، ولكن ذكر الطبري بعد هذه الصحيفة بقليل في: 3/ 167 أن الحسن ومعاوية اختلفا في شروط الصلح وأن معاوية عندها لم ينفذ من الشروط شيئاً. وهذا ما ذكره أيضاً ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 13/ 272.

ص: 110

معاوية رضي الله عنه في كل سنة مائة ألف (1).

وكان هدف الحسن بن علي رضي الله عنه من مصالحة معاوية حقن دماء المسلمين، لعلمه أنه لا تغلب طائفةٌ الأخرى حتى تذهب أكثرها (2)، وهذا ما قاله لما تم الصلح بشروطه، فقد برز الحسن رضي الله عنه بين الصفين وقال: إني قد اخترت ما عند الله وتركت هذا الأمر لمعاوية، فإن كان لي فقد تركته لله وإن كان له فما ينبغي أن أنازعه ثم قرأ:{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} الأنبياء /111، وكبر الناس فرحاً واختلطوا من ساعتهم وسُمِّيت سنة الجماعة وتمت الخلافة لمعاوية رضي الله عنه من يومئذ (3). وكان يقول بعد ذلك:«قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم» (4).

وكان خلع الحسن رضي الله عنه نفسه من الولاية وتسليم الأمر لمعاوية رضي الله عنه في ربيع الأول سنة إحدى وأربعين (5) ، وقيل في جمادى الأولى (6) ، فكانت خلافته خمسة أشهر ونحو نصف شهر وقيل سبعة أشهر وعشراً، وكان في خلعه نفسه وتسليم الأمر لمعاوية رضي الله عنه ظهور معجزتين للنبي صلى الله عليه وسلم إحداهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حقه: «ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (7) فكان الأمر كذلك ، والثانية: أنه حسب يوم تسليمه فكان تمام ثلاثين سنة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الْخِلافَةُ فِي أُمَّتي ثَلاثُونَ سَنَةً ثُمَّ مُلْكٌ بَعْدَ ذَلِكَ» (8).

(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 193.

(2)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 277. وانظر فقه الخلافة للسنهوري: ص 263.

(3)

شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 52. فيض القدير للمناوي: 2/ 409.

(4)

حلية الأولياء للأصبهاني: 2/ 37.

(5)

ممن ذكر ذلك ابنُ حبان في صحيحه: 15/ 38. قال: سلمَّ الحسنُ الأمر إلى معاوية يوم الاثنين لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأول، وسميت هذه السنة سنة الجماعة. وانظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 146.

(6)

انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 278. تاريخ الطبري: 3/ 261.

(7)

رواه عن أبي بكرة كل من: البخاري في صحيحه: 2/ 962 كتاب الصلح، باب قول النبي للحسن بن علي «ابني هذا سيد» رقم (2557). والترمذي في سننه: 5/ 658 كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رقم (3773). والنسائي في سننه: 3/ 107 كتاب الجمعة، باب مخاطبة الإمام رعيته وهو على المنبر رقم (1410) عن أبي بكرة. وأبو داود في سننه: 4/ 216 كتاب السنة، باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة، رقم (4662). وأحمد في مسنده: 34/ 138 في مسند البصريين رقم (20499) قال المحقق: حديث صحيح.

(8)

مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 108. والحديث سبق تخريجه في ص (20) حاشية (4).

ص: 111