المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الثانية بين يزيد وابن الزبير والتي انتهت بالفشل ورجوع الجيش - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: الثانية بين يزيد وابن الزبير والتي انتهت بالفشل ورجوع الجيش

الثانية بين يزيد وابن الزبير والتي انتهت بالفشل ورجوع الجيش إلى دمشق (1).

بويع لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما بعدها بالخلافة في مكة والمدينة واليمن والعراق وخراسان ومصر، وبويع له أيضاً بحمص وقنسرين من الشام وكاد أن يتم له الأمر بجملته، لولا أن خرج عليه مروان بن الحكم فغلب على الشام ثم مصر، ثم غلب من بعده ابنه عبد الملك على العراق والحجاز كما سيأتي، وقد استمرت خلافة ابن الزبير حوالي تسع سنين، وكانت صورة أخرى لتعدد الخلفاء (2).

‌تحليل الأحداث:

انقسم الناس في تفسير دوافع ابن الزبير رضي الله عنه في خروجه على يزيد بن معاوية:

فقال الذهبي وابن كثير وغيرهما: كان قيامه لله وهدفه هو إعادة نظام الشورى ورفض مبدأ توريث الخلافة، وقد شاركه عدد من الصحابة كالمسور بن مخرمة وعبد الله بن صفوان ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف وغيرهم من فضلاء عصرهم، وقام أهل المدينة بوجه يزيد وأيَّدوه وبايعوه، لِما شاع من فسق يزيد، وهيهات أن يكون خروج هؤلاء على يزيد لأجل الدنيا (3)، وابن الزبير إن أخطأ في هذا فإنه مجتهد مأجور بلا أدنى شك، وذلك لتعارض الأدلة الناهية عن الخروج على الحكام، مع الأدلة الآمرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فامتناع ابن الزبير - وكذا الحسين بن علي رضي الله عنهم عن بيعة يزيد بن معاوية لا يمكن تسميته بغياً، فهما لم يعتبرا يزيد إماماً، ولم يبدآه بقتال، ويمكن تسمية ما

(1) الكامل لابن الأثير: 3/ 364. الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص 165 - 167. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 116.

(2)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 243، 4/ 38. تاريخ الإسلام للذهبي: 5/ 35. تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 209. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 11/ 415 - 416، 28/ 203. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 123. الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص 167. تطور الفكر ليوجه سوي: ص 50. فتنة عبد الله بن الزبير لرودلف زلهايم في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق مجلد 49 ج 4 أيلول 1974: ص 831 - 842. أشعة الكوكب في حياة الخليفة ابن الزبير وأخيه المصعب لمحمد عبد الحميد مرداد: ص 6.

(3)

سير أعلام النبلاء للذهبي 4/ 38. تاريخ دمشق لابن عساكر: 11/ 416. وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 374: قيامه - أي ابن الزبير- في الإمارة إنما كان لله عز وجل ثم هو كان الإمام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة، وهو أرشد من مروان بن الحكم حيث نازعه بعد أن اجتمعت الكلمة عليه وقامت البيعة له في الآفاق وانتظم له الأمر، وسماه ابن حزم أمير المؤمنين كما في البداية والنهاية: 8/ 262. وانظر: مواقف المعارضة للشيباني: ص 630 وما بعدها. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 11/ 415 - 416، 28/ 207.

ص: 226

حصل بينهما من جهة، وبين يزيد من جهة أخرى، فتنة، لأنه قتال بين المسلمين لا نفع من ورائه ولا خير (1).

بينما كان يرى بعض الصحابة أنَّ خروجه كان للدنيا ليثنوا الناس عن متابعته لما كانوا يرون في ذلك من الفتن وسفك الدماء.

فعبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يحذر الناس أن خروج ابن الزبير رضي الله عنه إنما هو لأجل الملك فقط، بل وكان ينظر إلى جميع المتصارعين على الخلافة في تلك الفترة نفس النظرة (2)، ويمثِّل يزيد بن معاوية في نظره رضي الله عنه الخليفة الشرعيّ للمسلمين، وأنه قد أعطاه البيعة ولا يجوز الخروج عليه (3)، وكان ينظر لابن الزبير ومن معه على أنهم بغاة، وتمنى مقاتلتهم لبغيهم على بني أمية (4).

وكذلك رفض محمد بن الحنفية الخروج على يزيد بن معاوية لما خلعه أهل المدينة ولم يخرج لا هو ولا ابن عباس مع الحسين بن علي رضي الله عنهم على يزيد (5).

