المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم - تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

[محمد خلدون مالكي]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌خطبة الكتاب

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌صعوبات البحث:

- ‌الدراسات السابقة:

- ‌الباب الأولتعاريف ومقدمات فقهية لا بد منها

- ‌الفصل الأولالتعاريف

- ‌المبحث الأول:‌‌ تعريف الخليفة لغةًوشرعاً

- ‌ تعريف الخليفة لغةً

- ‌تعريف الخليفة شرعاً:

- ‌هل يشترط فيمن يخلف شخصاً آخر أن يستخلَفه الأولُ حتى يطلق عليه اسم خليفة أو لا

- ‌المعنى العام لكلمة خليفة (ما نفهمه من كلمة خليفة):

- ‌المبحث الثاني:‌‌ تعريف الخلافة لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الخلافة لغة

- ‌تعريف الخلافة شرعاً:

- ‌المبحث الثالث:‌‌ تعريف الإمام لغةوشرعاً

- ‌ تعريف الإمام لغة

- ‌تعريف الإمام شرعاً:

- ‌الفصل الثانيمقدمات فقهية لا بد منها

- ‌المبحث الأول: حكم إقامة الخلافة ودليله

- ‌1 - من قال بوجوب إقامتها:

- ‌من الذي يجب عليه إقامة الخلافة وما مصدر هذا الوجوب:

- ‌أدلة وجوب نصب الإمام:

- ‌2 - من قال بعدم وجوب إقامة الخلافة:

- ‌دليل من لم يقل بوجوب الخلافة:

- ‌دليل اللُّطف على وجوب الإمامة عند الشِّيعة:

- ‌ اللُّطف عند أهل السُّنَّة

- ‌دليل الشِّيعة على مسألة اللُّطف:

- ‌المبحث الثانيهل الخلافة من مباحث علم الكلام أو من فروع الفقه

- ‌1 - الاتجاه الأول: من اعتبر الإمامة من فروع الفقه:

- ‌2 - الاتجاه الثاني: من اعتبر الإمامة من مباحث علم الكلام:

- ‌3 - الاتجاه الثالث: من اعتبر الإمامة ومباحثها أمراً دنيوياً لا علاقة له بالدين:

- ‌المبحث الثالث: عمن تكون الخلافة

- ‌الرأي الأول: القائل إنَّ الخلافة عن الله تعالى

- ‌ الرأي الثاني: القائل بأنَّ الخلافة إنَّما هي خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً:

- ‌ الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة:

- ‌مناقشة هذا الرأي:

- ‌ الرأي الخامس: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الخليفة السَّابق

- ‌ الرأي السادس: فهو في الخلافة العامة لكل البشر

- ‌الباب الثانيتعدد الخلفاء من المنظور الفقهي

- ‌الفصل الأول: التمهيد

- ‌المبحث الأول: معنى الخلافة الكاملة والخلافة الناقصة

- ‌المبحث الثاني:دلالة حديث: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين»

- ‌المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

- ‌أولاً: ما قبل خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌1 - طريقة انتخاب عثمان رضي الله عنه للخلافة:

- ‌2 - الأحداث في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه

- ‌الانتقاد الأول:

- ‌الانتقاد الثاني:

- ‌ثانياً: الأحداث في خلافة سيدنا علي رضي الله عنه

- ‌تفاصيل الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما:

- ‌أهداف سيدنا علي رضي الله عنه من حروبه في خلافته:

- ‌ثالثاً: الخلاف بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم

- ‌من بدأ بعرض الصلح:

- ‌شروط الصلح:

- ‌ما يستخلص من مجمل الأحداث في عهد الحسن بن علي رضي الله عنهما:

- ‌الفصل الثانيالشروط والواجبات ونظرية الضرورة

- ‌المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في الخليفة

- ‌ الشروط المتفق عليها

- ‌1 - الإسلام:

- ‌2 - العقل:

- ‌ الشروط المختلف فيها ولا قيمة للخلاف فيها

- ‌1 - الحرية:

- ‌2 - الذكورة:

- ‌3 - البلوغ:

