المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا - الأندلس في عصر الخلافة الأموية: - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌ثالثا - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

ثم جاء عبد الرحمن الثالث (1) سنة 316 هـ وأنهى عصر الإمارة وأعلن نفسه خليفة للمسلمين، بعد أن أصبح الناس في الأندلس وغيره يتقبلون فكرة تعدد الخلفاء، فقد كانت مهام الخلافة في الأندلس تمارس عملياً لفترة طويلة، قاربت مائة وخمسة وسبعين عاماً، نشأ عليها الناس واعتادوها، وبعدما وهنت الخلافة العباسية في بغداد أيام المقتدر، وهبطت قيمة لقب الخلافة بعد أن أعلن أكثر من واحد نفسه خليفة للمسلمين، فقد أَعلن أبو عبد الله محمد بن إبراهيم طباطبا في جمادى الأولى سنة 199 هـ نفسه خليفة في دولة بني طباطبا العلوية الحسنية، وأعلن المهدي الفاطمي نفسه خليفة في أفريقية سنة 296 هـ، ودعي بعد ذلك بإمرة المؤمنين لكل من الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا باليمن (ت سنة 298 هـ) ولحاكم سجلماسة جنوبي جبال الأطلس (342هـ-953 م)(2).

‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

في 2 ذي الحجة 316 هـ/929 م أعلن عبد الرحمن الناصر الخلافة الأموية في الأندلس (3)، وبهذا الإعلان أصبح أول خليفة أموي في الأندلس، وتسمى بـ (أمير المؤمنين الناصر لدين الله)، وكان وراء إعلانه نفسَه خليفةً عدة أسباب وهي:

(1) انظر ترجمة عبد الرحمن الثالث في فهرس التراجم رقم (77).

(2)

الحلة السيراء لابن الأبَّار: 1/ 36، 198. تاريخ ابن خلدون: 4/ 262. تاريخ الأندلس لابن الكردبوس: ص 60. جذوة المقتبَس للحميدي: ص 13. المقتبَس لابن حيان: 5/ 241. البيان المغرب لابن عذاري: 2/ 157 - 198. سبب ذكر فتح الأندلس لمجهول: ص 102 مخطوط دار الكتب المصرية رقم 1876. تاريخ الخلفاء للسيوطي: 1/ 262، 523 - 525. أعمال الأعلام لابن الخطيب: 2/ 30. صبح الأعشى للقلقشندي: 5/ 245. المسالك والممالك لخردازبة: ص 9. كتاب مختصر البلدان لابن الفقيه الهمذاني: ص 83. نفح الطيب للمقري: 1/ 213، 309. نقط العروس لابن حزم، مجلة كلية الآداب، المجلد 13 لسنة 1371هـ/1951 م: 1/ 50. نهاية الأرب للنويري: 23/ 397. مروج الذهب للمسعودي: 1/ 167. وانظر: العرب ودورهم السياسي والحضاري لإلهام الدجاني: ص 55، 60. شيوخ العصر لمؤنس: ص 13. العالم الإسلامي للدكتورين حسن محمود وأحمد الشريف: ص 300، 395.

(3)

كما يذكر ابن عذاري في البيان المغرب: 2/ 198. وابن الخطيب في أعمال الأعلام: وقولهما هو المرجح لأنهما أوردا الوثيقة الخاصة بإعلان الخلافة في الأندلس وهي مؤرخة في سنة 316 هـ. ويقول غيرهم أن الإعلان كان في 317 هـ كما في نفح الطيب: 1/ 330، 353. والفخري لابن طباطبا: ص 265. وبغية الملتمس في رجال الأندلس لابن عميرة الضبي: ص 18. وقد أخطأ ابن الأثير فذكر أن الناصر أعلن خلافته بعد أن مضى من إمارته سبع وعشرون سنة. انظر: الكامل لابن الأثير: 6/ 390. وقد أوردتُ نَصَّ الوثيقة في ملحقٍ آخر الأطروحة.

