المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين: - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

الواسع من الفقهاء للخلافة الأموية في الأندلس، رغم مخالفة هذه البيعة لشرط البلوغ والتي تحدث لأول مرة في التاريخ الإسلامي (1).

‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

بعد قيام الخلافة العباسية في بغداد واستلام العباسيين للخلافة دون الشيعة (2) وتفردهم بالحكم رغم اشتراكهما معاً في الثورة ضد الأمويين، استأنفت الدعوة للتشيع بشكل مستقل وسري، وبثَّ الشيعةُ الإسماعيلية دعاتهم في أرجاء الدولة الإسلامية، وظهر أثر هذه الدعوة أول ما ظهر في سجلماسة (جنوب الجزائر)، وتطور إلى إقامة دولة في أفريقية (تونس)، وتعتبر الخلافات المذهبية من القضايا الرئيسة التي وجهت العلاقات بين الدولة الأمويَّة أو العباسيَّة السنيَّة والدولة الفاطميَّة الشيعيَّة الإسماعيليَّة، وقد برزت تلك الخلافات في قضية أساسية هي قضية الإمامة، وإلى جانب ذلك اختلفوا في تأويل القرآن الكريم وتفسيره والسنة والعبادات والمعاملات الشرعية

ونحوها، ومن نماذج ذلك: الفرق بين الإسلام والإيمان إذ يرى الشيعة أن الإقرار بالله سبحانه وتعالى والتصديق لرسوله والإقرار به هو الإسلام، الذي مثله في التأويل مثل الظاهر وهو أول ما يجب على الإنسان أن يعمله ويعتقده، أما الإيمان فهو معرفة حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه والاعتقاد بإمامته، والإيمان مثله مثل الباطن، ويجب ألا يفاتح المرء بالإيمان قبل مفاتحته بالإسلام (3).

ومن أمثلة تأويلهم للنصوص أن المعنيين بقوله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التوبة/71 وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} النساء/59 وقوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ

(1) أعمال الأعلام لابن الخطيب: ص. شيوخ العصر لمؤنس: ص 75.

(2)

انقسم الشيعة بعد وفاة جعفر الصادق سنة 148هـ/765 م إلى قسمين: الإثني عشرية: وهم الذين يقولون بأن الإمام بعد جعفر الصادق ابنه الأصغر موسى الكاظم وساقوا الإمامة في أبنائه من بعده إلى الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري فسُمُّوا لذلك بالإثني عشرية. والإسماعيلية: وهم الذين جعلوا الإمامة بعد جعفر الصادق في ابنه الأكبر إسماعيل ثم استمرت في عقبه بعد ذلك وهؤلاء هم الذين أسسوا الدولة الفاطمية. انظر: تاريخ الدعوة الإسماعيلية لمصطفى غالب: ص 123 - 124.

(3)

تأويل الدعائم القاضي النعمان: 1/ 1 - 6.

ص: 313

{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} المائدة/5 هم الأئمة (1).

ومن أمثلة تأويلهم للعبادات ففي الطهارة أن الظاهر فيها هو الوضوء والغسل بالماء والتيمم بالصعيد لمن يجوز له ذلك من أحداث الأبدان، وتأويلها في الباطن التطهر بالعلم، وفي الصلاة تأويلها في الباطن في الدعوة ومعرفة الإمام (2).

وفي الصيام: في الظاهر الإمساك عن الطعام والشراب ونحوه وذلك في النهار، وفي الباطن كتمان علم الشريعة عن أهل الظاهر والإمساك عن المفاتحة به ممن يؤذن له في ذلك (3).

والحج: في الظاهر قصد بيت الله الحرام وفي الباطن قصد الإمام ومعرفته (4).