- ‌4 - أن يكون سليم الحواس والأعضاء إلى درجة ما:

- ‌5 - عدم اشتراط أن يكون الإمام هاشمياً:

- ‌6 - عدم اشتراط العصمة:

- ‌7 - عدم اشتراط النصِّ على الإمام:

- ‌8 - عدم اشتراط أن يكون من نسل الحسن والحسين (علوياً):

- ‌9 - عدم اشتراط أن يكون صاحب كرامات:

- ‌10 - عدم اشتراط (الدعوة) أن يخرج داعياً إلى نفسه:

- ‌ الشروط المختلف فيها بناء على الدليل

- ‌1 - النسب القرشي:

- ‌أدلة من قال باشتراط القرشية:

- ‌أدلة من قال بعدم اشتراط القرشية:

- ‌2 - الاجتهاد:

- ‌3 - العدالة:

- ‌4 - أفضل أهل زمانه:

- ‌5 - الكفاءة:

- ‌6 - أن يكون مطاع الأمر نافذ الحكم في محل ولايته:

- ‌المبحث الثاني: واجبات الخليفة أو الأحكام المنوطة به

- ‌المبحث الثالث:نظريَّة الضرورة وبعض تطبيقاتها السياسية

- ‌تعريف الضرورة لغة واصطلاحاً:

- ‌مستند نظرية الضرورة من القرآن:

- ‌مستند النظرية من الحديث:

- ‌نظرية الضرورة في علم الأصول:

- ‌الضرورة في القواعد الفقهية:

- ‌المحرمات التي تبيحها الضرورة:

- ‌وللضرورة السياسية أمثلة منها:

- ‌من له حق تقدير الضرورة:

- ‌أحكام الضرورة:

- ‌الفصل الثالثحكم تعدد الخلفاء

- ‌المبحث الأول: من لم يجوز تعدد الخلفاء أو أجازه بشروط

- ‌أولاً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى المكان:

- ‌القسم الأول: حكم تعدد الخلفاء في البلد الواحد:

- ‌القسم الثاني: حكم تعدد الخلفاء في البلدان القريبة:

- ‌القسم الثالث: حكم تعدد الخلفاء في البلدان البعيدة:

- ‌ثانياً: حكم تعدد الخلفاء بالنظر إلى الزمان:

- ‌القسم الأول: حكم مبايعة خليفتين معاً بنفس الوقت:

- ‌القسم الثاني: حكم مبايعة خليفتين على التعاقب:

- ‌1 - الحالة الأولى: تعدد الخلفاء عند معرفة الخليفة الأول:

- ‌عقوبة من يطلب الخلافة مع وجود خليفة:

- ‌2 - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما:

- ‌معيار الاختيار بين من يصلح للخلافة عند وجود أكثر من واحد:

- ‌المبحث الثاني: من أجاز تعدد الخلفاء مطلقاً

- ‌المبحث الثالث: الأدلة

- ‌أولاً: أدلة من لم يجوز التعدد:

- ‌ثانياً: أدلة من أجاز التعدد:

- ‌الترجيح:

- ‌الباب الثالثتعدد الخلفاء في التاريخ الإسلاميوالتكييف الفقهي لذلك

- ‌الفصل الأولالخلاف بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنه والأمويين

- ‌1 - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية

- ‌تحليل الأحداث:

- ‌حكم خلافة يزيد بن معاوية:

- ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

- ‌حكم خلافة مروان بن الحكم:

- ‌3 - عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان

- ‌المواجهة الأولى:

- ‌المواجهة الثانية:

- ‌المواجهة الثالثة والأخيرة مع ابن الزبير:

- ‌حكم خلافة عبد الملك بن مروان:

- ‌أسباب فشل ابن الزبير وعودة الخلافة للأمويين:

- ‌بعض من اعتزل الفتنة:

- ‌الفصل الثانيالخلافة العباسية والخلافة الفاطمية والخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الخلافة العباسية

- ‌نظرة عامة للخلافة العباسية:

- ‌سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين في قمع الأمويين واستئصال شأفتهم:

- ‌الفقهاء والخلافة العباسية:

