الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغير ذلك من وسائل التخويف والتنكيل (1).
ثورة الحسين بن علي بالمدينة وموقعة فخ سنة 169 ه
ـ:
وفي سنة 169هـ، قام العلويون من الفرع الحسيني بثورة ثانية في الحجاز إبَّان خلافة الهادي (169 - 170هـ) الذي اتبع مع العلويين سياسة عنيفة بخلاف المهدي الذي حاول استرضاءهم.
وكانت هذه الثورة بزعامة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن الذي بايعه أهل المدينة بالإمامة. وكان السبب المباشر لتلك الثورة هو تلك المعاملة السيئة التي عامل بها عمر بن عبد العزيز بن عبد الله العلويين وإفراطه في التحامل على الحسينيين منهم، حتى إنه اتهم بعضهم بشرب الخمر، فأمر بجمعهم وجلدهم جميعاً ثمانين سوطاً، وأمر أن يطاف بهم في المدينة حاسري الظهور حتى يفضحهم بين أهلها.
ويضاف إلى ذلك السبب أن العلويين لم ينسوا ما أصابهم في المدينة على يد أبي جعفر المنصور من قتل وتعذيب وإرهاب، كما أنهم لم ينسوا حقهم في الخلافة التي استبد بها العباسيون من دونهم.
ونتيجة هذه الأسباب؛ خرج الحسين بن علي على الخليفة الهادي وبايعه جمع من أهل المدينة بالخلافة، وقد انضم إلى هذه الحركة بعض الكوفيين الذين كانوا عندئذ بالمدينة. ثم خرج الجميع في اتجاه مكة فقطع عليهم جيش العباسيين الطريق، ودارت معركة بين الفريقين عند وادي «فخّ» ، الذي يبعد عن مكة بنحو ستة أميال، تقرر فيها مصير العلويين وكثر فيها ضحاياهم، وفيهم الحسين بن علي زعيمهم، وقد بلغ من كثرة التنكيل بالعلويين في هذه المعركة أن قرنها المؤرخون - لهولها ونتائجها- بمعركة كربلاء، فقال بعضهم:«لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد وأفجع من فخ» .
وطابع هذه المعركة يشبه طابع معركة كربلاء إلى حد كبير، فأنصار الحسين
(1) تاريخ الطبري: 7/ 552 - 609. الكامل لابن الأثير: 5/ 513 - 553، و: 5/ 560 - 571. البداية والنهاية: 13/ 355 - 380. الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي: ص 165 - 167. العصر العباسي الأول للدكتور إبراهيم فرغلي: ص 46 - 47.
بن علي بن أبي طالب في معركة كربلاء قلة معدودة، ولم يكن الثائرون مع الحسين بن علي بن الحسن عند فخ كثرة ملحوظة؛ وشهداء معركة كربلاء من العلويين كثيرون، ويشبه هذا شهداء معركة فخ؛ وقد أعقب استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب في كربلاء حركة ثورية أخرى بالكوفة، وأعقب معركة فخ ثورتان علويتان ببلاد الديلم وفي شمالي إفريقية، وانتهت الأخيرة بقيام دولة الأدارسة (1).
وقد استمرت السياسة العباسية في قمع العلويين والتنكيل بهم؛ ففي عهد الرشيد قُبض على موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، وأحضر في قبة إلى بغداد؛ حيث سجن ثم قتل قتلاً خفيفاًٍ. وأظهر أنه مات حتف أنفه. ويرجع السبب في ذلك إلى أن جماعة من حساد موسى بن جعفر من أقاربه وشى به إلى الرشيد، وذكر له أن الناس يحملون إلى موسى خمس أموالهم ويعتقدون إمامته، وأنه عزم على الخروج عليه. فلما مات أدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد، فنظروا إليه، فلم يجدوا فيه أثراً لجرح أو ما يدل على جرم ، فشهدوا بذلك (2).
وفي عهد الرشيد أيضاً قتل عبد الله بن الحسن بن علي بن علي زين العابدين، إذ اتهم بأنه يجمع الزيدية ويدعوهم على الخروج عليه، ثم حبسه، ولكن جعفر بن يحيى ضرب عنقه بدون أمر الرشيد (3).
(1) البداية والنهاية لابن كثير: 13/ 553 - 554. الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي: ص 190 - 191. الخلافة والدولة في العصر العباسي للدكتور محمد حلمي: ص 54 - 55.
(2)
الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي: ص 196.
(3)
مقاتل الطالبيين للأصفهاني: ص 365. العصر العباسي الأول للدكتور سالم: ص 122.