الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام (1) والغزالي ومثَّل به للمصلحة المرسلة فقال: «وكذلك نقول في المستظهر بشوكته المستولي على الناس المطاع فيما بينهم، وقد شغر الزمان عن مستجمع لشرائط الإمامة ينفذ أمره لأن ذلك يجر فساداً عظيماً لو لم نَقُلْ به» (2).
4 -
الحاجة لتصحيح الخلافة الأموية بالأندلس والخلافة الفاطمية ببلاد المغرب والديار المصرية، مع قيام الخلافة العباسية بالعراق وانسحابها على سائر الأقطار والبلدان، كما قال الإسفراييني والجويني (3)، ومعلوم أن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، وخاصة إذا كانت عامة كما في موضوع الخلافة.
من له حق تقدير الضرورة:
الضرورة من الأمور الاجتهادية، فمنها ما هو متصل بأمور الجماعة، ومنها ما هو متعلق بخصوصيات الأفراد؛ أما ما كان متصلاً بأمور الجماعة والمجتمع فهو مسؤولية الحاكم الشرعي صاحب السلطة التنفيذية في البلاد. فتوقيف تنفيذ حد السرقة لمدة معينة الذي كان ضرورياً بسبب المجاعة كان من شأن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أما ما كان متصلاً بخصوصيات الأفراد فتقديره موكول إلى دياناتهم، يحكمون فيها ضمائرهم؛ بحيث تتفق ممارستهم مع أحكام الشريعة، في غير خدعة ولا تضليل، فالله سبحانه مطلع على سرائرهم وحقيقة نواياهم؛ إذ الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، وهي مما يستفتي فيها المرء نفسه، وإن أفتاه المفتون وأفتوه (4).
أحكام الضرورة:
1 -
انتفاء الإثم عن المضطر، أي رفع العقوبة عنه في الآخرة وعدم توجيه اللوم له في الدنيا، وخلص الفقهاء في هذا إلى قاعدة (لا إثم مع الضرورة)(5).
2 -
الأخذ بالرخصة التي أباحتها الضرورة إما واجب أو مباح على اختلاف
(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: 1/ 91.
(2)
المنخول للغزالي: ص 471.
(3)
مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 146. صبح الأعشى للقلقشندي: 9/ 287. ولا بد في هذا الأمر من مراعاة الشروط الواجب توفرها في الخليفة والتي لا يمكن التنازل عنها، وهما هنا الإسلام والعقل، فلا يمكن لنظرية الضرورة أن تضفي شرعية على حاكم ما إذا أظهر الكفر.
(4)
فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص 62.
(5)
فقه الخلافة للسنهوري: ص 258.
بين الفقهاء؛ فقد ذهب فريق من الفقهاء إلى القول بالإباحة، فالمضطر مخير بين الأخذ بالرخصة، وبين تركها؛ إذ أن هذا هو الذي يتفق ومعنى الرخصة، وأيَّدوا هذا الموقف أيضاً بما روي عن عبد الله بن حذافة السهمي أن طاغية الروم حبسه في بيت، وجعل معه خمراً ممزوجاً بماء، ولحم خنزير مشوياً ثلاثة أيام، فلم يأكل ولم يشرب حتى مال رأسه من الجوع والعطش، وخشوا موته فأخرجوه فقال:
…
«قد كان الله أحلَّه لي؛ لأني مضطر، ولكن لم أكن لأشمتك بدين الإسلام» ولأن إباحة الأكل رخصة فلا تجب عليه كسائر الرخص، ولأنَّ له غرضاً في اجتناب النجاسة والأخذ بالعزيمة، وفارق الحلال في هذا الأصل من هذه الوجوه.
وذهب فريق آخر إلى أن الحكم في حال الضرورة هو وجوب الأخذ بالرخصة وهو قول مسروق، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي، قال الأثرم: سئل أبو عبد الله عن المضطر يجد الميتة ولم يأكل؟ فذكر قول مسروق: من اضطر فلم يأكل، ولم يشرب فمات دخل النار، وهذا اختيار ابن حامد، وذلك لقول الله عز وجل:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} البقرة/195. وقال الله عز وجل: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} النساء/29. ولأنه قادر على إحياء نفسه بما أحله الله له، فلزمه كما لو كان معه طعام حلال (1).
3 -
لا رخصة بسبب معصية، فلو نشأت الضرورة نتيجة ارتكاب معصية فليس للمتلبس بها الترخص بما يباح لمن عداه (2).
4 -
وجوب الاقتصار في تناول المحظور، أو ترك الواجب المطلوب، على القدر الذي يرفع الضرر دون زيادة عليه، إذا كان الضرر مؤقتاً مرجو الزوال، أما إذا كان مستمراً، وليس متوقعاً رفعه أو دفعه، فيباح الإعداد له إلى الوقت الذي يغلب على الظن استمراره.
5 -
لا تبيح الضرورة للمضطر الاعتداء على مال غيره أو أخذه بدون إذن صاحبه ورضاه، وهذا ما تعبر عنه القاعدة الفقهية التالية: «الاضطرار لا يبطل
(1) شرح منح الجليل لعليش: 2/ 455. المغني لابن قدامة: 9/ 153. وانظر: فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص 76 وما بعدها.
(2)
شرح منح الجليل لعليش: 2/ 456.
حق الغير» (1). وللضرورة ضوابط معروفة فليَرجع إليها من أراد التفصيل (2).
(1) درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر: 1/ 38.
(2)
نظرية الضرورة للدكتور وهبة الزحيلي: ص 65. فقه الضرورة لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان: ص 64. نظرية الضرورة الشرعية لجميل مبارك: ص 14. موسوعة الفقه الإسلامي في موقع وزارة الأوقاف المصرية: 28/ 194. فقه الخلافة للسنهوري: ص 258 وما بعد.