- ‌سياسة العباسيين تجاه العلويين:

- ‌ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه

- ‌المبحث الثانيالخلافة الفاطمية في المغرب ومصر

- ‌مدخل:

- ‌بدايات الدولة الفاطمية:

- ‌المقاومة السُّنية للنفوذ الفاطمي والمدِّ الشيعي في المغرب:

- ‌التوجه الشرقي للخلافة الفاطمية والتفكير في فتح مصر:

- ‌الفاطميون في طريقهم إلى فتح مصر:

- ‌الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر:

- ‌أسباب نجاح الفاطميين في فتح مصر:

- ‌السياسة المذهبية للفاطميين ومحاولة تحويل مصر إلى المذهب الإسماعيلي:

- ‌استجابة بعض المصريين للمذهب الإسماعيلي:

- ‌المقاومة السُّنية للمدِّ الشيعي في مصر:

- ‌أ- إظهار الشعائر السُّنية:

- ‌ب- الطعن في المذهب الإسماعيلي والتشكيك فيه:

- ‌ج- التصدي لغلو الإسماعيلية:

- ‌د - ازدهار الدراسات السُّنية:

- ‌المواجهة والصراع بين الخلافتين العباسية والفاطمية:

- ‌موقف العباسيين من الأطماع الفاطمية:

- ‌اضمحلال الخلافة الفاطمية وسقوطها:

- ‌موقف المصريين من سقوط الخلافة الفاطمية:

- ‌المبحث الثالثالخلافة الأموية في الأندلس

- ‌تمهيد:

- ‌أولاً - الأندلس من قبيل الفتح حتى نهاية عصر الولاة:

- ‌ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

- ‌محاولات العباسيين استرداد الأندلس من أمراء بني أمية:

- ‌1 - المحاولة الأولى: ثورة العلاء بن المغيث على عبد الرحمن الداخل سنة 147هـ/764 م:

- ‌2 - المحاولة الثانية: مؤامرة مشتركة من أربعة أطراف بالاتفاق مع المهدي سنة 161 هـ/778 م:

- ‌دور العلماء في الأندلس في التمهيد لإعلان الخلافة:

- ‌ثالثاً - الأندلس في عصر الخلافة الأموية:

- ‌مستند فقهي لشرعية إعلان الخلافة في الأندلس:

- ‌دور العلماء في بقاء الخلافة الأموية في الأندلس:

- ‌علاقة الأمويين في الأندلس بالفاطميين:

- ‌1 - ثورة معلم الصبيان (شقنا) في عهد الداخل:

- ‌2 - ثورة الحسين بن يحيى والي سرقسطة:

- ‌محاولة أخرى:

- ‌رد فعل الأمويين في الأندلس على الدعوة الفاطمية:

- ‌الصراع المباشر بين الأمويين والفاطميين في المغرب:

- ‌ما نستنتجه من هذا الفصل:

- ‌الباب الرابع: التعدد والوحدة في المستقبل

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: منظمة المؤتمر الإسلامي

- ‌ تعريف منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌مراحل إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌جذور منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌الأمانة العامة

- ‌ مؤتمر الملوك والرؤساء:

- ‌ الأجهزة المتفرعة عن منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌ مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب:

- ‌ مركز البحوث والتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية:

- ‌ الجامعة الإسلامية للتكنولوجيا:

- ‌ المركز الإسلامي لتنمية التجارة:

- ‌ مجمع الفقه الإسلامي:

- ‌ صندوق التضامن الإسلامي

- ‌ الجامعة الإسلامية في النيجر

- ‌قضية العضوية في منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌منظمة المؤتمر الإسلامي والتجارة البينية:

- ‌مظاهر اهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي بالتجارة:

- ‌من إنجازات المنظمة:

- ‌ محكمة العدل الإسلامية

- ‌تشكيل المحكمة:

- ‌اختصاص المحكمة:

- ‌النقد الذي وجه لمحكمة العدل الإسلامية:

- ‌ مشكلات الأقليات المسلمة:

- ‌ المنظمة ومسلمو بلغاريا:

- ‌ المنظمة ومسلمو تراقيا:

- ‌ مشكلة مسلمي الفلبين:

- ‌مقر منظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌تقييم عام لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

- ‌أولاً: المجال السياسي:

- ‌ثانياً: مجال حماية الأقليات:

- ‌ثالثاً: الفرق بين منظمة المؤتمر الإسلامي ومؤسسة الخلافة

- ‌الفصل الثاني: جامعة الدول العربية

- ‌ظهور فكرة الجامعة العربية:

- ‌المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية:

- ‌الأساس غير الوحدوي لبروتوكول وميثاق جامعة الدول العربية:

- ‌أجهزة جامعة الدول العربية:

- ‌1 - مجلس الجامعة:

- ‌2 - أمانة الجامعة:

- ‌3 - المنظمات العربية المتخصصة:

- ‌نماذج من أنشطة الجامعة العربية:

- ‌1 - اتفاقية الدفاع العربي المشترك:

- ‌الأجهزة المتعلقة بالأمن العربي:

- ‌التقييم:

- ‌2 - المجلس الاقتصادي:

- ‌3 - السوق العربية المشتركة:

- ‌تقييم عام لجامعة الدول العربية:

- ‌ الأسباب المتعلقة بالميثاق:

- ‌ أسباب تتعلق بالدول العربية:

- ‌ المتغيرات العالمية:

- ‌الفصل الثالث: رابطة العالم الإسلامي

- ‌مقدمة:

- ‌تعريف رابطة العالم الإسلامي:

- ‌تأسيس رابطة العالم الإسلامي:

- ‌ميثاق رابطة العالم الإسلامي:

- ‌الهيكل التنظيمي لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌1 - المؤتمر الإسلامي العام:

- ‌2 - المجلس التأسيسي:

- ‌3 - الأمانة العامة:

- ‌هيئات الرابطة:

- ‌1 - المجمع الفقهي الإسلامي:

- ‌2 - الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل:

- ‌الأهداف:

- ‌ بعض إنجازات رابطة العالم الإسلامي في المجال الاقتصادي:

- ‌1 - المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية الدولية:

- ‌2 - الدعوة لتطبيق قواعد الاقتصاد الإسلامي:

- ‌3 - العلاقة مع المؤسسات الاقتصادية والإسلامية:

- ‌4 - الإسهام في الاقتصاد عن طريق المجمع الفقهي:

- ‌5 - محاولة إنشاء السوق الإسلامية المشتركة:

- ‌6 - التأكيد على المشروعات المشتركة:

- ‌7 - دعم برامج التنمية الريفية والاجتماعية والاقتصادية:

- ‌تقييم عام لرابطة العالم الإسلامي:

- ‌سبل تحقيق الوحدة (الواقع والتوصيات):

- ‌1 - واقع الوحدة:

- ‌ واقع الوحدة الاجتماعية:

- ‌ واقع الوحدة الاقتصادية:

- ‌ واقع الوحدة السياسية:

- ‌ واقع الوحدة العسكرية:

- ‌2 - التوصيات:

- ‌1 - من الناحية الاقتصادية:

- ‌2 - من الناحية الاجتماعية:

- ‌3 - من الناحية السياسية:

- ‌4 - من الناحية العسكرية:

- ‌خاتمة

- ‌ملحق رقم (1)قائمة بأسماء أمراء الأندلس وخلفائها مع سنوات حكم كل منهمفي عهدَي الإمارة والخلافة

- ‌ملحق رقم (2)نص الوثيقة التي أعلن الناصر نفسه خليفة فيها سنة 316 ه

- ‌وثائق هامة

- ‌وثيقة أخرى

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

قال الأشعري: «اختلف المسلمون في إمامة يزيد فقال قائلون: كان إماماً بإجماع المسلمين على إمامته وبيعتهم له غير أن الحسين أنكر عليه أشياء مثلُها يُنكر، وقال قائلون بإمامته وتخطئة الحسين في إنكاره عليه ، وقال قائلون لم يكن إماماً على وجه من الوجوه» (1).

