الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وأما المختلف فيها من الشروط والخلاف غير مبني على دليل قوي فهي تسعة شروط؛ الثلاثة الأُولى منها لا عبرة برأي من لم يشترطها وهي: أن يكون ذكراً بالغاً، سليم الحواس والأعضاء إلى درجةٍ ما تُمَكِّنُه من القيام بمهام الخلافة، والستة الأخيرة منها لا عبرة برأي من اشترطها وهي أن يكون: هاشمياً، معصوماً، منصوصاً عليه، من نسل الحسن والحسين، صاحب كرامات، وأن يخرج داعياً إلى نفسه.
- وأما المختلف فيها من الشروط بناءً على الدليل فهي ثمانية شروط: أن يكون قرشياً، مجتهداً، سليم الحواس والأعضاء تماماً، كفؤاً قادراً على القيام بأعباء الخلافة (بأن يكون قوي القلب شجاعاً قادراً على تأمين السبل وإنصاف المظلومين
…
الخ)، عدلاً، عالماً، أفضل أهل زمانه، وأجمعت الأمة عليه.
أما
الشروط المتفق عليها
فهي:
1 - الإسلام:
إذ هو الشرط الذي لا يمكن أن يُخْتلف فيه، فلا يعقل أن يكون على رأس السلطة في الأمة الإسلامية من يكونُ كافراً غيرَ مسلم. ولا يجوز للأمة بأي حالٍ أن تقبل بأن يتربع على رأس الهرم السلطوي فيها كافرٌ، لأنَّ الناس على دين ملوكهم (1) وكيف يحافظ الكافرُ على الإسلام الذي هو دين الجماهير طالما كان لا يؤمن به! بل إِنْ تَوَلَّى السُلطةَ والخلافةَ مسلمٌ ثم كفر بعد ذلك انحل وبطل عقد الإمامة له ووجب خلعه، إذ الكفر من الأسباب الموجبة لخلع الحاكم (2)، ويشمل هذا الحكمُ الكافرَ الأصلي أو من كفر بعد إسلام، أو مَنْ كان مِنْ أهل الكتاب، فلا يُقبَل أن يتولى أمرَ المسلمين مسيحيٌ أو يهوديٌ أو وثنيٌ أو غيرُ ذلك وهذا هو رأي
(1) لم يرد بهذا اللفظ حديث صحيح، وإن كان معناه صحيحاً؛ فقد جاء في صحيح البخاري: 3/ 1393 كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية، رقم (3547) عن أبي بكر رضي الله عنه لما سألته المرأة: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم. وروي مثله عن عمر رضي الله عنه عند موته أنه قال: «ثم اعلموا أن الناس لن يزالوا بخير ما استقامت لهم ولاتهم وهداتهم» . سنن البيهقي الكبرى: 8/ 162 كتاب قتال أهل البغي، باب فضل الإمام العادل، بدون رقم، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2)
نقلَ ابنُ حجر في فتح الباري: 13/ 116 عن ابن التين الإجماعَ على القيام على الخليفة إذا دعا إلى كفر. شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 257. غياث الأمم للجويني: ص 63. غاية البيان للرملي: ص 15. الروضة الندية للقنوجي: ص 783.
المتكلمين من أهل السنة (1)، والحنفية (2) والمالكية (3) والشافعية (4) والحنابلة (5) والظاهرية (6) والمعتزلة (7) والزيدية (8) والإمامية (9)، بل لا يقبل تولية الكافر حتى على كافر مثله، كما قال الخطيب الشربيني (10).
وإنَّه لَمِنَ المؤلم ألا يكون هذا الشرط عند بعضهم واضحاً مُسَلَّماً به، وهذا دليلٌ على مدى ضعف المسلمين وبُعدِهم عن دينهم في هذا العصر، إذ رغم إطباق المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم على هذا الشرط نجد في بعض بلاد المسلمين من يتولى شؤونَها مِنْ غير المسلمين، وهذا لم يظهر إلا بعد سقوط الخلافة العثمانية، وما كان يتجرأ غيرُ المسلم على مجرد التفكير بأن يتولى شؤونَ المسلمين بنفسه أو من وراء الكواليس.
إنَّ الخلافةَ منصبٌ ديني نشأ وقوي في ظل الدين، وهو بهذا يختلف عن المُلك أو الزعامة التي تدل على قيادة ما، تستند إلى أي شيء إلا إلى الدين، وهذا كلام منطقي فالقيادة التي لا تستند إلى دين ليست منصباً دينياً، أما الخلافة بمعناها الاصطلاحي فسواءً أكانت خلافةً راشدةً قريبةً جداً من الكمال النبوي، أو كانت أقلَ
(1) شرح المقاصد للتفتازاني: 5/ 233. شرح العقائد النسفية للتفتازاني: ص 180. الإرشاد للجويني: ص 426. الغنية في أصول الدين لعبد الرحمن المتولي النيسابوري: ص 178. غاية المرام للآمدي: ص 383. الإمامة للآمدي: ص 177. أصول الدين للبغدادي: ص 277. فضائح الباطنية للغزالي: ص 180 - 181. نهاية الإقدام للشهرستاني: ص 496. مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 35 - 36. وانظر: الموسوعة الميسرة لقلعجي: 1/ 285 (إمارة). موسوعة فقه الإمام علي لقلعجي: ص 113 (إمارة).
(2)
حاشية ابن عابدين: 1/ 548 باب الإمامة. البحر الرائق لابن نجيم: 6/ 299.
(3)
حاشية الدسوقي: 4/ 129، 298. جواهر الإكليل: 2/ 221. الفواكه الدواني للنفراوي: 1/ 106. تفسير القرطبي: 1/ 270.
(4)
شرح جلال الدين المحلي على منهاج الطالبين (مطبوع مع حاشيتي قليوبي وعميرة): 4/ 173. تحفة المحتاج للهيتمي: 11/ 347. مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 129. الميزان للشعراني: 2/ 175. أسنى المطالب للأنصاري: 4/ 108. منهاج الطالبين للنووي: 3/ 194. فتح الوهاب للأنصاري الشافعي: 2/ 268. روضة الطالبين للنووي: 10/ 42 كتاب الإمامة وقتال البغاة. الأحكام السلطانية للماوردي: ص 6.
(5)
الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص 20. المبدع لابن مفلح: 10/ 10.
(6)
الفصل في الملل لابن حزم: 4/ 128. مراتب الإجماع لابن حزم: ص 208.
(7)
الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص 164.
(8)
نصرة مذاهب الزيدية لابن عباد: ص 127.
(9)
الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 1/ 72. تذكرة الفقهاء للحلي: 1/ 452.
(10)
مغني المحتاج للخطيب الشربيني: 4/ 130.