ويعتبر الشيعة الإسماعيلية أن ركائز الإسلام ودعائمه سبعة هي بالترتيب: الإمامة، الطهارة، الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج، الجهاد (5)، ومن تأويل باطن هذه الركائز واستكناهه انبثق الفكر الشيعي الإسماعيلي، الذي حرص الأئمة والدعاة الإسماعيليون على بثه والتبشير به بين الناس في مختلف الأقاليم، وهو بلا شك فكر مخالف لما عليه أهل السنة الذين لا يجيزون التأويل الباطني إذا كان لا يدل عليه اللفظ، وروى ابن ماجه وغيره عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فما تعهد إلينا؟ فقال: «قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة، وعليكم بالطاعة وإن عبداً حبشياً فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد» (6).

(1) تأويل الدعائم للقاضي النعمان: 1/ 62 - 64، 70.

(2)

تأويل الدعائم للقاضي النعمان: 1/ 72. كتاب الافتخار للسجستاني: ص 111.

(3)

كتاب الافتخار السجستاني: ص 126. تأويل الدعائم للقاضي النعمان: 3/ 107 - 108.

(4)

كتاب الافتخار للسجستاني: ص 128 - 129. وانظر: العلاقات السياسية للعوفي: ص 41 وما بعدها.

(5)

تأويل الدعائم للقاضي النعمان: 1/ 2. المجالس المستنصرية لأبي النجم بدر الجمالي: ص 37.

(6)

رواه عن العرباض بن سارية كل من ابن ماجه: كتاب المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين رقم (43). وأحمد في مسنده: 28/ 367 رقم (17142) وقال محقق الكتاب: حديث صحيح بطرقه وشواهده، = = وهذا إسناد حسن. والمستدرك: 1/ 175 رقم (331). والمعجم الكبير للطبراني: 18/ 247 رقم (619). وغيرهم.

ص: 314

لهذا فمنذ قيام الخلافة الفاطمية كان لها أطماع جديَّة في الأندلس، من أجل القضاء على الحكم الأموي فيها بدافع الاختلاف المذهبي ولتأمين حدودها الغربية، فعملت على مد نفوذها في المغربين الأوسط والأقصى، بالتحالف مع قبيلة كتامة البربرية، وكان عبيد الله المهدي (1) بالإضافة إلى ما يقوم به من أعمال حربية وتوسعية في أفريقية والمغرب، مهتماً أيضاً بإعداد الدعاة المهرة وانتقائهم من بين العلماء المخلصين لمبادئ الشيعة، وإرسالهم إلى كثير من أقاليم العالم الإسلامي لبثِّ دعوة الفواطم ونشر مبادئهم، ولا سيما في أرض الأندلس حيث يوجد أعداؤهم التقليديون بنو أمية، وذلك ليمهدوا الطريق أمام الغزو الفاطمي، بالدعاية وبث الأفكار الشيعية في ربوع الأندلس من جهة، وبالجاسوسية من جهة أخرى، لمعرفة الأحوال السياسية والاقتصادية والدينية للبلد المقصود، والتركيز على مواطن الضعف والقوة فيه، وقد كُلِّف بهذه المهمة مجموعة من الجواسيس والدعاة، وراء ستار من المصالح المشروعة، كالتجارة أو العلم أو السياحة الصوفية (2)، وكان الفاطميون في أفريقية والمغرب يجسُّون النبض ويترقبون الفرصة للهجوم، إما شرقاً نحو مصر أو غرباً نحو الأندلس، مما كوَّن خطراً واضحاً على أمويي الأندلس (3).

لقد أدرك كل من الأمويين والعبيديين خطورة كل منهما على الآخر، كما أدركا الأهمية الإستراتيجية للمغربين الأوسط والأقصى لكل منهما أيضاً، فالمغرب في نظر الخليفة الناصر مفتاح للأندلس (4)، بينما كان يرى العبيديون أنه لا يمكن أن

(1) توفي في سنة 322 هـ، وقد عاب ابن خلدون على العلماء والمؤرخين الذين أنكروا نسب الفاطميين، وخص بالذكر أبا بكر الباقلاني الذي أنكر نسبهم. مقدمة ابن خلدون: 1/ 21 - 22.