وقال ابن تيمية: «افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق: طرفان ووسط؛ فأحد الطرفين قالوا: إنه كان كافراً منافقاً، والطرف الثاني يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإمام عدل وأنه كان من الصحابة، وكلا القولين ظاهر البطلان عند من له أدنى عقل وعلم بالأمور وسِيَرِ المتقدمين؛ ولهذا لا ينسب إلى أحد من أهل العلم المعروفين بالسنة ولا إلى ذي عقل من العقلاء الذين لهم رأي وخبرة، والقول الثالث: أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات ولم يولد إلا في خلافة عثمان ولم يكن كافراً؛ ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وما فعل بأهل الحرة ولم يكن صاحباً ولا من أولياء الله الصالحين وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة» (2).

وسئل الحافظ عبد الغني المقدسي عن يزيد بن معاوية فأجاب بقوله: «خلافته صحيحة، وقال بعض العلماء: بايعه ستون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم ابن عمر رضي الله عنه، وأما محبته: فمن أحبه فلا ينكر عليه، ومن لم يحبه فلا يلزمه ذلك، لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلزم محبتهم إكراماً لصحبتهم، وليس ثَمَّ أمرٌ يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين، كعبد الملك وبنيه، وإنما يمنع من التعرضِ للوقوع فيه، خوفاً من التسلق إلى أبيه، وسداً لباب الفتنة» (3).

‌2 - عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم

(4):

(1) مقالات الإسلاميين للأشعري: ص 471.

(2)

فتاوى ابن تيمية: 4/ 483 فَصْل: افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق. ويؤيد عدم الحكم على يزيد بالكفر الحديثان الواردان قبل قليل في الحاشية (3) من الصحيفة (229)، فقد جاء في الأول:(ولن يستحل هذا البيت إلا أهله)، وجاء في الثاني:(واختلفت الأخوان).

(3)

ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: ص 196.

(4)

انظر ترجمة مروان بن الحكم في فهرس تراجم الأعلام رقم (107).

ص: 230

كانت وفاة يزيد بن معاوية بمثابة نكسة مؤقتة لحكم الأمويين، فبوفاته أعلن عبد الله بن الزبير - كما مر - نفسه خليفة في ربيع الثاني عام 64 هـ (1)، وكانت سنُّه تزيد على ستين سنة، فزادت قوة الحجاز ودان له اليمن، ونجح في السيطرة على المدينة وبايعه أهلها، وطرد الجالية الأموية التي كانت تقيم فيها وعلى رأسها مروان بن الحكم وولداه عبد الملك وعبد العزيز، وعين عليها أخاه عبيد الله بن الزبير.

وقامت في مصر معركة محدودة لنصرة ابن الزبير رضي الله عنه انتهت بإعلان بيعته بالخلافة، فعيَّن لها ابنُ الزبير عبد الرحمن بن جحدم الفهري.

وأما العراق وما وراءها فقد كان عبيد الله بن زياد يقبض على الأمور بيد من حديد، فارتقى منبر البصرة -عقب وفاة يزيد وتنازلِ معاوية الثاني- وخطب الناس يخيرهم في أمرهم ويُعرِّض لهم بنفسه فبايعوه بالخلافة، وطالب الكوفة بالبيعة فرفضوا، ولم تلبث البصرة أن ثارت عليه كذلك وولى البصريون واحداً منهم، وكاتبوا ابن الزبير يبايعونه بالخلافة، وفعلت الكوفة مثل ذلك، فقبل ابن الزبير منهم وأرسل إليهم عمالاً من قبله.