ص: 309

1 -

انحدار سمعة الخلافة العباسية إلى الحضيض وتحوُّلِها إلى مطيَّة للقواد الأتراك وأطماعهم، بعد أن انفردت بهذا اللقب بعد الأمويين، باعتبار أن الخلافة كمؤسسة دينية ودنيوية لا يمكن أن تتجزأ، مما أدى إلى إضعاف العلاقات الروحية التي كانت تربط بين الناس وبين الخليفة العباسي، ثم جاء اغتيال الخليفة المقتدر (295 - 320 هـ/907 - 932 م) على يد قائده التركي مؤنس، ليضع الخلافة أمام منعطف خطير وضعف مستطير، مما شجَّع الناصر على إعلان نفسه خليفة (1).

2 -

ظهور الدولة الفاطمية وإعلانها الخلافة الفاطمية في المغرب منافسة الخلافة العباسية في بغداد على هذا اللقب، وكان إعلان الفاطميين لخلافتهم رغم وجود الخلافة العباسية خرقاً لمبدأ ضرورة وحدة الخلافة وعدم جواز تعددها، فجاء إعلان الناصر الخلافة الأموية بمثابة رد على الدعوة العبيدية الفاطمية، القريبة من حدوده، وليدعم نفوذه تجاه الخلافة الفاطمية المعروفة بعدائها للعباسيين والأمويين معاً (2).

3 -

تحقق الوحدة السياسية في الأندلس بعد ستة عشر عاماً من النضال قام بها الناصر بعد تسلمه الحكم مُتَّبعاً سياسات مختلفة لتحقيق هدفه (3)، وكان ربع

(1) التنبيه والإشراف للمسعودي: ص 342 - 343. جذوة المقتبَس للحميدي: 1/ 42. المقتبَس لابن حيان: 5/ 241. أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر الأزدي: ص 254 - 255. معجم الأدباء لياقوت الحموي: 2/ 303. المعجب لعبد الواحد المراكشي: ص 54. البيان المغرب لابن عذاري: 2/ 198. المغرب لابن سعيد: 1/ 182. نهاية الأرب للنويري: 23/ 397. شذرات الذهب لابن العماد: 1/ 284. وقد وصف المؤلف حرمة ودولة الناصر بأنها كانت أمتن من دولة المقتدر ومن بعده، فقد خُلع المقتدر مرتين وأُعيد، وكان يؤثر اللعب والشهوات غير ناهض بأعباء الخلافة، وكانت أمه وخالته والقهرمانة يدخلن في الأمور.

(2)

الحلة السيراء لابن الأبَّار: 1/ 198. جذوة المقتبَس للحميدي: 1/ 41. نهاية الأرب للنويري: 23/ 394. تاريخ ابن خلدون: 4/ 135. المُغرب في ذكر بلاد أفريقية والمَغرب للبكري: ص 151. سياسة الفاطميين لأحمد العبادي، صحيفة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد: ص 20. الأثر السياسي والحضاري للوزان: ص 271. العالم الإسلامي في العصر العباسي للدكتور حسن أحمد محمود والدكتور أحمد إبراهيم الشريف: ص 300. العلاقات السياسية للفيلالي: ص 69. الوثائق السياسية والإدارية في الأندلس وشمالي أفريقية للدكتور محمد ماهر حمادة: ص 44.

(3)