(1) ممن سمَّى ما حصل بين ابن الزبير وبين بني أمية فتنة القاضي شريح عندما رفض أن يقضي بزمن الفتنة، كما ذكر الطبري في تاريخه: 2/ 555. وكذا النووي في شرحه على مسلم: 12/ 192. ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 264 عن بعض العلماء تسميتهم زمن ابن الزبير بزمن الفرقة. وانظر: صحيح مسلم: 5/ 197 كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم رقم (4787) و (4791) عن ابن عباس. تاريخ دمشق لابن عساكر: ترجمة عبد الله بن الزبير 28/ 141 وما بعدها، و: 28/ 204، 28/ 212. وهذا شبيه بتفسير القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما عند ابن تيمية بأنه فتنة، انظره ففيه تفريق دقيق بين البغي والفتنة. انظر فتاوى ابن تيمية: 4/ 443 فصل في أعداء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين. وكذلك سمى ابن سيرين والزهري تللك الفترة بالفتنة، انظر: مصنف عبد الرزاق: 11/ 357 رقم (20735) عن ابن سيرين. ومصنف ابن أبي شيبة: 6/ 439 كتاب الديات، باب فيما يصاب في الفتن من الدماء رقم (206). وسنن البيهقي الكبرى: 8/ 174 - 175 كتاب قتال أهل البغي، باب من قال لا تباعة في الجراح والدماء. السنة للخلال: 1/ 151 رقم (123) عن الزهري، وقال محقق الكتاب:«في إسناده ضعيف لأن فيه يحيى بن اليمان صدوق يخطئ وقد تغير» .

(2)

طبقات ابن سعد: 4/ 171 - 172.

(3)

صحيح البخاري: 6/ 2603 كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه رقم (6694) عن ابن عمر. مسند أحمد: 9/ 105 رقم (5088) وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. مصنف ابن أبي شيبة: 7/ 255 رقم (42). طبقات ابن سعد: 4/ 182 - 183.

(4)

تاريخ الإسلام للذهبي: 5/ 465. وهذا مخصوص بحياة يزيد بن معاوية، وأما بعد موته فابن الزبير كان هو الخليفة الشرعي.

(5)

البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 255، 256. سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 40. تاريخ الإسلام للذهبي: 4/ 150. تاريخ دمشق لابن عساكر: 65/ 397. تاريخ الطبري: 4/ 253.

ص: 227

وكان ابن عباس وابن الحنفية يفضلان حكم بني أمية على حكم ابن الزبير (1)، ورفض ابن عمر وابن عباس وابن الحنفية وسعيد بن المسيب أن يبايعوا لابن الزبير حتى يجتمع الناس، ثم بايعوا رضي الله عنهم عبد الملك بن مروان بعد موت ابن الزبير (2).

وكذلك كان أبو برزة الأسلمي وجندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنهم يرون أن الجميع كانوا يقتتلون على الدنيا (3).

وقال ابن خلدون عن عهد يزيد: «ولم يبق في المخالفة لهذا العهد - الذي اتفق عليه الجمهور - إلا ابن الزبير رضي الله عنه، وندور المخالف معروف» (4).

وعلى كلٍ فإن هذا الخلاف في تفسير خروج ابن الزبير رضي الله عنه كان في حياة يزيد، أما بعد موته، وموت معاوية بن يزيد بعده بقليل، فقد بايع الناسُ ابنَ الزبير بيعة شرعية، وهو إن كان في نظر كثير ممن بقي من الصحابة في المدينة هو الأولى بالخلافة من يزيد في حياته، فإن خلافته اكتسبت شرعيتها الكاملة عند الجميع بعد وفاة يزيد وابنه معاوية بن يزيد (5).

(1) مصنف عبد الرزاق: 11/ 453 (برقم 20985) بسند صحيح. الآحاد والمثاني للشيباني: 1/ 422. وانظر مواقف المعارضة للشيباني: ص 625. سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 40، 124.

(2)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 4/ 229، 230. تاريخ الإسلام للذهبي: 5/ 35. طبقات ابن سعد: 4/ 171، 4/ 152، 5/ 100. البدء والتاريخ للمقدسي: 6/ 20، 26 - 27. تاريخ اليعقوبي: 2/ 247. الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص 169. تاريخ خليفة بن خياط: ص 214. تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: 28/ 203. صحيح البخاري: 6/ 2654 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، رقم (6844)، و: 6/ 2634 كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس رقم (6777) كلاهما عن ابن عمر. كما رفض ابن عمر أن يبايع ليزيد - أيضاً - لمَّا كان الخلاف بينه وبين ابن الزبير انظر: 4/ 254.

(3)

صحيح البخاري: 6/ 2603 كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئاً ثم خرج فقال بخلافه، رقم (6695) عن أبي برزة. مصنف ابن أبي شيبة: 8/ 594 - 595 عن أبي برزة. مصنف عبد الرزاق: 10/ 26 - 27 باب ملء كف من دم رقم (18250) عن جندب بن عبد الله. المعجم الكبير للطبراني: 2/ 159 رقم (1660) عن جندب. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 297 - 280: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. طبقات ابن سعد: 4/ 171 - 172. مسند أحمد: 33/ 42 عن أبي برزة، قال محقق الكتاب: «إسناده قوي، سكين بن عبد العزيز صدوق لا بأس به». وانظر مواقف المعارضة للشيباني: ص 624.

(4)

مقدمة ابن خلدون: ص 211. مواقف المعارضة في خلافة يزيد للشيباني: ص 578، 638.

(5)

الفصل في الملل لابن حزم: 1/ 131. البدء والتاريخ للمقدسي: 6/ 18. طبقات ابن سعد: 4/ 39. وانظر مدح ابن عمر لابن الزبير بعد مقتله في صحيح مسلم: 7/ 190 كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها رقم (6660).

ص: 228