أما الشام معقل الأمويين فلم تكن أكثر من غيرها ولاء للأمويين، إذ خرج معظم جهاتها عن طاعة الأمويين، ذلك أن الشام كانت موزعة بين أربع ولايات - بالإضافة إلى دمشق عاصمة الدولة - وهي: إقليم الثغور ويشمل شمالي الجزيرة العراقية أيضاً وعاصمته قنسرين، ثم ولاية حمص، وفي الجنوب ولايتا الأردن وفلسطين، فأما قنسرين وحمص فقد أعلنتا طاعتهما لابن الزبير مبايعتين بالخلافة، وأما فلسطين فقد تركها واليها حسان بن مالك بن بحدل الكلبي خال معاوية الثاني (2) وذهب إلى الأردن وأعلن تمسكه بخلافة الأمويين، وانضمت فلسطين بعد أن

(1) جاء في مآثر الإنافة للقلقشندي: 1/ 123 أن البيعة لابن الزبير ولمروان كانتا في رجب. وهو غير صحيح فابن الزبير بويع في ربيع الثاني سنة 64 هـ، وكان مروان لا يزال بالمدينة لم يخرج بعد إلى دمشق التي بويع فيها بعد مؤتمر الجابية في الثالث من ذي القعدة سنة 64 هـ. انظر: الكامل لابن الأثير: 3/ 480. وصحيح ابن حبان: 15/ 34 حيث قال: «فاستوى الأمر لمروان يوم الأربعاء لثلاث ليال خلون من ذي القعدة سنة أربع وستين». طبقات ابن سعد: 5/ 41.

(2)

انظر ترجمة حسان بن مالك في فهرس التراجم رقم (50).

ص: 231

هجرها حسان ابن مالك إلى طاعة ابن الزبير كذلك، وبقيت دمشق بزعامة الضحاك بن قيس الفهري فترة غير واضحة الميول ثم بايعت ابن الزبير، ولم يبقَ للأمويين من نصر إلا ما يجدونه في طاعة الكلبيين بالأردن والقبائل اليمنية (1)، حتى كان من رأي مروان أن يسير إلى ابن الزبير فيبايعه بالخلافة، فقدم ابن زياد من العراق وبلغه ما يريد مروان أن يفعل، فقال له: قد استحييت لك من ذلك أنت كبير قريش وسيدها تمضي إلى أبي خبيب فتبايعه! - يعني ابن الزبير - فقال: ما فات شيء بعد (2).

ويمكن تلخيص التيارات المتصارعة على الخلافة بعد موت يزيد وابنه معاوية بن يزيد بثلاثة تيَّارات سياسيَّة: الأول: التيَّار الإسلامي ويمثِّله ابن الزبير، والثَّاني: التيَّار القبلي ويمثِّله مروان بن الحكم، والثَّالث: التيَّار الوراثي الذي مثَّله خالد بن يزيد، ولكن لم يلبث أن سلَّم التيارُ الوراثي لمروان وبقي الصراع محصوراً بين التيارين الأول والثاني.

وإنَّما كان تيار ابن الزبير تيَّاراً إسلامياً لأنَّه بويع بالخلافة - بعد موت يزيد بن معاوية وابنه - بناء على الشورى لا بالقوة كما فعل مروان بن الحكم، وقد كان اختيار مروان بن الحكم انتصاراً للمبدأ القبلي، الذي وقف حاجزاً أساسياً أمام نجاح المبدأ الإسلامي بالإضافة لصفات ابن الزبير التي كانت وراء انصراف النَّاس عنه بعد أن كانوا يؤيِّدونه كما سيأتي ذكره (3).

وهكذا أصبح ابن الزبير - بعد موت يزيد وتنازل معاوية بن يزيد عن

(1) وسرُّ هذا أن معاوية الأول وابنه يزيد تزوجا من قبيلة كلب اليمنية، وكان لحسان بن مالك الذي تزوج يزيد أخته فولدت له معاوية الثاني مكانة واضحة زمن هذين الخليفتين، وحسان هذا هو الذي تزعم الكلبيين بولاية الأردن في محاولتهم الاحتفاظ بالخلافة في بيت معاوية وفي أولاد يزيد بالذات فنادوا بعد تنازل معاوية الثاني بأن تكون الخلافة لأخيه خالد بن يزيد، ثم حدث تطور جديد في الأردن بين الكلبيين وحلفائهم، إذ ظهرت فكرة تعترض على اختيار خالد بن يزيد للخلافة وهو شاب حدث صغير لا يستطيع منازعة ابن الزبير، فرجح تحالفُ مروان بن الحكم مع عبيد الله بن زياد طريد العراق كفةَ مروان فبايعه بنو أمية. الخلافة والدولة لحلمي: ص 108.

