الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويُبايَع من يقع عليه الاختيار منهما، ولا نختار من غيرهما لوجود شبهة ألغت النظر لغيرهما، ولامتناع تعدد الأئمة.
وقال أبو هاشم من المعتزلة: نبطل البيعتين ونختار واحداً منهما أو من غيرهما (1)، وهو قول البلقيني من الشافعية (2) والتفتازاني (3) والآمدي (4) والجرجاني (5) والبغدادي (6) والجويني (7)، وابن حزم مع تقديم أحدهما إن أمكن وإلا فيختار من غيرهما (8). وفي الرواية الثانية عند الحنابلة: يقرع بينهما ولا يختار غيرهما (9).
معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:
إن صلح للإمامة واحدٌ فقد تعيَّن، وإن صلح لها اثنان، فقد اختلف العلماء في الأصلح، وهذا راجع لكل عصر وحاجات الأمة فيه، فورد أنه يستحب لأهل العقد والحل أن:
1 -
يقدموا في الأحوال العادية الأعلم فالأورع فالأسنُّ (10)، وعند الفرَّاء يقدم الأسنُّ (11).
2 -
ثم إن كَثُرت الحروب كأن ظهر أهل الفساد أو البغاة فالأشجع أحق، لأنَّ الحاجة دعت إلى زيادة الشجاعة، وإن كَثُرت البدع فالأعلم أحق لأن الحاجة دعت إلى زيادة العلم (12).
(1) الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 210. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 463. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص 757.
(2)
أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 111. مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 132.
(3)
شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 253.
(4)
غاية المرام للآمدي: ص 382.
(5)
شرح المواقف للجرجاني: 8/ 353.
(6)
أصول الدين للبغدادي: ص 281.
(7)
غياث الأمم للجويني: ص 94.
(8)
الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 131. المحلى لابن حزم: 9/ 360 مسألة (1771).
(9)
المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص 250. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 25. مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 463 ولم يذكر من الذي قال بالقرعة. مطالب أولي النهى للسيوطي الرحيباني: 6/ 263 وينبغي أن تكون القرعة هنا قبل العقد لهما انسجاماً مع قولهم بعدم جواز المبايعة لاثنين معاً. الموسوعة الفقهية: 6/ 226 (الإمامة الكبرى: شروط صحة ولاية العهد).
(10)
المواقف للإيجي: 3/ 584. شرح المواقف للجرجاني: 8/ 349. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 8. ويقدم الأسن عند الأنصاري في أسنى المطالب: 4/ 110.
(11)
الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 24.
(12)
الأحكام السلطانية للماوردي: ص 8.
3 -
وينقل ابنُ الهمام عن الإمام الغزالي قولَه: «إذا اجتمع عدد من الموصوفين بهذه الصفات فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق، والمخالف للأكثر باغ يجب رده إلى الانقياد إلى الحق» . ثم يقول: «وكلام غيره من أهل السُّنَّة مقتضاه اعتبار السبق فقط، فإذا بايع الأقل ذا أهلية أولاً، ثم بايع الأكثرُ غيرَه فالثاني يجب رده، والإمام هو الأول. ويمكن تأويل كلام الحجة الغزالي على ما يوافق غيره من أهل السُّنَّة بأنَّ مراده من اجتماع العدد، اجتماعهم في الوجود لا في عقد الولاية لكل منهم، ويكون قوله: فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق جرياً على ما هو العادة الغالبة فلا مفهوم له وبالله التوفيق» (1).
ويمكن تفسير قول الغزالي - أيضاً- بأن مراده أن الإمام يكون من أراد أن يَعقد له الأكثر، لا من عقد له الأكثر، وهو بهذا يستدل بمنهج عمر في الستة أصحاب الشورى عندما قال:«فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد، فاشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما» (2).
4 -
فإن تنازعاها يقرع بينهما عند الحنابلة (3) وفي قول عند الشافعية (4)، واحتجوا بقول سعد؛ ولفظ الحديث ما رواه أبو حفص العكبري بإسناده عن ابن شبرمة:«أن الناس تشاحوا في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد» ، وبإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» (5).
5 -
وقال أبو هاشم من المعتزلة: «فإذا كان في الزمان جماعة يتساوون في الفضل، وجب الإجماع على المشاورة في تقديم أحدهم، وإن لم يكن ما يوجب التقديم فالاختيار إليهم، ولهم أن يعقدوا للواحد منهم» (6).
(1) قواعد العقائد للغزالي: ص 230. المسايرة ومعه المسامرة رسالة دبلوم لحسن عبيد: ص 345. وهو الرأي الذي يتبناه الدكتور الخالدي في معالم الخلافة: ص 291.
(2)
شرح المواقف للجرجاني: 8/ 365. وقد سبق ذكر كلام عمر رضي الله عنه في هذه الأطروحة: ص (86).
(3)
الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 25. الإنصاف للمرداوي: 10/ 310 كتاب الديات، باب قتال أهل البغي. السياسة الشرعية لابن تيمية: 41 - 42. كشاف القناع للبهوتي: 6/ 159. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: 6/ 276.
(4)
مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 131 - 132. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 41 - 42. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 8. روضة الطالبين للنووي: 10/ 46 كتاب الإمامة وقتال البغاة. أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 110.
(5)
واقعة سعد ذكرها البخاري تعليقاً إذ جعلها عنواناً لباب الاستهام الآتي ذكره، فقال:«باب الاستهام في الأذان ويذكر أن أقواماً اختلفوا في الأذان فأقرع بينهم سعد» . وحديث الاستهام على النداء والصف الأول رواه البخاري في صحيحه: 2/ 955 كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، رقم (2543) عن أبي هريرة.
(6)
الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 203.