(2)

من هؤلاء الجواسيس أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني المعرف بالرياضي (توفي سنة 298هـ/910 م) وأبو جعفر بن أحمد بن هارون البغدادي. والرحالة ابن حوقل النصيبي (توفي سنة 367هـ/977 م). انظر العلاقات السياسية للفيلالي: ص 127.

(3)

التشيع في الأندلس لمحمود علي مكي: ص 19 - 20. سياسة الفاطميين نحو المغرب والأندلس للدكتور أحمد مختار العبادي: ص 13. العلاقات السياسية للفيلالي: ص 126.

(4)

انظر ما كتبه ابن حيان في المقتبَس: 5/ 255 - 257 وبشيء من الإسهاب والتفصيل عن تقدير الخليفة الناصر لأهمية عدوة المغرب في الدفاع عن الأندلس ومقاومة الدعوة العبيدية.

ص: 315

يستقر لهم قرار في المغرب وبنو أمية في الأندلس (1) فاحتلالهم للأندلس سيجعل المغرب الإسلامي كله خاضعاً لهم وبهذا ينقسم العالم الإسلامي إلى قسمين: شرقي تابع للخلافة العباسية، وغربي تابع للخلافة العبيدية.

ولكن المحاولات الفاطمية لاحتلال المغربين الأوسط والأقصى لم تنجح بسبب المناوأة الأموية من جهة، وسياسة التعسف التي سلكها عبيد الله في نشر التشيع من سبِّ الصحابة وإظهار البدع المحرمة، وإحلال الحرام كشرب الخمر وأكل الخنزير في نهار رمضان!! من جهة أخرى (2)، فمثلاً أحمد البلوي كان يجعل قبلته في الصلاة حيث يقيم عبيد الله الشيعي ويقول: لست ممن يعبد ما لا يُرى، حتى أفتى علماء المالكية بعدم جواز دفع الزكاة للعبيدية لأنهم على غير الإسلام (3).

ونظراً لعدم نجاح دعاة الدعوة الفاطمية في الأندلس، سلك الفاطميون أسلوب دعم الثورات المناهضة للأمويين في الأندلس.

وكانت الثورات الشيعية التي قامت في الأندلس قد سبقت قيام الخلافة الفاطمية بزمن بعيد، ويمكن القول أن ما نجحت به الدعوة الشيعية في أفريقية من إقامة الخلافة الفاطمية، كان هناك ما يقابله في كل نواحي الخلافة العباسية تقريباً، غير أنه لم ينجح في كثير من الأماكن ومن بينها الأندلس، وعند قيام الدولة العبيدية الفاطمية بأفريقيا كانت الأحوال في الأندلس مضطربة ووحدتها السياسية متفككة، لظهور الكثير من حركات التمرد على السلطة المركزية في قرطبة في أواخر عصر الإمارة، فحاول العبيديون مد نفوذهم إلى الأندلس بالاستفادة من الظروف المضطربة التي تعاني منها الأندلس، في وقت كانت الثورات في الأندلس تحتاج

(1) انظر سياسة الفاطميين نحو المغرب والأندلس لأحمد مختار العبادي، مقال في صحيفة معهد الدراسات الإسلامية مدريد، المجلد الخامس العدد 1 - 2 سنة 1377هـ/1957 م: ص 13. وعن محاولات العبيديين مد نفوذهم إلى المغرب انظر البيان المغرب لابن عذاري: 1/ 178. القوى السُنيَّة في المغرب من قيام الدولة الفاطمية إلى قيام الدولة الزيرية لمحمد عبد المولى: 2/ 572. وانظر: الأثر السياسي والحضاري للحياة الفكرية في الأندلس للوزان: ص 258 - 259.

(2)

كما أشار بذلك ابن عذاري في البيان المغرب: 1/ 185 - 186. وانظر الأثر السياسي والحضاري للوزان: ص 260.

(3)

ترتيب المدارك لعياض: 4/ 375 ترجمة الصيرفي المتوفى سنة 299 هـ، و: 6/ 248 ترجمة الجنبناني و: 6/ 254 ترجمة السبئي المتوفى سنة 356 هـ.

ص: 316