(2)

الكامل لابن الأثير: 3/ 477. كما حضه عمرو بن سعيد بن العاص وابنه عبد الملك على طلب الخلافة. انظر عبد الملك بن مروان لعمر أبو النصر: ص 17. طبقات ابن سعد: 5/ 40.

(3)

تاريخ اليعقوبي: 2/ 304 2/ 255. تاريخ الطبري: 4/ 412. التنبيه والإشراف للمسعودي: ص 113.

ص: 232

الخلافة - خليفةً شرعياً، فناهضه مروان بن الحكم مخالفاً بذلك حكماً شرعياً!! (1) فقد كان أمر الخلافة خاضعاً للشوكة فقط، فمن كان قوياً وفرض نفسه بالقوة كانت له الخلافة، وقد عبَّر عن هذا الواقع مروانُ بن الحكم بعد موت يزيد فقال:

إني أرى فتنة تغلي مراجلها

والمُلْكُ بعد أبي ليلى لمن غلبا (2)

وكانت بداية ظهور أمر مروان بن الحكم - بعد إشارة عبيد الله بن زياد عليه بأن يرشح نفسه للخلافة - عندما عقد بنو أمية مؤتمراً في بلدة الجابية بايعوا فيه لمروان بن الحكم بعد أن رفضوا أن تنتقل الخلافة إلى أهل الحجاز (3)، وأيَّده بقية الأمراء حفاظاً على سلطان بني أمية، وبايعوا مروان بن الحكم، وبقي عليهم ليدخلوا دمشق أن يقاتلوا الضحاك بن قيس الفهري الذي كان يعسكر في مرج راهط (4) بعدما رفض الذهاب إلى مؤتمر الجابية، ومعه جيش قوامه ستون ألفاً أو مائة ألف على خلاف، فاقتتلوا ومروان يومئذ في جيش صغير من بني أمية ومواليهم وأتباعهم من أهل الشام قُدِّر بثلاثة عشر ألفاً، وقتل الضحاك بن قيس وانصدع الجيش، ودخل مروان بن الحكم دمشق ظافراً ونزل دار الإمارة، بعد أن بقيت الشام بعد معاوية بن يزيد دون خليفة أو حكومة نحو ستة أشهر، ثم تتابعت انتصارات مروان، فانضمت فلسطين إلى دمشق بعد هروب أميرها ناتل بن قيس

(1) وقد وثب المختار بن أبي عبيد على العراق أيضاً قبل أن يقاتله ابن الزبير ويقتله.

(2)

سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 216، 227. وأبو ليلى هو معاوية بن يزيد بن معاوية. انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 210 - 211. طبقات ابن سعد: 4/ 169. وانظر المعجم الكبير للطبراني: 1/ 290 رقم

(852).

(3)

انظر عن تفاصيل مؤتمر الجابية الذي كان يمثل السند السياسي لمروان بن الحكم والذي دعا بعده لمقاومة الضحاك بن قيس ممثل ابن الزبير في دمشق: الكامل لابن الأثير: 3/ 477 وما بعدها. مؤتمر الجابية لإبراهيم بيضون: 1/ 149. تطور الفكر السياسي ليوجه سوي: ص 51. الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص 136، 137. مروج الذهب للمسعودي: 1/ 385. البداية والنهاية: 8/ 263 وما بعدها. الكامل لابن الأثير: 3/ 477 وما بعدها. وانظر عبد الملك بن مروان والدولة الأموية للدكتور ضياء الدين الريس: ص 25. عبد الملك بن مروان لعمر أبو النصر: ص 18 - 19.

(4)

مرج راهط: بكسر الهاء وبالطاء المهملة معروف بالشام على أميال من دمشق. معجم ما استعجم للبكري: 2/ 630. وانظر الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص 168. مروج الذهب للمسعودي: 1/ 386. البدء والتاريخ للمقدسي: 6/ 19. تكوين الاتجاهات السياسية في الإسلام الأول للدكتور إبراهيم بيضون: ص 211 وما بعدها.

ص: 233