منها تقريب العلماء الذين استجابوا له وتوليتهم المناصب، خاصة الذين كانوا متنفذين في مناطقهم، لكسب تأييدهم، وبالتالي كسب تأييد السكان في مناطق نفوذهم، فعيَّن محمد بن عبد الخالق الغساني على قضاء غرناطة عام 300هـ/913 م الذي قدم على رأس وفدها مبايعاً للناصر (المقتبس لابن حيان: 5/ 58) وولى محمد بن معن الأنصاري قضاء سرقسطة، كسباً لتأييد سكانها لعلو مكانته فيها (التكملة لابن الأبَّار: 2/ 729. القضاء في الأندلس لمحمد عبد الوهاب خلاف: ص 76) وقلَّد أحمد بن فتح المليلي قضاء مليلة لقاء تأييده الناصر على الفاطميين (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 1/ 126). علاوة على حرص الناصر على تقريب العلماء من أولي النباهة والجاه، وتوليتهم خطط القضاء وما يتعلق بها من شورى وصلاة كجزء من خطته العامة لكسب تأييد سكان الأندلس والتصدي للثوار ، ولعل هذا التوجه من أهم الأسباب في استدعائه لسعيد بن جابر الكلاعي من إشبيلية كل عام ليؤمهم في صلاة القيام (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 1/ 299 - 300) وكان يولي هذه الخطط ممن كانت لهم مكانة متميزة في نفوس أهل الأندلس العامة منهم والخاصة، فقد ولى سعيد بن معاذ الشعباني الشورى في قرطبة (أخبار الفقهاء للخشني: ص 328. تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1/ 317) ويحيى بن زكريا بن فطر الشورى مع ابن لبابة في قرطبة (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 2/ 913 - 914. ترتيب المدارك لعياض: 5/ 171) ومنذر بن حزم بن سليمان الصلاة والأحكام ببطليوس (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 2/ 844. ترتيب المدارك لعياض: 5/ 244) وجعل القضاء بين أسلم بن عبد العزيز وأحمد بن محمد بن زياد لنباهتهما (قضاة قرطبة للخشني: ص 105 - 110، 160 - 163. بغية الملتمس للضبي: ص 225) وقرَّب أسراً بكاملها لنباهتها وفضلها، مثل بني يحيى الليثي، فولى ثلاثة منهم الشورى في وقت واحد وهم أحمد بن يحيى ويحيى بن إسحاق ويحيى بن عبيد الله (ترتيب المدارك لعياض: 5/ 160 - 163) وولى أحمد بن عبد الله بن يحيى الليثي حكم حصن مجريط (التكملة لابن الأبَّار: 1/ 12) وعندما يشعر الناصر بقدرات أحد العلماء السياسية ويكون من أهل الولاء له يكلفه ببعض المهام الخاصة، كأن ينيب أسلم بن عبد العزيز عنه في القصر عندما يخرج إلى الغزو قبل استعفائه عن القضاء عام 314هـ/927 م (ترتيب المدارك لعياض: 5/ 195) وأسند إلى قاضي إشبيلية عبد الله بن محمد الغساني في عام 302هـ/915م مهمة دعوة حبيب بن عمروس المنتزي بقرمونة للدخول في الطاعة (ابن حيان 5/ 90) لهذا يستطيع الدارس أن يعتبر عصر الناصر فترة بداية ظهور بعض الأسر العلمية وتدرجها في إدارة بني أمية، من هؤلاء أسرة بني لبابة (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 1/ 63 - 64، 86. ترتيب المدارك لعياض: 6/ 92) وبني بقي بن مخلد (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 1/ 169 - 171. جذوة المقتبَس للحميدي: 1/ 188) وبني عثمان بن نصر القيسي (تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي: 2/ 517). ولهذا كله نجح الناصر في توظيف العلماء في مشروع إعادة الوحدة السياسية في الأندلس، وليس أدل على نجاحه في جذب العلماء من أنه لم يتزعم أحد منهم ثورة ضد الناصر أو أيَّد أحد الثوار، بل إن العلماء أيدوه على مناوئيه، وهذا التأييد السياسي من العلماء للناصر استمر طوال حكمه. انظر: علماء الأندلس لمنيرة الراشد: ص 298 وما بعدها.

ص: 310

القرن الذي سبقه فترة ضعف للحكم الأموي، انحصر فيها حكم بني أمية في قرطبة وحدها لكثرة الذين حاولوا الاستقلال بمناطقهم، فكان انتصار الناصر على ثورة ابن حفصون وولديه، التي استمرت أربعين سنة وأنهكت ثلاثة أمراء من قبله، علامة قوية على استقرار الحكم وقوته (1).

ولم تظهر معارضة لإعلان الخلافة الأموية، سواء في الأندلس أو في غيرها، باستثناء ما جاء من اعتراض الخليفة الفاطمي حيث قال عن الناصر:

(1) البيان المغرب لابن عذاري: 2/ 199. العقد الفريد لابن عبد ربه: 4/ 459. الدولة العربية للدكتور بيضون: ص 284. التاريخ الأندلسي للدكتور الحجي: ص 300. علماء الأندلس لمنيرة الراشد: ص 31.

ص: 311